الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب على بريكس في مصر .. لماذا ؟!

أحمد فاروق عباس

2023 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كما هو متوقع .. قامت الحرب على انضمام مصر الى مجموعة البريكس بعد ساعات فقط من الموافقة على دخول مصر رسميا بدءا من يناير ٢٠٢٤ .
وانضمام مصر إلى مجموعة البريكس خطوة طال انتظارها ، تدعو مصر إلى الالتفات الي الدنيا الجديدة البازغة في الاقتصاد والسياسة الدولية ..
وهى خطوة مهمة فى اقتراب مصر من الشرق ، بعد أن اضناها السير وراء الغرب منذ خمسة عقود بلا جدوى أو فائدة كبيرة ..
من زاوية الاقتصاد ، تعاملات مصر التجارية مع دول المجموعة ستكون بالعملات المحلية وليس بالدولار ، ولنا أن نتخيل أن صادرات وواردات مصر مع الصين والهند وروسيا وجنوب افريقيا والبرازيل والأرجنتين والسعودية ستكون بالعملات المحلية ..
وطبقا لما قاله بوتين في اليوم الاخير للقمة فالعملة الموحدة للبريكس يمكن أن تكون بندا مطروحا على القمة القادمة في العام القادم ..
ويمكن لمصر بعد دخولها رسميا في يناير القادم الاستفادة من مؤسسات البريكس .. بنك التنمية الجديد ، وصندوق البريكس ، وهما المؤسستان البديلتان لمؤسسات بريتون وودز التابعة للغرب ..
ومما حدث اليوم يمكن أن نفهم ما حدث خلال الشهور الماضية :
- فلم يكن ممكنا إنضمام إيران والسعودية اليوم للبريكس دون المصالحة التى حدثت فجأة بينهما من شهور ..
- ولم يكن ممكنا إنضمام مصر وإثيوبيا اليوم إلى البريكس دون التقارب المصرى الاثيوبى الذى حدث في الشهرين الأخيرين ..
- ومن هنا نفهم لماذا تم تأجيل دخول الجزائر والمغرب - وكلتاهما قدمتا طلبا رسميا بالانضمام إلى بريكس - دون تقارب بين الدولتين يفتح طريقا لتسوية مشاكلهم ..
فلم يكن قادة البريكس على استعداد أن تأتى الدول الجديدة بمشاكلها إلى التجمع الجديد ، الذى يطمح إلى القيادة الاقتصادية العالمية ..
- بل ومن هنا نفهم لماذا وافقت السعودية على عودة سوريا إلى الجامعة العربية ، والتقارب السوري السعودى المفاجئ .. وسوريا كما هو معروف من أكبر أصدقاء روسيا فى الشرق ..
أتمنى للتجمع الجديد أن يكون على قدر الأمل فيه ، وأن يفتح بابا للمستقبل أمام الشعوب ..
واتمنى أن تأخذ دوله حذرها من حرب شعواء منتظرة ومتوقعة من دول الغرب ضد دول البريكس .. القديمة منها والجديدة ..
فى الداخل المصرى .. أتوقع من أطراف معينة ومعروفة أن تقلل من أهمية هذه الخطوة الكبيرة ..
وأن يقولوا بعد أسبوع أو إثنين أو بعد شهر أو إثنين ... أنظروا .. إن الأسعار لم تنخفض ، لقد ضحكوا عليكم بقصة البريكس هذه ..
وهى دعاية متوقعة من أطراف لم ترد أبدا الخير لمصر ، وإن ادعى لسانها غير ذلك ..
تحية للرجل الوطنى .. عبد الفتاح السيسي ، الذى يقود مصر فى ظروف فى منتهى الصعوبة ، حيث انتقال العالم من نظام اقتصادى وسياسي دولى إلى نظام اقتصادى وسياسي آخر ..
وحيث جاءت قراراته وتصرفاته معقولة في دنيا مليئة بالاضطراب وعدم الاستقرار وعدم اليقين ..
.. اما عن الحرب التي ظهرت في مصر فور الاعلان عن دخولها رسميا الي بريكس فقد شارك فيها طوائف شتى .. أهمهم :
١ - الإخوان ، وبعض أصدقاءهم من اليساريين والليبراليين ، الذين وجدوا فى عبد الفتاح السيسي العقبة الوحيدة أمام عودتهم ، ورجوع زمانهم وعزهم القديم ..
٢ - من يطلق عليهم في مصر " إللى مش إخوان بس بيحترمهم " وهؤلاء واقعين بالكامل تحت تأثير دعاية الإخوان فى قنواتهم ..
٣ - أنصار أنظمة سابقة مرت على مصر ، ويريد رجالها عودة زمان مضى وذهب إلى حال سبيله .. وأهم هؤلاء أنصار مبارك وأبناء مبارك ..
٣ - بعض الناس الذين وجدوا هيصة وجلبة فقرروا المشاركة فيها بدون فهم أو علم ، وهؤلاء من وصف حافظ إبراهيم أشباه لهم قديما فقال :
وهذا يصيح مع الصائحين .... على غير قصد ولا مأرب
٤ - مؤيدين سابقين للرئيس السيسي ، كانوا يؤيدونه على حرف ، تحققت مصالحهم وأخذوا منه ما يريدون فهم معه ، ضاعت آمالهم في تحقيق منفعة ما فهم ضده ..
٥ - رجال امسكوا العصا من المنتصف ، لا هم مع أو ضد ، وذلك بدعوى الحياد ، وهؤلاء لا تهمهم الحقائق ولا يبذلون أي جهد فى معرفتها ،ولكن يهمهم صورتهم أمام من يتابعونهم ..
اشترك كل هؤلاء منذ اللحظة الأولى لانضمام مصر الى مجموعة البريكس ، وكانت أساليب الهجوم كالآتي :
١ - البريكس تجمع للضعفاء والفقراء ، فماذا ستفعل مصر مع الصين والهند وفيهما افقر ناس فى العالم ؟!
ونسوا أن الصين هى الاقتصاد الثانى عالميا - بتكلفة عوامل الإنتاج - بينما هى الاقتصاد الأول فى العالم بتعادل القوى الشرائية ، والهند أزاحت بريطانيا وحلت محلها كخامس اقتصاد فى العالم ..
وروسيا والبرازيل قوى اقتصادية لا يستهان بها ..
٢ - مصر دخلت هذا التجمع من أجل الاقتراض ..
وبدلا من الاقتراض من البنك الدولى وصندوق النقد الدولي سوف تقترض من بنك التنمية الجديد وصندوق بريكس !!
وهو غير صحيح ..
لأن مصر دخلت بغرض جلب الاستثمارات من دول البريكس وخاصة الصين وروسيا ، وللدولتين استثمارات كبرى في مصر ، ومتوقع زيادتها ، وخاصة في محور قناة السويس .. ودخلت بريكس هربا من الدولار وتحكم أمريكا في العالم كله بواسطته ..
ودخلت ثالثا للتعاون في مجالات مهمة مع دول البريكس ، من الصناعة إلى التجارة والخدمات ، ومن الطاقة إلى نقل التكنولوجيا ..
ودخلت أخيرا للتبادل والتجارة فى ظل تجمع دولى لا يفرض كغيره شروطا مجحفة ..
٣ - مصر لن تستفيد من دخول البريكس ، لأن وارداتها أكثر من صادراتها ، والأهم منه الالتفات إلى تحسين وزيادة الإنتاج بدلا من الانضمام إلى البريكس !!
وهو حق يراد به باطل ..
أولا صادرات مصر وصلت - لأول مرة فى تاريخها - إلى ٥٣ مليار دولار ..
ومصر - لمن لا يعرف - تصدر سلعا ومنتجات متنوعة ، من اتوبيسات النقل إلى الملابس والمنسوجات ، ومن الاجهزة الكهربائية والالكترونية إلى الصناعات الغذائية ، ومن السلع الزراعية إلى الغاز الطبيعي والأسمدة وبعض المعادن ومنتجاتها والاسمنت والزجاج والمصنوعات الخشبية والجلدية ... الخ .
والمشكلة هى فى زيادة فاتورة واردات شعب وصل إلى ١٠٥ مليون يعيش على رقعة شبه صحراوية ، وكل ما نستطيع زراعته لا يصل إلى ١٠ مليون فدان ..
وتأتى فاتورة استيراد القمح وباقي الزراعات الحيوية ثم العلف وزيت الطعام وبعض المنتجات البترولية والسيارات على رأس الواردات المصرية ..
ثانيا : الهدف الأهم لمصر من دخول البريكس هو زيادة الإنتاج ، ودخول صناعات جديدة إلى مصر وتكنولوجيات جديدة ، وإذا كانت استثمارات الغرب فى مصر خلال العقود الماضية منصبة على قطاع البترول والغاز بصفة أساسية ، وامتنعت تماما عن للاستثمار في الصناعة أو الزراعة ، فإن الأمر سوف يختلف مع دخول مصر إلى بريكس ، وهى مجموعة ليس لديها فيتو على تقدم مصر الصناعي أو التكنولوجي مثلما لدى الغرب ..
٤ - دخول مصر إلى بريكس لن يخفض الأسعار ولن ينزل بسعر الدولار ولن يجعل الحياة وردية في مصر ..
وهو نوع من الدعاية يزيد الآمال بصورة مبالغ فيها ، وعندما لا تتحقق تلك الآمال فورا يقولون .. ألم نقل لكم !!
ولمن يقول ذلك اقول له أن زيادة الأسعار وارتفاع الدولار عرض لمرض قديم ومعروف منذ عقود فى مصر ، ومصر تحاول العلاج من المرض ذاته وليس من اعراضه التى يراها ويحس بها الناس ، وهى تحاول بكل السبل وفى كل الاتجاهات ، ودخول مصر إلى بريكس واحدة من تلك السبل المهمة جدا ..
خلاصة الأمر ..
افهم ان بعض الناس لا يعجبهم عبد الفتاح السيسي ، وبعضهم لديهم معه ثأر لن ينسونه طيلة حياتهم ، وبعضهم أضاع عليه عبد الفتاح السيسي فرصة أو منفعة أو مستقبل كان طوع يديه وتبخر مثل حلم ليلة صيف ..
أفهم كل ذلك ..
ولكن ما أفهمه أيضا ألا تخلط بين عدم إعجابك برئيس ما وبين كرهك لتحقيق الخير لبلدك ..
وما يحدث الآن أن كراهية بعض الناس وصلت إلى مصر ذاتها وليس لعبد الفتاح السيسي فقط ..
واذا كان على الأزمات الاقتصادية ، فمصر طول عمرها فى أزمات اقتصادية ..
وطوابير السلع - الفراخ والسمنة والصابون ... الخ - كانت منتشرة طوال الستينات والسبعينات والثمانينات ، وأغلب السلع لم يكن متوفرا من الأساس !!
ولمن لا يحب القراءة وليس لديه طاقة للبحث ، فالأفلام المصرية القديمة - وهى مرآة عصرها - شاهد على ذلك ودليل ..
وطوابير العيش وطوابير أنابيب البوتاجاز - وقد توفى بعض الناس فيها - رأيناها بأعيننا في الاربع أو الخمس سنين الأخيرة فى عصر حسنى مبارك ..
فماذا إذن ..
هل الدعاية فى قنوات الإخوان واصدقاؤهم من الليبراليين واليساريين نجحت فعلا فى مهمتها ؟!
.. وقديما قالوا ان الزن على الدماغ أقوى من السحر !!
ربما ..
أن الهجوم القوى على دخول مصر إلى البريكس لم يكن يحتاج إلى كل هذا الجهد فى التقليل من الموضوع ، أو أخذه إلى سكة الكوميكس وخفة الدم ، التى تخفى وراءها كمية لا بأس بها من الضغينة ..
لقد قبلت مجموعة البريكس مصر فى حين أنها رفضت عشرين دولة أخرى قدمت طلبا بالانضمام .. دول مثل تركيا وتايلاند واندونيسيا والكويت والجزائر والمغرب ونيجيريا .. وغيرهم .
( وفيما يخص تركيا .. تخيل نفس الأصوات الحالية ماذا كانت ستقول لو قبل طلب تركيا بالانضمام إلى بريكس .. العكس على طول الخط طبعا ) ..
.. اكره عبد الفتاح السيسي يا سيدى كما تشاء ، ولكن تذكر أن الجهد الحالي لتغيير مصر - وهو جهد كبير ، ومنه دخول مصر إلى بريكس - لن يأخذه عبد الفتاح السيسي معه إلى قبره ..
وأن ما يحدث الآن من جهد للتغيير هو فى النهاية لمصر .. لا لعبد الفتاح السيسي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال يفتقر الى الحياد
مجدي محروس ( 2023 / 8 / 29 - 19:08 )
الحرب ليست على الانضمام للبريكس
الحرب هي على من يظنون ان البريكس هو طوق النجاة لمصر و لاقتصادها المنهوك و المثقل بالديون التي ورطنا فيها الرئيس الفاشل عبدالفتاح السيسي و الذي تدافع بكل قوتك عنه
واصفا خصومه باسوء الصفات و مقسما اياهم تقسيمات هي في مخيلتك فقط
للاسف يبدو ان الرئيس الفاشل وراءه زمرة فاشلة كبيرة تزنر له و تطبل له لكن التاريخ لن يرحم احدا

اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يعلن الاقتراب من مرحلة تفكيك كتيبة حماس في


.. روسيا تتوقع اتفاقية تعاون جديدة مع إيران




.. ترميم مستشفى أصدقاء المريض بعد تدميرها بغزة


.. الأمين العام لعصائب أهل الحق العراقية: دعم واشنطن لإسرائيل ف




.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. مناظرة للمرشحين تناقش السياس