الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوب أفاكيان : النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل - الخطّ الجماهيري -

شادي الشماوي

2023 / 8 / 30
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل " الخطّ الجماهيري "
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 808 ، 26 جوان 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/scientific-communist-theory-and-problem-mass-line

مساهمات ماو في النظريّة الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة عميقة حقّا – لكن " الخطّ الجماهيري " خاطئ
كان للثورة الصينيّة و بالأخصّ النهوض الثوري للثورة الثقافيّة في الصن ( ثورة داخل المجتمع الإشتراكي نفسه ! ) و للدور الذى نهض به ماو تسى تونغ كقائد لتلك الثورة الثقافيّة ، في ستّينات القرن العشرين و بدايات سبعيناته ، تأثير إيجابي كبير على الجماهير الشعبيّة حول العالم . و قد شمل هذا المضطهَدين و الشباب المتعلّم في الولايات المتّحدة . الكتاب الأحمر للمقتطفات من أقوال الرئيس ماو كان بيد الملايين تماما في البلدان عبر العالم بما في ذلك في الولايات المتّحدة ، و كان كذلك يوفّر توجّها ثوريّا أساسيّا للجماهير الشعبيّة في الصين عينها .
( أتكلّم عن الدور الفعلي لماو و الطابع التحريري الأساسي للثورة الثقافيّة للصين ، و ليس عن التشويهات الفظّة لهذا عن طريق أناس يتكلّمون إنطلاقا من الجهل المدقع و أولئك الموظّفين السياسيّين المعادين للشيوعيّة المنخرطين في التشويه المتعمّد و المنهجيّ . إنّ تحليلا جدّيا ، تحليلا علميّا الضرورة و أهداف الثورة الثقافيّة في الصين و لمسارها – بما في ذلك التناقضات التي كانت تسعى إلى معالجتها و التناقض المميّز لسيرورة نموّ الثورة الثقافيّة – يمكن أن تعثروا عليه في أعمال لى و لغيرى على موقع أنترنت revcom.us ).
لقد عبّر مزيد تطوير ماو للنظريّة الشيوعيّة عن نفسه بعدّة أبعاد أهمّها بفهم الخطر و أساس الإنقلاب على الثورة و إعادة تركيز الرأسماليّة في بلد إشتراكي – و وسائل التصدّى لذلك و قد لقي ذلك ترجمته في الثورة الثقافيّة .
و من المظاهر الهامة لفكر ماو ( و فصل من الكتاب الأحمر [ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو " ] ) كان ما أحال عليهما و على أنّه " الخطّ الجماهيريّ " . و قد إعتبرنا ذلك أداة هامة وقتها ، نحن الذين صرنا ليس فحسب ذوى فكر ثوريّ بمعنى عام ما بل شيوعيّين ثوريّين ألهمتنا و أثّرت فينا فوق كلّ شيء الثورة الثقافيّة في الصين . و مع ذلك ، مثلما بات جليّا في العقود مذّاك ،هذا المفهوم ، " الخطّ الجماهيري " ليس صحيحا و يمضى عمليّا ضد الإنخراط العام لماو في النظريّة الشيوعيّة و مزيد تطويره لها .
و كما تعلّمت بطريقة متعمّقة بإستمرار ، يجب على النظريّة الشيوعيّة أن يقع تبنّيها و تطبيقها كمنهج و مقاربة علميّين لفهم الواقع و تغييره . و بإستمرار يجب تطويرها مع إستمرار تطوّر الواقع الأشمل و تغيّره – و ينبغي أن يشمل هذا المساءلة المستمرّة للنظريّة الشيوعيّة نفسها ، على ضوء مراكمة التجارب و المعرفة ، و ليس فحسب في مجال الممارسة الثوريّة و إنّما أيضا في الأبعاد الأوسع للنشاط الإنسانيّ بما في ذلك العلوم الطبيعيّة كما الإجتماعيّة ، و جال الفنون و الثقافة و ما إلى ذلك . و كجزء من هذه السيرورة – الشروع عقب هزيمة الثورة الثقافية و نهاية الثورة عبر الصين كافة ، و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك إثر وفاة ماو سنة 1976- إنخرطت في و قُدتُ سيرورة مساءلة النظريّة الشيوعيّة مساءلة نقديّة علميّة بما فيها فهمي أنا السابق لهذه النظريّة و تطوّرها بداية من ماركس ( و إنجلز ) و ما أنجزه لينين ثمّ ماو . و كانت النتيجة تطوير خلاصة جديدة للشيوعيّة – يُحال عليها شعبيّا بالشيوعيّة الجديدة – وهي مواصلة و كذلك قفزة نوعيّة أبعد من و بطرق هامة قطيعة مع النظريّة الشيوعيّة كما تطوّرت سابقا . و قد شمل هذا نقد و في نهاية المطاف نبذ " الخطّ الجماهيريّ " كمنهج أساسيّ و وسيلة للتقدّم بالثورة الشيوعيّة .
أين يكمن الخطأ في " الخطّ الجماهيري "
عند تفحّصنا هنا لكيف لا يُمثّل " الخطّ الجماهيري " منهجا و مقاربة علميّين للإستراتيجيا و السياسات الثوريّة ، سأركّز على التصوّر المكثّف لفكر ماو حول " الخطّ الجماهيريّ " في الكتاب الأحمر للمقتطفات من أقوال الرئيس ماو .
في الفصل المفرد ل " الخطّ الجماهيري ّ" ، هناك نقاط توجّه هي نهائيّا صحيحة و هامة – على سبيل المثال الحجج ضد الوقوف بعيدا عن و إزدراء الجماهير الشعبيّة و نقد محاولة تكريس خطوط و سياسات دون تشريك الجماهير . لكن المنهج الأساسيّ ل " الخطّ الجماهيريّ " ضُمّن في التالي من ماو :
" إنّ كلّ قيادة صحيحة في كلّ عمل واقعي من أعمال حزبنا لا يمكن أن تتم إلاّ بتطبيق مبدأ " من الجماهير و إلى الجماهير " . و يعنى هذا المبدأ جمع آراء الجماهير ( الآراء المتفرّقة غير المنسّقة ) و تلخيصها ( أي دراستها و تلخيصها في آراء مركّزة منسّقة ) ، ثمّ العودة بالآراء الملخّصة إلى الجماهير و القيام بالدعوة لها و توضيحها ، حتّى تستوعبها و تصبح آراء خاصة بها ، فتتمسّك بها و تطبّقها عمليّا ، و تختبر هذه الآراء أثناء تطبيق الجماهير لتعرف أهي صحيحة أو لا . ثمّ تعاد الكرّة ، فتجمع آراء الجماهير ثانية و تعاد إليها بعد تلخيصها ، فتتمسّك بها و تطبّقها مرّة أخرى . و هكذا دواليك، فتصبح الآراء ، مرّة بعد أخرى ، أكثر صحّة و تغدو أكثر حيويّة و غزارة . هذه هي النظريّة الماركسيّة في المعرفة . "
لكن في الواقع ، هذه ليست النظريّة الماركسيّة للمعرفة . هذه النظريّة في المعرفة – كما تطوّرت في المقام الأوّل على يد ماركس ( عاملا معا مع إنجلز ) و إزدادت تطوّرا مذّاك – قد نهلت من مروحة أوسع بكثير من التجربة و المعرفة من " أفكار الجماهير " . ( و في أعمال مختلفة لماو ،معالجة مسائل أخرى غير " الخطّ الجماهيريّ " ، يتقدّم بعرض أصحّ للنظريّة الشيوعيّة العمليّة للمعرفة ) . و كما كتبت في " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة ، خلاصة أساسيّة " لم يكن عمليّا كيف تصرّف ماو بالمعنى الأساسي في تطوير الخطوط و السياسات و الإستراتيجيّات في إنجاز النضال الثوريّ . لقد قام ماو بذلك أساسا على قاعدة علميّة و ليس إعتمادا على النهل من ثمّ تكثيف أفكار الجماهير و إعادة ذلك إلى الجماهير . لقد قام ماو بذلك ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي ينبغي التركيز عليها في وقت معيّن ".
( في لاحظة أدناه ، أوردت قائمة لبعض القرارات الكبرى التي إتّخذها ماو في ما يتّصل بالإستراتيجيا و السياسات خلال مسار الثورة الصينيّة – قبل و بعد إفتكاك السلطة عبر البلاد قاطبة سنة 1949 – وقع التوصّل إليها ليس من خلال تطبيق " الخطّ الجماهيريّ " ، بل على أساس المنهج و المقاربة الذين لخّصتهما في " إختراقات ..." ، كما ذكرت هنا . و لم أتحدّث فقط عن الخطوط و السياسات الصحيحة التي قادها ماو في تبنّى و طبيق بل كذلك بعض الخطوط و السياسات الخاطئة بصفة لها دلالتها ).
و لنشدّد مرّة أخرى على هذه النقطة الهامة ، " الخطّ الجماهيري " - جمع آراء الجماهير ( الآراء المتفرّقة غير المنسّقة ) و تلخيصها ( أي دراستها و تلخيصها في آراء مركّزة منسّقة ) ، ثمّ العودة بالآراء الملخّصة إلى الجماهير و القيام بالدعوة لها و توضيحها ، حتّى تستوعبها و تصبح آراء خاصة بها ، فتتمسّك بها و تطبّقها عمليّا ، و تختبر هذه الآراء أثناء تطبيق الجماهير لتعرف أهي صحيحة أو لا .- ليس وسيلة بلوغ خطّ صحيح ( إستراتيجيا و سياسات إلخ ) . و هذا مرّة أخرى ، يعود إلى أخذ أفكار الجماهير كنقطة إنطلاق للخطوط و السياسات – و حتّى سيرورة " تلخيص أفكار الجماهير " ( " عبر الدراسة تحويلها إلى أفار مكثّفة و منهجيّة " ) – ضيّقة جدّا كمصدر للمعرفة و سيرورة محدودة جدّا لبلوغ فهم صحيح لما نحتاج القيام به للتقدّم بالثورة و تجاوز العراقيل الحائلة دون ذلك التقدّم .
و هنا ، عليّ أن أقول إنّه أحيانا حاولت انا نفسى أن " أعمّق أكثر " ما يقوله ماو حول " الخطّ الجماهيري " بإعادة تأويل هذا ليعني شيئا مثل تطبيق المنهج العلمي للشيوعيّة بالمعنى العام لتكثيف ما هو صحيح في أفكار الجماهير ... و لم يساعد ذلك في شيء . لا يهمّ كيف تحوّلونه و تعالجونه ، يبقى الواقع أنّ أفكار الجماهير – و حتّى أفكارها الأكثر " تقدّما " – مجرّد مصدر ضيّق جدّا و " تكثيف أفكار الجماهير محدود جدّا كسيرورة لبلوغ خطّ و سياسة صحيحين .
التذيّل للأفكار المتخلّفة في صفوف الجماهير بدلا من لصراع ضدّها
يكثّف الموقف التالي لماو المشكل الأساسي مع " الخطّ الجماهيري " :
" إنّ خبراتنا خلال أربعة و عشرين عاما قدعلّمتنا أنّ جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الصحيحة هي التي تتّفق مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها و توثق صلاتنا بها ، و أنّ جميع ما هو خاطئ منها هو الذى يتنافى مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها و يعزلنا عنها . "
هذا الموقف – وهو يتعلّق بجوهر الموضوع – خاطئ في ما يتّصل بنظرية المعرفة التي يعرضها و بوجه خاص تأكيده الأساسي أنّ " مطالب الجماهير في وقتها و مكانها " هي المعايير و المقاييس لما إذا كانت الخطوط و السياسات صحيحة ( أم لا ) . إنّه لأمر ، إنّه لهام ، أن نكون واعين و متفطّنين لمشاعر الجماعير ( بما في ذلك واقع أنّ هذه المشاعر لن تكون " متجانسة " و ثابتة : أناس مختلفون من صفوف " الجماهير " ستكون لهم مشاعر مختلفة و مشاعر الجماهير يمكن أن تتغيّر بصورة ذات دلالة مع تغيّر الظروف ) . و إنّه لشيء آخر – و هذه ليست مقاربة صحيحة – جعل مشاعر ( أو " مطالب " ) الجماهير أساس السياسة الشيوعيّة في أيّ وقت معطى .
الواقع هو أنّه ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبرياليّ ( أو أي نظام إستغلالي و إضطهادي ) ، مشاعر الجماهير و مطالبها إلى درجة بعيدة جدّا يشكّلها سير هذا النظام – نظامه الاقتصادي الإستغلالي و علاقاته الإجتماعيّة الإضطهاديّة و المؤسّسات السياسيّة و الثقافة السائدة التي تعقلن بإستمرار و على نطاق كثيف و تعزّز هذا الإستغلال و هذا الإضطهاد . ( و حتّى في المجتمع الإشتراكي ، سيكون الحال أنّه في صفوف الجماهير ستوجد أفكار تظلّ تعكس ، بدرجات متنوّعة ، تأثير العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة التي من غير الممكن القضاء عليها تماما داخل المجتمع الإشتراكي و التي ستواصل تمييز قسط كبير من العالم خلال ما سيكون سيرورة طويلة الأمد للتقدّم نحو الشيوعيّة عبر العالم .)
ليس من العسير رؤية كيف أنّ " أخذ أفكار الجماهير " كنقطة إنطلاق للإستراتيجيا الشيوعيّة و اسياسات الشيوعيّة إلخ – و التصرّف وفق معيار أنّ " جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الصحيحة هي التي تتّفق مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها " – يمكن بيُسر أن يُفضي إلى التذيّل للأفكار الخاطئة جدّا و " مطالب " الجماهير الشعبيّة في أيّ وقت معطى . أكثر من قلّة من الشيوعيّين قد سقطوا تحديدا في هذا الضرب من التذيّل بتطبيق " الخطّ الجماهيريّ " . و على العكس من ذلك ، سبب من أسباب لماذا من الهام أن نكون واعين و متفطّنين لمشاعر الجماهير هو أنّ هذا ضروري من أجل الصراع فعليّا ضد مشاعر و مطالب الجماهير ( على ألقلّ عددا منها ) ، في أوضاع مختلفة – بدلا من مجرّد البحث عن تلخيص أفكار الجماهير عند أيّة لحظة معطاة . و هنا من المهمّ التأكيد على أنّه من الممكن أن نحدّد و نتصرّف في إنسجام مع ما هي المصالح الحقيقية الموضوعيّة للجماهير الشعبيّة – و بصفة خاصة و عامة جوهريّا – ليس بالتذيّل للجماهير ، بل بالقيام بالتحليل العلمي و بتطبيق ذلك التحليل العلمي .
معالجة تناقض حيويّ – بين المفهوم الخاطئ ل " الخ"ّ الجماهيري " و الأساس الفعلي للتقدّم بالثورة الشيوعيّة
إنّنا لمحظوظون أنّ " الخطّ الجماهيري" ليس كيف طوّر ماو عمليّا الخطوط الحيويّة – الإستراتيجيا و السياسات إلخ – في قيادة الثورة الصينيّة إلى النصر سنة 1949 و تاليا المضيّ قُدما بالثورة ، في ظروف المجتمع الإشتراكي الجديد بالغين قمّة ذلك إبّان الثورة الثقافيّة ، قبل أن يقع الإنقلاب على هذا إثر وفاة ماو سنة 1976 . و كما شدّدنا على ذلك أعلاه ، عند ذكر " إختراقات ..." قام ماو بذلك بتحليل التناقضات التي كان يجب مواجهتها و تغييرها – ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي يجب التركيز عليها في وقت معيّن " .
و مع ذلك ، هناك تناقض حيويّ هنا ، بين المنهج و لمقاربة العلميّين الذين طبّقهما ماو في تطوير الخطّ و السياسات و ما قدّمه في " الخطّ الجماهيري " كقاعدة للقيام بهذا . و يحتاج هذا التناقض أن يُعالج – و لا يُمكن إلاّ أن يُعالج إيجابيّا – بالتبنّى و بالتطبيق المنهجي لمنهج و مقاربة علميّين لفهم الواقع و تغييره ، في تطوير و تطبيق الخطّ الشيوعيّ ( بما في ذلك الإستراتيجيا و السياسات في أيّ وقت معيّن ) ، في تعارض مع المنهج و المقاربة الخاطئين ل " الخطّ الجماهيريّ ".
و هذا التغيير للواقع سيشمل ، كمظهر هام للغاية ، خوض الصراع الإيديولوجي لتغيير طُرق التفكير الخاطئة في صفوف الجماهير الشعبيّة ، كاسبينها إلى نظرة و أهداف ثوريّين ، إعتمادا على مقاربة علميّة للواقع هي ، في الأساس ، قد ميّزت الشيوعيّة منذ بدايتها ، و قد وقع مزيد تطويرها ، بطريقة أكثر علميّة صراحة ، مع الشيوعيّة الجديدة .
************************
ملاحظة هامة :
كما ألمحنا إلى ذلك أعلاه ، هذه ( بعض ) القرارات الكبرى – القرارات الصحيحة و الهامة – ذات الصلة بالإستراتيجيا و السياسات إلخ التي تبنّاها ماو ، في مسار الثورة الصينيّة ، ليس من خلال تطبيق " الخطّ الجماهيريّ " بل من خلال تحليل التناقضات التي كان يجب مواجهتها و تحويلها – ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي يجب التركيز عليها في وقت معيّن ".
* الإنطلاق في النضال المسلّح الثوري أواخر عشرينات القرن العشرين ضد القوّات الحاكمة المركّزة في حكومة الكيومنتانغ ، و على رأسه تشان كاي تشاك ( و المدعومة من الإمبرياليّين الكبار " الغربيّين " ).
* في أواسط ثلاثينات القرن الماضي ، في إطار غزو الإمبرياليّة اليابانيّة و إحتلالها الصين ، التحوّل من القتال ضد الكيومنتانغ إلى الجبهة المتّحدة مع الكيومنتانغ ضد اليابان .
* قرار التفاوض مع الكيومنتانغ مع نهاية الحرب العالميّة الثانية سنة 1945...و إستئناف حرب الشعب – الآن موجّهة ضد الكيومنتانغ – عقب إنهيار هذه المفاوضات .
* قرار الدخول في الحرب الكوريّة سنة 1950 ، إثر غزو القوّات الإمبرياليّة بقيادة الولايات المتّحدة و إحتلالها لأجزاء من كوريا الشماليّة و التقدّم بإتّجاه الحدود الصينيّة مع كوريا الشماليّة ( و كان قائد هذه القوى الإمبرياليّة ، ماك أرثور ، يهدّد الصين بالهجوم المباشر عليها . )
* إطلاق الثورة الثقافيّة و المضيّ فيها في ستّينات القرن الماضيّ و سبعيناته .
و مرّة أخرى ، و لا قرار من هذه القرارات الكبرى – و قرارات كبرى أخرى ، تعنى تبنّى ( و تغيير ) الإستراتيجيا و السياسات – كان قائما على الخطّ الجماهيري ، بل على تحليل التناقضات و ترتيبها .
و في الوقت نفسه ، من الضروري الإعتراف بأنّه ، رغم أنّه في الأساس و بصفة طاغية في مسار الثورة الصينيّة في كل من قبل و بعد بلوغ الإنتصار عبر البلاد قاطبة سنة 1949 -الخطوط و السياسات المتبنّأة بقيادة ماو كانت صحيحة و أدّت إلى تقدّم حيويّ للثورة ، و مثال حاد حيث لم يكن الأمر كذلك هو السياسة التي تبنّتها الصين في بدايات السبعينات و التي يمكن توصيفها بأنّها " إنفتاح على الغرب " و لم يشمل ذلك إرساء علاقات مع الولايات المتّحدة من أجل إستعمال التناقضات بين الولايات المتّحدة و منافسها الأساسي ، الإتّحاد السوفياتي فحسب . في الواقع ، نبعت المقاربة الصينيّة للعلاقات الدوليّة و التطوّرات العالميّة ، في تلك الفترة ، من تحليل خاطئ لكون الإتّحاد السوفياتي كان حينها العدوّ الأساسي لشعوب العالم . نهائيّا هناك نزعة لتقديم الأشياء و مقاربتها عالميّا في إطار كيفيّة مساهمتها أو عدم مساهمتها في معارضة أهداف و تحرّكات الإتّحاد السوفياتي على الصعيد العالمي . ( منذ خمسينات القرن العشرين ، لم يعد الإتّحاد السوفياتي بلدا إشتراكيّا بل صار قوّة {اسماليّة – غمبرياليّة ، حتّى و قد واصل ، لبعض الوقت تقديم نفسه على أنّه إشتراكي . لقد حلّل ماو و لحزب الشيوعي الصيني الذى كان يقوده تحليلا صحيحا و هاما بأنّ الإتّحاد السوفياتي قد أضحى " إمبرياليّة – إشتراكيّة " – إشتراكيّة في الإسم و إمبرياليّة في الواقع – غير أنّ إعتبار الإتّحاد السوفياتي العدوّ الأساسيّ الوحيد لشعوب العالم و التصرّف – و تشجيع الآخرين على التصرّف – في إنسجام مع هذا التحليل الهشّ ؛ لم يكن صحيحا و قد تسبّب في ضرر حقيقيّ .)
و أحد الأبعاد الأكثر ضررا لهذا كان المساندة التي قدّمتها الصين لحكومات إضطهاديّة بصفة فظيعة في العالم الثالث ، على غرار نظام التعذيب و على رأسه شاه إيران و نظام ماركوس في الفليبين ( بلد حيث ، لسخرية الأقدار ، كان الثوريّون الماويّون حينها يخوضون كفاحا مسلّحا ضد ذلك النظام بالذات ).
هذه الأخطاء الجدّية كانت إنعكسا و تعبيرا عن كلّ من الضرورة الواقعيّة – ليس أقلّها التهديد الفعلي بهجوم كبير للإتّحاد السوفياتي على الصين – و لكن أيضا النزعات القوميّة لدي ماو ( نزعت تقييم الأشياء أساسا بمعنى تأثيرها على الصين ) التي ظهرت ثانويّا لكن بصفة ذات دلالة ، ضد التوجّه العام الشيوعي / الأممي لماو .
في مذكّراتي ( " من إيكي إلى ماو و بعد ذلك " )، رويت وضعا حيث أثناء زيارة للصين سنة 1974 ، أثرت ( بمعيّة شخص آخر مشاركا في الزيارة ) نقدا و خضت صراعا مع ممثّلين للجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الصيني حول هذه السياسات الخاطئة و الضارة للغاية . و بداية من " كسب العالم " و " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميّة : قضايا توجّه إستراتيجي " في ثمانينات القرن الماضيّ ، أجريت تحليلا نقديّا لهذه السياسة الخاطئة . ( " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها " و " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميّة : قضايا توجّه إستراتيجي " متوفّران على موقع أنترنت revcom.us ضمن الأعمال المختارة لبوب افاكيان ).
و في الوقت نفسه ، هذا النقد الضروريّ القائم على العلم أجري في إطار التحليل القائم كذلك على العلم أنّه حتّى بينما قد مورست هذه السياسة الخاطئة و ألحقت ضررا حقيقيّا ، في الجزء اوّل من سبعينات القرن العشرين ، واصل ماو و الذين كانوا يتّبعون قيادته في الحزب الشيوعي الصيني تقديم الدعم لمختلف النضالات الثوريّة في أنحاء مختلفة من العالم وقتها ، و في الوقت نفسه ، كانوا يقودون الثورة الثقافيّة داخل الصين ذاتها – و هذه ، كما تحدّثت عن ذلك هنا ، لم تكن حركة ثوريّة غير مسبوقة للجماهير الشعبيّة في الصين ذاتها فحسب بل كانت مصدرا عميقا للإلهام تماما لمئات ملايين المضطهَدين و الناس ذوى الذهنيّة الثوريّة عبر العالم .
و مرّة أخرى ، بالرغم من هذه الأخطاء ذات الدلالة ، في ألساس و بشكل طاغي ، أثناء مسار الثورة الصينيّة – في كلّ من قبل و بعد تحقيق الظفر عبر البلاد سنة 1949 – الخطوط و السياسات المتبنّاة في ظلّ قيادة ماو كانت صحيحة و أفضت إلى تقدّم حيويّ للثورة في الصين بينما كانت تقدّم مساهمات حيويّة في هذه الثورة في العالم ككلّ . و كما شدّدنا على ذلك في البداية ، كتقييم عام صحيح أنّ مساهمات ماو في النظريّة الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة عميقة حقّا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي