الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبتهج أم نقلق من الأضطرابات في إيران؟

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2023 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مع كل إضطرابات أو أحتجاجات شعبية أو صدامات مع السلطات الكهنوتية في إيران، تنطلق ردود فعل مختلفة في المحيط الأقليمي تتراوح بين الغبطة والأبتهاج، والقلق والريبة مما يمكن أن تتطور إليه الأوضاع في إيران، وأحتمالات انتهائها إلى ما أنتهت إليه مثيلاتها في بلدان المنطفة من دمار وبحور دماء، وكوارث لجوء مليونية لن يفرح لها في النهاية سوى إعداء شعوب المنطقة.

وأمام هذا الواقع لابد من الإنتباه إلى نقاط جوهرية حول طبيعة الأوضاع في إيران، قد تساعد في توضيح الرؤية وتحديد الموقف:
ــ إن نظام ولاية الفقيه، نظام من خارج العصر، لسبب بسيط هو انه يخضع السياسة والدولة والحياة الأجتماعية لسلطة الدين، والمؤسسات الكهنوتية.

ــ رغم طبيعة النظام المتخلفة، فانه سجل نجاحا لا يمكن إنكاره في بناء قاعدة علمية وتكنولوجية، في ظل حصار دولي، أمر ألب عليه قوى دولية مثل إسرائيل والولايات المتحدة. تتطلع وتعمل من أجل تغيير النظام من منطلقاتها الخاصة، بغض النظر عن ثمن التغيير سواء كأن بسيطا، أو كارثيا تدميرياً.

ــ لا يمكن أهمال ان نظام ولاية الفقيه يتمتع بتأييد أوساط ليست بسيطة في المجتمع الإيراني أغلبها مسلح، ولا يتوقع ان تسمح بتغيير النظام دون مقاومة، قد تؤدي الى دمار يفوق ما جرى في سوريا وليبيا واليمن.

ألمتطلعون الى تطور أيجابي في أيران ينهي حكم التخلف الكهنوتي القمعي الذي يصادر الحريات، يتوهمون، عند كل تحرك احتجاجي أو هبة شعبية مناهضة لنظام ولاية الفقية أن ثمة مجتمع إيراني موحد أرهقه حكم الكهنوت الشيعي، قد نهض من سباته، تواقا الى الحرية والديمقراطية وترسيخ حقوق الأنسان.

وهو ذات الوهم الذي تملك أوسع الأوساط مع إنطلاق (( الربيع العربي )) وما رافق الإحتجاجات الجماهيرية ضد الأنظمة الدكتاتورية، دون ملاحظة واقع المجتمعات العربية التي تسيطر على وعي الغالبية منها أفكار أشد تخلُّفا ورجعية حتى من أنظمة الإستبداد، أمر أفضى بعد التخلص من تلك الأنظمة الى الإنخراط في تناحرات طائفية مقيته، توجت بظهور داعش والنصرة، وغيرهما من المليشيات الإسلامية شيعية وسنية.

وحقيقة المجتمع الإيراني، أنه خليط من قوميات وجماعات إثنية وأديان ومذاهب لم تتآلف فيما بينها نسبيا إلا بالأكراه، ومساحات الخلاف بينها أكبر بكثير من مساحات اللقاء. وربما تكون الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقيم المساواة، خارج قائمة إهتمام القوى المنخرطة في الإحتجاجات وقد تنغمر تلك القوى بعد أنهيار ما كان يجمعها كرها، في تناحرات لا نهاية لها. فبالإضافة الى حقيقة تمتع النظام بدعم الأوساط المنقادة الى طروحاته الدينية والطائفية، وأمكانية أنخراط تلك الأوساط في معارك أنتحارية دفاعا عنه، هناك حقيقة التشظي العرقي والطائفي، الذي يحمل في طياته خطر أنهيار إيران ككيان جيوسياسي، وتحولها الى حلبة صراع دموي بين مكوناتها الإثنية والطائفية.

في كردستان، بلوشستان، آذربيجان والمنطقة العربية التي يطلق عليها أسم خوزستان تنشط تيارات إثنية وطائفية لا يرى أي منها أن ثمة ما يجمعه بالتيارات الأخرى، فالبلوش وهم سنة وليسو شيعة، تتطلع حركات ناشطة بينهم الى خلق كيان جيوسياسي مستقل يجمعهم مع بلوش باكستان، ومثلهم الكرد وهم سنه في الغالب، يداعبهم حلم مماثل بالتوحد في كيان مستقل يجمعهم بكرد تركيا والعراق وسوريا، والآذريون رغم تشاركهم مع الفرس في اعتناق المذهب الشيعي، إلا أن بينهم من يمد بصره شرقا نحو آذربيجان، خاصة وأن وقوف نطام طهران الى جانب أرمينيا في صراعها مع باكو لا يمكن إلا أن يستثسر مشاعرهم القومية، ويبعث الحيوية في حلم ربما تأجل طويلا بآذربيجان موحدة شرقا وغربا. أما عرب خوزستان الشيعة فبينهم أوساط لا تعترف بتسمية خوزستان التي أطلقت على منطقتهم التي وتصر على أن أسمها الأحواز، وسعي تلك الأوساط الى الأنسلاخ عن أيران ليس جديدا، لكنه متعثر.

وإذ يتوحد الناشطون، من القوميات والطوائف المشار اليها في الاحتجاجات ضد نظام الكهنوت الشيعي، فانهم سرعان ما سينخرطون في نزاعات عرقية وطائفية ضد بعضهم، مما يغرق إيران في بحار من دم ودمار سيصعب منع تدفق جحيمها الى تركيا والعراق، الذي لم يبدأ بعد في معالجة الجراح التي ألحقها به الصراع المرير ضد داعش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا