الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمبراطورية استعمارية و رأسمالية فرنسية؛ قصة فك ارتباط. (8)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 9 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


و هكذا بعد خوض غمار فصول القسم الثاني؛ يخلص الباحث جاك مارساي إلى القول أنه انطلاقا من السنوات الموالية للأزمة العامة. ستقترح السلطة الفرنسية إستراتيجية مشتركة للتنمية تستند إلى حصول الاستقلال في صفوف الدول المستعمَرة، و تطور متنامي يعتمد تصنيعها متمركزا على الذات. لكن اقتراحها سيصطدم بعدم قدرتها على فرض إرادتها على سلطة و ضغط أوساط الأعمال و فروع الصناعة التي تجعل انتعاشها مرتبطا بالمحافظة على سوق استعمارية محمية.
و لذا وجب على السلطة الفرنسية و لجل تحقيق أهدافها المرور عبر السلطات العمومية بفضل تحديد الحصص و إعداد التعريفات الجمركية أو إعادة إنشاء مالية المستعمرات و توجيه الاستثمارات مما يجعل أية إستراتيجية للتنمية في نهاية الأمر تتم عبر السلطات العمومية.
و الحالة هذه؛ فان عجز السلطة الفرنسية عن طرح إستراتيجية للتنمية ستترك للسلطات العمومية قدرة على التحرك تستحق المقاربة. مما سيدفع الباحث إلى مساءلة من يقف خلف طبيعة الدولة؟
الشيء الذي فرض على الباحث عنونة قسمه الثالث: بحثا عن الدولة. قسمه إلى أربعة فصول و مدخل. جاء في هذا الأخير أن العجز عن طرح إستراتيجية تنموية ستدفع مختلف تركيبات الرأسمالية الفرنسية المهتمة بالملكية بالمستعمرات لاختيار الدولة و باستمرار كممثل لها كما ستجد الدولة المكلفة من قبل أوساط الأعمال لتأمين وظيفة الإمبراطورية: ذلك بإجبار الأهالي على العمل و توفير الوسائل المادية للمؤسسات الكبرى؛ و مساعدة التجارة البحرية على تحقيق خدماتها بفاعلية أكثر و كلفة أقل. و توسيع ماليتها و اعتماد اتفاقات تجارية تخدم الاقتصاد الامبريالي و مد يد العون للمنتجين المستعمرين و منح وسائل النقل السككية و القاطرات لخلق تصدير جديد، و تغيير تعريفات السكك الحديدية و توفير المساعدات التقنية... في هذا الإطار يتساءل الباحث ؛ ماذا لو أن المستعمرات لم تكن مكانا مفضلا للتعاون العريض بين السلطات العامة و المصالح الخاصة؟ و أن الدولة لم تكن ذلك الشخص غير الواعي و لكن العاقل لإبقاء النظام الاستعماري؟ و ما إذا كانت السياسة الاستعمارية للدولة لم تعوض في الواقع عمل رأسمال مالي تمت إعاقة نموه؟
تلك هي أهم التساؤلات المحايثة لفرضية الباحث باعتماده التأرجحات الإحصائية بين الاستثمارية العامة و الأخرى الخاصة.
و سيكشف جاك مارساي أنه بالإجابة على هذه الجملة من الاستفهامات يتم الوقوف على إدراك حقيقة جهاز الدولة و بالتالي ضبط علاقتها بمختلف فروع الرأسمالية الفرنسية و سيتوصل إلى أن السياسة الاقتصادية الاستعمارية تتم عن طرق قرارات و قوانين و تعريفات جمركية و انه توجد بين الخطاب الرسمي و القرارات الفعلية مجموعة من التوقعات و الحلول الوسطى.
لذا سينصب اهتمام الباحث على التدابير و الإجراءات المعنية بتحديد:

• على أي مستوى كان يتخذ القرار و ما هي مراحل إعداده؟
• ما هي إستراتيجية التنمية التي كان سينهجها؟
• ما الثقل الذي يشكله الإلحاح الاقتصادي على القرار العام؟
• ما هي طبيعة الفروقات بين مختلف الحكومات التي توالت بعد 1930م إزاء التحرر؟
• ما أوجه القطيعة و الاستمرارية بين حكومة لافال(Laval) و حكومة الجبهة الشعبية و بين نظام فيشي(ٍVichy) و مؤتمر برازافيل (Brazzaville)؟
• و لا سيما؛ لفائدة من و لمصلحة أية نوايا و مصالح اتخذت تلك القرارات؟
• ما هي إستراتيجية التنمية؟ و لمن سخرت خدمات الدولة؟

و يخلص الباحث جاك ماساي إلى أن هذه الاستمارة المكونة من الأسئلة السابقة من شأنها أن تسلط مزيدا من الضوء على طبيعة العلاقات القائمة بين أوساط العمال و السلطات العمومية.
ثم ينتقل إلى الفصل الثاني عشر الذي يحمل عنوان: منعرجات قانون عادي؛ قانون حول النباتات الزيتية ل 6 غشت 1933/. في هذا الفصل يبدو للباحث انه من المهم رسم الطريق لإشكاليته بالاستعانة بمثال على جانب من الدلالة في تركيبة العلاقات القائمة بين أوساط الأعمال و السلطات العمومية.
ففي 6 غشت 1933 سيتم التصويت عل قانون تنظيمي لاستيراد النباتات الزيتية برفع رسوم الجمارك على بعض المواد الدهنية ذات الأصل الخارجي. هذا القانون تم تسجيله ضمن مجموعة التدبير الحمائية لحماية المنتجين الاستعماريين.
و يبرز الباحث أن كيفية إعداد هذا القانون ستشكل مظاهره الفريدة التي ستكشف عن مواجهة في استراتيجيات التنمية و طرق استفادة اللوبيات و حيرة السلطة العمومية و متنفس الضغوط التي مورست على الحاكمين؛ و أخيرا عن تناقضات الامبريالية الاستعمارية المخنوقة منذ أزمة 1930م.
فانخفاض أسعار الفول السوداني المصدر من السنغال نتج عنه ذعر في أوساط العمال و السلطات العمومية و ستعرف عائدات الواردات التي لها صلة بالقدرة الشرائية بالمستعمرات تضررا؛ الأمر الذي عرض اقتصاد إفريقيا السوداء للكساد نتيجة للانخفاض الملحوظ في أثمنة الفول السوداني.و هكذا تدهور التجارة الخارجية سيعرض سياسة الاستثمارات العمومية للخطر، مع العلم أن إيرادات و مدخل الميزانيات الإفريقية تتغذى على هذه العائدات.
و يلاحظ جاك مارساي أن قضية النباتات الزيتية لن تعدو أن تكون حدثا عابرا في الأزمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي. لكن هذا القانون سيكشف في نظر الباحث عن مفارقات و تحايلات السياسة الاقتصادية الاستعمارية. و يظهر ثقل مختلف الجماعات الضاغطة كما سيبرز تناقضا تبين التوجه الاقتصادي لشركاء التكامل الأوربي الذين قرروا وضع فرنسا في اقتصاد تنافسي، و التوجه السياسي المقترح من قبل الفروع الواعدة لتوسع جديد.
و هكذا إلى حدود نهاية سنة 1950م سيطرح أصحاب النهج الاكتفائي و الاستعماريون هذه المعضلة إمام السلطات العمومية على النحو التالي: إما البحث عن دخل للإنتاج الاستعماري الشيء الذي سيعرض اضطرابات اجتماعية ناتجة عن ساكنة في طريق الإفقار تعاني الاستغلال أو تأمين الهدوء السياسي بالبحث عن تنمية منطقة محمية بدون اعتبار قوانين السوق.
و حسب جاك مارساي دائما؛ هذا الحدث كشف عن سلطة خجولة و مترددة. فقد كان لابد من ثمانية أشهر من لمناقشات لإعداد إجراءات تنظيمية مما يبرهن على ثقل العامل السياسي على القرار النهائي. فإدخال السيادة السياسية المباشرة و السياسة العامة في جدول أعمال المداولات، سمح بإعطاء دفعة جديدة للرأسمالية الفرنسية و فروعها العتيقة.
كما أن تبني الحلول الحمائية سيعرض فرنسا على المدى البعيد بدون شك في اعتقاد الباحث لإضعاف اقتصادها؛ و يجعلها في تبعية للاقتصادات التي تنشد تحقيق الأحسن.
و في نهاية التحليل ينتهي إلى أن إتباع إستراتيجية تسوية كلفة الإنتاج الاستعمارية بالأسعار العالمية معناه التعرض لاضطرابات من شانها أن تسلب بسرعة السيادة السياسية الفرنسية على إمبراطوريتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا