الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوب أفاكيان : وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه

شادي الشماوي

2023 / 8 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 817 ، 28 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/putting-end-exploitation-and-all-oppression

في مقال سابق ، حلّلت ما هو الإستغلال و كيف أنّه أساس النظام الرأسمالي و كيف يمكن وضع نهاية له ب " القيام بالثورة للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مغاير جوهريّا و أفضل بكثير ، يستند على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " (1) . و هنا سأتفحّص أكثر بعض الأبعاد المفاتيح لهذا .
إنّ الأنظمة الإقتصاديّة ( أنماط . أساليب الإنتاج ) القائمة على الإستغلال أنظمة فيها جزء من عمل المستغَلِّين يقع دفع مقابل له ( بشكل ما ) بينما جزء آخر من ذلك العمل لا يدفع له مقابل ( غير مدفوع المقابل ) ، و الثروة التي ينتجها ذلك العمل غير مدفوع المقابل يتمّ تملّكها ( الإستحواذ عليها ) من طرف قوّة لها موقع أعلى و بالفعل تتحكّم في المضطرّين للعمل في ظلّ هذه الظروف .
الرأسماليّة و العبوديّة :
ليست الرأسماليّة النظام الوحيد القائم على الإستغلال . إلاّ أنّها نظام فيه لا يبدو الإستغلال واضحا بشكل مباشر . إنّها نظام يبدو فيه ظاهريّا أنّ العمل " يدفع له مقابل تام " – أنّ " تبادلا متساويا حدث " بين الرأسمالي و العمّال الذين يستغلّهم الرأسمالي : يدفع الرأسمالي للعمّال أجورا و ينجزون عملا للرأسمالي . لكن في الواقع ، مثلما هو الحال في كافة الأنظمة الإستغلاليّة ، جزء من عمل العمّال المستغَلِّين في ظلّ الرأسماليّة يدفع له مقابل و جزء لا يدفع له مقابل : أجر العامل لا يساوى غير جزء القيمة ( الثروة ) التي ينتجها بينما يعمل من أجل الرأسمالي ، و بقيّة القيمة التي ينتجها عمله تذهب إلى الرأسمالي .
و العبوديّة على النقيض من الرأسماليّة في هذا المضمار : ففي ظّ النظام العبودي ، يبدو ظاهريّا أنّ كلّ عمل العبيد " غير مدفوع المقابل " لأنّه عامة لا يقع دفع مالهم لهم كمقابل . لكن في الواقع " يقع دفع مقابل لهم " / مع كلّ الفظاعة الرهيبة للنظام العبودي ، يوفّر مالكو العبيد بالكاد الحاجيات الأدنيا للحياة ، من مثل شكل من السكن و الغذاء و الثياب إلخ . ذلك أنّه لو لم يفعل مالكو العبيد ذلك ، سرعان ما سيصبح العبيد غير قادرين على العمل و سيُفلس مالكو العبيد . ما يميّز العبوديّة بصفة خاصة ، على أنّها نظام فظيع ، ليس أنّ عمل العبيد كلّيا " غير مدفوع المقابل " ، بل أنّ العبيد تماما ملكيّة ملكى العبيد ، مع كلّ ما يعنيه ذلك – الفظائع الرهيبة التي يوقعها بإستمرار مالكو العبيد بالعبيد . بما فيها الإغتصاب الجماعي و بيع الأطفال بعيد عن أوليائهم ، و الجلد بالسوط و عقوبات عنيفة أخرى للعبيد ، ليس للتمرّد ضد مالكى العبيد وحسب بل لمجرّد محاولة الفرار أو ببساطة الإخفاق في التلبية المستمرّة لمتطلّبات عملهم ( مثلا، قدر القطن المطالبين بجمعه يوميّا ).
بديهيّا ، بالنسبة إلى العبيد ، ما من شيء جيّد في نظام العبوديّة – فهو مريع مطلقا .
خلاصة القول : في كلا هذين النظامي ن النظام الرأسمالي و النظام العبودي – من ينجزون العمل المنتج يقع إستغلالهم لكن في حال ( الرأسماليّة ) يبدو أنّ العمل مدفوع المقابل تماما ، أجر ، في ما يبدو " تبادلا متساويا " ؛ بينما في الحال الأخرى ( العبوديّة ) يبدو أنّ العمل كلّه غير مدفوع المقابل. لكن مع الإختلافات الحقيقيّة جدّا بين هذين النظامين الإستغلاليّين، في كلتا الحالتين العمل جزء من العمل يدفع له مقابل فيما لا يدفع للجزء الآخر مقابل .
هذا هو المظهر الأساسي و المحدّد للنظام الإستغلالي : من يقع إستغلالهم مجبرون بطريقة أو أخرى ، على إنجاز العمل الذى ينتج ثروة أكثر ممّا هي ضروريّة لبقائهم على قيد الحياة و لقدرتهم على العمل – و لا تذهب تلك الثروة إليهم أو لمصلحتهم ، بل إلى طبقة من الناس موقعها أعلى وهي فعلا تتحكّم فيهم . (2)
جوهر الإستغلال ليس أنّ الناس مجبرين على العمل الشاق . و ليس ببساطة أنّهم ينتجون فائضا عبر العمل غير مدفوع المقابل . جوهر الإستغلال هو أنّهم مجبرون على القيام بذلك في ظروف إضطهاد و إغتراب : لأنّ الذين يعمل ن أجلهم المستغَلّون يملكون سلطة حياوة أو موت عليهم ، بشكل أو آخر ... لأنّه ليس لهم رأي في ما هو هدف عملهم ، و لا في كيف تستعمل الثروة المنتجة ، و لمصلحة من ... و لأنّ تملّك المستغِلّين للثروة المنتجة يقوّى موقع هؤلاء المستغِلّين في علاقة بالمجبرين على العمل لأجلهم .
في ظلّ العبوديّة ، سلطة مالكى العبيد على حياة أو موت العبيد بديهيّة . و في ظلّ الرأسماليّة سلطة الحياة و الموت هذه أقلّ بروزا و تشدّدا لكنّها موجودة بالمعنى الحقيقي لأنّ الطبقة المستغَلّة من العمّال المأجورين ( البروليتاريا ) في موقع لا يخوذل لها البقاء على قيد الحياة ( لا يمكن أن تحصل سوى على وسائل الحياة ) بالعمل لأجل رأسمالي أو آخر يستغِلّها – و يدفع هؤلاء الرأسماليّين بإستمرار من يستغلّونهم إلى ما هو أصعب و ما هو أشقّ أو يرمون بهم إلى الشوارع ، حسب حاجيات الرأسماليّين الذين هم أنفسهم تحرّكهم المنافسة بلا هوادة في ما بينهم . ( وجود عدد هام من الناس الذين لا يمكن تشغيلهم بصفة مربحة ، و هم بالتلي غير مشغَّلين ، مظهر قار من مظاهر الرأسماليّة ، و التهديد المستمرّ بالبطالة يقوّى نفوذ الرأسماليّين في علاقة بالعمّال الذين يشغّلونهم ، و يستغلّونهم ) .
وضع نهاية للإستغلال و الإضطهاد :
لوضع نهاية للإستغلال ، لا بدّ من وضع نهاية للظروف التي ينهض عليها الإستغلال . و يتطلّب هذا التغيير الراديكالي الشامل للمجتمع و في نهاية المطاف للعالم ككلّ . إنّه يتطلّب ، كقفزة كبرى أولى ، الإطاحة بالنظام الاقتصادي و السياسي الرأسمالي و تعويضه بنظام إشتراكي يتحرّك نحو إلغاء أسس الإستغلال . و في المجال الاقتصاديّ الجوهريّ ( نمط / أسلوب الإنتاج ) ، يتطلّب الأمر مصادرة أملاك الرأسماليّين المستغلّين : وضع نهاية لملكيّة الرأسماليّين و تحكّمهم في وسائل الإنتاج ( الأرض و المواد الأوّليّة و المصانع و الآلات و التكنولوجيا الأخرى المستخدمة في الإنتج ) ، محوّلين وسائل الإنتاج هذه إلى ملكيّة مشتركة للمجتمع يستعملها الحكم الإشتراكي بطريقة مخطّطة خدمة لمصلحة الجماهير الشعبيّة التي أنتجت وسائل الإنتاج هذه ، من خلال عملها الجماعي ( حتّى و إن كان ذلك العمل قد أنجز في ظلّ ظروف إستغلال من الرأسماليّين ). (3)
لكن مهما كانت هذه خطوة حيويّة – و بالمعنى الواقعي ، تاريخيّة – ليست سوى البداية . فلا يزال الحال أنّه ليسير المجتمع و لتلبية حاجيات الناس ( الحاجيات الماديّة الأساسيّة ، لكن أيضا الحاجيات السياسيّة و الإجتماعيّة و الفكريّة و الثقافيّة ) على أساس متّسع بإستمرار ، لا بدّ من إنجاز عمل منتج كقاعدة لكلّ هذا . و للقضاء على الإستغلال ، من الضروري تغيير طابع ذلك العمل . يجب أن يصبح عملا غير إستغلاليّ و لا إغتراب فيه لمن ينجزونه .
و هناك إختلاف عميق و جوهريّ بين الدفع للعمل الشاق من قبل قوّة في موقع أعلى -و بالمعنى الواقعي تتحكّم في ما يتمّ فعله - و من الجهة الأخرى العمل الشاق مع الأحبّاء و الأصدقاء و الرفاق لإنجاز أهداف حدّدتموها معا و إتفقتم حولها . لقد إختبر عديد الناس هذا الإختلاف في حياتهم اليوميّة . موسّعا إلى مستوى بلاد و في نهاية المطاف العالم بأسره ، هذا هو الإختلاف العميق ، الجوهريّ بين الحياة في ظلّ نظام قائم على الإستغلال ، مثل الرأسماليّة ، و الحياة في ظلّ نظام هدفه إلغاء الإستغلال و كافة العلاقات الإضطهاديّة التي تترافق مع الإستغلال .
و لبلوغ هذا التغيير التاريخي ، يجب تغيير طبيعة العمل و العلاقات التي يُنجز في إطارها العمل ( علاقات الإنتاج ) ، إلى جانب ( و كأساس ) تغيير طبيعة المجتمع ككلّ . بالنسبة إلى أيّ مجتمع كي يواصل السير ، يجب إنتاج فائض – أكثر ممّا يحتاجه الناس لتلبية الحاجيات الأساسيّة للحياة . و إختلاف جوهريّ بين نظام إستغلالي و نظام غير إستغلالي يكمن في كيفيّة خلق هذا الفائض و كيفيّة إستعماله و كيف تتّخذ القرارات حول هذا .
في مجتمع إشتراكي ، الشغل مضمون للناس ، و بهذا المعنى النضال الفردي للبقاء على قيد الحياة يصبح شيئا من الماضيّ – يكفّ عن أن يكون شيئا يشغل بال الناس أو أمرا يخشونه . لكن أبعد من ذلك ، الفائض المنتج في المجتمع الإشتراكي يجب أن يُستعمل للتوسيع المستمرّ لأساس تلبية الحاجيات الشاملة للناس بما في ذلك في مجال التعليم و الثقافة و ما إلى ذلك ؛ للتعاطي مع الكوارث الطبيعيّة و التصرّف كمعتنين بالبيئة ؛ للدفاع عن البلد الإشتراكي ضد الهجمات – و بصفة حيويّة لتوفير قاعدة ماديّة متّسعة للنضال من أجل إلغاء و إجتثاث علاقات الإضطهاد داخل البلاد و لمساندة النضال الثوريّ في العالم ككلّ – بينما أيضا يقع الإعتناء بالأجيال القادمة . لذا ، مرّة أخرى ، المسألة الحيويّة هي : كيف ، في ظلّ أيّة ظروف يتمّ إنتاج ذلك الفائض و لأيّة أغراض يُستخدم ؟
لتجاوز نظام قائم على الإستغلال ، لا يجب إلغاء الملكيّة الخاصة لوسائل الإنتاج للرأسماليّين المتنافسين و تعويضها بملكيّة إشتراكيّة للمجتمع ككلّ فحسب ، بل يجب كذلك تجاوز الإنقسامات الإضطهاديّة المميّزة للمجتمع الإستغلالي القديم . و يشمل هذا التقسيم إلى عمل فكريّ و عمل يدويّ - العلاقات اللامتساوية بين الذين عملهم في الأساس فكريّ ( العمل الفكريّ ) و الذين ينجزون عملا هو في الأساس جسديّ ( عمل يدويّ ) . و يشمل كذلك العلاقات العرقيّة و الجنسيّة و الجندريّة و إنقسامات أخرى تتضمّن أساس إضطهاد و تناقض عدائيّ بين أقسام مختلفة من المجتمع .
كلّ هذا مبني ّ في أسس الرأسماليّة و أنظمة أخرى قائمة على أفستغلال . و كلّ هذا يجب تغييره لأجل القضاء على الإستغلال. و في الوقت نفسه ، يجب على الجماهير الشعبيّة أن تشارك بطريقة متنامية الوعي في تحديد الأهداف و في التخطيط لتلبية الأهداف ، في تطوير الاقتصاد و المجتمع ككلّ ، و ليس ببلد معيّن في الذعن بل بالتوجّه الجوهريذ للمساهمة في تغيير العالم بأسره ، بإتّجاه الهدف النهائيّ للشيوعيّة ، مع إلغاء كلّ الإستغلال و الإصضطهاد في جميع الأماكن .
يمثّل كلّ هذا أساس تحوّل العمل المنجز كقاعدة للمجتمع إلى عمل غير مغترب و غير إستغلالي بل و يساهم في التحرير على أساس تطوّعي جوهريّا و واعي متنامي . و مجدّدا ، المعنى هنا هو إختلاف عميق بين الإضطرار إلى العمل الذى تفرضه قوّة في موقع أعلى و تتحكم في ألآخرين – وهو الوضع في ظلّ الرأسماليّة و كافة الأنظمة الإستغلاليّة – من جهة و من الجهة الأخرى ، العمل معا مع آخرين لتطوير بطريقة تتوسّع بإستمرار ، الأساس المادي / الاقتصادي لبلوغ أهداف وقع تحديدها معا جماعيّا وهي توسّع بلا توقّف حرّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة ، و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة – حرّية تنمو بإطّراد في المجتمع الإشتراكي و تبلغ حتّى أبعادا أتمّ عند تحقيق الشيوعيّة على الصعيد العالمي . (4)
التوجّه الأساسي و الخطوط العريضة الملموسة لإنشاء مجتمع و في نهاية المطاف عالم بأكمله حيث يصبح هذا واقعا محدّدين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " . (5)
كلّ من يتطلّع أو يحلم بعالم يكفّ فيه البشر عن أن يكونوا مستغَلّين و مضطهَدين – و إنّما يزدهرون حقّا بأتّم معنى إنسانيّتهم – يحتاج أن يعمل بوعي و بنشاط و بلا كلل من أجل الثورة التحريريّة التي تحوّل هذا إلى واقع . و للأسباب التي حلّلت في عدد من الأعمال ، هذا " زمن نادر " حيث هذه الثورة ليست ضرورة بصفة إستعجاليّة فحسب بل هي ممكنة أكثر – و هذا " الزمن النادر " لا يجب التفريط فيه و هدره بل يجب إغتنام الفرصة بتصميم واعي على إنجاز هذه الثورة التحريريّة .(6)
**********
ملاحظات و مزيد الشرح و نقاط للإستكشاف ( لبوب أفاكيان )

1- مقال " الإستغلال : ما هو . و كيف نضع له نهاية " متوفّر على موقع أنترنت revcom.us
2- كارل ماركس ، مؤسّس الشيوعيّة ، أشار إلى أنّ في النظام الإقطاعي العلاقة بين العمل المدفوع المقابل و العمل غير مدفوع المقابل أوضح ممّا في الأنظمة الأخرى : في هذا النظام ، ينجز الأقنان العمل في الأرض التي يملكها السادة الإقطاعيّون و قسم كبير ممّا يُنتجه الأقنان يذهب إلى السيّد الإقطاعي بينما يُسمح للأقنان بالإحتفاظ بقسط صغير فقط من إنتاجهم من أجل حاجياتهم الأساسيّة جدّا. و نظام المغارسة الذى وُجد في جنوب الولايات المتّحدة لتقريبا قرنا من الزمن بعد الحرب الأهليّة – و فيه جماهير السود ( و بعض البيض الفقراء ) كانوا يتعرّضون إلى إستغلال خبيث – كان في الأساس شكلا من أشكال هذا النظام الإقطاعيّ . لكن ، مرّة أخرى ، هذا النظام الإقطاعي الإستغلالي الذى فيه العلاقة بين العمل المدفوع المقابل و العمل غير مدفوع المقابل بديهيّة أكثر ، له نقاط إلتقاء مع كافة الأنظمة الإستغلالية حيث جزء من عمل الذين يقع إستغلالهم مدفوع المقابل ، بشكل أو آخر ، و جزء غير مدفوع المقابل ، و القيمة التي ينتجها العمل غير المدفوع المقابل تتملّكها قوّة موقعها أعلى ، وهي بالمعنى الواقعي تتحكّم في الذين يجدون أنفسهم مجبرين على العمل في ظلّ هذه الظروف .
3- في كتاب " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة ..." ، أناقش دور العمل في إنتاج وسائل الإنتاج . و هذا الكتاب متوفّر أيضا على موقع أنترنت revcom.us
4+5 – ملاحظة حول التالي :
و مجدّدا ، المعنى هنا هو إختلاف عميق بين الإضطرار إلى العمل الذى تفرضه قوّة في موقع أعلى و تتحكم في ألآخرين – وهو الوضع في ظلّ الرأسماليّة و كافة الأنظمة الإستغلاليّة – من جهة و من الجهة الأخرى ، العمل معا مع آخرين لتطوير بطريقة تتوسّع بإستمرار ، الأساس المادي / الاقتصادي لبلوغ أهداف وقع تحديدها معا جماعيّا وهي توسّع بلا توقّف حرّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة ، و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة – حرّية تنمو بإطّراد في المجتمع الإشتراكي و تبلغ حتّى أبعادا أتمّ عند تحقيق الشيوعيّة على الصعيد العالمي .
و اين قيل أنّ الأهداف " وقع تحديدها معا جماعيّا " يحيل هذا على سيرورة عامة تعنى ، من جهة أشكالا جماهيريّة للنقاش و الجدال المباشر للجماهير لهذه الأهداف ، و كيفيّة بلوغها ، و انتخابات على مستويات متباينة من المجتمع ، وصولا إلى مستوى الحكم المركزي ، و من خلالها يساهم الناس في المسائل الكبرى المتّصلة بتطوّر الاقتصاد و المجتمع عامة . و في حين أنّ بعض هذا سيحدث على مستوى الوحدات الإقتصاديّة الأساسيّة و مؤسّسات المجتمع ( مثلا ، المعاهد و أيضا مواقع العمل ) – فإ،ّ كلّ هذا سيُغذّى مستويات مختلفة من الحكم ، وصولا إلى الحكم المركزي للمجتمع ككلّ . إنّه من خلال هذه السيورة العامة – و ليس مستوى مصانع خاصة أو مواقع عمل أو مؤسّسات أخرى – ستتّخذ القرارات النهائيّة بشأن الأهداف و وسائل تحقيق هذه الأهداف ، بالنظر إلى تطوير الاقتصاد و المجتمع ككلّ . و بينما تعدّ مساهمة المستويات القاعديّة للمجتمع جزءا ضروريّا و حيويّا من هذه السيرورة ، إن تُرك إتّخاذ القرار على صعيد وحدات إقتصاديّة خاصة أو أقسام خاصة أخرى من المجتمع – بدلا من تحديده في نهاية المطاف بمؤسّسات حكم المجتمع ككلّ ، بناءا على مساهمتهم عبر المجتمع – عندئذ ستكون النتيجة أنّ حاجيات و مصالح مختلف الفئات الخاصة من المجتمع في نزاع مع بعضها البعض ، و سيقع تقويض المصالح المشتركة الأوسع للشعب و سيُسحب المجتمع إلى الخلف بإتّجاه العودة إلى نظام قائم على الإستغلال.
ما هناك حاجة إليه هو مخطط عام للأهداف ، ووسائل تحقيق الأهداف ، للمجتمع ككلّ ، بكافة فئات المجتمع تساهم بدرجة هامة ، و تقوم بمبادرات ذات دلالة ، ضمن هذا الإطار العام و المخطّط العام . و معيار هذا المخطّط هو تجسيد و تشجيع العلاقات التي ليست إستغلاليّة و إنّما تحريريّة ، هو أنّها تساهم في التوسيع المستمرّ لح{ّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة .
و مرّة أخرى ، التوجّه الأساسي و الخطوط العريضة الملموسة لإنشاء مجتمع و في نهاية المطاف عالم بأكمله حيث يصبح هذا واقعا محدّدين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " المتوفّر على موقع أنترنت revcom.us.
6- أنظروا ، على سبيل المثال ، " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." المتوفّر على موقع أنترنت revcom.us .
و ختاما : مادة للتفكير و مزيد الإستكشاف : مستلزم هام ىخر للتقدّم نحو عالم شيوعي – التجاوز التام للرأسماليّة و كافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة – هو أن تكون القدرة الإنتاجيّة للمجتمع قد تطوّرت على أساس غير إستغلالي ، إلى درجة تكون معها الحاجيات الأساسيّة للناس من أجل حياة كريمة و الحاجيات العامة للمجتمع قابلة للتلبية دون إضطرار معظم الناس إلى القضاء معظم ساعات يقظتهم في العمل الجسديّ ، و يقع تحريرهم ليشاركوا في عديد الأبعاد الأخرى من العمل و الحياة . و إلى جانب هذا ، اللامساواة في الدخل بين الناس يجب القضاء عليها و تجاوزها ، مع النقد / المال الذى يكفّ عن لعب دور في العلاقات بين الناس – وضع لا يعود فيه النقد / المال يحدّد أو يؤثّر في إنتاج و تبادل الأشياء في المجتمع ، و بالفعل يكون النقد / المال قد أُلغي تماما من سير المجتمع . ما هي الظروف الضروريّة و كيف يمكن للمجتمع أن يسير على نحو يمكّن البشر من الحياة في عالم أين النقد / المال لم يعد له دور و أُلغي هو و علاقات اللاماواة و الإضطهاد ... و حيث يمكن تلبية حاجيات الناس ، على أساس يتّسع بإستمرار ، دون نقد / مال و دون حاجة الناس إلى الحساب حسابا بائسا للعلاقات الماليّة...كيف يمكن للمجتمع أن يسير وفق المبدأ الشيوعي" من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب حاجياته " ، حيث يساهم الناس في المجتمع تطوّعا ، متحرّرين من الإنشغال بما إذا ستجرى تلبية حاجياتهم و يحصل الناس بالمقابل على ما يحتاجونه لحياة كريمة ، دون أيّ تبادل للنقد / المال : كلّ هذا يشمل مسائلا معقّدة تستحقّ نهائيّا البحث و الغوص فيها ، حتّى و إن كان هذا خارج مجال هذا المقال الخاص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي