الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكم الاعدام على صدام لا ينهي مأساة الجماهير العراقية

طه معروف

2006 / 11 / 9
الغاء عقوبة الاعدام


في الوقت الذي تعيش فيه جماهير في العراق بين برك الدماء والتهجير القسري والتصفية على الهوية وبين اطلال الخرائب وفي اتون حرب طائفية طاحنة ،صدرت في محكمة امريكية صورية في (المنطقة الخضراء) المحصنة ،حكما فئويا بالإعدام على صدام على خلفية قضية الدجيل التي هي الورقة الوحيدة لدى الإدارة الأمريكية لإستخدامها في الإنتخابات لتغطية فشل سياستها العسكرتارية على صعيد العراق و المنطقة.
هناك اسئلة كثيرة تلاحق ابدا ذاكرة الجماهير العراقية ولن يقضي عليها حكم الإعدام على صدام وهي: من الذي يحاكم صدام ؟أليس هؤلاء كما صدام مسؤولون عن الجرائم اليومية تجاه الجماهير العراقية من قتل وتشريد وتعذيب وتجويع ؟وهل توجد في العراق دولة مستقلة تمثل الجماهير وتملك قرارها حتى يتسنى للمرأ الحديث عن العدالة ؟أليس الحكم بالإعدام محاولة لإخفاء الجرائم التي ارتكبها النطام القومي العروبي البعثي بحق الجماهير في حقبة حكمه الدموي قبل وبعد قضية الدجيل ؟هل يحق لهؤلاء المتحصنين في المنطقة الخضراء الملطخة ايديهم بدماء الجماهير، أن يتحدثوا في حكمهم على صدام بإسم الجماهير؟
رغم ان محاكمة صدام ورموز نظامه وحركته القومية الشوفينية هو مطلب جماهيري ولكن طبيعة القضاء وظروف اجراء المحاكمة تتناقض كليا مع ذلك المطلب ولا تشكل سندا لعدم تكرار التجربة الدموية في العراق، بل ان الوضع السياسي ومستوى القمع من قبل قوى الاحتلال والعصابات الطائفية وصلت الى درجة تحول فيها العراق الى أخطر مكان في العالم من حيث خطورة الحالة الأمنية وان وجود سلطة الميليشيات واستمرار الاحتلال والحرب الارهابية جعلت الجماهير مستهدفة بشكل اكثر مما كان أبان حكم النظام البعثي وهذه حقيقة ليس بوسع الادعائات التافهة حول" السير نحو الديمقراطية وسيادة القانون "اخفائها عن الجماهير. ومثلما لم يؤدي اعتقال صدام إلا الى المزيد من الفوضى فإن الحكم عليه بالإعدام لن يؤدي ايضا إلا الى المزيد من سفك الدماء في ظل سلطة الاحتلال ونفوذ النظام الدموي الايراني ومباركة الاخير للحكم على صدام هو تأكيد على تمسكه بعقوبة الاعدام ضد الجماهير الايرانية اولا والعراقية ثانيا.
ان إعدام صدام يعني، عمليا، فشل كل محاولات كشف جرائم النظام القومي السابق بحق الجماهير العراقية مثل القتل الجماعي والجينوسايد ضد الكرد والمحاكم الصورية والاعدامات العشوائية وتصفية المخالفين والتهجيروالتعذيب والقمع الداخلي التي ساهمت فيها اطراف دولية عديدة ومنها الادارة الامريكية بشكل اوبآخر . ومن ناحية اخرى فإن اللجوء الى حكم الإعدام من قبل قوى الاحتلال والمؤيدين لها من الأسلاميين هو العودة الى نفس أساليب النظام البعثي وجزء من عملية أحياء الأساليب القمعية التي تمارس اليوم ضد الجماهير بشكل يومي وبصورة وحشية من قبل الحكومة والميليشيات المسلحة المجرمة وان صمت الجماهير تجاه عقوبة الاعدام هو دليل على مهزلة هذه المسرحية الامريكية التي نظمت لكسب الاصوات في امريكا لإدامة الحرب الدموية وللتغطية على فشلها في العراق.
إن اختيار قضية الدجيل او حتى عملية الانفال ضد الاكراد، لا يغطي تلك الممارسات الاجرامية للنظام طوال حكمه الدموي في العراق ضد الجماهير لكون جرائم النظام مرتبطة بالحركة القومية في العراق التي هي بالضرورة تبرز وتنتج تلك الرموز الدموية .كان هتلر وموسولوني مثل صدام ارتكبوا جرائمهم المروعة بحق الانسانية بالإتكاء على الحركة القومية النازية والفاشية ولذلك فإن الجماهير يجب ان تنظر الى مسألة محاكمة صدام من هذه الزاوية لكون جرائم النظام مرتكزة على تلك الحركة القومية العروبية والطريقة الوحيدة لعدم تكرارها هو اصدار الحكم الجماهيري على الحركة القومية المعادية للنزعة المدنية والانسانية .
إن الوجوه والرموز السياسية الجديدة من القوميين والاسلاميين على الساحة السياسية العراقية لا تقل دموية عن النظام البعثي حيث ان شغلهم الشاغل ينحصرفي القتل والتعذيب والتهجير ونهب اموال الجماهير وهؤلاء غرباء عن النظام والقانون ناهيك عن محاكمة سفاح مثل صدام الذي هو مثلهم الاعلى لتنفيذ جرائمهم بحق الجماهير .
واخيرا فان اللجؤ الى عقوبة الاعدام حتى ضد اكبر مجرم عرفه التأريخ مثل صدام هو الاعلان عن الهوية الحقيقية للحكومة الدمية في العراق الذي ليس في جعبتها ما تقدمه للجماهير سوى القتل المتعمد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أحبطت إسرائيل جهود الوسطاء لإنجاز صفقة تبادل الأسرى؟


.. الأونروا للحرة: فقدنا أكثر من 200 موظف خلال عام الحرب في غز




.. خوف اللاجئين السوريين في لبنان من الاعتقال بعد عودتهم إلى سو


.. قبيل اكتمال عام واحد على بدء هجوم 7 أكتوبر.. تجمعات في تل أب




.. كنائس دير الأحمر في بعلبك تأوي النازحين من الحرب في لبنان