الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمبراطورية استعمارية و رأسمالية فرنسية؛ قصة فك ارتباط. (4)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 8 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أما الفصل الخامس فقد تمت عنونته بأوهام الاستثمار الاستعماري و حقائقه. ذهب فيه جاك مارساي إلى أن المقاربة السابقة للاستثمارات الفرنسية بالمستعمرات من شانها أن تسلط الضوء على الثقل الذي شكلته الأسواق الاستعمارية بالنسبة لتصدير الرساميل الفرنسية. و هكذا و باعتبارها محط اهتمام الاستثمارات العمومية صارت مناطق ما وراء البحر مكانا مفضلا للتوسع. و عليه فالاهتمام بالمستعمرات و الاستثمار بها سوف يضمن نمو الاقتصاد الفرنسي. و أي محاولة لفك الروابط بين المستعمرات سيجعل فرنسا تفكر في التكيف مع الشروط الجديدة للاستثمارات العالمية و بالتالي تركيز صناعتها لتسريع المنافسة.
و هذا ما ستقوم به المراكز المالية؛ حيث ستتولى إعطاء نفس جديد للرأسمالية الفرنسية، مما يكشف على أن الرأسمال المالي كان ينتظر فترة التحرر لتحقيق انتعاشه. و يلاحظ جاك مارساي أن فترات النمو عرفت سيولة في الاستثمارات الخارجية لفرنسا بروسيا و الإمبراطورية العثمانية أولا و بالمستعمرات ثانيا. الأمر الذي جعل الباحث يتساءل عن حجم الرساميل المستثمرة بالخارج: هل هي كافية لإبراز حضور إستراتيجية الرأسمال المالي؟ و هل الأهمية الظاهرة للاستثمار العمومي تكفي لتنظيم الاستثمار الخاص؟ و هل نسبة الاستثمار العمومي من مجموع تصدير الرساميل إلى المستعمرات تسمح باطلاعنا حسب الباحث على وجود منطق للاستثمار العمومي موافقا لقوانين التطور الرأسمالي؟
فباختبار حذر لإستراتيجية الاستثمار العام و الخاص، سيجد الباحث جاك مارساي نفسه مدفوعا للاعتقاد بان حصر الامبريالية في تصدير الرساميل من جهة و اقتصار تصدير هذه الرساميل على سيولة النقد من جهة ثانية سيكون هما مصدرا الالتباس و الغموض في التحقيب التقليدي للامبريالية الاستعمارية الفرنسية. فحضور الشركات الاستعمارية بكثرة بالإمبراطورية الاستعمارية مع الكميات المهمة للرساميل المنقولة تسمح بالبرهنة على أن الإمبراطورية صارت واحدة من الأماكن التي تحظى بغزو الرأسمال المالي؛ و طرح تساؤلات حول إمكانية تطور العلاقات بين فرنسا و إمبراطوريتها. فتصدير الرساميل عملية امبريالية تلحق بالدول المستقبلة زعزعة في كيانها، كما أن تطور عولمة الإنتاج سمح للشركات الاستعمارية بتنظيم دائرة إنتاجها مما سيساعد الرأسمالية الفرنسية على تحقيق تكامل متأخر و لكن حقيقي إزاء التيارات العالمية.
و إذا كان من الأليق تقييم مبالغ الرساميل المصدرة إلى الإمبراطورية لأنه من الصعب في رأي الباحث معرفة الاستعمال النهائي لها و بالتالي تحديد تكامل الشركات الاستعمارية داخل مجموعة مالية تطرح الامبريالية كإستراتيجية و هكذا يتضح أن بعض أوساط الأعمال واجهت بدون خوف فقدان سوق مفضلة؛ كانت محط اهتمام تصدير الرساميل؛ و تجاوزتها بكل سهولة متجهة نحو حقول أخرى للتوسع . فالشكل الاستعماري للامبريالية يطرح في الصورة النهائية الكثير من العوائق إلى جانب الامتيازات المتاحة. فالاستثمارات الخاصة تركت للسلطات العامة العناية بضمان التحويلات المالية الضرورية لخدمة ميزان الاداءات بين فرنسا و المستعمرات. لذا فتطور الاستثمار العام بعيدا عن تحضير الأرضية للاستثمارات الخاصة كشف بالملموس على التناقض السياسي في السيادة الفرنسية على الدول الخاضعة.
و بالجملة ، فعندما يتم تصدير الرأسمال و السيولة النقدية في غياب تطور عولمة الإنتاج؛ فإن هذا الإجراء لا يقوي الرأسمالية الفرنسية على أخذ مكانتها في نظام الاقتصاد الدولي الموسوم بعدم المحلية الأمر الذي انتهى لصالح القطاعات الصناعية بالدول المسيطر عليها. و هذا ما يفسر في نظر جاك مارساي اهتمام أوساط الأعمال و الشؤون العامة بتصنيع الإمبراطورية الاستعمارية على حساب مصالح المقاولات المصدرة، فالسوق الاستعمارية بالنسبة لها عنصر مهم لبقائها.
و هكذا بعد الوقوف على مواد فصول القسم الأول؛ سيخلص الباحث جاك مارساي إلى القول بأنه أصبح من الممكن و لو جزئيا ؛ و على ضوء ما تقدم رفع التناقضات المطروحة من قبل التحقيب التقليدي للامبريالية الاستعمارية الفرنسية.
فبعد أن كانت المستعمرات تشغل مكانة مهمة في التجارة و المبادلات للمتروبول، ستعطي قناعة بأهميتها لفائدة الرأسمالية الفرنسية. لكن اختفاء السوق الاستعمارية سوف لن تترتب عنه أية أضرار بالنسبة لفرنسا. هذه الزاوية من النظر، ستساعد البحث على اقتراح تحقيب جديد للامبريالية الفرنسية، و بالتالي فهم التطورات اللاحقة.

• فمن سنة 1900م إلى 1930م؛ الإمبراطورية :

• خزان للمواد الأولية.
• اختيار أولي لتوسع فرنسا خارجيا.
• سوق مضمونة للتصريف.

• من سنة 1930م إلى 1960م؛ الإمبراطورية:

• محط احتكار الصناعات النسيجية و الغذائية.
• معيقة لانبثاق القطاعات الجديدة؛ التي أصبح لصالحها تصنيع المستعمرات لتصدير المواد التجهيزية؛ و بالتالي خلق أسواق جديدة بعين المكان.

و هكذا؛ ففي الوقت التي ظهرت فيه الإمبراطورية كحقل مفضل لتوسيع الرأسمالية الفرنسية، ستمسي الأمور على النقيض؛ حيث ستشكل حجر عثرة معيقة لنموها. و التراجع الامبريالي للرأسمالية الفرنسية لن يكون سوى تراجعا لرأسمالية تحاول التحرك ثانية للتوسع من جديد لأنها لم تجد مفرا منه في ظل الأزمة الكبرى لسنة 1930م.
و عليه، يبقى تساؤل جوهري يطرح نفسه بإلحاح في نظر الباحث. مفاده: هل هذه النتيجة قد تمت ملاحظتها من لدن أوساط الأعمال المهتمة و السلطات العمومية المكلفة بنهج سياسة للتنمية بالمستعمرات؟
إن مقاربة الجواب على هذا التساؤل؛ سيقترحها جاك مارساي كمادة لموضوع القسمين الثاني و الثالث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل