الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازنة والتوازن في الإنفاق والاستثمار

حسين رشيد

2023 / 8 / 29
الادارة و الاقتصاد


أقر مجلس النواب موازنة البلاد لعام 2023، والتي تبلغ 198.9 تريليون دينار (153 مليار دولار) وهي الأكبر والأعلى في تاريخ البلاد منذ نيسان 2003، حيث تسعى الحكومة إلى تنفيذ مشاريع تنمية تهدف لتحسين الخدمات وإعادة بناء البنى التحتية التي دمرها الإهمال والحرب، وأربك تنفيذها الفساد والإرهاب، أولهما ما زال يسرح ويمرح في مفاصل ومؤسسات الدولة رغم كل الإجراءات والإدعاءات بمحاربته، وثانيهما ينشط هنا وهناك وفق مستجدات وأحداث سياسية قد تعيدها إلى الواجهة في أيةِ لحظة بوجود بقايا داعشية، وهذا ما لا يتمناه احد، فما تزال مرارة سقوط مدن البلاد بيد داعش الارهابي في الأفواه.
الموازنة التي نالت تهاني وتبريكات القوى السياسية في تحالف إدارة الدولة، متناسين ان هذا استحقاق وطني وليس منةً أو عيداً، هذه الموازنة جاءت بعجز مالي يقدر 64.36 تريليون دينار عراقي (49.5 مليار دولار)، وهو الأعلى أيضا بين موازنات الأعوام الماضية. حيث إعتمدت الموازنة على سعر نفط 70 دولاراً للبرميل وتوقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يومياً، منها 400 ألف برميل يومياً من إقليم كردستان، رغم ما أثارته المادة المتعلقة بهذا الأمر من خلافات ونقاشات حادة، كادت تؤدي بتحالف إدارة الدولة إلى التشظى والتفكك، كون هذا الأمر يبدو متوقعا أكثر بعد إقرار الموازنة الثلاثية.
سعر الصرف لإيرادات النفط بالدولار الأمريكي عند 1300 دينار مقابل الدولار. وحسب الموازنة إن هذا يُعد سارياً حتى 2025، مقابل سعر تداول في السوق المحلية وبفارق يتروح بين 10-- 15 الف د دينار لكل 100 دولار وهو فارق كبير يتيح للمضاربيين به أرباحا كبيرة، لكن ذلك إلى الأن يتم وفق مراقبة ومتابعة البنك الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية اللذين يهددان بفرض عقوبات جديدة على عددٍ من المصارف الخاصة، التي لا تلتزم بالشروط التي وضعت بالاتفاق مع البنك المركزي العراقي، وهذا خطر أخر ربما يترك أثراً في الموازنة ويربك تنفيذها في ما لو استمرت الخروق والمخالفات المصرفية وتهريب الدولار.
ولأن ثمة جنبة سياسية في الموازنة حرصت القوى السياسية التي شكلت الحكومة، على توفير درجات وظيفية لجماهيرها ومن معهم وصلت إلى حدود 500 الف درجة وظيفية جديدة، غير التي تم تعيينها وفق قانون الأمن الغذائي، يضاف لهم أصحاب العقود والأجراء اليومين ممن يعملون وفق نظام الدوام الكامل، وبهذا تزيد أحمال الموازنة الإنفاقية أكثر مما كان متوقعا، ضاربين عرض الحائط كل توصيات وتحذيرات ومخاوف المراقبين ذوي الشأن المالي والاقتصادي، ما يعني وصول رواتب المواظفين ومعاشات المتقاعدين إلى قرابة 76 تريليون دينار عراقي ( 58 مليار
دولار).

صندوق النقد الدولي سبق وإن حذر في نهاية أيار الماضي من زيادة الإنفاق في رواتب القطاع العام، إذ سيسهم ذلك في تصاعد العجز والضغط المالي، ما لم تحدث زيادة كبيرة في أسعار النفط، بينما المخاوف والتوقعات تقول إن أسعار النفط قد تنخفض في الخريف القادم، ما يعني أن ثمة مشكلة مالية ستقف في طريق الحكومة قد تجبرها على الاستعانة بالاحتياطي النقدي، الذي وصل لحدود 100 مليار دولار وهذا ما لا يتمناه أحد، خاصة الحكومة، الموازنة التي أُقرت على شكل دفعات بجلسات برلمانية يومية، أثارت الكثير من الردود وعلامات الإستفهام إثر التصريحات المتضاربة بين نواب القوى السياسية المتصارعة على نيل المغانم في الموازنة، التي يفترض أن يصل سعر برميل النفط إلى 96 دولاراً للبرميل، كي نتجنب انفجار الموازنة وتطاير الشظايا في مختلف الاتجاهات، مثلما نأمل أن تتم حماية الموازنة الترليونية من النهب الاقتصادي الحزبي، ومن أي أيادٍ أُخر تخشى الدوائر والمؤسسات الحكومية المعنية بمحاربة ومكافحة الفساد المساس بها أو حتى التقرب منها.

عسى أن تكون الموازنة.. موازنة متوازنة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط


.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم




.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا


.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع




.. د. أحمد غنيم لخالد أبوبكر: الظروف الاجتماعية والتضخم يحولان