الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظائف الشعر في المجتمع

صبري فوزي أبوحسين

2023 / 8 / 31
الادب والفن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مما لا ريب فيه أن للشعر مكاتنه وأثره وأن للشعراء حضورهم الفاعل؛ لأنهم نشروا لسان العرب وغاصوا في مكوناته ومخبوءاته، حتى إنه قيل في بعضهم: "لولا الفرزدق لضاع ثلث اللغة" وناهيك بهذه مفخرة ومحمدة.
ويتجلى تأثير الشعر العربي القديم في المظاهر الدينية والعلمية والأدبية الآتية:
*مما لا شك فيه أن كثيرا من الشعر العربي له اليد الطولى في السهمة في تفسير كثير من ألفاظ الشريعة الواردة في الأصلين العظيمين والمصدرين الكريمين الكتاب والسنة إذ بواسطة الشواهد والأدلة من الأدب العربي نستعين على فهم كتاب الله الكريم وسنة صاحب الخُلق العظيم. ولذا يقول ابن قتيبة في مقدمة كتابه الشعر والشعراء: "وكان أكثر قصدي للمشهورين من الشعراء الذين يعرفهم جل أهل الأدب والدين يقع الاحتجاج بأشعارهم في الغريب وفي النحو وفي كتاب الله عز وجل وحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم".
*للشعر في تفسير القرآن الكريم أهميّةٌ كبيرة إذ الشعرُ ديوان العرب، قال ابن عباسٍ- رضي الله عنهما- :" إذا خفِيَ عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعرِ، فإنّهُ ديوان العرب ".وكان ابن عباسٍ- رضي الله عنهما- يُسْألُ عن القرآن فيُنْشِدُ فيه الشعر، قال أبو عبيد :" يعني كان يستشهدُ به على التفسير ".وقال عمر رضي الله عنه :" أيها الناس تمسّكوا بديوان شِعْركم في جاهليتكم فإنّ فيه تفسيرَ كتابكم " .
ونقلَ السيوطيُّ عن أبي بكر الأنباريِّ قولَهُ :" قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرًا الاحتجاجُ على غريبِ القرآن ومُشْكله بالشعْر . وأنكرَ جماعة - لا علمَ لهم - على النحويين ذلك، وقالوا: إذا فعلْتم ذلك جعلتم الشعْر أصلاً للقرآن . وقالوا: يجوز أنْ يُحتجّ بالشعْر على القرآن، وهو مذموم في القرآن والحديث، قال: وليسَ الأمرُ كما زعموه من أنّا جعلنا الشعْر أصلاً للقرآن، بلْ أردنا تبيين الحرف الغريب من القرآن بالشعْر؛ لأنّ الله تعالى قال :{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً( )}وقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ( )}.
*في الشعر تسجيل عادات العرب وأخلاقهم وتاريخ وقائعهم وأيامهم وما أودعوه من معادن حكمتهم وكنوز آدابهم، ولذا روي عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: "مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب"..؛ فقد كان العرب قبل الإِسلام أمة أمية كتابهم الطبيعة، ومدرستهم الحياة، أقلامهم ألسنتهم، ودفاترهم قلوبهم، وكان كل من أراد منهم تقييد فكرة، أو تخليد حكمة، أو تثبيت مأثرة، أو إظهار عبقرية في دقة الإحساس ولطف التصوّر وإتقان التصوير، أنشأ في ذلك أبياتا أو قصيدة، فلا تكاد تجاوز شفتيه حتى يتلقفها الرواة فيطيروا بها كلَّ مَطار، فكان الشعر وحده هو مؤلفاتهم وهو تاريخهم وهو مظهر نبوغ مفكريهم.
*بواسطة الشعر العربي بحث علماء اللسان الأساليب المختلفة والتراكيب المتنوعة في الشعر العربي فأرسوا قواعدهم وأصلوا أصولهم مستقين من معينه ومستضيئين بنور مصباحه. فقد بحث النحاة واللغويون في عصر التدوين ووضع قواعد اللغة العربية عن الشعر الجاهلي وعن كل كلام عربي قديم وقاموا بإحيائهم وتسجيلهم لكل ما نقلوه أو سمعوه من أجل استنباط القواعد ومعرفة معاني الكلمات.
*اقتداء الشعراء بالشعر الجاهلي وروايتهم له وتقليدهم إياه لأنه كان هو المقياس للقيمة الأدبية لدى النقاد والعلماء في ذلك الوقت.
* ظهور الصراع الشعوبي بين العرب وغيرهم من بعض الأعاجم دفع العرب والمسلمين المخلصين إلى التمسك بالتراث العربي وبلغة القرآن والدفاع عنه والتعصب له والتنديد بالشعراء الذين يخرجون على عمود الشعر الجاهلي.
ولذلك كان للشعر العربي الجاهلي مكانته في النفوس وقيمته لدى العلماء والأدباء مما جعله يحتفظ بعموده وأساليبه ومعانيه دون أن يجرؤ أحد على النيل من مكانته أو قيمته، وإن كان يحوي كثيرا مما لا يرضى به الإسلام كالغزل بنوعيه والتشبيب والنسيب والهجاء، وإعلان الفجور والمجون ووصف مجالس اللهو والشراب وما إلى ذلك من الأمور المنكرة.
* للشعر له الأثر الطيب في إعانة طلاب العلم وحملة الشريعة على جمع ما تفرق ونظم ما تشتت من العلوم والفوائد بل وسائر الفنون فإنه ما من فن من فنون القرآن والحديث وعلوم اللغة إلا وقد نظمت فيه المناظيم وقيلت فيه الأشعار فسهل حفظها على الصغار والكبار وللوسائل حكم المقاصد كما هو معروف.
*إنه أداة من أدوات الفنون قابل للخير والشر، حسنه حسن وقبيحه قبيح كسائر الكلام، بيد أن الأشعار الجاهلية والقصائد الأولية التي قيلت في زمن الاحتجاج بأهلها لها الفوائد القيمة، نجني من ثمار أشجاره ما طاب، ونترك منها ما خبث من توجيه غير حسن أو دعوة إلى غير القيم المثلى، أو افتخار بنزعة من نزعات الجاهلية الأولى، كما يقول صاحب كتاب الشعر في ضوء الشريعة الإسلامية...
فهل يعي شعراء آننا هذه القيمة الموروثة لفن الشعر؟ وهل نجد استثمارًا ثقافيا وتعليميا ودعويا وإعلاميا لهذا الفن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد