الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة رواية المرافعة لحسام الديك

رائد الحواري

2023 / 8 / 30
الادب والفن


ضمن الجلسة الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار الفاروق تم مناقشة رواية المرافعة، للأسير حسام الديك، وقد افتتح الجلسة مدير دار الفاروق رفعت سماعنة مبينا أن هناك اهتماما بأدب الأسرى ليس لمضمونة الوطني فحسب، بل لقيمته الأدبية أيضا، ثم فتح باب النقاش فتحدث الكاتب همام الطوباسي قائلا: "رواية جميلة تعكس تجربة واقعية، موضوعها قاسي حيث تتحدث عن تجربة أسير في معتقلات الاحتلال، كما تتناول حدث هروب ستة من الأسرى من سجن الجلمة، فموضوع الرواية يهم كل فلسطيني وعربي، وبما أن المضوع صعب وقاسي فقد أستخدم السارد الأسئلة وبلغة جميلة في الرواية، وهذا سهل عليه الدخول إلى موضوعها الصعب، وقد تعلت منها أن الخوف حالة طبيعية في الإنسان، لكن تجاوزه هو من يجعل الإنسان عظيما.
ثم تحدث الشاعر عمار دويكات قائلا: "غياب الرواية وحضور اللغة
في رواية المرافعة
هل من الضروري أن يعطي الموضوع الجيد عملا فنيا جيداً؟!، بالطبع لا.! هذه القاعدة إحدى أشهر مبادئ العمل الفني الذي يجب أن تترسخ في ذهنية من يريد أن يقدم إنتاجا فنياً أو أدبياً. وهذه المقدمة لقراءتي عن هذه الرواية ليس قراراً أو انطباعا عن هذا العمل الأدبي بذاته، والذي كتب على غلافه أنه رواية، ومن هنا يحق للقارئ محاكمة هذا العمل في تجنيسه الأدبي ومدى تماهي النصوص مع هذا التجنيس.
عندما نقول رواية، يجب أن تحتوي هذه الرواية على أهم عناصر الرواية، وهنا نجد غياب معظم العناصر من شخوص وتطور الشخوص وغياب الحبكة الروائية، وغياب عنصر المفاجئة أو ما يسمى الصدمة الروائية، إن أكثر ما حضر في هذا النص هو المكان والزمان، وهما من العناصر المؤلمة والثقيلة في مثل هذا النص، ولعل تقنيات العمل الروائي الفني التي أهملها الكاتب كانت من أهم العناصر التي كانت يمكنها التخفيف على القارئ.
لقد توغل الكاتب في السرد وجعل صوته هو الصوت الواحد والوحيد والمتحكم بكل مفاصل النصوص، فكانت كلها بذات الأداء وبذات النسق مما جعل من النصوص سردا عادياً يخلو من التشويق والاندماج، فقط هو التعاطف الذي يمكن لهذا النص أن يحصل عليه من القارئ.
ومن الأمور التي بدت غريبة وغير منطقية في النصوص أن اسم بطل الرواية لم يذكر ولا مرة فهل هذا التهمش لاسم بطل الرواية يخدم الفكرة التي تدعو على جعل المعتقلين ليس مجرد أرقاما، بل رموزا ثوريين وهو ما أكده الكاتب نفسه عند ذكر أكثر من اسم لهؤلاء الابطال، وأيضاً كيف علم بطل الرواية أن الضابط الذي يحقق معه من هولندا بل وجاء مؤخراً لهذا الموقع، وذلك في ص55.
لقد بدى الكاتب بأنه على دراية بكثير من الأمور، وقد فسر ذلك هو ذاته بأن هذه الاعتقال ليس الأول له فقط اكتسب خبرة من ذلك، وهذا هو ذاته من اهم عناصر وقوع الكثير من الاسرى في شبك الاحتلال وهو الاعجاب بالنفس وقدرتها على تحدي دولة الاحتلال.
وحتى نكون منصفين بحق هذا العمل الأدبي نقول أنّ ما قدمه لنا الكاتب هو سيرة ذاتية لفترة زمنية ومكانية محددة، وهي تجربة اعتقاليه نضالية، قدّم من خلالها تجربته بطريقه مباشرة وسهلة، ولعل للكاتب هدفه من ذلك في تعريف الأجيال على الطرق والأساليب الإعتقالية لدى الاحتلال.
ولعل اللغة التي استخدمها الكاتب كانت أهم ركائز هذه النصوص، فاللغة كانت قوية وجميلة، تحتوي على صوراً فنياً متينة ورائعة."
وتحدث الأديب سماحة حسونة بقولة: "في كتاب المرافعة للكاتب حسام الديك
هو كتاب يستحق القراءة
ومعلومات غنية وممتعة لأنها من لب الواقع ورحم المعاناة
والطفل الصغير يكون جاهلاً في صغره وتحذير أهله له من
العدو ومكره...
والأستاذ يركب مع الموجة كرمال مصالحه ووظيفته
ومعرفة الطفل كلمات الوطن والوطنية والكفاح والعمل المقاوم.. ومعرفته الاحتلال والفرق بين اليهود واسرائيلي..
...
وتناول الكتاب النكبة و 67 وتهجير الاهالي..
ويشبه رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف في بعض النقاط حيث الاحتلال أو السجان والمحققون يستخدمون الترهيب والضغط النفسي على المعتقلين من خلال التعذيب والتنكيل به والتنكيل بأهلهم والضغوطات النفسية عليهم
ويكون هناك اكثر من محقق سواء أكان ودي أو غير ودي...
ويجب أن يكون الأسير محنكا مع المحقق لكي يراوغه ويفهم لغته وطرق الدفاع عن نفسه كما المحامي يفعل مع وكيله
وتناول قصة سجن جلبوع والأسر الستة الأبطال
وكيفية هروبهم وكسر هيبة الاحتلال وشوكته ومرغ انفه بالتراب وكيف يقضي الأسرى أيامهم في سجون الاحتلال سواء أكان محكوم مؤبد أو معتقل أداري وكيف التنقل بين السجون الأخرى وكيفية نقلهم ليوم المحاكمة...
وكيف يكون حال الأهل أثناء اعتقال ابنهم المحكوم مؤبد وشعورهم بعدم لقائه ولقائهم والمشاعر والأحاسيس الجياشة...
وتناولت الرواية قصة محمد الدرة
ونقول... كيف يمكن لعقل بشري أن يقتنع ويصدق
أن يقوم جندي على ظهر مركبته ويقتل طفلاً من ظهر أبيه ويتسلل إلى عقل أحلامه ويسرق طفلاً من حضن امه؟

يا ترى هل يأتي يوم ونرى الحاكم والمحكوم والجندي والأسير ويلتقيان في غرفة واحدة؟
وهل يأتي يوم وينام الأمير والسجان والظالم والمظلوم والجلاد والضحية على سرير واحد في غرفة واحدة؟
وإن أتى ذلك اليوم فكيف يكون ذلك؟
فبعض المشاعر والأحاسيس لا تعيد الميت للحياة،
ونحن لا نكتب التاريخ فالتاريخ يكتبنا فنحن أبناء فلسطين والكل يعرفها ويعرفنا...
وختاما...
الحرية لا ثمن لها كما قال محمود درويش في جداريته... وحرُ وحرُ وحرُ
فالله خلقنا أحراراً وأعزاء وكرماء
فأمهاتنا ولدتنا أحراراً
فالحرائر لا تنجب ضباعاً
والحرية...فكرة والفكرة لا تموت
والحرية.. عهد وميثاق
والقوة في تقرير مصيرنا
والحرية هي أننا نحن من نملك القرار والقرار يعود لنا فقط ولا احد له منة أو فضل علينا إلا الله وحده"

أما الروائية فاطمة عبد الله فقد تقدم بمداخلة شاملة عن الرواية جاء فيها: "هكذا قرأت رواية (المرافعة)
للأسير حسام الديك
عتبات النص ..العنوان وعناوين فصول الرواية..
عنوان الرواية يحمل دلالة حدث ما على الصعيد الزمني والمكاني، فلفظة " المرافعة " تعني أن سلسلة إجراءات معينة يقوم بها محام في المحكمة بتوقيت يتم تحديده مسبقا، والمفردة توحي للمتلقي أن أحد شخوص الرواية لا بد أن يكون محاميا وأنه لا بد من وجود متهم أو عدة متهمين و قاض و ربما شهود كي تكون المرافعة.
يجد المتلقي نفسه مدفوعا بالفصول نحو مهمة تستغرق زمن قراءة النص وصفحاته المائة والثمانية والسبعين لإعادة بناء علاقة من المواءمة بين المتوقع والغير متوقع، وبذا يعتبر العنوان نصا موازيا لمتن الرواية بما يحمله من إيحاءات وأسرار.
ومن جوانب التناسق الحكائي التي تبدت للكاتب، هي عناوين فصول الرواية، ستة فصول لست مرافعات، كل مرافعة تسعى لخلق حالة من التوازي الفني و الموضوعي في الرواية ما يحقق لها تناسقا مع الواقع وعلاقته بالزمان و المكان .
المرافعة الأولى (التكوين)
***********
يتوجه السارد بخطاب المتلقي عبر كلمات تحيل أو تشير إليه فيحضر المتلقي بضمير المتكلم الجمعي ، نحن و ( نا ).
" في الابتدائية عند السادسة من العمر تقريبا هناك أسئلة فطرية نطرحها على الأهل"ص٩.
ذاكرتنا و فهمنا و استيعابنا و آذاننا ... إن استخدام هذه الضمائر تجعل من المتلقي شريكا في الفعل .
يقوم السرد في هذا الفصل بتقديم منظور رؤيوي يعبر عن رؤية السارد لتشكل الذاكرة العامة والخاصة ويذهب إلى ذكريات الطفولة التي هي أصدق الأنباء فيسير بالمتلقي إلى استصفاء مجاري النبع وأسئلة طفولية كثيرة تستفزه ، لترشح الإجابات و تستقر في الذهن واحدة تلو الأخرى.
يغوص بتوئدة بين زمنين " زمن الوعي الفطري البسيط والبريء وزمن الوعي العلمي الوثيق"ص٢١، يصل إلى نضوج الوعي، ويتشكل فكره، يعرف عدوه ويذهب إلى ميادين الفعل الوطني" ، سنصبح معرضين إما للموت أو الاعتقال، لكننا لن ننجو من الوقوع في أحدهما أو كليهما" ص٣٣.
هكذا هو الشعب الفلسطيني يفتح عيونه على الاحتلال وممارساته الإجرامية ويخزن في وعيه الكثير من صور الاعتقالات، والمداهمات والاعتداءات وسرقة أرضه . يقدم الكاتب صورة ذات دلالة رمزية لا بد من الإشارة إليها في هذا الفصل، حين يقارن بين فضائين غير متجانسين بيوت المستوطنات الجديدة المرتبة هندسيا وبيوت قريته الطاعنة في السن و المتحررة من قيود الهندسة، فلها أسبقية التاريخ والتجذر في هذه الأرض.
المرافعة الثانية ( العتمة)
*********
في تمهيد للأحداث اللاحقة يبدأ السرد بوصف ليلة من ليالي شهر شباط، والأحداث هنا تجربة ذاتية السارد، حيث يبدأ بالحديث عن تجربة اعتقاله و مداهمة جنود الاحتلال لبيته وتفتيشه ، في غياب بيانات التثقيف والتوعية بشأن التعرض للاعتقال وما يتبعه من أساليب التحقيق والاحتجاز، ووسائل التعذيب والضغط النفسي يمكن اعتبار هذه الرواية توعوية نوعا ما، يتحدث عن توديع عائلته و وداعهم له، الأصفاد وعصب العينين ، وجوده داخل الدورية وتتبع الطريق المألوفة و تخمينها، والسير لاحقا نحو المجهول، وصولا إلى الزنازين التي وصفها بالقبور القاسية التي لا ترحم ص٤٦.
يقدم الكاتب مثالاً دقيقا متسع الدلالة، وذلك في سياق تأملاته حول ضيق الزنزانة، فيتعاطى أحد التمارين الحسابية في عد فتحات جهاز التبريد.
العزلة والوحدة في الزنازين هي التي تعطي السجن معناه الحقيقي، وإبقاء السجين فيها أكبر وقت ما هو إلا لتشديد الخناق عليه، وإشعاره باليأس والعجز و الاحباط، فهي بؤرة العتمة وفقدان اليقين، حيث الزمن لا تحكمه معايير زمن الساعة إنما يقاس بالحالة الشعورية.
في التحقيق يتم توجيه التهم وطرح اسئلة تتراوح بين ما هو روتيني وبين ما يحتاج إلى انتقاء الكلمات وذكاء الإجابة، يُرفع مستوى الضغط على الأسير لتقديم اعترافات لتهم يختارها له المحقق فيتصل الليل بالنهار في الجلسة الواحدة، ص٥٧.
ومن ثم تسليمه إلى محقق آخر أكثر عنفا يدعى (عامير) المحقق الشرير. فيستخدم التعذيب الجسدي، ويخضع الأسير لجهاز كشف الكذب، وعند اليوم الأربعين وبعد أن رأى عجائب الزنازين وتشبع بالعتمة، ورائحة عطن الزنزانة وأصفاد السجان يقبل التهمة الموجهة إليه وتلتصق به (التجسس لصالح المقاومة).ص٩١.
المرافعة الثالثة (الوعي)
********
يقدم الكاتب في هذه المرافعة حوارا أيديولوجيا مع كولونيل إسرائيلي، يعرض فيه انتصاره لقضيته وإيمانه بها، وبحق شعبه على هذه الأرض التي هو صاحبها فمن حقه الدفاع عنها وعن وجوده .
يمرر الكاتب خطابات أخرى من خلال الحوار، مثل طبيعة الصراع بين السنة والشيعة ، قدم انتصارا للحق أمام قوى الشر.
وبعد مكوث طويل في العتمة وتقاسمه الوقت معها، يتعرف على نفسه ، يجري حوارا داخليا فلسفيا مع ذاته، يمرر رؤاه ويقلب مفاهيم الأشياء ، فلا الزنزانة ( مكان ) بل لا يصح أن تكون كذلك ولا الزمن زمان ولا يصح أن يعتبر كذلك.
جدال مع النفس حتى تسكت عنه نفسه وتخبره أن لا طاقة لها على احتمال الجدل معه. ص١١٨.
المرافعة الرابعة ( المكوث)
***********
لغة الرواية بشكل عام فصحى بسيطة .
يرد إلى ذهن المتلقي من عنوان هذا الفصل تساؤلات كثيرة، هل هذا هو آخر مطاف الأسير وستكون إقامته هنا؟ كم سيطول هذا المكوث؟ بمن سيلتقي الأسير ومع من سيكون ؟ .
نفسيا يتأهب المتلقي لمجريات هذا المكوث.
في هذا الفصل ترد مفردات وألفاظ يفرضها المكان والبيئة، مثل بوسطة، وقوة النحشون ،و نزلاء، و فرز .وهذه مفردة مستفزة حيث تجعلك تشعر أن الأسرى أشياء يتم تصنيفها كما تعكس عنصرية الاحتلال وكيفية تعامله معهم فهي تؤصل الانقسام وبث سموم الفرقة .
كذلك مفردة الفورة، والدوبير، وغيرها .
تناول السارد في هذا الفصل دور المحامي الذي هو به خبير كونه محاميا وأشار أنه عند محاكم الاحتلال التي هي (محاكم إدانة لا محاكم عدالة )ص١٣٠.لا يتعدى دور المحامي عقد الصفقات، والترجمة.
إذا فالصياغة اللغوية جاءت من قاموس الأجواء والمكان، ونسيج العلاقات بين الأسرى والسجان والمحاكم .
تكاد تخلو الرواية من اللغة الشعرية إلا فيما قدمه من وصف للفتاة التي اختلقها للمحقق، وفي حديثه عن غياب الإبن عن الأم في الاعتقال المؤبد ( لن يشاهد الغزلان تركض في مدى الربيع ولا الاقحوان حين يفتح بابه للشمس...)ص١٤٦.
وقد أظهر الكاتب وعيا لقلة الأحداث وضيق الحيز المكاني، فاعتمد على الحوار في الدرجة الأولى وعلى براعته في تغير المشاهد، فكانت تلك الحوارات مع المحققين والحوار الداخلي مع نفسه، والحوار مع المعتقلين بالاحكام المؤبدة في سجن (جلبوع)، مما عوض عن وفرة الأحداث وكثرة الشخصيات فشد المتلقي بقوة الحوار والتحليل.
المرافعة الخامسة (المؤبد)
*************
المكان هنا هو( السجن) خزان حقيقي للأفكار والمشاعر والتحويلات الداخلية، يتعامل معه القارئ كما يتعامل مع الشخصية فهو الذي اقتضى وجودها والأحداث.
السجن عالم مفارق لعالم الحرية والجدران والأبواب والمفاتيح، ليست كما هي في العرف اليومي، ليست كما هي في البيوت وسائل حماية وشعور بالأمان، إنما هي تهديد وسلب للحرية، وأدوات قهرية يفرضها قانون السجن.
البوابات الإلكترونية وأجهزة المراقبة والإضاءة المفرطه حول السجن، إنما هي للدلالة على حداثة التطور في استخدام التكنولوجيا لزيادة أمن السجن ولضمان الحجز والإلزام، ولا تدل على رفاهية أو ثراء.
العزلة ليست اختيارية للتأمل وطلب الراحة والهدوء، وفي هذه المفارقة وما يملكه الأسير من وعي وصلابة الإرادة، يحول فرصة إقامته في السجن إلى فرصة للاتصال واستكمال تجربته النضالية، فالمكان هنا بؤرة للنضال والتواشج ، وهذا يعطي السجن معنى آخر بدلالة جديدة ، وقد مر علينا من خلال قراءات أخرى عديدة لأدب أسرانا البواسل تؤكد أن السجن مدرسة نضالية تخرج للحياة أشخاصا ذوي خبرة و وعي وطني.
وهنا يشير الكاتب أن السجن يصبح محتملا ومرغوبا لأنه سيتيح الاتصال مع شخصيات المناضلين الذين يستحيل اللقاء بهم خارج حدود هذا المكان.
المرافعة السادسة ( الخروج)
***************
إنه ليس الخروج السهل الذي تودع فيه وتغلق خلفك الأبواب، ويتمثل الخروج هنا بأشكال مختلفة، منها ما كان تحديا للتعقيدات الأمنية وأبراج المراقبة والجدران الشاهقة والأسلاك الشائكة و البوابات الإلكترونية و مهارة السجان و خبرته وعنجهيته، فقد هرب ستة أسرى من السجن بعد أن " شقوا بطن الأرض بأظافرهم وملاعقهم وخرجوا من رحم العتمة إلى الضوء".ص١٦٧
وفي أفق آخر يخرق السجناء مألوفية السجن ويمثل نوعا من أنواع الخروج حصول الأسرى على الهواتف المهربة والاتصال بالعالم الخارجي، فاتصال الأسير بأهله وحديثه مع أولاده واستماعه لأخبارهم يلعب دورا كبيرا في صموده، ويكون بمثابة مصدر للامتلاء العاطفي والتزود بالمشاعر الإنسانية الطافحة، وهذا ما كان من اتصال السارد بأهله وطفليه واستماعه لأغنية ثائرة من بين شفاه طفلته.
والخروج الآخر هو توديع الأسرى لبعضهم البعض ليفرق شملهم و يتشتت جمعهم من بعد الألفة والتآلف و ذلك كنوع من العقاب الجماعي بعد هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع، فكانت الدموع تتسلل من الاحداق في هذه اللحظة " قد لا تراك العين لكنك لن تغادر القلب " هذا ما قاله الأسير ابراهيم في وداع الأسير السارد ص١٧٨.
لقد خرق الأبطال (الخزنة) سجن جلبوع كما تلقبه الأجهزة الأمنية الصهيونية، وكسروا هيبتها وهيبة دلالة استحالة فتحها. ومن مفارقات هذا الإسم ودلالته ذات الغصة أن الخزنة لا يودع فيها إلا ما هو ثمين ونادر وما نخشى على ضياعه وفقدانه وأننا لا نجد اغلى وأثمن من أسرانا البواسل لايداعهم في خزنتهم.








كل التفاعلات:
٨د.خليل القطناني شاعر وناقد و٧ أشخاص آخرين
"
وتحد الشاعر نسيم خطاطبة بقول: "كل إنسان فلسطيني عاني من الاحتلال، وهذه الرواية توثق تلك المعاناة من هنا تكمن أهميتها، ذاكرة الأسير بين الماضي قبل الأسر والحاضر في الأسر هي من تبين تلك المعاناة، وما تناول السارد لعملية الهروب من سجن الجلمة إلا تأكيدا على أن الحرية هي الأهم بالنسبة لكل فلسطيني، إن كانوا في المعقل الصغير أم المعتقل الكبير.
وتحد الكاتب علاء عاشور قائلا: "الرواية واضحة تتحدث عن الأسرى وتتناول السجون وما فيها من ظلم وقمع، أعتقد أن محاورة الأسير للسجان فيها بعد فكري يستفيد منه القارئ، ومثل هذه الحوارات ساهمت في إيصال فكرة التمسك بالحق والحرية التي ينشدها الفلسطيني، وعندما تناول عملية الهروب الأسرى الستة من السجن أكد هذه الرغبة.
أما الناقد سامي مروح فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم منذ أن يولد الفلسطيني يعي ممارسات الاحتلال وقمعه، فلا بد من المقاومة الشعبية ونضال من اجل الحرية التي سلبت منه، بكل ما يمتلك من قوه، فالاحتلال يمعن في إذلال شعبنا وقتل المقاومين أو أسرهم وحجز حريتهم، فالعنف لا يولد إلا عنف اشد واعنف، مما أدى إلى ظهور الفصائل الفلسطينية على ارض الوطن وخارجها، وهذا افضى إلى ظهور أشكال من مقاومة جديدة تتمثل في العمل العسكري، وكل فصيل يحمل فكرا يعتقد انه أوعى وأصوب من الآخرين، وهذه الظاهرة لها إيجابيات وسلبيات، والسلبيات تتمثل إذا التعصب البغيض الذي يساعد على تشرذم القاعدة النضالية ويفكك المسيرة الجمعية للشعب الفلسطيني.
الحركة الأسير تتشكل من تلك الفصائل، حيث أنها أضافت إلى الساحة النضالية نوعا آخر من المقاومة الفكرية فأبدعت الحركة الأسيرة في هذا المجال حيث ظهر نوع من الكتاب تحت اسم أدب السجون وكان هذا نتاج يمثل مقاومة بشكل جديد في سجون الاحتلال، فبدا الأسرى وكأنهم يأسسوا لمدرس أدبيه تؤرخ لأدب المقاومة، فكتبوا عن وطنهم السليب، وعن الحرية وعن المقاومة، وما كتبه الأسير "حسام الديك" في "المرافعة" وعن تجربته في الاعتقال يمثل أحد نماذج المقاومة.
فأحداث الرواية تتناول عن اعتقله وحديثه عن أساليب التحقيق وما فيها من وسائل إجرامية، وكذلك يتحدث عن حياة الأسير داخل المعتقل وكيف الصهاينة يتلذذون بتعذيب الأسرى، كما تحدث عن هموم الأسرى ومشاعرهم الإنسانية.
من هنا أجد الكتاب "المرافعة" اقرب إلى تجربة شخصية للاعتقال، ولا ترقى إلى العمل الروائي، إنما يمكن أن يصنف تحت اسم تقرير وثائقي/توثيقي، لان الرواية لها مقومات فنية لا توجد في رواية "المرافعة" إن جاز لنا تسميتا رواية، فالأخ "حسام الديك" ذكرني بالرفيق "خالد رشيد الزبدة" حيث تحدث عن تجربته اللاعتقالية وذكر هموم المعتقلين على شكل السيرة ذاتيه، وأني أرى تشابه كبير بينهما ، لكن لا أريد أن قلل قيمة العمل، يكفي أنه يؤرخ مرحله من مراح النضال لشعبنا الذي يبتكر أشكال وأنواع جديدة في المقاومة، وفي النهاية ارجوا أن اقر للأخ "حسام" أنه يمتلك لغة رائعة، وأن هذا العمل ينقصه الناحية الفنية التي غابت عن النص، وكان السبب في ذلك هو أن العاطفة طغت على النص، وأقول لجميع الأسرى إلى الأمام يا قادته الفكر المقاوم، لنقف أمام شرعنة الخيانة، مع كل الاحترام لك أخ حسام"
وتحدث الدكتور الشاعر خليل قطناني قائلا: "على القارئ والناقد يتوقف أدبيا وليس عاطفيا أمام العمل الأدبي، وهنا أطرح سؤال: هل الكاتب لو كان الكاتب موجودا يتحمل النقد؟ فمنهم من يعتبر الأسير قديسا ويجب التعامل معه باحترام وليس بكونه أديبا يخضع للنقد.
كنت أتصور أن هناك محكمة ومرافعة، أي ما يتعلق بالمحاكم الإسرائيلية، لم أجد في الأدب العربي ما يحمل من المحاججة، فلا يوجد قاضي ولا مدعي عام ولا محامي دفاع، وإذا ما توقفنا عند الرواية فيجب أن تتضمن قضايا أدبية فنية ولغوية تدعم السرد الروائي، من أجل أن تكون رواية أدبية وليس مجرد موضوع مطروح، فالمواضيع مطرحة على قارعة الطريق، لكن المهم كيف يتم صياغتها أدبيا.
وتحد رائد الحواري منوها إلى أن هناك جانب من الرواية تحدثت فيه عن محاكم الاحتلال وكيف أن من يدخلها هو متهم ولا ويمكن أن يخرج منها بريئا حتى لو لم تثبت عليه التهمة، فكل من يدخل المحمة يخرج بعدد من السنوات، وبالنسبة للمحامين فقد تناولت الرواية هذا الأمر أيضا حيث تحدث السارد عن دور المحامي في محاكم الاحتلال بأنه يمثل المترجم في أفضل الحالات، وأحيانا يقوم بدور (تلبيس طواقي) يأخذ من حكم هذا ويضيفه على حكم شخص آخر.
وبالنسبة لمضوع اللغة والأسلوب، أقول أن أي أدب يتناوله القارئ بصورة سلسة فهذا يعطيه علامة النجاح وهذا الرواية من الرواية السلسة التي تناولها القارئ في جلسة واحدة أو اثنتين.
وقد حضر الجلسة كل من الأستاذ أحمد ذياب وسليمان أبو عبدة وتقرر أن يكون اللقاء القادم مناقشة كتاب "بين الأسود والأبيض" للكاتب همام الطوباسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب