الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعمار الجديد عبر العولمة

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2023 / 8 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


للعولمة فوائد كثيرة لإنها تعنى تسهيل نقل البضائع عبر العالم وفى نفس الوقت أصبح لها فوائد ثقافية وعلمية واجتماعية ورياضية ولكن للعولمة أيضا مساوئ . إن مساوئ العولمة لا تتمثل فقط فى ضياع مكاسب محدودى القدرات وسط خضم المنافسة ولكن تمتد إلى أعمق من ذلك بكثير ، فهى تمتد إلى الشركات الكبرى التى تسعى إلى المكاسب بأى طريقة حتى لو كانت عبر الفساد . لقد كانت فضائح سيمنز ومرسيدس وغيرها من الشركات الأمريكية واليابانية والفرنسية والانجليزية والايطالية واضحة للعيان حتى أنه تم فرض عقوبات على شركات كثيرة قدمت رشاوى لتسهيل صفقاتها فى دوال العالم الثالث ودول أفريقيا بصفة خاصة ، كما أن هناك فضائح أكبر ولكنها تتسم بالسرية لشركات البترول والطاقة والتعدين التى تقنن الاستعمار الجديد عبر عقود مجحفة خاصة بالاستكشاف والاستخراج التى تجعل تلك الشركات تحصل على نسبة كبيرة من الثروات النفطية والمعدنية مستغلة عدم وجود مقدرة من حكومات البلدان المتعثرة على دفع فاتورة الاستكشاف والاستخراج للبترول والغاز والمعادن الهامة والنادرة .
إن الاستعمار الجديد عبر العولمة ليس له غطاء حكومى كما كان من قبل بل هو استعمار عبر الشركات المتعددة الجنسيات ، وتساند الدولة التى تأخذ ضرائب تلك الشركات عمليات الشركات فى الدول الأخرى وتحميها على أساس أنها تساهم فى الدخل القومى لتلك البلدان من خلال الضرائب.
إن ما يحدث فى أفريقيا منذ منتصف الثمانينيات هو أقوى دليل على تغول الشركات الكبرى فى أفريقيا ، ولنأخذ على سبيل المثال نيجيريا وهى أكبر منتج للبترول فى أفريقيا ، فقد أشارت تقارير غير رسمية إلى دخول نيجيريا خلال حكم إبراهيم بابانجيدا ( وهى نفس فترة حكم الدول العربية التى قامت بها ثورات) إلى دائرة الفساد برغم إدعاء النزاهة فقد حصل هو وعائلته ومعاونيه فى الثمانينيات والتسعينيات على عشرات المليارات من الدولارات ( 12 مليار دولار لبابانجيدا حسب تقديرات فوربس عام 2011) ومعظم الأموال كانت عن طريق صفقات من شركات أجنبية وخصخصة شركات محلية لصالح شركات أجنبية ، وللأسف تورطت شركات يابانية وغربية فى صفقات مشبوهة فى نيجيريا التى لم تعرف إلى الآن العدالة الاجتماعية برغم وجود نفط وثروات هائلة.
وبنفس المقاييس النيجيرية يمكن ملاحظة فساد الشركات العالمية فى معظم دول أفريقيا التى بها ثروات تعدينية ونفطية وزراعية (الكاكاو والقهوة والشاى وغير ذلك) فهى تغذى الفساد عبر العمولات والرشاوى لكى تحافظ على احتكار الثروات وتصديرها للخارج أو الحصول على امتيازات فى الاكتشافات البترولية والتعدينية تجعل الشعوب لا تستفيد بالثروات لإنها تؤول إلى الشركات التى تستكشف والعمولات والرشاوى لكبار رجال الدول التى بها ثروات.
لقد كانت عولمة الشركات مقتصرة على الشركات الغربية حتى مطلع الألفية الجديدة ولكن بعد الانهيار الاقتصادى عام 2008 بدأت الدول التى لم تتأثر كثيرا بالانهيار مثل دول شرق آسيا ودول الخليج العربى فى الاستثمار فى أفريقيا بطريقة جديدة ليست على طريقة نهب الثروات الأروروبية ولكن عن طريق تكامل اقتصادى لتبادل المصالح الاقتصادية كأن تقوم الشركات الصينية بعمليات بناء ومقاولات وتوطين الصناعة وزراعة وطرق رى حتى تصل إلى استغلال موانئ ، ولم يقتصر الأمر على الصين فقط ، بل بدأت الشركات الإماراتية والسعودية والقطرية والهندية والكورية الجنوبية فى غزو أفريقيا أيضا ووصل الأمر إلى الاستثمار فى سد النهضة الإثيوبى .
إن ما يحدث فى أفريقيا الآن هو صراع بين طريقتين فى الاستعمار إحداهما قديمة بالاستغلال المباشر ودعم الفساد والحكومات الفاسدة التى ترعى مصالح تلك الدول ويتمثل ذلك فى بعض الحكومات الأوروربية والأمريكية والشركات التى تتبعهم ، والطريقة الثانية هى استعمار تكاملى بتيادل المصالح والبضائع والخدمات دون النظر إلى طبيعة الحكومات والأنظمة السياسية سواءً أكانت فاسدة أم لا وتتبنى تلك الطريقة شركات الصين وشركات دول الخليج العربى والهند وكوريا الجنوبية وأضيفت لهم روسيا التى تريد أن تضع لها قدما فى أفريقيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله