الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة والوعي الفكري وأهميتها في تقدم وتطور الشعوب

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


شكا المفكر الكبير سلامة موسى في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي من ضعف ثقافة الشباب من خريجي المدارس الثانوية والجامعات وجهلهم لمعلومات بسيطة وبديهية مثل التاريخ والجغرافيا وغيرها من العلوم ... وإن عميد الأدب العربي طه حسين في إحدى لقاءاته مع مجموعة من الشباب فقال رأيه بأن مشكلة أبناء الجيل أنهم يكتبون أكثر مما يقرأون وقال الأديب والكاتب الكبير عباس محمود العقاد أن كثير من الخريجين من الجامعات لا يعرفون سوى دروس الفروع التي اختصوا بها ووصفهم بالمتعلم الأمي ... وإذا كان الحال قبل نحو أكثر من سبعة عقود على حالة الشباب والخريجون فما عساها ستكون عليه وضعهم الآن ؟
إن الثقافة والوعي الفكري لدى الإنسان تنطلق من وعي الواقع وتغييره نحو المستقبل الأفضل الذي ينطلق من الثقافة الواسعة والمعرفة والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتجربة والإدراك التي هي مطلب خاص وضروري لمجتمع يبحث لنفسه عن دلالة وتغيير كما المفروض بالإنسان المدرك والواعي الذي يتمتع بالمعرفة الواسعة وحقيقة واقعه الموضوعي ولكل جوانب الحياة التي يعيشها أن يدرك مركزه ووجوده الاجتماعي من خلال ثقافته الواسعة لأن الثقافة بالنسبة للإنسان تعتبر الباب الواسعة والمدخل الأساسي إلى رحاب المعرفة والوعي الفكري والديمقراطية وإمكانيات الواسعة على فهم ذاته وتطورها ومقدرته على التفاهم والمحاورة والمناقشة الشفافة مع الآخرين.
إن الفكر السياسي يتعامل مع الأيديولوجية باعتبارها تمثل حاضنة للفكر الاجتماعي الذي يشكل الاستنتاجات التي تعالج المشكلات الناجمة عن الواقع الموضوعي وارتباطه بالنشاط العملي لأوسع جماهير الشعب ... ويقول المفكر غرامشي : (إن الثقافة تلعب دوراً فعالاً حينما تتحول إلى أداء للفعل السياسي عن طريق الوعي الفكري بالاتكاء على مجمع القوى الاجتماعية الصاعدة التي تتطلع إلى عالم جديد ولابد لها أن تمتلك وعياً جديداً قادراً على صنع التغيير والتحول إلى الجديد لأن الدعوة إلى الثقافة الجديدة معناها الدعوة إلى ممارسات ومبادرات من شأنها أن تخلق إنسان جديد ومجتمع جديد) ... إن ضعف الوعي الفكري وفقدان الثقافة لدى الإنسان تؤدي إلى خلل واضطراب في العمل والنشاط السياسي في المجتمع وإلى افتعال المشاكل والصراعات نتيجة الاختلاف في الأمزجة والنزوات والعواطف مما يؤدي إلى ضعف وفقدان الروابط الأيديولوجية وإفراز الأنانية وحب الذات وتنمي المصلحة الشخصية الأنانية والتكتلات والانحيازات ... إن للثقافة جانبان (روحي ومادي) فالجانب الروحي هو الذي يضم القيم والمعايير والنظم والاعتقادات والتقاليد ... أما الجانب المادي فهو الذي يمثل التجسيد المحسوس للجانب المعنوي فيما يصاغ من أدوات ومنشآت الذي نطلق عليه تسمية (الحضارة) إذ كانت هذه الجماعة المعنية مستقرة وتتفاعل ثقافة المجتمعات المختلفة على كلا الجانبين بالشكل الذي تنشأ فيه ثقافات جديدة تتعاقب على كل مجتمع أو أمة لأن الثقافة ليست جامدة أو ثابتة باعتبار أن لكل مجتمع أو أمة ثقافة واحدة لا تتغير على مر العصور ... وكانت الحضارات أي الجانب المادي من الثقافة جزء لصيقاً بها بحيث كان من الممكن أو اليسير أن تتمايز الحضارات بتمايز المجتمعات في العصور القديمة والمتوسطة ولكن عندما توسع التبادل بين المجتمعات في الجانب المادي من الثقافات (الحضارات) وازداد استقلال الحضارة عن الجانب الروحي الذي ظل فيه التبادل بين المجتمعات محدوداً وأصبحت الثقافة عنواناً يختص بهذا الجانب الروحي أو المعنوي عندئذ اشتركت ثقافات متعددة في حضارة واحدة بعينها بعد أن كانت الحضارة في القديم جزءاً من الثقافة ويعني هذا أن المجتمعات والأمم المتباينة مع سائر العالم مع احتفاظها بثقافتها الخاصة ومن خلال ذلك تبرز أهمية الثقافة على الشعوب وتقدمها وتطورها ... وفي الوقت الحاضر أصبح أهم تحدي يواجه الأنظمة السياسية تأسيس ثقافة جديدة ووعي فكري مجتمعي جديد وتجسيد على أرض الواقع باعتبارها تمس القيم والتقاليد والمجتمع لكونها تمثل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال التنمية الثقافية المدخل الضروري للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولذلك أصبحت أي تنمية مطلوبة يجب أن تستند على سند ثقافي وإذا لم يكون ذلك فيكون مصيرها الفشل ويجب ربط التنمية بالثقافة لكي لا تضيع منا فرص تدرك طريق التقدم والتطور للشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة