الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا من الداخل (5): الأدب الروسي — أخماتوفا.. التي لم تترك الأرض تحت رحمة أعدائها (ب)

حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)

2023 / 8 / 30
الادب والفن


"آنا أخماتوفا" شاعرة روسية، تُعتبر على نطاق واسع واحدة من أعظم كُتَّاب القرن العشرين. ساهمت الأحداث السياسية والاجتماعية المضطربة التي عاصرتها في صياغة حياتها وأعمالها الأدبية، ومن بين أبرز تلك الأحداث الثورة البلشفية، وعمليات التطهير الستالينية، والحرب العالمية الثانية.
بدايات ومحطات
ولدت "آنا أخماتوفا"، واسمها الحقيقي "آنا أندرييفنا جورينكو"، في أوديسا، بأوكرانيا، عام 1889. نشأت "أخماتوفا" في عائلة جيدة التعليم، وبدأت في كتابة الشعر في سن مبكرة. وفي عام 1910، انتقلت إلى سانت بطرسبرج، وبدأت في نشر أعمالها تحت الاسم المستعار "آنا أخماتوفا".
خلال الحرب العالمية الأولى، عملت "أخماتوفا" كممرضة، وكتبت قصائد وطنية لدعم المجهود الحربي الروسي. ومع ذلك، بعد الثورة الروسية عام 1917، أصبح عملها أكثر انتقادًا للحكومة الجديدة؛ فتعرضت للرقابة والمضايقات.
في الثلاثينيات، أثناء عمليات التطهير التي قام بها ستالين، ألقي القبض على ابن "أخماتوفا" وزوجها السابق، وتعرضا للسجن، ومُنعت من نشر أعمالها. وعلى الرغم من ذلك، واصلت كتابة قصائدها ونشرها بين الأصدقاء وزملائها الكتاب.
وفي عام 1940، تمكنت "أخماتوفا" أخيرًا من نشر مجموعة من قصائدها بعنوان "قداس"، التي مثلت إدانة قوية لنظام ستالين الوحشي. وخلال الحرب العالمية الثانية، عملت "أخماتوفا" كمراسلة حربية، وكتبت عن بطولة الشعب الروسي ومعاناته في ظل الحرب.
كتابات وسمات
يتميز شعر "أخماتوفا" بالكثافة العاطفية والموسيقى والصور القوية، وبينما ركزت أعمالها المبكرة في الغالب على موضوعات الحب، والفقد، وجمال الطبيعة، أصبح عملها اللاحق أكثر ميلًا إلى السياسة وانتقادًا للحكومة السوفييتية.
ومن أشهر أعمالها "قداس"؛ وهي سلسلة من القصائد التي كتبتها خلال عمليات التطهير الستالينية. وتنعى القصائد ابنها وغيره من ضحايا قمع "ستالين"؛ وهي القصائد التي تمثل شهادة قوية على صمود الروح الإنسانية في مواجهة الاضطهاد.
يتميز شعر أخماتوفا بالغنائية والعمق العاطفي، هذا من ناحية المضمون. ومن ناحية الشكل، فغالبًا ما استخدمت "أخماتوفا" الأشكال التقليدية؛ مثل السوناتات والرباعيات، لكنها أضفت عليها إحساسًا عصريًّا. وفيما يخص الأسلوب، يتميز عملها أيضًا باستخدام الصور الحية والاستعارات، مما يخلق جوًا ثريًّا ومثيرًا للذكريات في القصائد ذات البعد الإنساني الوجداني.
وفي العموم نال منجز "أخماتوفا" الأدبي على الإشادة على نطاق واسع لقوته العاطفية وموسيقيته، فضلًا عن أهميته السياسية والاجتماعية. وغالبًا ما يُنظر إلى شعرها على أنه انعكاس للأحداث السياسية والاجتماعية المضطربة في عصرها، وشهادة على صمود الروح الإنسانية في مواجهة الشدائد.
ولكن في الوقت نفسه، أخذ بعض النقاد على "أخماتوفا" افتقارها إلى المشاركة السياسية، وترددها الواضح في اتخاذ موقف قوي ضد الحكومة السوفيتية، بينما اتهمها آخرون بالتركيز المفرط على تجاربها الشخصية، وعدم الاهتمام بشكل كافٍ بالقضايا الاجتماعية والسياسية الأوسع في عصرها؛ فعلى سبيل المثال كان انتقادها لديكتاتورية "ستالين" ينبع من تجربتها في مقتل ابنها واعتقال زوجها السابق أثناء عمليات التطهير الستالينية.
وفي العموم، كانت "آنا أخماتوفا" شاعرة رائعة، لا تزال أعمالها تلقى صدى لدى القراء في جميع أنحاء العالم. ويُعتبر شعرها شهادة على قوة اللغة والروح الإنسانية، وتذكيرًا بأهمية الدفاع عن معتقدات الفرد في مواجهة الاضطهاد. ويكفيها أن قالت "لست ممن تركوا الأرض تحت رحمة أعدائها"، و"لقد نسجت مظلة من كل ما هو مكسور".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟