الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجموعة -القطا لا ينام- غريب عسقلاني

رائد الحواري

2023 / 8 / 29
الادب والفن


مجموعة "القطا لا ينام"
غريب عسقلاني
هذه المجموعة مختارات للقاص "غريب عسقلاني" وهي من إصدارات وزارة الثقافة الفلسطينية، وصدرت في2016، أي أنها جاءت من مجموعات قصصية عديدة، لهذا نجدها ذات مواضيع مختلفة وأشكال فنية متعددة، منها من يحمل مواضع وطنية وتحررية ومنها من يحمل هموم اجتماعية، منها قدم بصورة القصة القصيرة التقليدية، ومنها القصة القصيرة، من هنا واقعي ومنها الساخر ومنها الرمزية، ورغم هذا التعدد والتشكيل إلا أن القارئ يستمتع بما قُدم له من قصص، فهناك لغة قصصية، واسلوب خاص في القص، يجعل أعماله سهلة التناول.
سنحاول التوقف عند بعض القصص التي جاءت في المجموعة لتبيان التعددية والتنوع في هذه المختارات، في قصة "وردة بيضاء من أجل ديفيد" القصة جاءت من خلال أنا القاص وتتحدث عن الفلسطيني الذي يعيش في غزة بعد أن هُجر من وطنه، لكنه بعد ثلاثين سنة يعود إلى بيته ليستخرج ما خبأه في قدرة أحفها تحت الأرض، يقدم لنا القاص مشهد استخراج الموجودات بهذا الشكل: "هذا عقد زواجي من صفية مكتوب بخط الشيخ محمود زقوت، وهذا خلخال آخر ما تبقى من مصاغها، وهذه رصاصات بندقتي التي صادروها، دس أبي أوراقه في عبه، وحررت أمي خلخالها حول قدمها اليمنى، وكانت الشمس تتقدم نحو المغيب، حمرة الشفق تتلون بإرجواني بديع يسقط على رمال الشيخ عوض الصفراء تتلألأ وهجا دافئا، وكانت الموجودات تسبح لخالقها، وكنا خاشين.
همس ديفيد برجاء
ـ هل تهديني القدرة يا شيخ؟
لم يمنع أبي دمعة انحدرت على خده، مد يده بالقدرة قال:
ـ عدني أن تحافظ بداخلها بأشياء عزيزة لديك" ص39، على مستوى الفكرة المشهد يختزل مأساة الفلسطيني ومعانتاه، فهو لم يسلم وطنه، وإنما هناك من جاء بحجة الدفاع عن فلسطين وأخذ منه سلاحه، هذا ما تقوله الرصاصات التي خبأها والد القاص.
وعلى مستوى الشكل الأدبي نجد رمزية في الأشياء التي خبأها، ورمزية في إعطاء القدرة ل"ديفيد" فعندما قاله له: "عدني أن تحافظ بداخلها بأشياء عزيزة لديك" وكأنه يقول له بأنك ستهجر بيتي كما تركته أنا، ورمزية أخرى في وضع الرصاصات داخل عبه، فهو سيواصل المقاومة، ورمزية الفرح عن الأم التي وضعت الخلال على قدمها الأيمن، فالقصة تجمع بين الواقعية والرمزية وهذا التشكيل في التقديم ممتع ويستوقف المتلقي.
وتستوقفنا اللغة الجميلة والممتعة التي حملت القص: "الموجودات تسبح لخالقها" وكذلك تقديم القصة من خلال عشر مقاطع، مما جعلها قصة متميزة على مستوى الشكل واللغة والأسلوب والمضمون.
في قصة "حكايات عن براعم الأيام" والتي تتحدث عن مواجهة بين الأطفال الذي يحرقون الإطارات وبين جيش الاحتلال، فبعد أن يتم يمسكوا "شابا في السادسة من عمره"!!! ص52، يتم استجوابه من قبل الضابط:
"من أعطاك الكبريت؟
ـ أخي حازم" وهعنا يدخل الجنود إلى البيت لإلقاء القبض على حازم الذي وصفه القاص بهذا الشكل:
"أين حازم؟
ـ حازم من؟
ـ الذي أعطي حسام الكبريت
تكومت تخبئ الطفل وبندقيته الخشبية، وصرخ الرضيع يبحث عن ثدي لأمه، تنمرت في وجه الجنود:
ـ لا تفزعوا الأطفال
اختزل حازم جسده في عب أمه، يحتضن بندقيته ويضغط على زنادها، لم تطلق النار كالعادة، فاغتاظ من بنادقهم المغروسة في صدر أمه، وقبض على بندقيته بيد وأمسك باليد الأخرى قدم أخيه الرضيعـ وأخذ يختلس النظر من تحت إبط أمه، فرأى حساما يمسح أنفه بكم قميصه ولا يبكي" ص52و53، المفارقة في هذه القصة بين جنود الاحتلال وهم يعدون أقوى جيش في المنطقة، وبين أطفال أكبرهم بعمر ست سنوات، فالقاص استطاع أن يجعل القارئ يستهزئ بهذا الجيش الذي يطارد أطفالا صغار، وما المعلومة التي أخذها الضابط من "حسام" عمن أعطاه الكبريت، ودخولهم البيت وهم مدججون بالسلاح وصوتهم يجلجل فيه، إلا صورة ممسوخة لهذا الجيش الذي يبحث عن (سراب) عن أطفال يختبئون في حضن أمهم، ويتسلحون ببنادق خشبية.
القصص القصيرة جدا نجدها في نهاية المجموعة، وهنا ننوه إلى أن هذا النوع من القصص يحتاج إلى قدرات استثنائية من القاص، لما فيه من تكثيف واختزال، نأخذ بعض النماذج ونبدأ بقصة "ذهول"
"سألت المعلمة الأطفال:
ـ أي البوابات تبقى مفتوحة على الدوام؟
رد الأطفال بصوت واحد:
ـ بوابة الموت" ص152، وهذه الإجابة كافية لإيصال حجم الموت الذي يتفشى في عزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب