الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة بيت حانون وعبثية المطالبة بموقف عربي

سامي الاخرس

2006 / 11 / 9
القضية الفلسطينية


مذبحة تلو مذبحة ، منذ احتلال فلسطين ، ومذبحة تلو مذبحة في لبنان ، ومذبحة تلو مذبحة في العراق ، تحول الدم العربي لأنهار تروي مزارع الصمت والتهاون والخيانة ، وكؤوس تروي ظمأ السكارى في حانات قصور الحكم ، قطرات تروي أرض غادرها الخير والوفاء والإخلاص ، ومشاعر الروابط العربية الأصيلة .
تتواصل المذابح والمجازر يوماً تلو يوم ، وساعة تلو ساعة ، والحالة متكررة تبري الأقلام ، وتصرخ الخناجر علي وسائل الإعلام والفضائيات ، ونردد كلمة الله أكبر من اللسان بلا خشوع أو إحساس ، وتنقضي مدة العزاء ،وتجف الدماء فتتلاشي موجة غضبنا العارم وردات الفعل الفضة التي أتقنا صياغتها ، وأبدعنا في تلحين كلماتها ، لا نجيد سوي الاستنجاد بالأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ،وجامعة الدول العربية ،وكتلة عدم الانحياز ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والتجمعات الديمقراطية والتحررية في العالم ، وينفض المولد ، ونعود لنبدأ الانتظار لمسمي أمطار صيف أو غيوم خريف ، أو قوس قزح ، لنعيد ترديد أسطوانتنا التي حفظت عن ظهر قلب ... ونذرف علي ألحانها الدموع ،ونحن نسمع صرخات الأمهات الثكلى ... وينكم يا عرب ... وينكم يا مسلمين ... نغمة متكررة ينتشي لها إحساس كل عربي .
المشهد الذي رسم بالدماء في بيت حانون ،هو نفس المشهد المتكرر المتجدد يومياً ، نفس الضحية ،ونفس الدماء التي تروي أرض فلسطين والعراق ،وروت أرض لبنان ، ونفس الصرخات تدوي في أرجاء وطننا العربي ، صرخات أطربت مزاجنا ، ألحان هدي غالية ، وميادة عبدا لله ،وعلاوي شلش ، وهو نفس الضمير الذي خاطب وندد وشجب واستنكر ،ونفس الأقلام التي كتبت وأبدعت في وصف المشهد بآلامه وجراحه ، فما حدث؟!! وما حققنا ؟!!
كل ما حدث أكذوبة باسم لجنة تحقيق ، اسمي مطالبنا وأمانينا ، وبيان استنكار من الأمين العام للأمم المتحدة ، وبيان غاضب شديد اللهجة من جامعة الدول العربية ، ونبقي علي موعد مع مذبحة أخري لنعيد عملية الكر من جديد .فاليوم نحن خارج جملة الحسابات ، وخارج نطاق الدائرة المغلقة التي ندور في قطرها منذ احتلال فلسطين ، وتدمير لبنان ،واغتصاب العراق ، خارج منظومة اهتمام منظمات حقوق الإنسان ،والمنظمات الإنسانية ، بما إننا سرنا علي درب الشجب والاستنكار ، ونهج لا قيمة للإنسان بحياته ومماته ، فلم يعد الدم يثير قدسية لدينا ، ويثير إحساس غيرة في عروقنا ، انبطحنا تحت سكين الجزار ، مستسلمين له ليمارس طقوسه في ذبحنا ،والتنكيل بنا ، وهدر كرامتنا ، والثمن بيان شجب واستنكار ... وموجة لحظية تتلاشي مع صبيحة يوم أخر.
أمة تخدرت مشاعرها ، فلم تعد تتذوق طعما للانتماء ، ولم يعد يسري في عروقها دماء أخوية ذات روابط مقدسة ، فاستباحوا الدماء ، واستباحوا عرضنا وشرفنا ، ولن نفعل أكثر من ممارسة طقوسنا العقائدية بذرف الدموع ، والنحيب علي دموع الثكالا ، ونعود لإدعاء الفضيلة تحت حراب الصهيونية التي تصول وتجول في عواصمنا العربية تحت مسمع ومرآي شعوبنا ، ونهتف بحياة بوش والمارينز فاتحي بغداد ..
غرقت بيت حانون بدماء أبنائها وحيدة ، في زمن أسلمنا به بما يملي علينا من قبلة صلاتنا في البيت الأبيض ، فنعتنا أنفسنا بكل الألقاب التي أملوها علينا ، فأبو مصعب إرهابي شرير ، وصدام ديكتاتور مجرم ، وعرفات خائن عميل ، وابن لادن صهيوني عميل لوكالة الاستخبارات الأمريكية ، وبوش حامي الحمي منقذ كرامة الإنسان ، وبلير الأب العطوف الحنون ،وألمرت المناضل الفذ ... واسمي الأماني بيان شجب من جامعة الدول العربية ،وهيئة الأمم المتحدة .
نعم جاء زمن تراقص الكلاب علي جثث الأسود ، وجاء زمن لنعيد استغاثة الاستنجاد " واشافيزاااااااه " الذي تحرك الدم بعروقه ومنع دخول الصهاينة لأرضه ، ومع دول العالم التي تتضامن مع قضايانا ، ونحن نكيل لها الطعن بالظهر بخضوعنا وصمتنا ، وتهادن الضعفاء .
بهدوء وبدون ردات فعل غبية ، مملة ، مبتذلة ، علينا إدراك حقيقة جلية أن هذه الأمة لم يعد لها ما تفتخر به ، أو تدونه كإرث لأجيالها القادمة ، فما سنترك لهم احتراق فلسطين ، أم تدمير لبنان ، أم اغتصاب العراق وهتك عرضه ... فهل فعلا أثارتنا مذبحة بيت حانون ؟!!!
فلم تكن بيت حانون أول الضحايا ولن تكون أخرها ، فالمذابح تمارس يوميا في شتي دولنا العربية ، وعدونا يقتلعنا فلم يفرق بين مسلمنا ومسيحنا .... وكما هي الحال فغدا سنقفز عن بيت حانون ،كما قفزنا عن احتلال القدس أولي القبلتين وثالث الحرمين ، وكما سقطت بيروت من قبل ، وكما أسقطتنا عاصمة هارون الرشيد (بغداد الحبيبة) ... وستتحول لذكري تضيء شموع ذكرياتها الأمهات الثكلى ... فنحن أمة لم يعد لنا شيئاً سوي أن نصمت ، ونكف عن العويل ، والتسليم بما يملي علينا من أسياد التحرير العراقي ، ولنفوض أمرنا لجامعتنا (جامعة الدول العربية ) لتعقد مؤتمر تكريم في دولة مجاورة ، وتدين ما تدين وتشجب ما تشجب ... ولكن هذه المذبحة تتطلب بيان شديد اللهجة بنعي أمة بكاملها ، نعي أمة ماتت الروح بها ، وتبقي الجسد الهيلامي لا فائدة منه سوي النحيب .....
فأصرخي بيت حانون .....
وأنهضي من عمق الجرح
فلن يسعفك عربي او طبيب
وصدقت سيدة بيت حانون وهي تصرخ فوق جثامين أطفالها .... ظلم سنجدها من مين من اليهود أم من العرب .....
فكم قانا ... وكم بيت حانون ... نحتاج ليثور الدم في العروق ؟!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات