الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


25 يناير.. صحوة أمة

هويدا احمد الملاخ

2023 / 8 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بعد الحرب العالمية الثانية 1939- 1945 م تغيرت خريطة توازن القوى الدولية، وازداد الضغط الشعبي المصرى المطالب بإلغاء المعاهدة 1936 م و التى  ألزمت مصر بموجبها  بتقديم المساعدات المالية والعسكرية فى حالة الحرب للحكومة البريطانية ،  مما يعنى ارهاق قوة الجيش المصرى وعرقلة تحديثه و تطويره  للدفاع عن اراضيه ، كما أنه بموجب هذه المعاهدة تصبح السودان مستعمرة بريطانية يحرسها جنود مصريين، والطامة الكبرى فى بنود هذا الاتفاق  تكبيل مصر بتحالف أبدى مع الحكومة البريطانية ، يسمح ببقاء قواتها فى منطقة قناة السويس ذات الموقع الاستراتيجي و الدولي.



لذلك طالب الرأى العام المصرى بضرورة إلغائها، لأنها تعطى لمصر استقلالاً منقوصا، كما أنها بمثابة اعتراف من حكومة مصر وقبول منها بوجود الاحتلال البريطانى على أراضيها.
وفي الانتخابات البرلمانية 1950 م فاز حزب الوفد ، وأعلن رئيس الوزراء مصطفي النحاس فى الثامن  من  أكتوبر عام 1951م ،  أمام مجلس النواب  إلغاء معاهدة 26 أغسطس 1936 واتفاقيتي 19 يناير و10 يوليه عام 1899 في شأن إدارة السودان. 
لقد كان إلغاء اتفاقية 1936م  نقطة انطلاق قوية لحركة الفدائيين فى منطقة القناه ضد قوات الاحتلال البريطاني ،  حيث ازدادت المعارك والعمليات الفدائية  المنظمة ،  والتى  كبدت الاحتلال الكثير من الخسائر البشرية والعسكرية ، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل  امتنع التجار عن إمداد أفراد الاحتلال بالمواد الغذائية ، كما انسحب  العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز،  ما أدى إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى مأزق كبير . 
ولقد تحالفت قوات الشرطة مع أهالي القناة وبدأ الفدائيين ينظمون الضربات الموجعة للاحتلال تحت حماية قوات  الشرطة ، وتكبدت قوات الاحتلال البريطانى خسائر لا تقدر بثمن  .
فأراد القائد الإنجليزي «البريجادير إكسهام» كسر  قوة الشرطة المصرية وايقاف دعمها للانتفاضة الفدائيين فاصدر انذار لوزير الداخلية  في صباح الجمعة 25 يناير عام 1952  وأرسل إنذاراً شديد اللهجة إلى ضابط الاتصال المصري اليوزباشي مصطفى رفعت ، طالبه فيه بتسليم  اسلحة قوات الشرطة المصرية المتمركزة فى مدينة الإسماعلية والاخلاء الفورى لمبنى المحافظة . 
بدأت تتسارع  احداث الملحمة الوطنية لقوات الشرطة المصرية، بعد ان  
رفضت قوات رجال الشرطة  تسليم اسلحتهم ، وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي ، وقاموا بالدفاع عنه ببسالة وتحدي ، كما عقد الرجال العزم على النصر أو الشهادة بقيادة الضابط اليوزباشى  مصطفى رفعت ، ودارت معركة استمرت لساعات محتدمة حاصر فيها أكثر من سبعة آلاف جندي بريطاني مبني محافظة الإسماعيلية والثكنات  مدججين  بأحدث الأسلحة مقابل 850 جنديا فقط  من قوات الشرطة ، وخلال المعركة  سقط منهم عشرات الشهداء والعديد من الجرحى الذين رفضت قوات العدو إسعافهم، فقرر اليوزباشى مصطفى رفعت الخروج من المبنى لقتل قائد قوات الاحتلال (إكسهام)، أملاً منه فى أن يؤدى ذلك إلى فك الحصار وإنقاذ  زملائه، وبالفعل عندما خرج، توقف الضرب كالعادة، ولكنه فوجئ بضابط آخر أعلى رتبة من (إكسهام)، وبمجرد أن رأى هذا الضابط مصطفى رفعت، أدى له التحية العسكرية، فما كان من اليوزباشى رفعت إلا أن يبادله التحية وفقاً للتقاليد العسكرية، وتبين بعد ذلك أن ذلك الضابط هو الجنرال (ماتيوس)، قائد القوات المركزية البريطانية فى منطقة القناة بالكامل والذى وافق على شروط اليوزباشى مصطفى رفعت لإيقاف المعركة بشرف . 
وتمثلت شروط مصطفى رفعت فى اسعاف المصابين بشكل فورى ، وعدم تسليم اسلحة قوات الشرطة المصرية  لقوات الاحتلال ، انما  تركها داخل المبنى ، كما اصر البطل مصطفى  رفعت على عدم رفع جنود قوات الشرطة أيديهم على رؤوسهم اثناء الخروج من المبنى ، بل سيخرجون بشكل عسكرى يليق بهم، وعلى الفور  وافق الجنرال (ماتيوس) على شروط ايقاف القتال ، وتم خروج قوات الشرطة بشكل يليق بها وهم فى طابور منظم  ، كما طالب  (ماتيوس)  قواته بأداء  التحية العسكرية لهم اعتزازاً بصمودهم البطولي، وإصرارهم على القتال حتى نفدت آخر طلقة وحتى اخر لحظة .   

فى صباح السبت 26 من يناير  م 1952،عمت اخبار المعركة الباسلة ارجاء القاهرة فاندلعت على اثرها  المظاهرات فى الشوارع  والميادين الكبرى،  تنادى بحمل السلاح ضد الاحتلال  والتحرير الكامل للأراضي المصرية من قوات الاحتلال البريطاني ، وشارك فى تلك المظاهرات مختلف عناصر المجتمع المصرى ، كما عزز من قوة تأثير المظاهرات مشاركة قوات الشرطة وطلاب الجامعات .
جسدت القوات الشرطية المصرية ملحمة تاريخية كبرى عمرها وَاحِد وسَبْعُوْن عاماً ضد قوات الاحتلال البريطانى  الغاشم في الإسماعيلية ، كما انجزت  شرف بطولة تدرس فى الأكاديميات الشرطية والعسكرية ، خاصة بعد ان تبعها مظاهرات واحداث متسارعة فى كافة ربوع الدولة المصرية، كانت  بداية النهاية  للاحتلال  البريطاني  لمصر وانهاء الحكم الملكي ، بعد ان اندلعت بعدها بستة اشهر  شرارة ثورة 23 يوليو 1952 م ، وانسحاب القوات البريطانية من كافة الأراضي المصرية. 
وختاما
 من منطلق عقيدة الشرطة المصرية إما النصر أو الشهادة ،  استلهم رجال الشرطة في  أحداث ثورة 25 يناير 2011م خطى اسلافهم  أبطال معركة الإسماعيلية  1952م ،  فلا استسلام أو تهاون في حق مصر والمصريين، فضحوا بأرواحهم  فداءً للوطن .   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية