الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[ مِن عَليِّ الجَنابي إلى عَليِّ السُّودانيّ مع التَّحية ]

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2023 / 8 / 28
الادب والفن


ليسَ بغريبٍ أنَّ الأديبَ كائنٌ عجيبٌ بينَ نُظَرائِهِ مِن بَني الإنسان.
وسرُّ ذاكَ العَجَبِ لا يَفضَحُهُ أمرٌ واحدٌ بلِ إثنانِ...
فأمَا أولاهُهما فلأنَّ الأديبَ لا يُجيدُ تفَكُّرَاً إلّا بصوتٍ عال، وأمّا الأُخرُ فلأنَّ نَسْجَهُ لا يُجيدُ بَرمَ مثلِهِ لسانٌ ثانِ، سواءٌ أنثراً كانَ البرمُ ببَديعِ ألوانٍ لأفنان، أم كانَ البرمُ شعراً برفيعِ أشجانٍ لألحان.
وإنَّما للأديبِ نُسجٌ مُتَسَيِّدٌ على سائرِ الكلامِ والتبيانِ. نسجٌ بوجيزٍ من خيوطٍ ومُتَرَفِّعٌ عن زَبَدِ المعاني. نَسْجٌ أختُصَّ بهِ قليلٌ من أهلِ صنائع البيانِ، وما كانَ نَسْجُ أديبِنا "السُّوداني" إلّا مِن خاصَّةِ روائع البُنيان، فترى الأنامَ من أوليِ نهىً وكذلكَ مِن عَوامٍ بِدهان، يَتَمخترُون على فُرشِ علي السُّوداني، كتَمختُرِ سُلطانٍ على حصانٍ في رحيبِ مِن جنانِ، رُغمَ أنَّ صديقي رهيفَ الحِسِّ علي السُّوداني، ما أتى بجَديدٍ لمَن حَولَهُ مِن بني إنسانِ، فخطواتُ الحَياةِ في الفلاةِ أو تحتَ ظلالٍ بينَ أغصان، وصبحاً في قَصرٍ ذي بستانِ، أو حينَ العصرِ في بقالةِ الدُّكّانِ، هنّ خُطواتٌ مُبيَّناتٌ معلوماتٌ مُتَتابعاتٌ لكلِّ ذي كبدٍ رطبةٍ وإنسان، خُطىً مُتَشابهاتٌ مكتوباتٌ علينا نحنُ العوامُ الزَّاحفونَ في عراءٍ أو الكرامُ اللاحفونَ في مبان، وكُلُّ منّا يَعلمُ غاياتِ مُنتهاها، ويعرفُ راياتِها القاصيَ منّا والدَّاني، خُطىً قد فَطَرَتها إياديَ الفاطرِ العَزيزِ الرَّحمنِ.
خطىً قليلُها يَحتَلُّ فيَحلُّ بتأبيدٍ كَصَهوَةٍ في صيوان الأذانِ، وكثيرٌ مِنها يَتَهَدَّمُ فَيَنعَدِمُ بتبديدٍ كَسَهوةٍ سَهوانٍ بنِسْيانِ. وإنَّما دَربُ المَزرعةِ يا صديقي دربٌ عدلٌ لكلِّ آكلٍ فلا عوجَ فيهِ لشمائلَ ولا لأيْمان، ثُمَّ (مَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ) بجدالٍ فنُكران.
أجل، ما أتى بجديدٍ صاحبُنا الأديبُ السُّوداني، لكنَّ في هَزِّ همزةِ ذَرفِهِ وفي لَمزِ غمزةِ طَرفِهِ يكمنُ سِحرٌ ثان.
أوَليسَ ماقلتُ آنفاً يا ضديقَيَ السُّوداني، هوَ قولاً رُبَّما يُحاورُ الحقَّ كصِنوان، أو لرُبَما يُجاورُ الحقَّ كجيران، فأَنبِئْني إذاً ألايا أيُّها السُّوداني، بصريحِ همزةٍ من لسان، أو بتلميحِ غَمزةٍ بينَ خِلّان، فلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ في ميدانِ البنانِ والبيانِ. فأنّي لكَ قارئٌ يشهدُ...
لنسيجِ حرفِكَ أنَّهُ نسجُ رِهيفٍ بَان
ولمزيجِ ذرفِكَ أنَّهُ مزجٌ شريفٍ دان.
ذاكَ نسجٌ ومزجٌ لن يُجيدَ مثلَهُ أديبٌ ثان، حتّى لو حَلَفَتْ لذاكَ الأديبِ بغليظِ قسمٍ وبضَمان.
مَهلاً، مَن تهي الحالفَةُ جَهْدَ أَيْمَانِها على ضَمانٍ بتوكيدٍ على ضمان؟
وهل مِن إمرَأةٍ غيرِها يا عزيزي يا سُوداني؟ إنها يا صديقي؛ "المُبرقَعةُ قارئةُ الفنجانِ"، فتلكَ أمَةٌ يَحجُّ إليها ذو الشَّيبةِ وكذا قوافلُ الشّبانِ، وكذلكَ يحجُّ إليها مَن لهُ شفتانِ، وأعني بمَن لهَ الشِّفتانِ فيما ههُنا: معاشرَ النُّسوانِ، فمامن بدَّ للساني من توريةٍ إنِ إقتربَ من شواطئِ النُّسوان، لخشيَتي من الغرقِ في الحِرمانِ، حرمانٍ من رؤيةِ ومداعبةِ ما وَلَدتُ من ولدانِ، ولخوفي من نفيٍّ خارجِ الدّارِ ورُبَّما خارجَ الأوطان. أوَلم ترَ الى الحشدَ -يا صديقي- من شيبةِ وشبانٍ ومن نسوان، وكيفَ يسكرُ بكلماتِ قارئةِ الفِنجانِ، سكراً بخَنسٍ وبأنسٍ بل بإدمانِ. ويكأنَّ كلماتِ ذيكَ الأمَةِ المُبَرقعةِ لديهمُ تبتيلُ زبرٍ أو ترتيلُ قرآن، وكذبَتْ مواثيقُ المُبَرقعةِ قارئةِ الفنجانِ، كذَبَت كلمّا حَلفَتْ لأديبٍ بعهدٍ وبضَمانِ، فما (لمُطارداتِ) السُّوداني نظيرٌ من نسيجٍ ثان.
تَقبَّلْ خالص التحياتِ الأخويةِ العطرةِ من أخيكَ علي السُّوداني (معذرةً علي الجنابي عَنَيتُ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل