الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية حي سليطة ج3

كاظم حسن سعيد

2023 / 8 / 29
الادب والفن


مناجاة مرهان
ــــــــــــــــــ
ولدت (مرهان ) قبل ان يعلن الزعيم عبد الكريم قاسم بيان الثورة الاول بثماني سنوات, شهباء,اقرب الى الطول..عينان خضراوان, وحنك مثلث, صدر منتصب,تسرح شعرها الكحلى مثل ذيل حصان ,والخصلات على جبينها قوس مقلوب,,,.....
الام الة منزلية دؤوبة ومعزولة,.....الاب معلم راكد....,يقتصد بالكلمات والعلاقات والطعام...
المنزل :ثلاث غرف من الطابوق غير الملبوخ,باب المنزل الخشبى المزخرف ثقيل جدا,صنعه الهنود,فى اعلاه حفر فيلان قزمان متقابلان..وثبت فى اعلاه حذاء عتيق ...على بعد مترين من يساره سدرة وافرة وفي اليمين نخلة برحي ,وقبيل ان يتراكض الليل ويحتل النبق الزيتوني ,تندلع جوقة العصافير و تبقع ذروقها العشب , ,هنالك حب ماء كبيرغرز اسفله شبه المدبب في قاعدة خشبية مستديرة تستند على ثلاث قوائم (المرفع ),, علقت لوحة (اشرب وتذكر عطش الحسين )
انهت مرهان دراستها الجامعية وبلغت الثلاثين (اثناءها تزوج اخوها الوحيد حسنين الذى يصغرها بعامين ورحل بعيدا ,واقترنت اختها سيماء التى تصغرها باربع سنوات وسكنت فى محافظة جنوبية اخرى ) ,واستعد ابوها للتقاعد والنقاهة من تعب العظام ومرت سنوات منذ غادرت امها فترات الطمث فسمنت وازدحمت عجيزتها بالشحم واللحوم ,وبدا الروماتزم يثقل خطواتها,وآلام الظهر تئن منها في الليل, وتولعت بغطس اقدامها بالطست النحاسي المملوء بالماء الساخن )
مرهان في الثلاثين تناجي الرب اذا هدات ضجة الكادحين ,وحيدة تناجي اذا سكن الليل سوى من نباح الكلاب وصياح الديكة وصفارة آلحارس ...تغادر سريرها وتواجه وجها لا تكاد تعرفه اعتادت على رؤيته ,, فلم يكن التحول فاجعة مباغتة, تعمقت الغضون عبر سلسلة من الفواجع والجفاء والخيانات والمزعجات اليومية العابرة والصامدة واسود قليلا اسفل الجفنين,,,, نضارة شعرها صمدت امام غزو الشيخوخة عبر جهود مضنية بذلتها...مئات الامشاط الخشبية والبلاستيكية ,والحناء,والشامبو والصابون النادر ,الترويض الذي لا تكل منه لتلك الخصلات ...رغم هذا نشبت بعض الخصلات البيضاء وغزا ذيل الحصان ,تضغط بسبابتها اعلى وجنتها وتحدق كانها تحاول مسح اسوداد الجفنين ,تدعك شفتيها او تضغط على الجبين ..تخاطب نفسها : (هذا هو الغراب ,,هذه ا ول الخطوات لشيخوخة مبكرة لا تقاوم )....ثم تناجي : (الهي بعزتك وجلالك وارتفاعك في مكانك انقذ روحي قبل ان يصهرها الهرم ,انقذني يارب ,طالما صليت وحفظت جسدي من الانحراف,ولساني من الغيبة والبذاءات ,كم سبحت وكم صليت,ربي بجاه شهيد كربلاء ,طوع لي قلبا فاكون اما ,رقق قلوب الرجال) ,,,,,ثم تذرف دمعا ساخنا وتطفئ فانوسها وتنام .
وطالما سمعتعا امها ,وقت السحر ,وقد استعد الحي ليومه المعتاد , (يا منقذ الغرقى ويا منجي الهلكى ...انت الذي سجد لك سواد الليل ونور النهار وضوء القمر ودوى الماء وحفيف الشجر ).....تقرا بتهدج وبشهقات ,بصوت حزين يثير الشفقة ويدعو للخشوع ..فتحدث الام نفسها ( الهي اشفق وارحم هذه الفتاة الطاهرة الهى فرج كربتها )ثم تقول :((نقية طاهرة مؤدبة كفوءة جمال وا خلاق ,كل هذا وقسمتها مربوطة ,يا الهي صبرا على حكمك وقضاك )
وربما تذربعض الدموع وتستعد للصلاة ساندة ظهرها بيمناها واضعة ساقيها في حالة احماء .
وعندما تسمع من الجامع القريب ,,(الله اكبر )تقول :(لا اكبر من الله شيء استغفر الله اعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(متوسطة ام البنين ),,,تخطت باب المدرسة المرتفع ,حيتها الفراشة العجوز {ام سارى} ,,واستقبلت عينيها ازهار الياسمين والجورى من اليسار ثلاثة امتار مزهرة معشبة من كل جهة تكتظ العصافير صاخبة فى اغصان شجرة السدر,,,, وقبل ان تخطو يمينا الى الادارة لحظت المراهقات يلتهمن من الطابق العلوى كل شىء فيها :الملابس ,,الشعر ,,العيون الحواجب ...الطالبات يتمكن بسرعة فائقة ان يحفظن ملامح الاخرين , ويستمتعن بالتصنيف والتعليق بعد ذلك .
وفيما بدا برنامج التعارف,,بعد رتابة التحايا والترحيب فى الادارة ,,الطالبات فى الطابق العلوى كن يتعرفن عليها عبر الاستماع لتعليقات بعضهن :ـــ شعرها طويل ذيل حصان فراشة بنفسجية تشد اعلاه....
ـــ حذاؤها الرصاصي منسجم مع تنورتها ولو ارتدت قميصا ابيض بدل القميص الرمادى .
وصرخت دلال :رصاصى وابيض ستكون عندئذ طالبة !!!
ـــصحيح ,, واللون الاحمر والوردي والرمانى يجذب انظار الرجال .
هتفت اسماء :يمكن تكون مخطوبة او تنتظر خطيبا انها تبدو انيقة .
ــ تغض طرفها ورقبتها الى الارض اظنها تتمتع بالخجل .
ويمكن (قالت سلمى ): عصبية فحركات اصابعها متشنجة .
علقت اسماء :لا يا اخوات ,يمكن تحس بالاحراج لا تستعجلن ,يوم او يومان وتنكشف الاوراق .

الحسينيتان
في الحي حسينيتان : شيخية واصولية,المجموعتان لا تقتنعان بمرجعية بعضهما الدينية وربما يسخرون من بعضهما همسا او في الجلسات الخاصة الا انهم في النهار اخوة مؤمنون ,وكل فئة علقت صورة مرجعها الدينى في اطار انيق وعلقته على الحائط .
ينتظر الناس الاذان في ليالي رمضان من مكبرات الصوت يطلقه الحاج (ناصر) في حسينية الشيخية او منزل الاصولى الحاج ( مجيد) الذي يستغرق وقتا اطول من الحاج علي في تلاوة القرآن ,قبل ان يطلق ما ينتظره الجميع : (الله اكبر) , ولهذا يتضايق البعض منه , وربما يسافر ويترك ابنه يشغل مسجلا يتلو بصوته . بعد الافطار,ينطلق صوت الحاج (ناصر),وهورجل مؤمن بسيط ,يمتهن كشف الفال, فيتلو كل ليلة دعاء الافتتاح, (اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله). بعدها يبدا مجلس العزاء اولا في حسينية الشيخية , الصغار يصغون بصمت,و
يتربعون قريبا من النعل والاحذية بهدوء .
في احدى الليالي مر بهم مرجعهم في زيارة تفقدية, وتامله( برهان )طويلا وافتتن من هيبته ووقاره وصمته ونعومة يديه وانبهر من نور يشع من وجهه,وتحاور اثنان يجلسان جواره بحماس واشتد بينهما الجدل , ربما للفت النظر والعالم يصغى, حتى تراهنا على كيلو باقلاوة يربحها من يؤيد رايه السيد المرجع وسالاه اخيرا , فايد راى احدهما بكلمة واحدة وعاد يصغى مطرقا مسبحا بمسبحة سوداء.
ابو شعلان ,صاحب حسينية الاصولية, طويل القامة ,اسمر يرى ايام عاشوراء مرتديا كوفية تتدلى على ظهره و دشداشة سوداء رفع مقدمتها وثبتها فى حزام جلدى وبان سرواله الابيض يحمل سطل الفافون مملوءا بالماء والثلج, وطاسة,متنقلا بين الدرابين ,صائحا بصوت مجلجل :(اشرب واذكر عطش الحسين (ع) ),(انا خادم الحسين ) .
في تلك الايام يتزامن رمضان مع تموز البصرة والشوارع تغلى حتى قال احدهم:
ـ (يمكنك ان تشوي الصبورة بوضعها تحت الشمس فقط )وقد ينطوى حماس ابو شعلان وقوة صياحه على عصبية خفية وتوتر مزاجي وحب الظهور ورغم خدمته للامام الحسين (ع ) والحسينية فان الناس لا ترحم تشربت ارواحهم بغريزة الفضول ونسج الحكايا فتحدثوا همسا (بان بنت ابو شعلان الباكر تعمل ليلا في احد النوادي الحكومية بصفة نادل).
ابو شعلان سيج بالخص مساحة واسعة جوار منزله واستقلها لمجالس العزاء ,صيفا ,فى العصر يرش التراب وقد صف الجذوع بشكل مستطيل ,تتكئ عليها الوسائد وفرش الارضية بالبسط على البواري.
وفي الشتاء تكون المجالس في الديوانية.اثنان من الشيخية وثلاثة من الاصولية تخطوا الخط الاحمر واعتادوا على التواجد في كلتا الحسينيتين.
في احدى الليالي اندلع جدال حاد بين الفريقين وحاول ان يوضح الامر روزخون شاب وسيم معتم بعمامة بيضاء :(ان احد العلماء في البصرة ارسل الى مرجعه في النجف سؤالا مستفسرا عن مسالة ..)وقبل ان يكمل الشيخ كلامه تصدى له ابو سلمان الشيخى ــ وهو رجل فى الستين , امي ــ واعترض على راي العالم الاصولي , ووصفه بكلمات غير لائقة ,في سورة من الغضب والانفعال,دون ان يعي حقيقة المسالة ,لكن الجميع تمكنوا من تدارك الامر وتم واد الصراع .
واوضح في اليوم التالي الروزخون ـ الذى جاء من الدرس في النجف ـ وفي غياب الحاج سلمان حقيقة الامر ,مضيفا (بانه صمت لان الحاج كان منفعلا) .
تختان وسجادة وقرآن كبير الحجم وبعض كتب الادعية , هذا كل ما فى غرفة الحاج ناصر التى تصلها النسوة عبر رواق طويل, وهو يرفض ان يعمل حرزا للعاشقات والمفرقات والاعمال التدميرية والخبيثة ,فقط ادعية للرزق والاطفال المرضى او الفتيات اللواتى اصابهن مس ,يستقبلك بوجه بشوش ,يصغي لك بعمق,ويقرا في سريرته شيئا ويفتح القرآن ثم يكتب عبر نظارته الطبية دعاء اوآيات على ورقة بيضاء, ويوصيك بلفها بقطعة قماش خضراء وتعليقها في الصدر .وفى مرة قصدته( ام برهان) ,وطلبت منه ان يقضي على نوبات الصرع المتكررة التى ابتلى بها ابنها الكبير,وخرجت منه بورقة ,وتوصية ,وسحت ابها الصغير وعبرت معمل السينالكو وتوجهت غربا واجتازت شارع دينار ومقبرة الانكليز والسيك وفى بقعة مقفرة جلست قرب شوكة متيبسة وعقدت بها شريطا من قطعة قماش خضراء وتلت آية كما اوصاها ورشت عليها من الماء الذى سلمه لها الحاج ناصر,وعادت في انتظار ان تخضر فتزول نوبات الصرع عن ابنها .
لكن ابو ناصر لم يفلت من قبضة الاجهزة الامنية فقد استدعته بعد سنوات وزج في سرداب شبه مظلم تحت الارض لمدة شهور وافرج عنه,بعد ان وقع على تعهد بالكف عن مزاولة الاسترزاق من كشف الفال.
مرزوق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرزوق في عقده الثاني عريض الجبهة مجعد الشعر من اصل زنجي قصير ممتليء لونه اقرب للسمرة ,اكتافه ودفتاه تذكرك بالملاكمين .خشن كثير المرح يملك طاقة شهوانية كالكلاب , جلس جواربرهان في ظهيرة صيف ساخطة في غرفة صغيرة , غرفة التمرين والضيوف ,كل محتوياتها تخت وسجادة مزخرفة وكرسيان من الخشب قديمان ,وآية الكرسي المعلقة على الحائط تقابل لوحة كتب عليها بخط الرقعة (الحسود لا يسود ) وصورة للزعيم عبد الكريم قاسم في بزته العسكرية وصورة اخرى لرجل دين كتب اسفلها (اية الله العظمى زعيم الحوزة العلمية السيد محسن الحكيم ) .
وكانت فتاة بيضاء فى اول مراهقتها ضخمة قصيرة مشبعة الاردا ف يتدلى شعرها على جبينها كقوس ,انها جارة لصديقه صاحب المنزل …..
كلما ولجت ولمحها مرزوق يهتف منغما (يس يم هلة يمة هلة ) عارضا فحولته وشهوانيته ,محركا يمناه…
دخلت المراهقة الصغيرة علينا ,فى تلك الظهيرة لسبب وخرجت ,التهم مرزوق اردافها بنظراته وقال لبرهان : (امسكتها قبل ايام ..انها لا تشبع (منه) ..مردت ردفيها ,اشبعتها عضا وقرصا واملتها على رحلة مدرسية وقاومت فكفختها على قفاها فسلمت قفتها لي …طار الشرار من عينيها بنت الكلب الذي يصفعها بقوة تريحه رويتها بكاسة كاملة من ظهري ,المصيبة امها المعلمة دربتها جيدا ,,,كان يروى وعيونه الثعلبية تتالق وحركات جسمه ويديه تكشف الانفعال ,
ولعله يكذب وما يرويه خيال .وربما صدقت حكايته فرغم ان الفتاة خجلى قليلا ويمكن ان توصف بالمؤدبة لكن (ياما حدر السواهي دواهى ) ولعله تحرش بها فعلا الا انه يبالغ فمرزوق معروف بطاقته الجنسية الدافقة وقوته الجسمية , …سلاحه الكبير يرفع دشداشته النيلية باستمرار من وسطه .
مرزوق كاسور ماهر فى فرقتنا الخشابة الناشئة …فى هذه الغرفة نجتمع ظهر كل خميس نتمرن على الاغاني قبل بدا الاعراس بست ساعات وهو اجتماع للتسلية اكثر منه تمرين :

هكذا يصدح صاحبنا فهد ويتغير الايقاع مع بدء البسته :
(هذا الحلو كاتلني يا يمة
فدوة اشكد احبة وارد اكلمه ) …..
ويقف مرزوق رافعا كفه العريض الى الاعلى هازجا …. (الله انطاك وما قصر
جرباية وكنتور احمر )
ونضج بالتصفيق .
مروحة السقف ثقيلة صدئة تصب عليهم جمر تموز ويقدم الشاي وتندلع القهقهات والطرائف الاباحية .
لا احد من العائلة يتذمر ولا جار يحتج انها طقوس ايام المعتادة.
عرس في حي سليطة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عائلة متحفظة جدا قرب بيت الطين وفى فسحة بين النخيل اقيم العرس ..رش التراب جيدا منذ العصر ..الجو ربيع ... صفت الكراسى وعلقت البالونات الصغيرة الملونة والمصابيح وتزاحم المعقلون والافندية واطلقت الزغاريد لا وجود للخشابة ,لانهم لا يتسلطنون بلا عرق , واهل العريس يستحرمون الخمرة ,فتبرع احد المقربين من العريس بتلطيف الجو :(( سمورى اسمر, نحيل مائل للقصر ,شعر مجعد ,بدشداشة بيضاء )وتحرك جيئة وذهابا بين صفي الكراسى ,, اسمعو:قال سمورى:((مرة اصيب رجال بمرض فذهب الى الطبيب وهو متمنطق بحزام جلد احمر عريض مثبتا فيه خنجرا وطبرة وماسكا بيده (بوكس حديد ) نقش على يده عبارة (ابتعد عنى ايدى والقامة )استغرب لمظهره الدكتور واراد ان يسخر منه :(تمدد ) {امره الطبيب } ووضع السماعة على بطنه وقال له :(ابنى ..انت حامل وفي شهرك التاسع ) ...فجلس الرجل وهو يغلي محدقا في عين الطبيب,وغادر صامتا ..تساءل في نفسه :ــــ( الطبيب يقول حامل ...وسفة ابو خويلد حامل ...تالي عمر ..مع الاسف) ــــ وخطرت فى باله فكرة ..يمضى لطبيب اخر وساله الدكتور :(هل ذهبت لطبيب ثان وماذا قال ) فاخبره.....فحصه متسليا مبتهجا فى سريرته وقد استلطف الفكرة:{ابنى فعلا انت حامل... هذا علاج واذهب ان شعرت بوجع واقضي حاجتك }.
وفى ضحى اليوم الثانى قصد مكانا معزولا ليقضى حاجته على حفرة صغيرة واخرج ريحا فراى جرذا ضخما يجري مسرعا من بين قدميه فصرخ به :((ملعون مدعبل مثل ابوك )..انفجر المهنئون بالضحك وقال احدهم :{ولك ..هههه.. ولك سمورى وين لكيت ها لسالفة ) قال وهو يعدل وضع العقال .
ونادى (سالم قامة ) عليه في الضوء الخافت واشار له براسه ان ينحني ,,,وفيما انحنى سموري (وهو مبتهج )باغته دون ان يتحرك عن كرسيه بضربة راس في جبينه خر اثرها سموري مغشيا عليه فبادر اهل العريس والعقلاء بتهدئة الوضع وفض الحفل بسرعة دون زفاف .وحتى الاب الذي هيا عصا غليضة لابنه العريس ,ان تاخر عن حسم المعركة او تردد عن اداء واجبه الوطني امام عروسته, قد تخلى عن عصاه مرددا فى ضميره (الحمد لله ...خلصت بسلامة )
بعد ساعتين سيعلن العريس النصر شاهرا منديلا مدمى مزهوا,, ويفتخر الاب واهله,, وستطمئن قلوب ذويها.ستصحبها النسوة بعد شهر لنقل الماء بالمصخنة وتبكر لسجر تنور الطين وستستعر الاسئلة بعد ثلاثة اشهر :((حبلت :اي :ليش ما حبلت :ولد لوبنية:رضيعة خطية :كلها نعمة :خية كون ولد اهو وحيد :ياخذ عليها احسن هاى بطن فارغة :ياخذ والغيرة تحبلها:اى خية لوما الغيرة ما حبلت الخنزيرة :يحبها اشلون يطلكها :ما شاء الله ترس بطن من اول ليلة :هم ماتجيبين عمة وهم منفوخة وتكعدين الظهر: (يبة خلها بذمتك وراح اخطبلك بنت المختار وهية زغيرة وحبابة وامها جابت سبع بطون )...:{يمة يحبني..بس امه توزه :هاي عجوز شر ما صار الكم اربع تشهر..(الله يفرجها يمة): خايفة يجبرونه و ياخذعلي ......يمة باجر اتعنة للكشاف})
سيرك
ــــــــــــــــــــ
عشرات المرات تمر مركبة مزخرفة تعلن عن افتتاح السيرك في البصرة, تقطع شارع دينار ذهابا وايابا ,تعلو مقدمتها لوحة كبيرة ,رسمت عليها قردة وافيال وزرافات واسود بالوان صارخة ورسمت على بدنها حيوانات الغابة ,تمر على فلكة الحكيمية ومعمل السينالو وماكنة السوس والمطاحن ومحل ابو هادى ودكان حسون ابو حديبة .,وكان سيركا عالميا قد حل في مدينة البصرة وخصصت له البلدية مساحة واسعة قرب منطقة الجمهورية,وقد جلبوا معهم قردة ومفترسات من نمور واسود وانواع نادرة من الحيوانات,وافيال مدربة واستعرض المهرجون والبهلوانيون مهاراتهم الادائية وانبهر اهالي البصرة بنساء شبه عاريات مع رجال يمشون على الحبال المرتفعة المشدودة ولاعبى الاراجيح وسحرة .واسود تعتلي الطاولات ومروضون يدخلون رؤوسهم فى افواه الاسود ,ولم يبق احد في البصرة لم يزر السيرك الا من حمل شعورالشاعر محمود البريكان:
(ساسقط في عيون الفيل سوف اتابع الشفقة
سانحاز
الى صف الاسود الكهلة الارقة ). وقالت رندة وهي تدحج بعكسها صديقتها وهي تتابع اعضاء القردة المستعدة: (انظري )وغطت فمها مبتسمة.
قالت فتاة لزميلتها :(لا تقولى سركس,فقد تعنى كلمة فاحشة وقولى ).فيما تمكن اسد من قلع انف مراهق وضع قصبة فى مؤخرته..وقبض فيل بخرطومه على شاب ورفعه عاليا حتى تمكن مروضه من انقاذه ,وقدم الصغار والمراهقون بحذر المكسرات والسجائرللقردة , وتمكن الناس من الاقتراب الى زئير السود وهي اسيرة في اقفاصها ,واخبر الزائرون الاوائل من تاخروا او ترددوا في حي سليطة,فقصدته رندة وبرهان ونجمة وابو محجن ونجل ملا اشرف وبنات سليطة وام اسحاق وابو محمد والمئات .
وحدث ان بعض اللصوص تمكنوا في الليل من سرقة بعض الحمير البيضاء النادرة فصبغوها باللون الرصاصي وخطفوا بعض الخيول المروضة, وبردوا اسنانها بالمبارد للتمويه على اعمارها وبعد جهد وتفتيش تمكن رجال الشرطة من العثور عليها .
زواج
بعدما نقلتهم السلطة لبيوت مختصرة شيدت من الطابوق .. استقرت سليطة في بيت يواجه بيت بن غازي اخو الحوذي السكير الخول (طامر).. كانت امهما تعمل في بسطة عطارة على الارض ...وتعود ظهرا ..
النسوة عصرا يكنسن الزقاق الترابي ويفترشن العتبات .. ولا يكتم سر اكثر من ساعة .. (ساقول لك سرا ولا تذكريه ) <خية حدر نعالج> وهي جملة تعاهدية على الكتمان .. ستنقلها المستمعة بعد دقائق لاخرى مكررة الجملة (سرك في بير >.. هكذا لا يصمد سر .. الرجال واهمون .. بأطمئنان يسرون للزوجات التي تنتظر الفجر بلهفة لتبثها .. كل يوم يندلع شجار وتعلو العصي ويتناثر الطابوق والشتائم وتنفضح الاسرار الا انهم غالبا قبيل الغروب يتصالحون ويعودون لتجديد الاسرار .. كان طامر يعود بعربته التي يجرها حصان من الخضارة طافحة بما زاد او نتن من الفاكهة والمخضرات فيتقاسمها مع حصانه ..كان بخيلا الا انه حين يسحب النقود الورقية المرتبة بعناية تحس بنشوة في وجهه وسعادة .. اما اخوه طربوش فهو عتال ونشال وقد يعمل في الانشائيات بأجر يومي . و له طاقة ثور..
وخطب طربوش بن غازي زهرة فقيل لامها سليطة انه شاب لا يصلح لها ,فاجابت (عامل نشيط وجسد قوي ) .. وهكذا تزوجها قبل ان تصاب سليطة بالعمى بسبع سنوات وعاش معهم في ذات المنزل ..وكانت زهرة خانعة له يستعبدها بلا رادع ..
ماكرون يخدعون ابن غازي
(طربوش غازي ) قوي الملامح,متصلب الوجه ,اسمر ,قوي البنية نشال ماهر ,في السبعينات كان بعض الكويتين يقصدون البصرة ايام الخميس للتبضع والتسلية او لزيارة اقربائهم ,,مترعين بالصحة ,متكرشين ,جيوبهم مثقلة بالنقود ,دشاديش ناصعة البياض ,كوفية حمراء وعقال ..ترحب بهم بيوت البغاء وصالات الملاهي والبقالون في الخضارة حيث يترصدهم طربوش عندما كان يعمل حمالا , كان يقرب جلته الخوصية من جيوبهم ويرفعها بخفة فيصيد اقلامهم الحبر ـــــ الباركر ــــ .
سال طربوش مرة صاحبه
ـــ (اذا فقدت نعلك وانت وسط الزحام ..المغايز مثلا ماذا تفعل ؟) فاجابه (اتوقف ولا امشي )
ـــ انا امشي ان فقدت النعال حافيا ..اتصور نفسي اعمل ).
طربوش يتناول الطعام بنهم وينقل ما استطاع منه بدشداشته الوسخة من مادبة العزاء او الافراح يملؤها بالرز والمرق واللحم ويمضي فرحا لا احد ينتقده او يعترضه , وستعاقبه غازات البطن بعد ساعات .
مرة اشبع زوجته (زهرة ) ضربا ودفعها في صباح بارد لتشتري لهم فطورا سيجهز عليه مع بائعة هوى قضى ليلته معها في بيته ,تاركا اطفاله من جوع وبرد يدمعون ورائحة العرق هيمنت على المنزل ,وطربوش لا يكتفي بهذا لانه يستولي وندماؤه حتى على الطعام الذي تتصدق به بعض العوائل لزوجته النحيلة .
في ضحى ذات يوم ومن سطح واطئ بلا رواق صرخت به: (طربوش ) اريد درهما لاذهب بطفلك الى الطبيب ,يكاد يموت من الحرارة ) …الطفل لا يكف عن البكاء وهي تنحنى علية باكية اوتتنقل به من زاوية لاخرى والحت بالطلب فاجابها مزمجرا وهو يكرع العرق الحنظل : ( اسمعي : ساصعد به الى السطح وارميه على راسه ولا اخسر عليه درهما ,اغربى عن وجهي ).
سيفنى طربوش في احدى مستشفيات البصرة بعد مرض عضال لم يتحمل قلب الثور استهتار صاحبه به .هكذا اصيب بشلل نصفي وتوقف لسانه , وابتليت به زوجته الصابرة المنحورة في الحياة ولازمته هناك بكل صبر واجتهاد .
وبعد عودته من المشفى بشهرين قالت لجارتها :(لا يموت طربوش , وربما ستنفذ النقود التي ادخرناها ليوم وفاته ,قبل ان يودع) …. قالت جملتها بكل بساطة محدقة بعينيها الصغيرتين الجادحتين , كانها تحاول ان تتاكد من وضوح المعنى , مجارية جارتها بابتسامة رتيبة . لقد صبرت عقودا على ظلمه ولا مبالاته وتجويعه ورائحة خمره وخيانته لها في بيتها .
انها تقر بالموت وربما ستفتقده وتبكي رغم ان وجوده وموته سواء ,ما يشغلها نفاذ النقود على العلاج وقد ادخرتها لتكاليف دفنه وماتمه .
في يوم ما , في سوق الجمعة , تربع طربوش مبكرا ليبيع اربع دجاجات,واتاه رجلان وقوران بزي عربي وساوماه بهدوء على السعر واخيرا اتفقا ..قالا له : (ناولنا الدجاج ) .. واضافا:(سنعود بالخردة اليك وهذا التلفاز امانة لديك ) , فوافق وانتظر بن غازي طويلا لكنهما لم يعودا واقتربت الظهيرة وهو يغلى حنقا وقد نفذ صبره واخذ يحك فروة راسه من الملل ,,وحرك التلفاز احسه ثقيلا ,قال في نفسه : (هي فرصة وهم تاخروا كثيرا ) .وعاد غانما فرحا بالفوز ,مرددا في ضميره (ههه تلفاز مقابل دجاجات..ههه رزق )…وصل منزله ,استقبله حماره ,نسي ان يشتري له الشعير وازاحه عن طريقه ودخل الكوخ , خلع سترته واوصل التلفاز بالكهرباء ,لم يشتغل ,(لا ان… ولا ون ) ,وبعد عدة محاولات فاشلة ادرك ان التلفاز معطل ,لقد افرغوا احشاءه وحشر فيه الماكرون قطعة حديد ثقيلة ,ومضوا غانمين .
عبد السلام عارف في البصرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في 11 نيسان ـ1966 تجول الرئيس عبد السلام عارف في موكب رسمى شوارع البصرة,في سيار شفروليت مكشوفة ,الجموع تردد الاهازيج وتؤدى الدبكات الشعبية ويهتفون (احنه جنودك يا سلام ) وخطب الرئيس باهالى البصرة :
( يا اهل البصرة يامن زرعتم نومى البصرة ..ارحب بكم وارجو ان تقدموا لي بعد خطابي هذا نومى البصرة )..واضاف واصفا البصرة :
(طاسة ا بطن طاسة ,وبالبحر ركاصة )مصحفا الاصل <غطا سة >.لم نكن نعرف عنه شيئا سوى انه رئيس وعلينا ان نحييه ونصفق له , .واخرجونا من المدارس الى شارع الفقيه في منطقة الطويسة ومر في سيارته المكشوفة واقفا يلوح للحشود فى موكب مهيب يصحبه محافظ البصرة (الحياني ).سنكبر حتما وندرك بان هذا الرئيس هو من قضى على رفيقه الرئيس عبد الكريم قاسم . فى زيارته وضع حجر الاساس لمعمل الاسمدة الكيمياوية ومعمل الورق وتفقد الميناء والمعقل وافتتح مصنع الاسمنت,في يوم 13 ابريل هبطت الطائرات الثلاث في ملعب الادارة المحلية لمركز قضاء القرنة قبيل الساعة الواحدة ظهرا وكانت جاهزة لاعادة الرئيس والمسؤولين الى البصرة الا ان الرئيس تاخر , كان يطلق كلماته الشهيرة :(عونج يامن بيتج على الشط وكبال بيتج يسبح البط ومنين ما ملت غرفتى ) استجابة لطلب قائمقام القرنة واقيم مهرجان خطابي القى فيه الرئيس عبد السلام كلمة ارتجالية :(اننا لم نكن نريد لانفسنا مكاسب معينة حينما ثرنا) ….وتاخر الوقت واقلعت طائرة الرئيس عبد السلام بقيادة الملازم اول طيا ر خالد محمد نوري…وبعد دقائق من اقلاعها على ارتفاع متوسط دخلت في مطبات وجيوب هوائية ورافقها غبار وزاد الظلام الامر سوءا وهوت الطائرة واصدمت بالارض واحترقت ,في منطقة النشوة. .

سينالكو
عبر لوحات زجاجية نستمتع بقنانى السينالكو المتحركة على شريط آلى فى معمل السينالكو يبهجنا سائلها الاصفر والبرتقالي وقد تذوقنا نكهتها الطيبة.

عام 1902 قام العالم الألماني فريدرك ادوارد بيلز باختراع محلول بيلز , وتم اختيار اسم سينالكو المشتق من المصطلح اللاتيني (sine alcohole) والذي يعني " خال من الكحول". وتعد شركة سينالكو من أقدم شركات المشروبات الغازية في أوروبا تمكنت شركة سينالكو من تحقيق أكبر نقلة نوعية في عام 1950 وعام 1951 منذ نشأة الشركة. تم إنطلاق شركة سينالكو في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب أمريكا... في عام 1954 بنت سينالكو في البصرة أول مصنع خارج بلد المنشأ.
احد العمال الذين يراقبون رتل القنانى ويفرز المتسخ منها فقد يوما احدى عينيه اذ انفجرت قنينة على وجهه .
تواجه المعمل فلكة شبه مستديرة تنتهى الى المفرق الذى دهس القطار فى مساحته عشرات السيارات,وحيث يبرز العلم الاحمر كلما صوتت الفراكين.
يسور الفلكة شبة الدائرية قضبان رمحية تليها شجيرات الياس حيث يخبئ الندماء ليلا قنانى الخمر ويتذوقون,وهى ماوى لعبث الصغار وملتقى للدارسين والسياسيين ومتنفسا للاهالى ايام الرياح الشرقية الخانقة.
يحرس هذه الفلكة الحديقة قزم في الستين ,يستفزه الصغارليلا, صائحين باعلى اصواتهم :ـ(صموول),
فيطاردهم بعصاه ماسكا كوفيته بيمناه فتشاغله زمرة اخرى …(صمول ) …(صموووول )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس