الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين القبطان والقرصان، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2023 / 8 / 28
كتابات ساخرة


يعتقد البعض أن وظيفة القبطان من أسهل المهن ويختصرونها بإعطاء الأوامر والتعليمات متناسين أن القبطنة علم وفن وإدارة ومواقف قد تحول صاحبها إلى قرصان في غمضة عين.
والقبطان قد يكون رب الأسرة في البيت أو المدير في المعمل أو المؤسسة أو المعلم في صفه وكلما انتمى القبطان إلى طبقة الأكفاء قلّ منسوب التفكير الديناصوري الذي لا يرحم . وكم من قبطان في التاريخ تحول بفضل حماقته إلى قرصان دمر بجهله وجهالته المركب التي يقودها . والشاعر ابن زريق البغدادي وضع الأمور في نصابها يوما حين قال:
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُه
و ليس كل شخص يستطيع أن يصبح قبطانا لأن الأمور قد لا تكون سهلة بل قد يواجه القبطان أعقد المسائل الرياضية والألعاب البهلوانية والمعضلات القاسية وما حكايات الرؤساء شكري القوتلي مع تشرشل وفارس الخوري مع المندوب الفرنسي وحافظ الأسد مع كيسنجر وبشار الأسد مع كولن باول إلا مثالا على دور القبطان في إدارة دفة السفينة رغم أهوال الرياح.
المتنطحون للقبطنة كثيرون هذه الأيام على اعتقاد أن البحر هادئ الأمواج والناس صفاة السريرة ودول المصالح الكبرى عفيفة حد القداسة . وما كل ترشيح للانتخاب إلا ويتحول إلى "صندوق فرجة" يدوم مهرجانه طويلا أبطاله أستاذ الجامعة والموظف والعامل العادي ، يستسهلون مهمة القبطنة وكأن كل شخص يمكن أن يقوم بها . في الحقيقة لكل شخص الحق في أن يصبح قبطانا ولكن على الطامح ليصبح قبطانا أن يسأل نفسه أولا هل يمتلك مهارات القبطنة أم أنه سيعمل بوصايا السفراء ومبعوثي الدول.
ربما أكثر الأشياء خجلا هو أن تتحول إلى دمية بأيدي الأطفال من الغير ، أو أمير فسق عتيق ، أو شخصا منتهي الصلاحية أو حبة سبحة في أيدي الغير يطقطقها حيث يشاء وأنى يشاء.
وما هو أكثر خجلا ، هو أن يبدأ نقيق الضفادع أثناء استراحتك فقي قيلولة بعد عناء سفر فكيف يكون الأمر إذا كنت عائدا من معركة. لقد وضع الشاعر التركي عزيز نيسين الأمور في نصابها في مسرحيته الشهيرة " افعل شيئا يا مت" حين يواجه البطل حكما "بالإعدام" بينما تقوم خطيبته بسؤاله عن لون أزرار الفستان الذي سترتديه.
وما هو أكثر خجلا أن يتم النق بأن دولتنا مفلسة ينقصها السيولة النقدية متناسين أن بلادا تدخل حربا كونية لا هوادة فيها سيقل فيها التدفق النقدي لكنها قادرة على النهوض لأصولها وعقاراتها ومؤسساتها الفاعلة ومتجاهلين حقيقة أن الدول تقوم بإخلاص قادتها ومواطنيها وليس بأحدهما فقط.
وما هو أكثر خجلا أن تجد من يطالب بالانتقال من نظام الدولة الجمهورية إلى نظام دولة الترويكا والمحاصصة التي هجرته الدولة نفسها منذ سبعين عام في نوع من التقدم نحو الوراء.
نحن لا نعيش في يوتوبيا خالية من الأخطاء والعثرات وهي بالتأكيد تحتاج للتصحيح والتصليح ، يجب أن نمتلك الأمل الكافي بالتغيير نحو الأفضل ، وأن نصبح قباطنة مهمات صعبة لا قراصنة فرص وأحصنة طروادة يدخل من خلالها الغرباء ليحاولوا تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه