الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( ج ) نحن ومصطرع الولادة ( المشبوهة ) لحرية التعبير الالكتروني

أمين أحمد ثابت

2023 / 8 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


حين نتوقف – ببرهة من التأمل الصافي المتجرد عن العاطفة – امام ظاهرتنا العصرية اليوم بمواقع التواصل الاجتماعي بما حققته من كسر لتاريخ طبيعة مجتمعاتنا العربية – شعوبا وأنظمة حكم – في التعمم الكامل اللامعقول للممارسة اللامحدودة لحرية الرأي والتعبير الشخصية . . لكل افراد مجتمعاتنا ، بحيث يتلاشى عندها منطق التاريخ ، فلا وجود لتشريعات او تحريمات او مسمى ضوابط مجتمعية او اعراف . . تقيد او تفني هذه الحالة من الحرية ( الغريبة ) ، التي لم تعد محدودة على الافراد المحدودين من النخبة الاجتماعية . . المتصل بهم مسألة حرية الرأي والتعبير الصادم والمهدد لنظمنا الحاكمة والابويات الاجتماعية واعتيادية عموم المجتمع الملقن بتبعية جاهلة او عاطفية في ( بنية معتقداتهم القائمة على التحريم والمنع واللاجواز ) ، بل انها تجاوزت قول الرأي في الأمور الفكرية ونقد الظواهر ، لتدخل طورا جديدا لحرية كل فرد – حتى العوام - التعبير في الأمور المختلفة من التعرية للواقع والأنظمة وكل مواطن الاستبداد والفساد والأمور المحرمة الحديث حولها بأدعياء بغير وجودها واقعا ، وان مجرد التطرق لها يمثل استهدافا للوطن باحداث البلبلة واشاعة النعرات والعدائية التي تقود الى تمزيق المجتمع الواحد – كالتحدث عن المنظومات العصبية المتسلطة اجتماعيا ( طائفيا او مذهبيا او دينيا ) - الى تلك المحرمة والمرفوض حتى نطقها لفظا ، وتحديدا التي تدخل في حزام العفة والشرف وفق الموروث المجتمعي المعاد انتاجها دوما عبر قرون ماضية الى الان ، كالجنس ومناقشة قواعد التشريع الفقهيه ، وخاصة منها بتحريم مطلق فيما يتعلق بالمرأة وحقوق المساواة المماثلة بالرجل من حيث العلاقة الجسدية والاختيار وممارسة الحق – وهي الظاهرة التي ولدت في لحظة زمنية طافرة مارقة – من عقد ماضي او يزيد قليلا - خارج خصوصياتنا المجتمعية و . . بدون مقدمات او مؤشرات ذاتية مجتمعية مستقلة سابقة، والتي شهدت طبيعة مسار تعاظمي للشيوع المجتمعي بين مختلف الفئات المتعلمة والامية ، ومختلف الاعمار ومن كلا الجنسين .
ومما سبق أعلاه ، تبدو حقيقة الشيوع العام المطلق لممارسة الحرية الشخصية في زمنية ( التواصل الالكتروني الفضائي ) العصرية – عربيا ويمنيا بصورة خاصة - فيما نفهمها ونتعامل بها وتجاهها . . ليس كما يصور لنا فهمنا واعتقادنا وبشكل قطعي بأنها ظاهرة طبيعية لوجودنا الاجتماعي – في داخله ومنه - في زمننا التاريخي الحاضر – كغيرنا – والموسوم بواحدية الحضارة الإنسانية المعاصرة ، والتي تفرض شيوع طابع العصر وخصائصه وصفاته على مختلف شعوب مجتمعات الأرض . . رغم اختلاف ثقافاتها الخاصة وأيضا في حضاراتها الخاصة القديمة – بينما هناك الوجه الاخر للحقيقة المغيبة عن ادراكاتنا وفهمنا ، وإن حضرت ذهنيا عند ندرة من الافراد المفكرين النوعيين . . لا يجرأ تخوفا من ( الاتهام والعداء والمحاكمة التجريمية له ) القول حتى الإشارة اليها بكونها نبت شيطاني غير اصيل ، ظهر بفعل تطبع انقيادي جبري لثقافة وقيم وافدة من الخارج ، لا وجود له أصلا في طبيعة وخصائص مجتمعاتنا العربية طوال تاريخ وجودنا . . حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين .
إذا ، فإن انفلات ظاهرة ممارسة حرية الرأي والتعبير- لكل فرد دون تخصيص بينهم او بين المجتمعات - بمحمولها الفضائي الالكتروني وفي محدد منه ما يعرف ب ( مواقع التواصل الاجتماعي ) ، تبنى حقيقتها على ( مزدوجية الوجه ) ، وجه يمثل كونها حقيقة واقعية لوجودنا المجتمعي الممارس الحاضر – بغض النظر كانت تعد جديدة علينا وليست من اصل طبيعتنا ، والدليل انها مثل غيرها من الظواهر الواسمة لهذا العصر ، انها تطبع نفسها على مختلف المجتمعات المفتوحة على بعضها ، لتعد وفق خصوصية هذا الزمن الراهن جزء من طبيعة كل مجتمعات الأرض . . وفق حقيقة وجودها الزمني المعاصر هذا – بينما يكون الوجه الاخر للحقيقة ، انها لم تتخلق ذاتيا خلال مكوننا المجتمعي ولا من خلال عوامل وظروف خاصة بنا اثرت على مجتمعاتنا أن تمر في لحظة ( تطفر ) قادت الى نشوء وظهور هذا المولود المغاير لأصله الابوي ، بل أن الوجه الاخر لهذه لحقيقة . . أن ولادة هذه الظاهرة مجترة ودخيلة على مجتمعاتنا ، والتي يمكن التعبير مجازا وبلغة عامية . . اشبه بولادة طفل من اب غير شرعي في علاقة سرية ، ترعرع ونما منسبا – بصورة خداعية - لأب ليس ابيه ، لا عنده علم بذلك ولم يمنح له حرية الاختيار بقبول نسبه اليه او لا ، كما و . . لا علم للأهل او المجتمع بهذه الحقيقة المخفية غير المدركة ، ليجد القانون نفسه – رغم جموديته المجردة – حاميا وحاكما بجهالة تحيزية لتثبيت حق النسب ( الكاذب ) لابن لا يمتلك حق ذلك بانحدار عن صلب الاب ( المخدوع ) او ارادته الاختيارية بتنسيبه اليه بعد اعلامه بالحقيقة التي كانت مخفية عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا