الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة على ضفاف الغناء المنسي

صباح راهي العبود

2023 / 8 / 30
الادب والفن


وقفة على ضفاف الطرب المنسي
ملهى بشارع المكتبات في الحلة

عام 1907 حيث افتتح في مدينة الحلة أول ملهى أطلق عليه ( ملهى ساسون ) لصاحبيه ساسون أفندي سوسه ورزوق سركيس. كانت بنايته تقع في شارع المكتبات المكتظ بالسابلة , ويعج برواده المثقفين. يومها كانت الملاهي تستخدم فقط المخنثين (الشعاعير) للرقص, ويحرم وجود النساء المسلمات بشكل قاطع لا نقاش فيه حتى ولو كانت عاملة تنظيف . وبعد انتشار الغناء الهابط و الرقص الخليع في أعقاب المشروطية الثانية التي أعادت العمل بدستور عام 1887مما إتاح الفرصة لبدء انتشار أماكن اللهو العامة والملاهي التي عمّت مدينة بغداد بما تقدمه من رقص خليع وغناء رخيص ( مقاهي , طرب , أجواق , فرق موسيقية, نوادي ليلية وخمور ....). تلك الحريات فتحت الأبواب مشرعة واسعة لدخول وفود الراقصات والمغنيات والقيان من الشام ( سوريا ولبنان) ومصر وتركية وإيران وأرمينيا وغيرها إلى بغداد ومدن أخرى ومع صعود وطغيان موجة الأنس والطرب والترفيه هذه ( المسلمات لايمنحن إجازة ) . وازداد عدد الراقصات والمغنيات الوافدات , كما زاد الطلب على عازفي آلات (العود والكمان والقانون) للعمل في تلك المقاهي والملاهي . وعندما ازدهرت الصنعة وزادت إيراداتها , راح بعض من أصحاب المقاهي يستدعون الراقصات ( بدلاً من الشعاعير) لتقديم وصلة رقص بعد انتهاء فقرة أداء المقام،
استقدم أصحاب الملهى المذكور عام 1911 راقصة من سورية اسمها ( بديعة عطش ) .كانت بديعة تتمتع بجمال خارق ورقص حارق , وقد أثار وصولها وعملها في هذا الملهى (الحلاوي) ضجة كبيرة في المدينة والمنطقة قاطبة. فتضاعف عدد رواد الملهى من سكان الحلة ومدن الفرات الأوسط وبكل شرائحهم وبشكل غيرعادي , إذ لم يسبق لهم أن شاهدوا راقصة خليعة ولا حتى امرأة سافرة , فكيف الحال مع الراقصة بديعة التي أسرت قلوب الفراتيين ,ومن ثم قلب الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري الذي خلدها في قصيدة كتبها على عجالة بعد أن شاهدها ترقص وتغني بملهى الهلال في الميدان ببغداد بعد تركها الحلة جاء فيها :
ابديعة ولأنت مقبلة ..... تستجمعين اللطف والظرفا
هزي بنصفك واتركي نصفا ...لا تحذري لقوامك القصفا
فبحسب قدك أن تسنده...هذي القلوب وان شكت ضعفا
أعجبت منك بكل جارحة...وخصصت منك جفونك الوطفا
عشرون طرفا لو نجمعها.... ما قسمت تقسيمك الطرفا
ترضين مقتربا ومبتعدا ... وتخادعين الصَفَ فالصَفّا
بدأت المشاكل تتراكم على ملهى ساسون خاصة بعد أن قدم ممثلو الحلة في المجلس النيابي بدورته السادسة وهم :( سلمان البراك، وعبود الهيمص ، وجعفر الصميدعي ،وعلوان العبود ، وداود السعدي ،وعلوان الحاج عبيد), طلبا نيابة عن أهالي الحلة بغلق الملهى .. ((وبالفعل تم إغلاق الملهى عام 1935 أيام وزارة ياسين الهاشمي. وتم تهديم المبنى العائدة أرضه إلى الأوقاف وبنيت محله عمارة شهيرة تسمى عمارة الأوقاف في حينه)) . وصلت الراقصة بديعة عطش إلى بغداد وقد سبقتها شهرتها . وكانت من أحلى الراقصات اللواتي سبقناها إلى بغداد للعمل في ملاهيها . لقد غادرت الحلة بحثاً الأضواء التي تقودها إلى مجدها الفني في الغناء والرقص وأكداس المال والذهب..... وكثير من الخلان.
صباح راهي العبود / سدني في أستراليا
الخميس في 31/ 8 / 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟