الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسودٌ علينا وارانب على تركيا !

محمد حمد

2023 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قبل اكثر من مئة عام ضحكت عليهم الدول الكبرى. بعد ان امتصّت دماءهم ونهبت ثرواتهم وجعلت منهم وقودا رخيص الثمن لنيران حروبها العدوانية من اجل الهيمنة والسيطرة على خيرات وثروات العالم. وحوّلتهم الى بنادق للإيجار، دائما في حالة استعداد لتلبية اوامر امريكا في اشعال فتيل الازمات في المنطقة. وبالمقابل استطاعت امريكا وحلفاؤها ان تزرع في اذهانهم، وهم ناس بسطاء جدا، اوهاما مختلفة منها وهم حصولهم على دولة "قومية" تلمّ شملهم. ومرّت عقود من الانتظار ولم يحصل شيء من هذا سوى في مخيلة بعض العوائل المتنفذة والمتسلطة على رقاب ملايين البسطاء من الكرد. لقد تغيّرت أمور كثيرة في هذا العالم الا ان "الوهم" بقي ثابتا !
ولم تكتفِ تلك العوائل الحاكمة بالاستمرار في الضحك على مواطنيهم وهدر وسرقة حقهم الطبيعي في حياة كريمة، بل عمدت من اجل مصالحها العائلية الضيقة، الى ترسيخ فكرة "الوهم" في عقول الناس. الى درجة ان مسعود البارزاني، الحاكم والمالك الفعلي لاقليم شمال العراق، أستخدم واسنتغلّ جميع المناسبات ليقنع الاكراد بانهم "شعب الله المختار" بعد اليهود. مستعينا الى حد ما بتجربة وثقافة الكيان الصهيوني. ولا عجب من وجود علاقات تاريخية قوية تربط آل بارزاني بالدولة العبرية الصهيونية.
ولم يتعلم الساسة الأكراد من تجارب الماضي ولا من انتكاسات الحاضر. ولأن تجربتهم وثقافتهم السياسية محدودة جدا ( ربما لديهم تجارب جيدة في أمور أخرى) فقد ربطوا مصيرهم، حاضرا ومستقبلا، بامريكا وبعض دول الغرب، متجاهلين، ربما عن وعي، تجارب التاريخ الحديث. وان امريكا ليس لها صديق أو حليف ابدا سوى دولة اسرائيل. أما الآخرون، دولا وأنظمة واحزابا، فليسوا أكثر من عملاء بدرجات متفاوتة وحسب الحاجة ومقدار الخدمة التي يقدمونها لصاحبة السمو امريكا.
قبل ثلاثة أيام قام وزير خارجية "الدولة العثمانية" هاكان فيدان بزيارة قصيرة إلى بغداد واخنتمها في اربيل شمال العراق. حيث صرّح بعظمة لسانه أنه "اجرى حوارا صريحا ومطوّلا مع إدارة حكومة شمال العراق". نعم، قال حكومة شمال العراق. ولم يقل حكومة إقليم كردستان. فالاتراك لا يعترفون اصلا بالكيان "الدستوري" للإقليم. ولم يصدر عن آل بارزاني اي اعتراض أو "تنديد" كما يفعلون عادة مع العراقيين عندما يتحدثون عن شمال العراق. لأنهم، اي حكام الاقليم، بكل بساطة اسود علينا وارانب وديعة على تركيا !
وبما ان تركيا، اضافة إلى امريكا طبعا، هي ربة النعمة بالنسبة إلى آل بارزاني فقد قامت حكومة اقليم شمال العراق بتقديم هدية على طبق من ذهب حال وصول الوزير التركي إلى اربيل. وكانت هذه الهدية كما صرح الجيش التركي لاحقا هي "القضاء على ستة عناصر من حزب العمال الكردستاني التركي بينهم قياديان". وبطبيعة الحال ما كان لهذه العملية أن تحصل لولا التعاون الوثيق مع أجهزة آل بارزاني الأمنية والمخابرات التركية التي تسرح وتمرح في شمال العراق. ولم يكتف الوزير التركي بفرض شروط وطلبات على حكومة الاقليم، وهم رهن خدمته طبعا. بل طالبهم بالمزيد من التواجد للجيش التركي في شمال العراق. ولا يستبعد من أن حكام الاقليم، العملاء لكل اجنبي طامع، قالوا له: "على العين والراس...نحن حديقتكم الخلفية..ودائما في خدمة حربكم "المشروعة" ضد الإرهاب الذي يضرّنا كثيرا قبل أن يضركم.
ودون أن يكلّف الوزير "العثماني" نفسه عناء الإشارة او التلميح إلى ملف ايقاف تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، تجاوز هذا الموضوع بلباقة وركّز على محاربة حزب العمال الكردستاني التركي. وهو بالتأكيد الهدف الاول والاخير من زيارته الى العراق. كما اشترط على حكومة الاقليم الذي بدا يفقد بريقه ويتلاشي تاثيره بشكل ملحوظ في الداخل والخارج. اشترط عليهم المزيد من التعاون وهدّدهم بشكل مبطّن قائلا: "سوف نقضي على الارهاب في شمال العراق". بالتعاون مع العراقيين. كما إضاف بتبرة فيها الكثير من السخرية.
وبفضل"الكرم الحاتمي" الذي صار سياسة ثابتة ل (حكومة شمال العراق) تحوّل الاقليم إلى مرتع خصب لجميع اجهزة الاستخبارات الطامعة والمعادية للعراق. بل ساهم وشارك حكام الاقليم في انتشار القواعد العسكرية الأجنبية في شمال العراق تحت حجة محاربة الارهاب. وان تواجد الجيش التركي الثابت هناك، ومطالبته بالمزيد من هذا التواجد، طبعا بدعم وتعاون حزب آل بارزاني، ليست الأولى ولن تكون الاخيرة. وهدف تركيا على ما يبدو هو احتلال تدريجي مقنّع لمدن شمال العراق. خصوصا وأن بيدها "لقمة عيش" أبناء الشمال ولديها أوراق ضغط مختلفة تستطيع من خلالها حشر حكومة إقليم الشمال في زاوية ضيقة جدا. بعد أن احترقت، بفعل انانية وغطرسة وجشع آل بارزاني وآل طالباتي، جميع اوراقهم السياسية والاقتصادية التي جعلتهم يستأسدون على العراق والعراقيين على مدى عشرين عاما.
ان حكم عائلة آل رومانوف، عفوا اقصد آل بارزاني، يقترب من نهايته. وان غدا لناظره قريب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح