الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية للفتيان اورنينا طلال حسن

طلال حسن عبد الرحمن

2023 / 8 / 30
الادب والفن


مسرحية للفتيان






اورنينا






طلال حسن


المشهد الأول

بيت الصياد العجــوز ،
الصياد العجوز، زوجته

الصياد : (يقف حائرا متلفتا) أين اختفت .؟ البارحة وضعتها هنا بنفسي ، يا للعجب ، كأنها ملح وذابت .
الزوجة : (تعتدل في فراشها) استيقظت .!
الصياد : كما ترين ، انهضي
الزوجة : يا للآلهة ، إن الفجر لم يبزغ بعد
الصياد : أنت تعلمين ، إنني استيقظ في هذا الوقت ، منذ إن كنت شاباً .
الزوجة : لست شابا الآن ، ولك أن ترتاح .
الصياد : إنني صياد سمك ، ولن ارتاح إذا لم اصطد أولاً .
الزوجة : (تنهض مهمهة) هم م م م م
الصياد : لا تهمهمي هكذا ، إذا كان عندك شيء قوليه .
الزوجة : الجو بارد ، ابق اليوم في البيت ، أخشى أن تمرض .
الصياد : لا تخشي شيئا ، نحن في الفجر ، وسيعتدل الجو حين تشرق الشمس .
الزوجة : حسن (تتجه إلى الخارج) اجلس ، سآتيك بالفطور .
الصياد : (بانكسار) تعالي
الزوجة : (تتوقف) لدي كسرة خبز خبأتها لك .
الصياد : أبقيها لك (يتلفت حوله) لست جائعا
الزوجة : أنت لم تأكل شيئا ، منذ البارحة .
الصياد : وأنت كذلك (بمرارة) إنها الحقيقة ، قوليها .
الزوجة : لو كان عندنا ما يؤكل لا كلنا .
الصياد : لا باس (يتلفت حوله) سنأكل اليوم ، بعون الآلهة .
الزوجة : (متضايقة) عم تبحث .؟ اخبرني
الصياد : سلتي ، وضعتها البارحة هنا ، ولا اثر لها الآن
الزوجة : دعك منها (تتجه إلى الخارج) شاتيك بسلة اصغر
الصياد : توقفي ، لا أريد سلة اصغر ، أريد سلتي .
الزوجة : (تتوقف) لا حاجة لك بها ، إنها سلة كبيرة ، وثقيلة .
الصياد : ليكن ، إنني ما زلت استطيع حملها .
الزوجة : طبعا ، فهي دوما فارغة
الصياد : كفى ، لقد سمعت هذا منك مرارا ، حتى مللته.
الزوجة : أخوك يعمل مع أولاده ، وعنده ما يفيض عن حاجته ، وقد عرض أن يقدم لنا ما نحتاجه.
الصياد : كلا ، لا أريد أي شيء منه .
الزوجة : يا للآلهة ، انه أخوك .
الصياد : كفى ، هاتي السلة .
الزوجة : اذهب وخذها ، إنها في الفناء ، قرب الزير .
الصياد : (كمن يحدث نفسه) انه أخي ، هذا صحيح ، وطالما ساعدته ، وساعدت أولاده ، عندما كانوا صغارا .
الزوجة : وقد تقبل مساعدتك شاكرا ، ولم يقل مرة ، لا أريدها ، لا أريد مساعدة أخي .
الصياد : لا (يهز رأسه) لا استطيع ، انه ..
الزوجة : (تنظر إليه صامتة) ….
الصياد : مهما يكن ، فإنني ما زلت قادرا على الصيد ، وسأبقى اصطاد حتى النهاية .
الزوجة : (تبقى صامتة) ….
الصياد : لا شك أن الصيد خبرة وشطارة ، وجلد ، لكنه حظ أيضا ، وأنا منذ أيام والحظ يجانبني .
الزوجة : (تتجه نحو الخارج) ساتيك بالسلة .
الصياد : مهلا ، الجو بارد (يتجه نحو الخارج) سآخذها في طريقي (يتوقف عند الباب) قد أتأخر قليلا ، لا تقلقي ، من يدري ، ربما اصطاد اليوم ما يعوضنا عما عانيناه في الأيام الماضية .
الزوجة : (تغالب دموعها) ….

الصياد العجوز يخرج ،
تبقى الزوجة جــامدة

الزوجة : (بصوت باكي) يا لي من حمقاء ، ألا يكفي إنني لم استطع أن أعطيه ، ما تمناه طول عمره ، لأنكد عليه ، و .. (تنشج) لكني أريدها أن يترك الصيد ويرتاح أريده أن يرتاح ، فهو مثلي عجوز .. عجوز .. عجوز .

إظلام


















المشهد الثاني

شاطئ النهر ، الصياد
العجوز يدخل متعبــا

الصياد : النهار يكاد ينتصف ، وأنا لم اصطد شيئا بعد ، يا للحظ السيئ (يتوقف) اهو الحظ فقط .؟ لعل عجوزي شبتو على حق ، لقد شخت (بصوت منفعل) لا لم أشخ ، ولن أشيخ ، وسآكل حتى النهاية بعرق جبيني (يتلفت) النهر عميق هنا ، ولا بد انه يعج بالأسماك ، (يتوقف منصتا) اسمع صوتا كأنه يناديني (يهز رأسه) لعلي واهم (يتجه إلى النهر) فلأحاول مرة أخرى ، (يرمي الشبكة ثم يأخذ بسحبها) إنها ثقيلة ، ثقيلة بعض الشيء (يتوقف ناظرا إلى السماء) لا أريد سوى سمكة واحدة ، حتى تعرف شبتو باني ما زلت .. (يسحب الشبكة) آه (يرفع حذاءا متهرئا من الشبكة) حذاء متهرئ .؟ (يرمي الحذاء جانبا) لابأس ، فلأجرب مرة أخرى (يرمي الشبكة ثم يأخذ بسحبها) يا للآلهة ، هناك شيء ما يتحرك في الشبكة ، لا ، ليس حذاء ، الحذاء لا يتحرك ، لعلها سمكة كبيرة .. (يسحب الشبكة) آه .. سلحفاة .! (يخلص السلحفاة من الشبكة) هذا أوان وضع البيض (يطلق السلحفاة) امضي في سلام ، وضعي بيضك حيثما تريدين (السلحفاة تمضي ببطء) ادعي لي ، لعل الإله ننا ، اله القمر ، يستجيب لدعائك (يهم برمي الشبكة) فلأرمها للمرة الأخيرة ، عسى الإله يرسل لي ..

يدخل الحارس ، ويحدق
في الصيــاد غاضبـا

الحارس : سحقا ، أنت مرة أخرى .؟
الصياد : يا للحظ السيئ ، (يتوقف) مرة حذاء ، ومرة سلحفاة ، وهذه المرة ..
الحارس : قلت لك ألف مرة إلا تصيد هنا ، الصيد في هذا المكان ممنوع .
الصياد : عفوا ، قلت لي ألا أصيد هناك ، (يشير إلى البعيد) قرب ذاك البستان .
الحارس : نعم ، ذاك بستان الأمير ، وهذا شاطئ الأمير ، و .. اذهب ، اذهب واصطد في مكان آخر ..
الصياد : ليتك تمهلني قليلا ، إنني صياد فقير ، ولم اصطد سمكة واحدة منذ أيام
الحارس : أنا أيضا فقير ، وإذا صادني الأمير ، اعني إذا رآني أتهاون معك ، فسيجعل الفقر يصطادني .
الصياد : النهر عميق هنا ، يعج بالأسماك ، أرجوك دعني ..
الحارس : (يتلفت خائفا) الأمير والأميرة قادمان (يدفعه الصياد) اذهب ، اذهب .
الصياد : (يسرع نحو الخارج) الأمير والأميرة .! (وهو يخرج) فلأهرب قبل أن يرياني
الحارس : (يتراجع مختلسا النظر) يا للآلهة ، شمس وقمر ، فلأسرع بالخروج ، وإلا وقع ضوءاهما علي ، واحرقاني .

يخرج الحارس مسرعا ،
يدخل ايدي ودامكــال

دامكال : حلمك هذا ، يا ايدي إن كان حلما ، حلم غريب .
ايدي : لم يعد ما أراه حلما ، وإنما كابوسا .
دامكال : والأغرب انك لا تنساه .
ايدي : بالعكس ، انه هو الذي لا ينساني .
دامكال : ترى الم ترني ، ولو مرة واحدة ، في
حلمك .؟
ايدي : أنت .. أنت ابنة عمي
دامكال : وخطيبتك .
ايدي : وخطيبتي .
دامكال : ومع ذلك لم ترني .
ايدي : إنني أراك كل يوم ، وسأراك مدى العمر
دامكال : يا للآله ننا ، أنت تقولها ، وكأنك ستزج في غياهب السجن .
ايدي : لا تقولي هذا ، أنت ..
دامكال : أتحبني .؟
ايدي : أصغي (ينصت مذهولا) إنني اسمعها
دامكال : ماذا .؟
ايدي : اسمعها تناديني
دامكال : هذه الحقيرة ، لو تقع في يدي ..
ايدي : انه حلم
دامكال : لن أصدقك ، فلست نائما الآن ، لتحلم
ايدي : وهذا ما يخيفني ، ساجن
دامكال : لا تتعجل ، تزوجني أولاً ، ثم جن كما تشاء (تسحبه من يده) تعال

ايدي ودامكال يخرجان ،
يدخل الصيـاد متلفتـا

الصياد : لقد تجاوز الوقت منتصف النهار ، وأنا لم اصطد أي شيء (يتوقف متلفتا حوله) عجباً ، لماذا عدت إلى هنا ثانية .؟ رغم تحذير
الحارس .؟ اهو العناد أم ..؟ (ينصت) ها هو الصوت ثانية (مذهولا) كأن فتاة تناديني أن تعال .. تعال (يهز رأسه) يبدو إنني خرفت ، وصرت اسمع أصوات غريبة ، لعلها جاءت من العالم السفلي (يتجه إلى النهر) فلأرم شبكتي مرة واحدة فقط ، وإذا لم اصطد شيئا فسأعود إلى البيت ، ولتقل شبتو ما تقول (يرمي الشبكة ثم يأخذ بسحبه) إنها ثقيلة هذه
المرة (بنبرة ساخرة) لا بد انه كنز ملك الجن (يضحك) يا للسخف ، إن هذا لا يحدث إلا في الأساطير والأحلام (يصمت مذهولا) ما هذا .؟ قمقم .! (يرفع إناء صدئ من الشبكة) انه إناء نحاسي صدئ ، لا بأس ، سأنظفه وأبيعه في السوق ، واشتري بثمنه طعاما و .. (يتأمله) انه مقفل ، من يدري .. (يضحك) لعل في داخله جني (يدير سدادته) فلأفتحه ، وأنظفه ، و.. (القمقم يفتح ، ويخرج منه دخان كثيف) يا للآلهة ، الجني (يرمي القمقم بعيدا ، فيسقط بين الأشجار) يا للإله ننا ، أيعقل هذا .؟
اورنينا : (تصيح من الخارج) آي
الصياد : يا ويلي (يهم بالهرب) فلأسرع من هنا ، قبل أن ..

تدخل اورنينا مرتدية
زيا قديما مغــايراً

اورنينا : توقف .
الصياد : (يتوقف خائفا) ….
اورنينا : (تدور حوله) لو لم تكن عجوزا ، لقلت انك ادابا .
الصياد : ادابا .!
اورنينا : الصياد الذي كسر أجنحة الريح ، لأنها مزقت شراعه .
الصياد : آه ، هذه أسطورة .
اورنينا : ما الحياة سوى أسطورة ، هذا ما قاله الأمير .. ايدي .
الصياد : الأمير ايدي .!
اورنينا : طبعا تعرفه
الصياد : ومن منا هنا لا يعرف الأمير ايدي .؟ انه ..
اورنينا : (بلهجة فرحة) انه خطيبي .
الصياد : خطيبك .!
اورنينا : آه ، هذا سر ، إن فرحي بالخروج إلى الحياة مجددا ، جعلني أثرثر هكذا .
الصياد : لكن ما اعرفه ، ويعرفه الجميع في اور ، إن الأمير ايدي ..
اورنينا : (تنظر إلى الخارج مبهورة) يا للإله ننا ، عندما دخلت القمقم ، لم يكن لهذا القصر وجود هنا .
الصياد : هذا القصر بناه حديثا الأمير ايدي لخطيبته الأميرة ..
اورنينا : ماذا تخرف .؟ ايدي خطيبي ، وقد اقسم لي بعشتار انه لن يتزوج غيري ، مهما كانت الظروف .
الصياد : اسمعي ، يا بنيتي ، إن .. (يتطلع إلى الخارج خائفا) يا ويلي ، الأمير ايدي وخطيبته (يدفع اورنينا برفق) هيا نختبئ ، هيا نختبئ وراء تلك الشجرة .
اورنينا : لا باس ، فلنختبئ ، وسترى بنفسك مدى صدقي ، لقد اقسم لي ..
الصياد : (يضع يده فوق فمها) صه ، هاهما قادمان
الصياد واورنينا يختبئان ،
يدخل ايدي ودامكـــال
ايدي : دامكال
دامكال : (برقة) نعم
ايدي : أخشى أن الجولة هذه قد أتعبتك .
دامكال : لن اتعب ما دمت معك
ايدي : لنعد إلى القصر ، إذا كنت قد تعبت
دامكال : (بحدة) لم اتعب (برقة) لنجلس هنا .
ايدي : كما تشائين
دامكال : ما أروع الجو (تشير لايدي) تعال ، اجلس إلى جانبي .
ايدي : (يهم بالجلوس ، لكنه يجمد مذهولا) ….
دامكال : ما الأمر .؟
ايدي : إنها هنا
دامكال : من .! (تتلفت) من تعني .؟
ايدي : هي
دامكال : هي .! (تنتفض ناهضة) آه عرفت منذ البداية إن عندك .. هي
اورنينا : (تطل من وراء الشجرة) انه هو .. ايدي .
الصياد : صه (يحاول سحبها وراء الشجرة) تعالي ، واختبئي .
اورنينا : (تبعد يده عنها) دعني (تقترب من الأمير) ايدي .
الصياد : (يهمس مرتعبا) تعالي ، أيتها المجنونة ، تعالي .
اورنينا : (تتوقف أمام الأمير) ايديتي .
دامكال : ايديتي .! (للأمير) إنها تدللك (بحدة) من هي هذه الفتاة .؟
ايدي : لحظة من فضلك .
اورنينا : عرفت أني سألقاك ثانية .
دامكال : ثانية .! وضح الأمر .
اورنينا : صحيح إنني انتظرت طويلا ، لكن ها نحن نلتقي والفضل كله لك .
ايدي : (محرجا) لي أنا .؟
اورنينا : لولاك لدفنت حية مع الملكة شبعاد .
ايدي : (ينظر إلى الأميرة) شعباد .؟
دامكال : لم تخدعني بتظاهرها بالجنون (تمسك يده وتسحبه معها) تعال
اورنينا : (تهم باللحاق بهما) ايدي
الصياد : (يتشبث بها) مهلا ، يا بنيتي ، مهلا
اورنينا : (تحاول عبثا التملص من الصياد) لا تذهب يا ايدي ، لا تذهب ، إنني لم ابق حية لحد الآن إلا على آمل اللقاء بك .
دامكال تجـر ايدي ،
وتخرج بـه مسرعة

اورنينا : يا ويلي (تجهش بالبكاء) إن ايدي لم يتعرفني
الصياد : لا تبكي يا بنيتي ، لا تبكي .
اورنينا : ليت الإلهة عشتار لم تنقذني ، وتركتني ادفن حية مع الملكة شبعاد .
الصياد : شبعاد .‍ ماذا تقولين .؟ إن الملكة شبعاد ماتت منذ أكثر من مائتي سنة .
اورنينا : الموت أفضل مئة مرة ، بل ألف مرة مما أنا فيه .
الصياد : يا للآلهة (يتمتم) يبدو إنها ..
اورنينا : مهلا (تكفكف دموعها) إذا كان ايدي لم يتعرفني ، فلا بد أن يكون هناك خطأ (بتصميم) لن الجأ إلى عشتار .
الصياد : عشتار .‍!
اورنينا : صحيح أنها أنقذتني من موت محقق ، لكن قضية ايدي هي قضيتي ، وعلي أن أعالجها بنفسي (تنظر إلى الصياد) إنني جائعة .
الصياد : (بحماس وفرح) تعالي معي ، عجوزي شبتو ستفرح بك ، وتقدم لك كل ما .. (يفتر حماسه) يا للأسف .
اورنينا : ما الأمر .؟
الصياد : يا لحظي السيئ ليس لدينا ما نأكله ، فانا لم اصطد شيئا منذ أيام .
اورنينا : لا عليك ، هيا (تتجه إلى النهر) تعال ، وارم شبكتك في النهر .
الصياد : (يبقى في مكانه) وما الفائدة ، لقد رميتها مرارا دون جدوى ، لست محظوظا هذه الأيام.
اورنينا : تعال ، وسترى
الصياد : (يتجه إلى النهر) فلأحاول ، لن اخسر شيئا (يرمي شبكته في النهر) ها إني ارميها ، لعل وعسى .
اورنينا : حسن (تمسك بالشبكة) هيا نسحب معا
الصياد : هيا (يأخذ بسحب الشبكة) يا للآلهة ، إنها مليئة بالسمك هذه المرة (يسحب فرحا) هيا نسحبها إلى الشاطئ ، هيا ، هيا
اورنينا : أرأيت .؟ (تأخذ السلة) فلنضع هذا السمك في السلة
الصياد : (يضع السمك في السلة فرحا) ستفرح عجوزتي شبتو ، إنني لم اصطد هذه الكمية من السمك ، منذ فترة طويلة
اورنينا : ابشر ، ستصيد كل يوم قدر هذه الكمية ، بل وأكثر (تحمل السلة) والآن يمكننا أن نذهب إلى البيت ، ونأكل حتى نشبع
الصياد : (يتقدمها حاملا الشبكة) هيا ، يا بنيتي ، هيا، إن عجوزتي شبتو ستفرح بك أكثر من فرحها بالسمك .

الصياد واورنينا يخرجان ،
وهمـا ما زالا يتحدثــان

إظلام


















المشهد الثالث

بيت الصياد العجوز ،
الزوجــة تقف قلقة

الزوجة : الشمس تكاد تغرب وهو لم يعد بعد ، عسى أن يكون المانع خيرا (تهز رأسها) أي خير ، وشبكته خاوية على الدوام ، أيعقل انه يصطاد اليوم شيئا من السمك ، وأخذه ليبيعه في السوق .؟ هذه معجزة ، وزمننا ليس زمن معجزات ، لقد شاخ ، وضعفت قواه ، حتى انه لم يعد يقوى على الصيد ، ها هو قادم ، ولا بد انه كالعادة جاء خالي الوفاض.
الصياد : (يفتح الباب) ابشري ، ابشري يا زوجتي
الزوجة : خيرا
الصياد : كل الخير
الزوجة : جاء الفرج أخيرا .؟
الصياد : وأي فرج ، قمر
الزوجة : قمر .!
الصياد : (لاورنينا) تفضلي ، يا قمري

اورنينا تدخل حــاملة
السلة ، الزوجة مذهولة

الصياد : (مشيرا إلى زوجته) هذه زوجتي شبتو (يهمس لاورنينا) ستحبينها
اورنينا : (تضع السلة جانبا) عمت مساءا
الزوجة : (تنظر متسائلة إلى الصياد) ….
الصياد : اسمها .. (يضحك) يا للآلهة ، إنني لم اعرف اسمك حتى الآن .
اورنينا : اسمي اورنينا
الزوجة : اورنينا .!
اورنينا : كانت أمي تحب هذه المغنية العظيمة ، فأسمتني على اسمها
الصياد : (لزوجته) انظري إليها ، إنها قمر
الزوجة : إنني أراها ، رغم إن القمر لا يرى عادة في النهار
الصياد : (يتضاحك مترددا) اصطدتها من النهر ، رميت شبكتي و …
الزوجة : (تتأمل اورنينا) ملابسك غريبة ، لا نراها الآن إلا في المنحوتات القديمة .
اورنينا : لعلك على حق ، لكني من هذه المدينة ، من اور
الزوجة : (تنظر إلى الصياد) ….
الصياد : (يهرب بعينيه محرجا) …..
الزوجة : لكن أحدا في اور ، لا يرتدي الآن مثل هذه الملابس .
اورنينا : (تنظر مستنجدة إلى الصياد) ….
الصياد : إنها ليست من هذا العصر ، وإنما من عصر الملكة شبعاد .
الزوجة : شبعاد .‍!
الصياد : (محرجا) هذا ما تقوله .. اورنينا
اورنينا : نعم ، كنت جارية من جواري شبعاد ، وكدت ادفن معها (تختنق بدموعها) صدقيني
الزوجة : مهما يكن ، فأهلا بك ، كفكفي دموعك (تتأملها) أنت حقا قمر .
اورنينا : (تكفكف دموعها) أشكرك .
الصياد : (لزوجته) انظري ، ما أروعها .
الزوجة : لقد تمنيت طول حياتي ، أن تكون لي ابنة
الصياد : ها قد جئتك باورنينا ، إعتبريها ابنتك
الزوجة : حبذا لو توافق .
اورنينا : أوافق .! هذا شرف لي .
الزوجة : (تحضنها) ابنتي .
اورنينا : (تقبلها) أمي .
الزوجة : آه ، يا لعذوبة هذه الكلمة ، لتباركك الآلهة.
الصياد : لم اصطد شيئا طول النهار ، وبعدت أن اصطدت اورنينا ، اعني بعد أن أخرجتها ..، قالت لي ارم الشبكة في النهر ، فرميتها ، وإذا بها تمتلئ بالسمك .
الزوجة : الأمر واضح ، لقد أرسلتها الآلهة الرحيمة لنا ، وأرسلت معها رزقه .ا
الصياد : حمدا للآلهة .
الزوجة : لا اعرف كيف أشكرك (تحضن اورنينا) على هذه الهدية .
الصياد : ليس هناك سوى طريقة واحدة ، اشبعي اورنينا ، فهي جائعة جدا .
اورنينا : (تضحك خجلة) أبي .
الزوجة : سأشبعها في الحال (لاورنينا) تعالي معي ، لننظف بعض هذا السمك ونطبخه .
اورنينا : لا يا أمي ، ابقي أنت مع أبي ، وسأنظفه وحدي واطبخه ، إنني طباخة ماهرة
الزوجة : (تنظر إلى زوجها فرحة) ….
اورنينا : (تحمل السلة) فلأبدأ العمل (وهي تخرج) وأريكما شطارة ابنتكما ، اورنينا
الصياد : (ضاحكا) يا للآلهة ، ها قد صار لنا ابنة
الزوجة : وأية ابنة ، قمر
ايلوم : (يصيح من الخارج) يا أهل الدار .
الزوجة : انه ايلوم .. أخوك
الصياد : بالاسم فقط (يرفع صوته) تعال يا ايلوم ، نحن هنا .

يدخل ايلوم ، وهو
يتطلع إلى الفنـاء

ايلوم : لديكما ضيفة اليوم ، وأي ضيفة .
الصياد : دعك منها ، وأغلق الباب
ايلوم : حسن (يغلق الباب) لم اقل ما يسيء
الزوجة : إنها ليست ضيفة ، وإنما هي ابنتنا
ايلوم : ابنتكما .‍! (يضحك) المجد للآلهة .
الزوجة : الآلهة التي خلفتك ، أليست قادرة على منحنا ابنة .
ايلوم : (ينظر إلى الصياد) ….
الصياد : الآلهة قادرة على كل شيء .
ايلوم : مهما يكن ، يا أخي ، جئت لأرى إن كنت بحاجة إلى مساعدة .
الصياد : أشكرك ، لقد رأيت صيدي .
ايلوم : رايته ، يا للعجب ، أنت لم تصطد شيئا منذ أيام طويلة ، وفجأة ..
الصياد : كانت أيام نحس ، ولن تعود ، ما دامت ابنتنا اورنينا موجودة
ايلوم : اورنينا ، يا له من اسم ، لكن (يقترب من الصياد) فكر معي ..
الصياد : لا أريد أن أفكر معك .
ايلوم : قد يعرف الجيران بأمر اورنينا .
الزوجة : (بحدة) ليعرفوا ، هذا لا يهمنا .
ايلوم : وقد يصل أمرها إلى الملك نفسه .
الصياد : الملك .‍ وما شأننا والملك .؟ نحن لم نتجاوز حدودنا ولم نقترف خطأ .
ايلوم : ماذا دهاك يا أخي .؟ أنت صياد سمك عجوز ، وزوجتك امرأة عاقر .
الزوجة : هذا ليس شأنك .
الصياد : (يهز رأسه مؤيدا زوجته) ….
ايلوم : أنت أخي ، وأمرك يهمني ، وكذلك أمر زوجتك (يقترب منه) لدي فكرة .
الصياد : إذا كانت فكرتك هذه ، تتعلق بابنتنا اورنينا ، فاحتفظ بها لنفسك
ايلوم : ستتخلص من المأزق الذي أنت فيه ، وتحصل على ما يغنيك طول العمر (يحدق فيه) فكر إنها ثروة .
الصياد : تمنيت لفترة ، أن يعود إليك رشدك ، وتترك هذه التجارة القذرة .
ايلوم : التجارة بالرقيق ليست حراما ، ولا مخالفة للقوانين في اور .
الزوجة : (بحدة) اخرج .
ايلوم : صه ، لا تكوني مجنونة .
الزوجة : قلت لك اخرج .
ايلوم : (يتراجع قليلا) فكرا ، هذه الفتاة ثروة ، فلا تضيعاها من أيديكما .
الزوجة : (تتناول مكنسة) الكلام لا يجدي معك .
ايلوم : مهلاً ، اعرف جنونك ، سأخرج .
الزوجة : (تهدده بالمكنسة) اخرج ، ولا تدخل بيتنا مرة أخرى .
ايلوم : (عند الباب) سيعرف الملك بأمر هذه الفتاة ، وستندمان .
الزوجة : (تطارده مهددة إياه بالمكنسة) انتظر أيها اللعين ، وسترى من سيندم .

ايلوم يخرج مسرعا ،
ويصفق الباب وراءه

الزوجة : لتأخذه آلهة العالم السفلي ، وتريح الآخرين منه .
الصياد : أرأيت .؟ لقد طلبت مني صباح اليوم أن اقبل مساعدته .
الزوجة : ظننته ادميا ، الموت جوعا ، ولا القبول بمساعدته .
اورنينا : (تدخل خائفة) أمي .. أمي .
الزوجة : لا تخافي يا بنيتي ، ما الأمر .؟ اخبريني
اورنينا : ذاك الرجل ، امسك بي ، وأراد أن يجبرني على الذهاب معه
الزوجة : اللعين (تنظر إلى الصياد) يجب أن توقفه عند حده .
الصياد : (لاورنينا) بنيتي ، إياك والاقتراب منه ، انه رجل شرير .
اورنينا : حسن ، لقد نظفت السمك (تتجه إلى الخارج) سأطبخه الآن .
الزوجة : مهلا يا بنيتي ، سآتي معك .
اورنينا : لا يا أمي ، ارتاحي أنت سأطبخه وحدي .
الزوجة : لن ارتاح وأنت بعيدة عني ، هيا .
اورنينا : (تتجه نحو الباب) هيا يا أمي (تتوقف) أبتي.
الصياد : نعم يا عزيزتي .
اورنينا : أريد منك شيئا ، بعد موافقة أمي طبعا .
الصياد : أنت تأمرين .
اورنينا : لا ، عفوا .
الصياد : (مبتسما) قولي ما تريدين .
اورنينا : إن تذهب غدا لصيد السمك ، خذني معك
الزوجة : (مترددة) بنيتي .
اورنينا : سنصطاد سمكا كثيرا كما اصطدنا اليوم .
الصياد : (لزوجته) لا تخافي على ابنتك ، لن اغفل عنها لحظة واحدة .
الزوجة : ما دام الأمر كذلك (تبتسم) أوافق (لاورنينا) هيا نكمل الطبخ ، وإلا متنا من الجوع .
اورنينا : (فرحة) هيا يا أمي .

اورنينا والزوجة تخرجان ،
الصيــاد يبتسم فرحــا

إظلام






المشهد الرابع

شاطئ النهر صباحا ،
يدخل ايلـوم متلفتـا

ايلوم : يا للآلهة ، انه يكاد لا يفارقها ، وأنا بدوري لن أفارقها ، إنها كنز ، كنز بين يدي أحمق ، وما حاجة الأحمق إلى كنز .؟ (يصمت ويتراجع) ها هما قادمان ، الكنز والأحمق (يسرع صوب شجرة كبيرة) فلأختبئ هنا ، ريثما تحين الساعة ، واخطف هذا الكنز .

ايلـوم يختبئ ، يدخـل
الصياد العجوز واورنينا

اورنينا : هنا يا أبي ، فلنصطد هنا
الصياد : لقد اصطدنا هنا البارحة ، وكان الصيد وفيرا .
اورنينا : وسيكون الصيد أوفر هذا اليوم .
الصياد : بعون الآلهة .
اورنينا : (ترفع يديها مبتهلة) عشتار .
الصياد : عشتار .! (يضحك) لكن عشتار ليست إلهة الصيد .
الصياد : إنها إلهة ، إلهة عطف ومحبة ، وقد تشفع لنا عند اله الصيد ، هيا يا أبي ، ارفع يديك وابتهل إلى عشتار .
الصياد : (يرفع يديه مغالبا ابتسامته) عشتار .
اورنينا : أدركيني ، أدركيني يا عشتار .
الصياد : ستدركنا فورا ، كما أدركتنا البارحة (يتجه إلى النهر) هيا يا بنيتي ، هيا نصطد .
اورنينا : ليتك تذهب يا أبي ، وتتركني هنا بعض الوقت .
الصياد : لا ، لا يا بنيتي ، لقد وعدت عجوزي ، إلا ادعك تغيبين عن عيني لحظة واحدة .
اورنينا : ولن أغيب ، النهر قريب ، وإذا احتجت إلي لسحب الشبكة ، نادني .
الصياد : احتاجك .! كلا ، صحيح إنني عجوز ، لكنني ما زلت قويا .
اورنينا : اذهب إذن ، يا أبي ولتكن عشتار معنا
الصياد : حسن يا بنيتي (يتجه إلى النهر) ابقي هنا ، لن أتأخر .
اورنينا : بعد انتظار طويل ، في عتمة القمقم ، إلتقيته هنا البارحة
ايلوم : (يطل من وراء الشجرة) ….
اورنينا : وسألقاه اليوم أوغدا أو بعد غد ، .. أو .. (تهز رأسها) لن أيأس لحظة (ترفع عينيها ضارعة) عشتار .
ايلوم : يا للآلهة ، إنها تحدث نفسها بشكل غريب ، لعل بها مسا من الجنون (صمت) مهما يكن ، فإذا اشتراها أمير من عيلام ، لن يلتفت إلا إلى شبابها وجمالها (يتقدم قليلا) فلأخطفها ، وأطير بها على حصاني إلى عيلام ، و.. (يتوقف) اللعنة ، ها هو الحارس قادم ، فلأختبئ (يتجه صوب الشجرة) صبرا ، لعل الحارس لا يبقى طويلا ، فلأنتظر .

ايلــــوم يختبئ وراء
الشجرة ، يدخل الحارس

الحارس : هي ، أنت .
اورنينا : (تلتفت إليه) نعم .
الحارس : لا تقفي هنا ، امضي .
اورنينا : عفوا ، إنني انتظر ..
الحارس : الأمير في الجوار ، ولا أريد أن يعاقبني بسببك .
اورنينا : من أدراك ، قد يكافئك إذا راني .
الحارس : هذا جنون ، ولا وقت عندي للإصغاء إلى مثل هذا الجنون ، امضي .
اورنينا : أرجوك ، دعني حتى يأتي الأمير ، لا بد لي أن أراه .
ايلوم : (يطل من وراء الشجرة) ….
الحارس : يبدو أن الكلام معك لا يجدي (يمسك يدها) فلآخذك إلى السجن .
اورنينا : حذار ، سيعاقبك الأمير إذا عرف بما تفعله بي .
ايلوم : (ينظر إلى الخارج خائفا) يا الهي ، جاء الأمير ايدي (يلوذ بالفرار) فلأهرب .
الحارس : (يحاول جرها) تعالي وإلا عاقبني الأمير فعلا ، وزجني في السجن .
اورنينا : (تقاومه) دعني .. دعني .
ايدي : (من الخارج) أيها الأحمق ، دع الفتاة ، دعها .
الحارس : (يترك الفتاة) يا ويلي ، الأمير .
اورنينا : (يشرق وجهها فرحا) ايدي .

يدخل ايدي ، الحارس .
ينحني أمامه خائفاً

الحارس : عفو مولاي ، أردت أن افهمها أن .. أن ..
ايدي : لا عليك ، اذهب
الحارس : سأبعدها من هنا ، إذا أردت ، يا مولاي .
اورنينا : (تلوذ بايدي) لا (ترفع عينيها نحو الأمير)
لا تدعه يبعدني .
ايدي : (يربت على يدها) اطمئني (للحارس) اذهب أنت .
الحارس : (ينحني) أمر مولاي .


الحارس يخرج ، اورنينا
تحدق فــــي أيـدي

اورنينا : ايدي ..
الحارس الأحول : (يطل خلسة من وراء الشجرة) ….
اورنينا : أنت في صحة جيدة .
ايدي : حمدا للآلهة .
اورنينا : حتى انك قد سمنت قليلا .
ايدي : (يبتسم) هذا ما تقوله أيضا الأميرة ..
اورنينا : كم خشيت أن يكون الانتظار ، كل هذه المدة قد اثر عليك .
ايدي : الانتظار .؟
اورنينا : لا عليك ، لقد انتهى انتظارنا ، وها نحن ثانية معا ، وسنبقى معا حتى النهاية .
ايدي : أصغي ، هناك خطأ ..
اورنينا : اعرفه ، لكنه ليس خطئي أو خطأك ، هذا قدرنا ، ما كنا سنتباعد هذه المدة الطويلة ، لو لم تمت الملكة شبعاد .
ايدي : الملكة شبعاد .!
اورنينا : يا للملكة العظيمة ، لقد اختطفها الموت فجأة ، وقرر الكهنة ، كما هي العادة ، دفنها في غرفة ضخمة مع أفراد حاشيتها ، الذين يزيد عددهم عن سبعين شخصا ، وكنت كما تعرف ، واحدة منهم .
ايدي : فلنحمد الآلهة ، لقد أصبحت هذه العادة الرهيبة شيئا من الماضي البعيد .
اورنينا : وأقنعتني بالهرب ، وكدنا أن نهرب فعلا ، ولكن الكهنة والحرس لحقوا بنا، وحاصرونا خارج أسوار اور ، وأوشكوا أن يمسكوا بي ، ويعيدوني إلى حجرة الموت ، ويدفنوني مع الملكة شبعاد ، فصحت متضرعة (تصيح) عشتار .
ايدي : عشتار .!
اورنينا : وخلصتني عشتار ، وأخذتني من بين أيديهم ، ووضعتني في قمقم ، ورمتني وسط النهر .
ايدي : (يبتسم متشككا) يالعشتار .
اورنينا : وطوال هذه المدة ، بقيت في عتمة القمقم ، أفكر فيك قلقة ، وخشيت أن يكون الكهنة قد أمروا بزجك في السجن و .. (تصمت) لكن ، حمدا للآلهة ، ها أنت أمامي ، وكأني لم أغادرك سوى البارحة .
ايدي : وهذا حق ، فأنت لم تغادريني ، سوى البارحة .
اورنينا : آه ، ما ابعد هذه البارحة ، يا ايدي .
ايدي : بالمناسبة ، ما اسمك .؟
اورنينا : ماذا .!
ايدي : أنت كما أرى ، تعرفين اسمي ، ومن العدل أن اعرف أنا أيضا اسمك .
اورنينا : لا تمزح هكذا ، أرجوك .
ايدي : لست امزح .
اورنينا : (مذهولة) ايدي .
ايدي : أنت لم تذكري لي اسمك مرة .
اورنينا : ايدي ، عزيزي ، إنني لا احتمل مثل هذا المزاح .
ايدي : آه ، عفوا ..
الحارس : (يدخل) مولاي .
ايدي : (يلتفت إليه) نعم .
الحارس : مولاتي الأميرة ، تطلب أن توافيها ، عند باب البستان .
ايدي : (لاورنينا) عن إذنك .
اورنينا : ايدي .
الحارس : (ينظر إليها مندهشا) ….
ايدي : (يمضي مبتعدا) الأميرة تنتظرني (يلوح لها) قد أراك فيما بعد .
اورنينا : ايدي ، أرجوك .
ايدي : (يواصل سيره) فيما بعد ، فيما بعد .

ايدي يخرج مسرعـــا،
الحارس واورنينا وحدهما

الحارس : إنني اعمل هنا منذ سنين طويلة ، لكني لم أرك ، في زيك الغريب هذا ، قبل البارحة
اورنينا : أنت صادق ، لأني البارحة فقط خرجت من القمقم .
الحارس : القمقم .!
اورنينا : (وكأنها تحدث نفسها) كم أخشى أنني بقيت في القمقم مدة أطول مما ينبغي .
الحارس :أنصحك إلا تتكلمي هكذا ، فمثل هذا الكلام ، لا تصدقه الآن سوى جدتي .
اورنينا : ستصدق أنت أيضا لو كنت مثل جدتك .
الحارس : جدتي تجاوزت التسعين من عمرها .
اورنينا : كن نقي السريرة وستكون مثلها ، وأضل .
الحارس : لا أريد أن أكون مثلها ، إنني عاقل .
اورنينا : هذا ما تظنه (تتطلع إلى الخارج) جاء أبي.
الحارس : أبوك .؟ (ينظر حيث تنظر) الصياد العجوز (يهز رأسه ساخرا) واضح انك عاقلة جدا (يتجه نحو الخارج) الأفضل أن اذهب ، وأتركك مع أبيك .
اورنينا : رافقتك السلامة .
الحارس : (يواصل سيره دون أن يرد عليها) ….

الحارس يخرج ، يدخل
الصيـاد ينـوء بحمله

الصياد : بنيتي (يضع السلة على الأرض) الصيد هذا اليوم أكثر مما استطيع حمله وحدي .
اورنينا : لست وحدك (تسرع إليه) ولن تكون وحدك (بصوت تشوبه الدموع) مادامت ابنتك اورنينا موجودة .
الصياد : (يحدق فيها) ما الأمر ، يا بنيتي .؟
اورنينا : (تحاول أن تبتسم) لا شيء (تنحني على السلة) ساعدني على حمل السلة .
الصياد : (يساعدها على حمل السلة) ستفرح عجوزي شبتو بما اصطدناه اليوم
اورنينا : (تسير حاملة السلة) هذا ما اصطدته أنت وحدك ، يا أبي .
الصياد : لا يا بنيتي ، فقبل أن ترسلك عشتار إلينا ، لم اصطد يوما مثل هذه الكمية من السمك .
اورنينا : ستصطاد دوما أكثر وأكثر بعون عشتار
الصياد : الشكر لعشتار ، فقد أرسلت لي أولا زوجتي شبتو ، وآه لو تعلمين كم كانت جميلة .
اورنينا : (تبتسم) أمي ما زالت وستبقى جميلة
الصياد : (يبتسم) وها هي ترسلك لي ، وآه كم أنت جميلة .
اورنينا : (مازحة) لا ترفع صوتك ، قد تسمعك أمي
الصياد : (يضحك) لتسمعني ، إنها أمك ، ولن تغار علي منك .


الصياد العجوز ، واورنينا،
يخرجان وهما يتضاحكان


أظلام




















المشهد الخامس


دامكال والوصيفة تتمشيان ،
قرب بـــاب البستــان

الوصيفة : مولاتي ، ليتك تتريثين قليلا ، فللاستعجال عواقبه .
دامكال : لقد نفد صبري ، لا استطيع أن أتريث أكثر ، أخشى أن افقده .
الوصيفة : ما تفكرين فيه يا مولاتي ، أمر مستحيل ، إن مولاي لا يمكن أن يفضل امرأة عليك
دامكال : أنت لم تقابلي اورنينا هذه ، قابليها مرة ، وسترين بأم عينيك .. المستحيل .
الوصيفة : مولاتي ..
دامكال : صه (تنظر إلى الخارج) ها هو عيني قادم
الوصيفة : هذا العين يا مولاتي ، خطيبي (متوسلة) أرجوك أعفيه من هذه المهمة .
دامكال : (تهز رأسها) لا احد غيره يصلح لهذه المهمة فهو أحول
الوصيفة : (متنهدة) آه
دامكال : (تحدق فيها) لست ادري كيف تثقين به كخطيب ، وهو أحول ، إن إحدى عينيه تحملقان دائما في غيرك
الوصيفة : مولاتي ، إنني أثق في قلبه ، وليس في عينيه
دامكال : ليتني استطيع أن أقول هذا عن الأمير ايدي ، مهما يكن ، هاهو عيني ، دعينا نسمعه

يدخل شو مسرعـاً،
وينحني أمام دامكال

شو : مولاتي
دامكال : انظر إلي وتكلم
شو : إنني انظر إليك ، يا مولاتي
دامكال : (بنفاد صبر) تكلم
شو : حسن يا مولاتي (يتلفت إلى الوراء) مولاي ايدي قد يأتي إلى هنا
دامكال : بل سيأتي ، فقد أرسلت الحارس إليه قبل قليل
الوصيفة : الأفضل ، والحالة هذه أن اذهب الآن يا مولاتي
دامكال : أنا أقرر ما هو أفضل
شو : عفواً ، مولاتي
دامكال : هيا ، أنت عيني ، حدثني عما فعل الأمير ايدي هذا اليوم
شو : حسن يا مولاتي ، خرج من القصر صباحا
دامكال : نعم
شو : وتجول في شوارع اور على غير هدى
دامكال : لتهده عشتار
شو : ثم اتجه إلى النهر
دامكال : هنا بيت القصيد
شو : (يتلفت) مولاتي أخشى أن الأمير ..
دامكال : (تلتفت إلى الوصيفة) يبدو أنني سأرملك شو، قبل أن تتزوجيه
الوصيفة : (خائفة) مولاتي
دامكال : (لشو) تكلم
شو : أمر مولاتي
دامكال : حدثني عما جرى عند النهر
شو : أمرك يا مولاتي ، سأحدثك (يصمت) تجول أولا بين الأشجار
دامكال : (بنفاد صبر) هذا أولا
شو : وتجول .. فوق الشاطئ
دامكال : (للوصيفة) سأفقأ عينه الحولاء
الوصيفة : (لشو) تكلم
شو : ها إني أتكلم (لدامكال) مولاتي ، التقى بها
دامكال : آه (للوصيفة) ارايت .؟
الوصيفة : لا عليك يا مولاتي ، لعلها صدفة
دامكال : صدفة .!
الوصيفة : من يدري ، إن الأمير كما تعرفين يا مولاتي، يحب التجول قرب النهر
دامكال : أهي صدفة أن يتجول قرب النهر ، وصدفة أن يراها .؟ وصدفة ..؟ (تحدق في شو) أصدقني ، هل تحدث إليها .؟
شو : (يهز رأسه) نعم ، نعم يا مولاتي
دامكال : يا للصدفة ، حدثني ، ماذا ..
الوصيفة : (تهمس خائفة) مولاتي ، الأمير ايدي
دامكال : (تنظر إلى الخارج) ها هو قد جاء
شو : (خائفا) مولاتي
دامكال : (لشو) لا تبتعد كثيرا ، قد احتاجك بعد قليل ، اذهب الآن
شو : (يهم بالخروج) أمر مولاتي
دامكال : مهلاً ، خذ خطيبتك معك
شو : (يتوقف)أمر مولاتي(يشير للوصيفة)هيا تعالي
الوصيفة : (تسرع نحو شو) هيا ، هيا
دامكال : يا للوصيفة الحمقاء (تدمدم) أحول .!
يخرج شـو والوصيفة
مسرعين ، يدخل ايدي
دامكال : (تحاكي صوت اورنينا) أهلا ايديتي
ايدي : ايديتي .؟ يبدو أن الاسم قد أعجبك
دامكال : جدا ، لكن ليس قدر إعجابك بتلك الفتاة ، ترى .. ما اسمها.؟
ايدي : ما أدراني .؟ ثم من قال إنني معجب .؟
دامكال : أمر كهذا يا ايدي ، لا يحتاج إلى قول
ايدي : (يهم بالرد عليها) ….
دامكال : (تحدق في وجهه) يا لعشتار ، انظر إلى بشرتك ، لقد صارت برونزية
ايدي : دامكال ..
دامكال : حبيبي ، حبيبي ايدي ، لا ترتد النهر كثيرا ، إنني أخاف عليك
ايدي : لا تخافي ، إنني كما تعرفين ، سباح ماهر
دامكال : اعرف مهارتك ، لكني مع هذا أخاف عليك ، وخاصة إذا سبحت بعيدا عني
ايدي : (يهز رأسه مبتسما) آه منك
دامكال : ما أجمل الجو (تمسك إحدى يديه) تعال نتجول قرب النهر
ايدي : الجو هناك وخم ، لنبق هنا (يحدق في عينيها) دعيني أسبح في عينيك
دامكال : ساخذك إلى النهر ، نعم ساخذك ، وهناك اسبح في عيني كما يحلو لك
ايدي : ليس الآن ، إنني متعب (يسحب يده من بين يديها) لنذهب عند المساء
دامكال : (بإصرار) الآن
ايدي : دامكال
دامكال : الآن ، يا ايدي
ايدي : يا للآلهة (يحدق فيها) عينك الأحول كان طول اليوم يتبعني كظلي
دامكال : لحوله ميزة ، لك أن تعترف بها ، فقد أردت عينيه عليك ، لكن عينه الحولاء وقعت على (تحاكي صوت اورنينا) ايديتي
ايدي : صارحيني .؟ أتشكين فيّ .؟
دامكال : لا ، أنا أخاف عليك
ايدي : خافي ، فلمثل هذا الخوف دلالته (يبتسم) انه الحب
دامكال : رائع ، انه تفسير دقيق لحالتي ،لكن أرجوك ، فسر لي حالتك
ايدي : حالتي واضحة لا تحتاج إلى تفسير ، أنت تعرفين إنني التقيت بها صدفة
دامكال : الصدفة كانت البارحة
ايدي : (مترددا) وكذلك اليوم
دامكال : (تحاكي صوت اورنينا) ايديتي
ايدي : الحقيقة ..
دامكال : نعم أريد .. الحقيقة
ايدي : أردت أن اعرف حقيقتها
دامكال : وما الداعي لذلك .؟ الرجل المخلص يكتفي بحقيقة خطيبته ، أو حبيبته ، أو ..
ايدي : أنها فتاة غريبة ، تذكرني بشكل من الأشكال ، بفتاة الحلم
دامكال : آه ، هنا مكمن الحقيقة ، ويا لها من حقيقة
ايدي : إنها تتحدث عن أمور يصعب تصديقها
دامكال : لا خيار ، التق بها حتى تصدقها
ايدي :تتحدث عني ، كما لو أني عشت معها في اور، قبل أكثر من مئتي سنة
دامكال : هذه الألاعيب ، إذا كانت قد خدعتك ، فإنها لا تخدعني ، إن هذه الفتاة ساحرة وخطيرة ، تريد أخذك مني ، لكن هيهات
ايدي : لا ، لا ، الأمر أعمق
دامكال : ايدي ..
ايدي : لا بد أن اعرف الحقيقة ، مهما كلف
الأمر
دامكال : اسمع يا ايدي (تصمت) جاء أبي
ايدي : الملك .! (ينظر إلى الخارج) ما الذي جاء
به .؟ لقد نصحه الأطباء بان لا يغادر
الفراش
دامكال : لعله سمع بما يجري ، وأراد هو أيضا أن يعرف الحقيقة
ايدي : أرجوك ، يا دامكال ، أن أباك مريض ، فلا تثقلي عليه بوسواسك
دامكال : عرش اور ومستقبلها ، فوق كل شيء
(تتقدم قليلا) ها هو أبي .. ملك اور

الملك يدخل ، دامكال
وايدي يسرعان إليه

دامكال : أهلا أبي (تمد يدها نحوه) دعني أساعدك
الملك : (مازحا) ما أريده من مساعدة يا عزيزتي ، (يستند إليها) ليس هذا فقط .
ايدي : حمدا للآلهة ، تبدو بصحة وعافية ، يا مولاي
الملك : هذا ما يبدو ، وأخشى أن الحقيقة شيء آخر (يتوقف لاهثا) أريحاني يا عزيزي ، واحملا عني تاج اور
ايدي : مولاي ..
دامكال : اسمعه يا أبت ، لعل لديه ما يريد أن
يقوله
الملك : (متألما) ماذا لديك .. (يكاد يتهاوى) بني
ايدي : (يسرع إلى الملك ويسنده) مولاي
دامكال : (خائفة وقلقة) أبي
الملك : لا عليكما (يصمت لاهثا) هذه سنة الحياة ، إنني اسمع .. ايرشيكال تناديني
دامكال : (بصوت تخنقه الدموع) أبي .. أرجوك ..
لا تقل هذا
ايدي :من الأفضل يا مولاي ، أن نمضي إلى القصر ، أن الحر هنا شديد
دامكال : أصغيا إلي (يصمت لاهثا) عندما شاخ أبي وضعف .. ساعدته .. وحملت التاج عنه (يصمت لاهثا) ….
ايدي : مولاي ..
دامكال : أبي ..
الملك : آن الأوان .. أن تساعداني .. وتحملا .. هذا التاج .. عني
دامكال : أنت متعب ، يا مولاي ، أرجوك ألا تتكلم الآن ، دعنا نمضي إلى القصر
ايدي : هيا يا أبي ، يجب أن تخلد إلى
الراحة
الملك : (يسير بصعوبة وهو يئن) إنني متعب .. نعم .. متعب .. ولن يريحني .. غيركما
دامكال : أبي أرجوك ، دع هذا الآن ، سنتحدث في
كل ما تريد ، بعد أن ترتاح

الملك يسيـر لاهثاً
بين دامكال وايدي





إظلام














المشهد السادس

غرفة نــــوم الملك،
الملك ، الملكة ، الطبيب

الطبيب : (يحاول عبثا فحص الملك) مولاي
الملك : (يبعده منزعجا) دعني ، اعرف أني مريض جدا ..
الطبيب : مولاي ، اسمح لي أن ..
الملك : واعرف أني سأموت قريبا
الملكة : لا قدرت الآلهة ، مولاي ، أرجوك ، لا تقل هذا
الطبيب : ستكون بخير ، يا مولاي ، إذا التزمت بما وصفته لك
الملك : دعني الآن
الطبيب : مولاي ..
الملك : دعني ، أريد أن ارتاح
الملكة : (تلمس الطبيب هامسة) تعال
الطبيب : (يتبعها متسحبا) مولاتي
الملكة : (هامسة) صارحني ، فانا ألاحظ أن صحة جلالته تسوء
الطبيب : (هامسا) لو أن جلالته فقط ..
الملك : كفى تهامسا
الطبيب : (ينحني) عفوا ، مولاي
الملك : اخرج
الطبيب : أمر مولاي
الملكة : (عند الباب هامسة) لا تبتعد ، قد يحتاجك جلالة الملك
الطبيب : (ينحني) رهن إشارتك ، مولاتي
الطبيب يخرج ، الملكة
تعود إلى الملك
الملكة : أنت عصبي جدا هذا اليوم ، وهذا يؤثر على صحتك ، خاصة وانك مريض
الملك : لا تلوميني ، أن دامكال غير مرتاحة ، وما دامت غير مرتاحة ، فانا لا يمكن أن ارتاح
الملكة : لقد أفسدنا دامكال بدلالنا لها ، حتى غدت تبدو غير مرتاحة ، لسبب أو بدون سبب
الملك : كلا ، هناك سبب هذه المرة ، وسبب مهم
الملكة : اعرفه ، إنها واهمة ، وهي توهمك معها
الملك : حاولي أن تفهميها ،لقد كنت في عمرها يوما ما ، أن ايدي لم يأت اليوم
الملكة : لا داعي للعجلة ، سيأتي مثلما أتى البارحة
الملك : البارحة أتى مع المساء ، ولم يبق معها إلا فترة قصيرة
الملكة : وماذا في الأمر .؟ انه رجل ، ورجل مثله قد يكون مشغولا
الملك : مشغول .! ما الذي يشغله .؟ ليس له أن يشغل إلا بخطيبته .. دامكال
الملكة : دامكال مجنونة ، فايدي ، كما تعرف جيدا ، يعبدها
الملك : أنت أمها ، تحدثني إليها
الملكة : إنني أتحدث إليها كل يوم دون جدوى
الملك : تحدثني إليها مرة أخرى ، قولي لها ..
الملكة : ها هي قادمة ، تحدث إليها أنت (تتجه إلى الخارج) لعلها تصغي إليك
الملك : مهلا ، لنتحدث إليها معاً
الملكة : (تواصل سيرها) تحدث إليها وحدك (وهي تخرج) سأعود بعد قليل
الملك يدمدم متضايقا،
تدخل دامكال مسرعة
دامكال : أبي ، رأيت الطبيب يخرج من عندك ، قبل قليل ، طمئني
الملك : اطمئني ، يا بنيتي ، أن هذا الخرف يزورني كل يوم (ينظر إليها) أراك مهمومة ، أهو ..؟
دامكال : من .؟ آه ، لا ، لا (بصوت يشي بالخطورة) أبي ، أن اور في خطر
الملك : اور .! بنيتي ، لا تخافي على ايدي
دامكال : افهمني يا أبي ، إنني لا أخاف إلا على اور
الملك : بنيتي ..
دامكال : (بحدة) لن اسمح لأحد أن يقرب اور ، أو يأخذها مني ، أو … (تزداد حدة) احرقها ، أغرقها في النهر ، اهدمها على من فيها ، لكن لن اسمح .. لهذه .. الـ (تكاد تبكي) آه
الملك : دعك من هذا ، لقد وضعت أكثر من عين عليه ، يقودهم وزيري نفسه ، وسيأتونني بالحقيقة عارية
دامكال : (وعيناها غارقتان بالدموع) أبي
الملك : بنيتي
دامكال : إن عرش الأجداد في خطر
الملك : ماذا ترين .؟
دامكال : هذه الفتاة نار
الملك : نار .!
دامكال : لا بد من إطفائها وبأسرع وقت ممكن ، وإلا أحرقت اور ، وأحرقت قلبي معها
الملك : آه يا بنيتي ، إنني في عمري هذا لا أحب إطفاء النيران الشابة
دامكال : هكذا (تتجه إلى الخارج غاضبة) دعها إذن تحرقني ، وتحرق معي .. اور
الملك : (يحاول النهوض) بنيتي ، لا تغضبي ، تعالي، سأطفئ ..
دامكال : (تخرج دون أن تلتفت إليه) ….
الملك : يا لعشتار ، ترى من أورثها هذا الطبع
الناري .؟ (يصمت) لا ، ليست أمها ، إن
أمها ..! (يصمت ثانية) مسكينة اور ، قد تحترق فعلا ، إذا لم ترتح دامكال ، ولكن كيف ترتاح وايدي ..؟ مهلا ، هذا وزيري الهمام ، فلنر بماذا جاء لمليكه ..

يدخل الوزير العجوز،
وينحني بإجلال للملك

الوزير : مولاي
الملك : أريد الحقيقة عارية
الوزير : الحقيقة .! انه يلقاها فعلا
الملك : هذا لا يعني أي شيء أحيانا ، قد يلقاها مثلما يلقى .. فرسه
الوزير : لعلك محق يا مولاي ، لكني لم أر فرسه يوما تحضنه
الملك : تحضنه .!
الوزير : نعم ، يا مولاي ، تحضنه ، وهذا ما أكده لي سبعة من عيوني ، ليس بينهم واحد أحول
الملك : مادام الأمر كذلك ، فان اور حقا في خطر (يدمدم) لن ادع اور تحترق .
الوزير : مولاي .!
الملك : لا بد من إطفاء النار ، ولا يهم إن كانت شابة أو لم تكن
الوزير : (يحدق فيه مذهولا) ….
الملك : (مترددا) لكن علينا أولا أن نتحقق من أنها نار (يحدق في الوزير) أهي نار .؟
الوزير : من .؟ يا مولاي
الملك : تلك الفتاة
الوزير : آه الفتاة ، إنها في الحقيقة ، قمر
الملك : ماذا .؟ قمر .!
الوزير : إنني لم أرها جيدا ، يا مولاي ، هذا ما قاله عنها شاعر اور .. دادا
الملك : فليسجن دادا
الوزير : ليسجن ، يا مولاي ، ولا ضير أن تبقى اور بدون شاعر
الملك : أيها الوزير . اسمعني
الوزير : كلي آذان تسمع
الملك : قبل أن اتخذ قرارا نهائيا بشأن هذه النار ، أريد مراقبتها بكل دقة
الوزير : هناك عشرة عيون ، تبصر حتى في الظلام ، يراقبونها ، يا مولاي ، ليل نهار
الملك : اجعلهم عشرين
الوزير : أمر مولاي
الملك : امض الآن ، هيا
الوزير : أمر مولاي (يخرج)
الملك : سأتخذ قراري ، بعد أن استمع إلى هذه العيون العشرين ، والأفضل ألا تتهاون ، وإلا فات الأوان (يتنهد) آه دادا ، قمر .؟ (ينظر إلى التاج ويمسكه بيده) ما أثقل هذا التاج ، إنني احمله فوق راسي منذ أكثر من عشرين سنة ، ولم يورثني غير الصداع (يتمدد وهو يئن) آه

تدخل الملكة ، وتقف
مترددة عند البـاب
الملك : (يشير لها) اقتربي ..
الملكة : لا تتكلم (تقترب منه) أنت متعب
الملك : دعك مني (يصمت لحظة) إن اور حقا في خطر
الملكة : أخشى أن دامكال تبالغ
الملك : (يهز رأسه) لا ، إنها نار
الملكة : نار .!
الملك : تلك الفتاة
الملكة : آه
الملك : لا بد من إطفائها
الملكة : لمهلني قليلا ، فقد نكتفي بإبعاد شررها عن بيدرنا
الملك : حسن ، لكن عليك أن لا تتماهلي ، فان بيدرنا سريع الاشتعال
الملكة : اعرف
الملك : (يتنهد) آه من تلك الفتاة ، ترى ما الذي تفعله الآن .؟
الملكة : لا عليك ، سأراها إن لم يكن اليوم فغدا بكل تأكيد
الملك : اليوم أفضل من غد ، فابنتنا دامكال تكاد تحترق
الملكة : اترك الأمر لي ، نم ، لعلك ترتاح
الملك : (يهز رأسه) ….
الملكة : (تتجه إلى الخارج) ….
الملك : ارتاح ؟ لن ارتاح مطلقا .. إلا إذا ارتاحت.. اوري

الملكــة تخرج ، الملك
يغمض عينيه ، وبصمت




إظلام















المشهد السابع

شاطئ النهر ، يرتفع
صوت اورنينا وايدي

اورنينا : (متضاحكة) هيا ، هيا ، أين ايدي الذي
اعرفه .؟ امسكني (تصيح ضاحكة) امسكني إن استطعت .
ايدي : (بصوت متقطع) توقفي .. كفاك عدواً يا اورنينا .. توقفي .. أنت تلهثين .. من التعب
اورنينا : (تدخل راكضة وهي تضحك) لم اتعب بعد ، تعال الحقني ، وامسكني
ايدي : (يدخل وراءها لاهثا) كفى يا اورنينا (يتوقف) أنفاسي تكاد تتقطع .. لنرتح .. لنرتح هنا قليلا
اورنينا : (تتوقف متلفتة) ايدي ، انظر ، ما أروع هذا المكان
ايدي : (يتنفس بعمق محاولا تمالك نفسه) على مقربة من هنا .. التقينا قبل أيام
اورنينا : نعم ، فليست السنين ، مهما طالت،سوى أيام ، بل لحظات
ايدي : إنني معك ، لقد عاش جدي أكثر من مئة سنة، وسألته مرة عن شعوره ، وهو في هذا العمر ، فأجاب ، كأني جئت إلى الدنيا البارحة
اورنينا : وكذلك نحن ، كأننا لم نغب عن بعضنا سوى البارحة
ايدي : (ينظر إليها صامتا) ….
اورنينا : ايدي (تتأمله لحظة) أكاد لا أعرفك ، لقد تغيرت كثيرا
ايدي : (مازحا) إنها السنين ، لا تنسي يا اورنينا ما بلغته من عمر
اورنينا : ليكن جدك قدوة لك
ايدي : إن جدي طفل رضيع بالنسبة لي ، فهو لم يعش سوى مئة سنة ونيف
اورنينا : كنت لا تمل من الركض ورائي ، والإمساك بي (تقترب منه) واحتضاني
ايدي : (يتلفت حوله) اورنينا
اورنينا : لا تخف ، نحن وحدنا
ايدي : أصغي ، أصغي جيدا ، هناك دبيب أقدام متلصصة ، بين الأشجار
اورنينا : في الماضي ، لم يكن يهمك مثل هذا الدبيب كثيرا
ايدي : (مازحا) هذا في الماضي
اورنينا : (تقترب منه أكثر) آه لو تعرف ما كنت أعانيه في القمقم ، وكان عزائي أني سأعود إلى الدنيا ثانية ، واراك ، هذا ما وعدتني به عشتار ، وها قد وفت .. بوعدها
ايدي : وماذا عني ، يا اورنينا .؟
اورنينا : ماذا تعني .؟
ايدي : انظري إلي ..
اورنينا : إنني انظر إليك ، واراك كما رايتك في الماضي ، وكأني لم اغب عنك سوى لحظات معدودة
ايدي : اخشي انك واهمة ، فكري ، لو كان هذا الانتظار الطويل حقيقة ، لترك أثره عليّ
اورنينا : إنني أثق في عشتار ، إنها آلهة ، آلهة مقتدرة
ايدي : اورنينا ..
اورنينا : إن من أبقتني حية في القمقم ، كل هذه المدة ، يمكنها أن تفعل أي شيء
ايدي : اورنينا ، إن ما تقوليه وهماً ، لا يستطيع احد تصديقه
اورنينا : لا ، ليس وهما ، كنت أناديك من القمقم يا ايدي ، وكنت تسمعني
ايدي : صحيح ، كنت اسمع صوتا يشبه صوتك ، لكن ما تقولينه أمر مستحيل
اورنينا : احضني
ايدي : (يتلفت حوله) اورنينا
اورنينا : لا تخف (تمسك يديه) احضني
ايدي : (يحاول التملص منها) أرجوك
اورنينا : إنني الآن بين ذراعيك ، ماذا تراني .؟
وهماً .؟ مستحيلا .؟
ايدي : افهميني ، هناك خطا ما لا اعرف ما هو ، لكن هناك خطا بالتأكيد ، لست ايدي الذي عرفته
اورنينا : يا لعشتار ، مرة أخرى .‍!
ايدي : نعم يا اورنينا ، لست .. (يتراجع مضطربا) الأميرة ، الأميرة دامكال قادمة
اورنينا : (تتراجع مبتعدة) حسن ، سأذهب ، وأتركك معها
ايدي : أرجوك ، أسرعي
اورنينا : (تلتفت وتخرج مسرعة) ….
ايدي : (يتطلع إلى الخارج) ها هي دامكال ..
(يتحرك قلقا) يا لعشتار ، إن ما يجري يكاد لا يصدق ، سأجن

تدخل دامكال مقطبة ،
وتحدق في أيـــدي

دامكال : تلك كانت ..
ايدي : نعم ، اورنينا
دامكال :اورنينا ..
ايدي : دامكال ..
دامكال : دعني ، تكفيك الآن اورنينا
ايدي : أرجوك ، افهميني
دامكال :إنني أفهمك كما لم أفهمك من قبل
ايدي : ليس في قلبي غيرك
دامكال :لي عينان أرى بهما ، وقد رأيت ما يكفيني
ايدي : هناك أمر غير طبيعي ، أنت تعرفينه ، وأنا أعاني منه ، حتى قبل أن أراها
دامكال :ها قد رايته ، (تتجه إلى الخارج) وانتهى إلى الأمر
ايدي : (يلحق بها) دامكال ، لحظة
دامكال :(تتوقف) إن أبي يعرف الآن كل شيء ، ولا بد له أن يحسم الأمر ، وبأسرع وقت
(تواصل سيرها) خاصة وان المرض يشتد عليه
ايدي : مهلاً (يحاول اللحاق بها) إن اورنينا لا ذنب لها
دامكال : ذنب من إذن .؟(وهي تخرج مسرعة)ذنبي .؟
ايدي : (يسرع في إثرها) أصغي إلي أرجوك (يخرج وراءها) دامكال

يدخل ايلوم متلصصا،
ومعه ولده نـــاني

ناني : هذا مكان خطر يا أبي ، فقصر الملك قريب من هنا
ايلوم : لا عليك ، لقد رايتها بنفسك ، إنها تستحق المخاطرة
ناني : نعم فهي شابة وجميلة ، وان كانت تبدو غير طبيعية ، في ملابسها الغريبة تلك
ايلوم : لعل ذلك أفضل ، وستباع بسعر أغلى للأمراء العيلاميين
ناني : أبي (يتراجع هامسا) أصغ ، أظنها قادمة
ايلوم : (يتراجع معه) تعال نختبئ وراء تلك الشجرة ، وإذا جاءت وحدها ننقض عليها بسرعة ، ونختطفها
ناني : هيا يا أبي (يسرع للاختباء وراء الشجرة) فلنسرع

ايلوم وناني يختبئان،
اورنينا تدخل حزينة

اورنينا : عشتار ، أيتها الآلهة الرحيمة ، لقد حييتني وأنقذتني ، من حرس الملكة شبعاد ، فلا تتخلي عني الآن
ايلوم وناني : (يطلان من وراء الشجرة) ….
اورنينا : إن الحياة ، لا قيمة لها عندي ، بدون ايدي ، لكن ايدي كما رأيت يا ألهتي ، تنكر لي ، ولحق بتلك الأميرة
ايلوم : (لولده ناني بصوت هامس) تهيأ ، هذه فرصتنا ، وقد لا تتكرر
ناني : (بصوت هامس) أومئ لي ، وسأنقض في الحال
ايلوم : هش ، تمهل قليلا
ناني : (يهز رأسه موافقا) ….
اورنينا : آلهتي العظيمة ، لو تركتني ادفن مع الملكة شبعاد لربما كنت الآن مرتاحة
ايلوم : (لولده) هيا ، يا ناني
ناني : (يتهيأ) هيا يا أبي ، هيا
ايلوم : (يتقدم قليلا ثم يجمد في مكانه) مهلاً (يتراجع مترددا) احدهم قادم ، لعله الأمير أو الحارس ، تعال اختبئ
ناني : (يسارع بالاختباء) يا للحظ السيئ
ايلوم : (يطل من وراء الشجرة) هذا ليس الأمير ، ولا الحارس ، وإنما أخي الأحمق (مغتاظا) آه من الآلهة عشتار ، إنها تعطي الكنز للحمقى أمثال أخي ، اعطيه لي ، لتري ما سأفعل به
ناني : (هامسا) أبي اختبئ (وهو يختبئ) جاء عمي
ايلوم : (وهو يختبئ) اللعنة على عمك

يدخل الصياد ، حاملا
شبكته ، وسلته فارغة

اورنينا : (متضرعة) آلهتي عشتار ، خذيني
الصياد : بنيتي ..
اورنينا : أبي .! (تمسح دموعها) أهلا أبي (تسرع إليه) لم أسمعك وأنت قادم
الصياد : وكيف تسمعيني ، وأنت غارقة في همومك .؟
اورنينا : لا ، لا يا أبي
الصياد : لقد أفرحتنا ، أنا وزوجتي العجوز ، لكننا للأسف لم نستطع أن نفرحك
اورنينا : بالعكس يا أبي ، إنني فرحة بكما ، ويهمني أن أراكما دوما فرحين
الصياد : لن نفرح ، إذا لم تفرحي
اورنينا : إنني فرحة (تحاول أن تبتسم) هيا نأخذ ما اصطدته للبيت (تهم بأخذ السلة) سأطبخ لك اليوم وجبة ..
الصياد : أرأيت يا بنيتي .؟ لم اصطد شيئا حتى الآن
اورنينا : لا عليك يا أبي (تغالب دموعها) هيا نصطد .. وسنصطاد الكثير .. من السمك
الصياد : بنيتي (يحضنها) ليتني اعرف ما تعانينه ، لعلي استطيع أن ..
اورنينا : (تشهق باكية) أبي .. أبي ..
الصياد : (بصوت تخنقه الدموع) كفى ، كفى بكاء ،
يابنيتي ، وإلا بكيت أنا أيضا
اورنينا : يا لي من حمقاء (تكفكف دموعها) أرجوك ، سامحني
الصياد : لا بأس يا بنيتي ، هيا نعد إلى البيت ، إن عجوزي تنتظرنا الآن على أحر من الجمر
اورنينا : لن نعود قبل أن نملأ السلة سمكا (تأخذ الشبكة وتتجه نحو النهر) هيا نصطد
الصياد : مهلا ، يا بنيتي ، (يلحق بها) انتظريني


اورنينا تخرج مسرعة،
الصياد يخرج وراءها

ناني : (يطل من وراء الشجرة) ضاعت الفرصة ،
يا أبي
ايلوم :(يخرج من وراء الشجرة) هناك فرص أخرى، لنبق في إثرها ، حتى نخطفها
ناني : ونطير بها إلى عيلام
ايلوم : ونستبدل كنزنا بكنز من الذهب الخالص
ناني : (يدور حول نفسه) ذهب .. ذهب .. ذهب
ايلوم : لا أروع من الذهب (يتجه نحو النهر) هيا نتبعهما لعل وعسى
ناني : (يتبعه) هيا ، يا أبي

ايلوم ونـاني يتسللان
مسرعين باتجاه النهر



إظلام





المشهد الثامن

جنـــــاح في قصر
الملك ، الملكة ، الوصيفة

الملكة : يا لعشتار ، لم أر في حياتي فتاة مثلها (للوصيفة) ماذا قلت اسمها .؟
الوصيفة : اورنينا ، يا مولاتي
الملكة : اورنينا
الوصيفة : انه اسم مغنية عظيمة عاشت في الماضي
الملكة : لقد صدعت رأسنا بنقولاتها وطموحاتها ، لا بد أن نجد لها حلا ، وبأسرع وقت ممكن
الوصيفة : هذا عين العقل ، يا مولاتي ، إن مولاي الملك مريض ، ولن يتحمل المزيد من الهموم
الملكة : هذه الفتاة حيرتني ، ماذا تظن بالآخرين .؟ لا يمكن لعاقل أن يصدق أنها جاءت من عصر موغل في القدم مثل عصر شبعاد
الوصيفة : ما تدعيه اورنينا يا مولاتي ، شديد الخطورة ، ولن يضع الأمور في نصابها سوى حكم كبير الكهنة
الملكة : بيني وبينك ، أن في حكمه الكثير من القسوة ، يا الهي ، إنني لا استطيع أن أتصور إمكانية تنفيذ هذا الحكم
الوصيفة : مولاتي ، إن كبير الكهنة منزه ، عارف بكل شيء ، ومن يدري ، لعله لن يذهب ابعد من تهديدها بالحرق ، وهذا كاف لإخافة الفتاة ، وإعادتها إلى جادة الصواب
الملكة : هذا ما أمله
الخادمة : (تدخل) مولاتي
الملك : (تلتفت إليها) نعم
الخادمة : اورنينا بالباب
الملك : (للوصيفة) جاءت في موعدها (للخادمة) دعيها تدخل
الخادمة : (تنحني) أمر مولاتي (تخرج)
الملكة : يقول الشاعر دادا ، إنها قمر
الوصيفة : انه شاعر يا مولاتي

تدخل اورنينا، وتنحني
بإجلال أمام الملكة

اورنينا : عمت صباحا ، مولاتي
الملكة : (تتأملها) عمت صباحا (للوصيفة) الشاعر دادا على حق
الوصيفة : إن هذا الحق يا مولاتي ، زجه في السجن
الملكة : لا ، سأعمل على إطلاق سراحه ، من الخطأ سجن الشاعر ، إذا تحدث عن حقيقة كهذه
الوصيفة : (تحني رأسها مبتسمة) ….
الملكة : (تلتفت إلى الفتاة) اقتربي ، يابنيتي
اورنينا : (تقترب من الملكة) مولاتي
الملكة : إنني أهوى الأدب والفن والتاريخ ، وقد قرأت الكثير مما كتب عن الملكة شبعاد ، وشاهدت معظم ما أنتجه فنانو تلك الحقبة ، من تماثيل ومنحوتات ، حقا إن ملابسك وتسريحة شعرك ، تشبه إلى حد بعيد ما صوره الفنانون في تلك الحقبة ، هذا لا يمكن إنكاره
اورنينا : مولاتي ، أنت للأسف ، لا تصدقينني
الملكة : ولن يصدقك عاقل
اورنينا : (تهز رأسها) ….
الملكة : أنت لا تنتمين إلى تلك الحقبة إلا بملابسك وتسريحة شعرك ، ويكفي تغييرهما لتصيري فتاة من هذا العصر
اورنينا : ليس من الصعب يا مولاتي ، تغيير ملابسي ، وتسريحة شعري ، لكن أعماقي ، ومشاعري ، وحياتي ، كيف يمكن تغييرها .؟
الملكة : ما قلته ، وتقولينه ، يا اورنينا ، وهماً ، خيالاً، كوني واقعية
اورنينا : إنني يا مولاتي ، إنسانة
الملكة : ابنتي دامكال ، أيضا إنسانة ، وهي فوق ذلك أميرة ، وولية عهد ، وأمامها مهمة جليلة ، هي الحفاظ على اور ، وعلى عرش اور ، ومستقبل اور .
اورنينا : إنني معك في كل هذا يا مولاتي ، وحياتي ابذلها رخيصة من اجل اور العظيمة
(بشيء من الحماس) إنني لا أريد سوى .. ايدي
الوصيفة : (بحدة) هذا جنون
الملكة : (تشير إليها أن تسكت) ….
الوصيفة : عفوا ، مولاتي
الملكة : فكري ، يا اورنينا ، لو انك حقا من عصر شبعاد ، فلا بد أن ايديك ذاك ، مات منذ أكثر من مئتي سنة
اورنينا : ايدي لم يمت ، يا مولاتي ، وكما إني بقيت حية ، كل هذه المدة ، بقدرة الآلهة عشتار ، فانه بقي حيا أيضا بقدرتها ، والآلهة التي أبقتنا حتى هذا العصر ، ستقضي باجتماعنا
الوصيفة : لا فائدة ، يا مولاتي ، إنها عنيدة كالصخر ، اتركيها لكبير الكهنة
الملكة : (لاورنينا) هل عرفت بحكم كبير الكهنة .؟
اورنينا : (تهز رأسها) نعم
الملكة : آه لو تعرفين كم يهوى الحرائق
اورنينا : عشتار ، يا مولاتي ، اكبر من كبير الكهنة ، وحرائقه
الوصيفة : حذار ، إن كبير الكهنة لن يرحمك
اورنينا : عشتار ، سترحمني
الملكة : يا للآلهة ، إنها مجنونة

تدخل الخادمة مضطربة ،
وتنحني أمام الملكة
الخادمة : مولاتي
الملكة : نعم ، ما الأمر .؟
الخادمة : مولاي الملك قادم ، ومعه مجموعة من الجنود والحرس
الملكة : هذا ما كنت أخافه ، لقد فرغ صبره
الوصيفة : مولاتي ، سلميها لجلالة الملك ، وليفصل جلالته في أمرها
الملكة : كلا ، ما زالت الفرصة أمامها لتتراجع ، ولن احرمها من هذه الفرصة
الوصيفة : أنت عطوفة جدا يا مولاتي ، وأخشى أنها لا تستحق هذا العطف
الملكة : (للوصيفة) دعي هذا الآن
الوصيفة : أمر مولاتي
الملكة : المهم الآن إنقاذها (للخادمة) اذهبي أنت ، وقفي بالباب
الخادمة : أمر مولاتي (تخرج)
الملكة : (لاورنينا) ارايت .؟ لو تقعين الآن في يد الملك ، لسلمك في الحال إلى كبير الكهنة
اورنينا : (خائفة) مولاتي
الملكة : تعالي (تقودها إلى باب جانبي) هيا ، أسرعي
الوصيفة : (تتلفت قلقة) مولاتي ، إنهم قادمون
الملكة : (تفتح الباب) اخرجي من هنا ، وتسللي عبر الحديقة إلى الخارج
اورنينا : ألف شكر ، يا مولاتي
الملكة : الأفضل ألا تذهبي إلى البيت ، اختبئي حيثما تريدين ، ريثما نجد حلا مناسبا لمعضلتك (تدفعها برفق) هيا اذهبي
اورنينا : (تهرب مسرعة) حفظتك الآلهة ، يا مولاتي

الملكة تغلق البــاب،
يدخل الملك والحرس

الملك : (غاضبا) أين تلك المجنونة .؟
الملكة : (تتجنب الرد) ….
الملك : (للوصيفة) أين هي .؟
الوصيفة : (محرجة) المجنونة .!
الملك : قيل لي أنها هنا ، فأين مضت .؟
الملكة : دعك منها (تمسك يده) أنت نفسك تقول ، أنها مجنونة
الملك : (يسحب يده بقوة) لكنها خطرة ، ولن تزيل خطرها سوى النار
الملكة : اهدأ قليلا ، اهدأ ، إن الغضب والانفعال يضران صحتك
الملك : لا تهمني صحتي ، لا بد أن اقضي عليها (يتلفت حولها) أين هي .؟
الملكة : لنعطها فرصة أخيرة ، أمهلني حتى الغد فقد أعالج الأمر
الملك : لن تطمئنني هذه ال… وقد (للحرس) أسرعوا في إثرها ، وابحثوا عنها في كل مكان ، أريدها قبل المساء حية أو ميتة
رئيس الحرس : أمر مولاي
الملك : هيا ، أسرعوا
رئيس الحرس : (يتجه إلى الخارج مشيرا للحرس) اتبعوني

يخرج رئيس الحرس،
وخلفه يسرع الحرس

الملك : (يستند إلى أحد المقاعد متألما) آه
الملكة : (تقترب منه) ليتك تجلس قليلا وترتاح
الملك : دعيني
الملكة : (تتوقف) ….
الملك : (يحاول أن يتماسك) كان عليك أن تستبقيها ، حتى القي القبض عليها
الملكة : (تهز رأسها دامعة العينين) لم استطع ، ولن استطيع
الملك : أما أنا ، ومن اجل ابنتي واور ، فسأجعل النار تلتهمها ، وتزيل كل اثر لها
الملكة : وكذلك أنا ، ولكن ..
الملك : كلا ، بين ابنتي واور من جهة ، وتلك الفتاة من جهة أخرى ، لن أتردد ، وسأختار ابنتي واور

الملك يخرج ، الملكة
تغالب دموعهـا عبثا

الوصيفة : مولاتي
الملكة : (تحاول أن تتمالك نفسها) ….
الوصيفة : (تقترب منها) مولاتي
الملكة : دعيني ، دعيني وحدي
الوصيفة : (تتراجع) أمر مولاتي
الملكة : اذهبي الآن
الوصيفة : (تنحني) نعم مولاتي (تخرج)
الملكة : مسكينة اورنينا ، لن يحميك احد من غضب الملك (بصوت تخنقه الدموع) لتكن الآلهة في عونك

الملكـة تضع وجهها
بين يديهـا ، صمت


إظلام










المشهد التاسع

شاطئ النهر ، يدخل
ايلوم وناني متسللين

ايلوم : (بصوت هامس) تعال ، تعال يا ناني ، سنكمن لها هنا
ناني : وهذه فرصتنا يا أبي ، دعنا ننقض عليها ، وهي بين الأشجار ، ونخطفها
ايلوم : كلا ، الجند قريبون ، وقد يسمعوننا
(يتلفت حوله) يا للعنة ، لا بد أنهم يجوبون المكان بحثا عنها
ناني : الوقت يمر سريعا ، يا أبي ، وأخشى أن يفلت هذا الكنز منا
ايلوم : لن تفلت ، إنها كنز العمر ، سنخطفها اليوم مهما كلف الأمر ، إن ذهب عيلام ينادينا
ناني : أبي (بصوت هامس) اخفض صوتك ، ها هي اورنينا قادمة
ايلوم : لنختبئ (يسرع باتجاه شجرة قريبة) هيا ، تعال واختبئ وراء هذه الشجرة
ناني : (يسرع في اثر أبيه) يا الهي ، منذ أيام ، ونحن نركض ونتربص ، ونختبئ ، و .. (مغتاظا) لقد نفد صبري
ايلوم : لا تتعجل يا ناني ، الكنز قاب قوسين منا أو أدنى ، تعال اختبئ

ايلوم وناني يختبئـان،
تدخل اورنينا ، متلفتة

اورنينا : يا لحظي السيئ ، يبدو أنني لن اسعد في هذه الحياة أبدا
ايلوم : (يطل من وراء الشجرة ، ويقول بصوت هامس) مهلا ، سنأخذك إلى عيلام ، وستسعدين
ناني : (يطل من وراء الشجرة) أبي
ايلوم : هش
اورنينا : ليتني دفنت مع الملكة شبعاد ، و .. (تنم عنها شهقة) لا ، الحياة جميلة ، جميلة رغم كل شيء، فايدي موجود فيها (تسمع حركة فتتراجع خائفة) الحرس
ناني : (يلتفت خائفا) الحرس
ايلوم : صه ، وإلا سمعتنا ، وهربت
اورنينا : إنهم يبحثون عني في كل مكان ، وسيجدونني حتما (تنظر إلى السماء متضرعة) عشتار
تظهر عشتار ، فلا
يراها غير اورنينا

عشتار : نعم
اورنينا : ألهتي
عشتار : اهدئي يا صغيرتي ، اهدئي
اورنينا : لقد غبت عني طويلا
عشتار : لم اغب عنك ، إنني إلى جانبك دوما
ناني : (ينظر إلى أبيه متعجبا) ….
ايلوم : (يشير له أن يلزم الصمت) ….
اورنينا : الحرس يسعون بأسلحتهم في كل مكان بحثا عني
عشتار : لا عليك
ناني : ترى مع من تتكلم .؟
ايلوم : اسكت ، إنها مجنونة
اورنينا : وإذا امسك الحرس بي ، سيأخذونني إلى الملك
عشتار : لن ادع أحدا يأخذك
اورنينا : لقد حكم كبير الكهنة علي بالموت حرقا
عشتار : يا للدجال ، انه هو من يستحق الحرق بالنار
اورنينا : إنني حائرة ، يا آلهتي ، ما العمل .؟
عشتار : للأسف ، يا صغيرتي ، إن هذا العصر لا يختلف كثيرا عن عصر شبعاد ، صحيح أن الملوك لا يدفنون معهم الآن أفراد حاشيتهم ، لكنهم مازالوا قساة ، أنانيين ، يضحون بكل شيء من اجل وجودهم وعروشهم
اورنينا : لم يعد في وسعي أن أتحمل أكثر ، إنني اشعر بالضعف واليأس ، ساعديني
عشتار : ليس أمامي ، على ما يبدو ، سوى أن آخذك ثانية ، بعيدا عن هذا العصر
اورنينا : إلى القمقم .؟
عشتار : نعم ، يا صغيرتي ، أم انك تفضلين النار .؟
اورنينا : يا للخيار الصعب ، النار أم القمقم
عشتار : أنت حرة ، اختاري
اورنينا : القمقم ظلام ، وانتظار ، وموت متجدد
عشتار : والنار .؟
اورنينا : النار ..
عشتار : أصغي (تنظر إلى الخارج) احدهم قادم
ناني : (يلتفت إلى أبيه) أبي
ايلوم : (وهو يختبئ) اختبئ
ناني : (يختبئ) ….
اورنينا : لعله حارس من حراس الملك
عشتار : لا ، ليس حارسا ، وإنما هو الأمير .. ايدي
اورنينا : (شاهقة) ايدي .!
عشتار : (تهز رأسها) ….
اورنينا : أرجوك ، أريد أن أقابله
عشتار : (تختفي) ….
اورنينا : يا للآلهة الطيبة ، لقد اختفت

يدخل ايدي لاهثاً ،
اورنينا تسرع إليه

اورنينا : ايدي
ايدي : اهربي ، يا اورنينا ، اهربي من هنا ، الحرس قادمون
اورنينا : ايدي (تتشبث به) في المرة السابقة لم نستطع الهرب ، فلنهرب الآن ، لعلنا ننجح هذه المرة
ايدي : نهرب .! (يتراجع منسحبا منها) إلى أين .؟
ايلوم وناني : (يطلان من وراء الشجرة) ….
اورنينا : لا يهم إلى أين ، يا ايدي ، المهم أن نكون معاً
ايدي : أصغي ..
اورنينا : قل انك لم تعد تحبني
ايدي : أرجوك ..
اورنينا : (بصوت تخنقه الدموع) لقد احتملت البقاء في القمقم ، كل هذه المدة ، على أمل أن أعود إلى الحياة ، وألقاك
ايدي : دعك من هذا الآن ، أنت في خطر ، وعلي أن أنقذك
اورنينا : لا أريد أن تنقذني ، وإنما أن تأتي معي (تتشبث به ثانية) تعال يا ايدي ، تعال
ايدي : هذا جنون ، أنت لا تريدين أن تفهمي أن .. (يسحب يديه مضطربا) الحرس ، الحرس قادمون
اورنينا : ايدي .. ايدي
ايلوم : (مرعوبا) فلنهرب
ناني : أبي ، سنخسر الكنز
ايلوم : إنهم حرس الملك ، فلنهرب (وهو يهرب) وإلا خسرنا حياتنا
ناني : (وهو يهرب) اللعنة
ايدي : ليهرب كل منا من جهة ، اهربي
اورنينا : لا ، اهرب أنت
ايدي : اهربي أنت أولا
اورنينا : اهرب ، لا أريد أن يراك الحرس معي
ايدي : (يتراجع مبتعدا عنها) اهربي أنت من هناك (يشير إلى الجهة المقابلة) وسأهرب أنا من هنا (يشير إلى الجهة الأخرى)
اورنينا : (تتراجع في تأثر بالغ) ايدي
ايدي : إنهم يقتربون ، اهربي
اورنينا : (تتوقف) ايدي
ايدي : (يتوقف بدوره) ….
اورنينا : (تسرع نحوه) ايدي .. ايدي
ايدي : اورنينا
اورنينا : (تحضنه) ايدي .. حبيبي .. عرفت انك تحبني .. وستبقى تحبني
ايدي : (يدفعها برفق) هاهم قادمون ، أرجوك اهربي
اورنينا : لا أريد أن نفترق ثانية (تتراجع) لا أريد أن نفترق
ايدي : (يتراجع مسرعا) هيا أسرعي بالهرب ، أسرعي
اورنينا : (تتراجع مترددة ثم تخرج) ….
ايدي : (يهم بالخروج لكنه سرعان ما يتوقف) يا الهي، اسمع ضجة ، يبدو أن الحرس قد حاصروها (يتجه نحو مصدر الضجة) هؤلاء الجبناء لابد أن أخلصها منهم (يتوقف مترددا) من يدري ، لعلها هربت (يتلفت قلقا) يا للحيرة ، ما العمل .؟ (يتراجع) هاهم قادمون (يسرع نحو الخارج) فلأبتعد من هنا

ايدي يخرج مسرعا،
يدخل ثلاثة حراس

الأول : يا للآلهة ، من يصدق ما جرى .؟ من
يصدق .؟
الثاني : ساجن
الثالث : كدنا نمسك بها
الثاني : ساجن .. ساجن
الثالث : لقد أحطنا بها ، وانقضضنا عليها ، وكدنا ..
الأول : صاحت .. (يصيح) عشتار
الثاني : أهي عشتار حقا .! ساجن
الأول : نعم ، عشتار ، إنها بالضبط كما صورها مثالونا
الثاني : أخذت الفتاة بين يديها .. ثم .. ياللالهة .. ساجن
الأول : أمر لا يصدق
الثاني : أين اختفتا فجأة .؟ أين .؟
الثالث : ماذا سيقولون عنا ، إذا قلنا ، أن الآلهة عشتار أخذت الفتاة
الأول : سيقولون أننا جننا
الثالث : لا فائدة من هذا الحديث ، لعل أبصارنا خدعتنا ، هيا نبحث عن الفتاة ، عسى أن نجدها هنا أو هناك

الحرس الثلاثة يخرجون،
يدخل الصياد العجــوز

الصياد : يا للعجب ، لم اصطد اليوم شيئا ، إن قلبي منقبض ، لا بد أن أمرا سيئا قد حدث ، أو سيحدث ، رحمتك أيتها الآلهة
الزوجة : (تدخل منهارة) آه .. أنت هنا .؟ بحثت عنك في كل مكان (تكاد تتهاوى) أدركني
الصياد : يا الهي (يسرع إليها ويسندها) ما الأمر .؟
الزوجة : اورنينا
الصياد : أخذوها .!
الزوجة : لا ادري .. لا ادري
الصياد : أنت تحيرينني ، تكلمي ماذا جرى .؟
الزوجة : في البداية ، جاءت رسولة من الملكة تستدعيها ، فذهبت معها إلى القصر
الصياد : الملكة طيبة القلب ، ولا داعي للخوف منها على اورنينا ، اطمئني ، ستعود ابنتنا إلينا ، ستعود حتما

الزوجة : لن تعود اورنينا ، لن تعود

الصياد : ماذا تقولين .؟
الزوجة : لقد جاء حرس الملك إلى بيتنا ، مدججين بالسلاح يبحثون عنها

الصياد : حرس الملك .!

الزوجة : ليس هذا كل شيء (تنهنه باكية) يا للآلهة

الصياد : ماذا أيضا تكلمي .؟

الزوجة : (باكية) القمقم
الصياد : أخذه الجند ، لا عليك ، ليأخذوه ، المهم أن اورنينا سالمة

الزوجة : (تهز رأسها) ….

الصياد : ماذا .؟
الزوجة : إن القمقم لم يأخذه الحرس
الصياد : يا لعشتار
الزوجة : (تكفكف دموعها) ….
الصياد : لا داعي للحزن والبكاء ، الخير ما اختارته عشتار ، تعالي (يتجهان إلى الخارج) مهما يكن ، فان ابنتنا اورنينا معنا ، وستبقى معنا حتى النهاية

الصياد وزوجته يخرجان ،
تخفت الأضواء بالتدريـج



إظلام









المشهد العاشر

حديقة القصر ، القمر
بدر ، القصر مضـاء

الحارس : (يدخل متسلحا برمحه) اليوم مهيأ للسعادة (ينظر إلى القمر) وللسعادة ضياؤها الدافئ ، الذي يعم الجميع
الحارس الثاني : (يدخل ويقترب من الحارس الأول) انتبه ، أنت حارس
الحارس : (يجفل) آآ .. من .؟
الحارس الثاني : (يتطلع إلى القصر) لا تنس دورك
الحارس : لولا خالتي و .. ، لقلت لعنتك الآلهة ، كاد قلبي يتوقف
الحارس الثاني : اخفض صوتك ، فقد يسمعك العيلاميون ، أنت من فرسان اور
الحارس : (يضربه مازحا) ظننتك الأمير ايدي
الحارس الثاني : ليتني الأمير
الحارس : الأمير .! (يضحك) لكي تكون الأمير ، فيجب أن تكون أمك أميرة
الحارس الثاني : حذار ، قد تسمعك أمي و ..
الحارس : بحق عشتار إلا .. و ..
الحارس الثاني : أن و .. هذه
الحارس : ابنة خالتي .. قمري
الحارس الثاني : ستريك الليل على حقيقته
ترتفـــع من القصر
أصوات موسيقى وغناء

الحارس : أصغي ، يا ابن خالتي ، أصغي ، هذه أغنيتي المفضلة
الحارس الثاني : اليوم يوم اور
الحارس : تتويج وزواج
الحارس الثاني : ما تفكر فيه أنت هو .. الزواج
الحارس : لا قيمة للتويج بدون زواج
الحارس الثاني : أما التتويج والزواج ..
الحارس : يا لعشتار (يضحك) إنها دلمون الخالدة
الحارس الثاني : صه ، احدهم قادم
الحارس : (يصمت ويتطلع إلى الخارج) انه الأمير ايدي ، فلنبتعد
الحارس الثاني : هيا ، أسرع

الحارسان يخرجان مسرعين،
يدخل الأمير ايدي

ايدي : (يرفع رأسه وينظر إلى القمر) ….
صوت اورنينا : ايدي
ايدي : (يجمد في مكانه مذهولا) ….
صوت اورنينا : ايديتي
ايدي : (يبقى صامتا) ….
صوت اورنينا : إنني لم انسك طوال تلك المدة .. ياعزيزي ..
ايدي : (يهز رأسه) ….
صوت اورنينا : فلا تنسني

الصمت يسود فترة،
ايدي يبقى جـامدا

دامكال : (من الخارج محاكية صوت اورنينا) ايدي
ايدي : (يبتسم) ….
دامكال : (محاكية صوت اورنينا) ايديتي
ايدي : حبيبتي
دامكال : (تحاكي صوت اورنينا) من حبيبتك .؟ من .؟
ايدي : (يلتفت نحو مصدر الصوت) من غيرك ، يا أميرتي ، دامكال
دامكال : (تدخل فرحة) لقد أدركت ، منذ اللحظة الأولى ، انك عرفتني
ايدي : وسأبقى أعرفك ، حتى اللحظة الأخيرة
دامكال : دعنا الآن نعش لحظتنا السعيدة هذه
ايدي : (يحضنها) هذه اللحظة ، يا عزيزتي ، ستكون على مدى العمر كله
دامكال : آه ، ما أسعدني (تحدق فيه) ايدي
ايدي : (ينظر إليها صامتا) ….
دامكال : أتحبني .؟
ايدي : لا ..
دامكال : ماذا .؟
ايدي : لا أحب غيرك
دامكال : تعال (تمسك يده) إنهم ينتظروننا
ايدي : (يسير ويده في يدها) هيا ، يا حبيبتي
صوت اورنينا : ايدي

يتوقفان ويتبادلان النظر ،
ثم يواصـــلان السير

إظلام

ستار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب