الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى وكيف تم تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي فى مصر..؟!

بشير صقر

2023 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عندما قام الجيش بالانقلاب علي نظام الحكم الملكى في مصر في يوليو ؛ 1952أعلن عن برنامج سياسى من ست نقاط علي رأسها القضاء علي الإقطاع ، وسيطرة رأس المال ، وإقامة حياة ديمقراطية.

ولما كانت مصر آنذاك مجتمعا ذا طابع زراعي بالأساس ، فقد شكل استصدار قانون الإصلاح الزراعي في سبتمبر 1952أهم وأبرز نقاط حركة الضابط الأحرار البرنامجية.. باعتبارالأرض الزراعية أهم مصادر الثروة في المجتمع وهي بما تدره من محاصيل ومنتجات تعد صمام أمان لغذاء السكان ، علاوة علي أن تركزها في ركن من أركان المجتمع يعنى تركز مركز الثقل السياسى والاقتصادى في ذلك الركن دون بقية الأركان.

ولأن تنفيذ القانون فور صدوره لم يحدث إلا في دائرة ضيقة ومعروفة هي أملاك الدائرة السنية الخاصة بالعائلة الملكية .. التى غادرأغلب أفرادها البلاد فور اندلاع الحركة ودون مقاومة بعد التنازل عن العرش للأميرفؤاد- الطفل بن الملك فاروق؛ وإتمام الاستيلاء علي املاكها وقصورها وأراضيها .

حيث كانت أرض العائلة المالكة في عهد محمد على حوالى 508 ألف فدان موزعة كالآتى:
محمد على الكبير: 249,426 فدان، أسرته:84,860 ف، أتباعه: 173,663 ف بإجمالى 508,000 فدان تمثل حوالى10 % من إجمالى مساحة ألأرض في مصر البالغة 5,4 مليون فدان.

وإذا كان إجمالى مساحة الأرض التى صادرها قانون الإصلاح الزراعى الأول 178 /1952 قد بلغ 900 ألف فدان؛ فإن المساحة التى صودرت من كبار الملاك من غير العائلة الملكية لاتزيد عن 900,000 - 508,000 ( أرض العائلة الملكية ) = 392000 فدان

وهو ما يوضح ان عمليات التهرب كانت فعالة إذا ماعرفنا أن ملكية كبار الملاك ( مصريين وأجانب) ( 1,405,543 & 428,726 فدان) عام 1945 بلغت 1,834,269 فدان . وبذلك تكون مساحة المُصادَر من أرض كبار الملاك من غير الأسرة المالكة منسوبة لحجم ملكياتها هو =
392,000 ÷ 1,834,269 = 21.4 % وهو رقم هزيل مقارنا بحجم ما صودر من العائلة الملكية و منسوبا إلي حجم ما يملكونه فعليا .

وباسترجاع قراءة الأوضاع السياسية في السنوات الأولى لحركة الجيش منذ يوليو 1952 نكتشف الأسباب التالية تفسيرا للأرقام السابقة :

1- أن تطبيق القانون علي العائلة المالكة تم في الأيام الأولي لحركة الجيش بينما لم يحدث ذلك مع كبارالملاك من غيرالعائلة المالكة استنادا إلي نص المادة 4 من القانون الأول للإصلاح الزراعي178 /1952 الذى حدد مدة 5 سنوات للتخلص من الزائد من الأرض عن الحد الأقصى للملكية . والذى عُدّل إلي 7سنوات تنتهى فى عام 1959.. وهو في تقديرنا نوع من التدليل كبار الملاك والتهاون معهم ، وكان الأدعى الاكتفاء بسنتين وليس 7 سنوات.


2- احتدام الصراعات السياسية والعنيفة في السنوات الأولى لمجلس قيادة حركة الضباط الأحرار مع عديد من القوى السياسية والاجتماعية مثل كبار ملاك الأرض ، وجماعة الإخوان المسلمين، وكبارالرأسماليين، والبنك الدولى للإنشاء والتعمير بشأن تمويل بناء السد العالى ، ومفاوضات الجلاء مع المحتل البريطانى وقبلها الأنشطة الفدائية المسلحة ضده في منطقة ومدن قنال السويس ،وتأميم قناة السويس ثم حرب السويس عام 1956 مما أسهم في إرجاء تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى حيث جرى تمديد سريان المادة 4 منه من سبتمبر1957 لمدة عامين آخرين ( حتى 1959 ). وهو ما اختلف عما جرى اتخاذه مع العائلة الملكية إثر صدور القانون. علاوة على الصراعات التى اندلعت داخل مجلس القيادة واسفرت عن استبعاد البعض وابتعاد البعض الآخر.

3- ولأن قانون الإصلاح الزراعى لم يجد من ينفذه سوى جهاز الدولة القديم المشبع برجالات وعملاء وصبيان كبار الملاك الإقطاعيين المنتشرين في كل مؤسسات المجتمع كالقضاء والنيابة والشرطة والجيش ، والشهر العقارى ومصلحة المساحة ، ووزارة المالية والزراعة والحكم المحلى وكل الأجهزة التنفيذية المستحدثة( مثل هيئة الإصلاح الزراعى ) التى تكونت بانتداب موظفيها من هذة الوزارات والمؤسسات الحكومية. لذا كان ضبط عمليات تهريب الأرض من تطبيق القانون أعجوبة العجائب .. فقد كان كثير من رؤساء مديريات ومناطق الإصلاح الزراعى يعملون عدة أيام في الأسبوع لدى هؤلاءالملاك الإقطاعيين .. وأيضا عدد من ضباط المباحث. ومن ثم كان يتم حفظ الأغلبية الساحقة من شكاوى الفلاحين التى أبلغت عن التهرب من تطبيق قانون الإصلاح الزراعى لأنها كانت تُفحَص مكتبيا بواسطة هؤلاء المرتزقة ولا تفحص علي الطبيعة.


4- ولأن الميل الغالب في صفوف تنظيم الضباط الأحرار لإصدار قانون الإصلاح الزراعى كان هدفه الأساسى إزاحة طبقة كبار الملاك من السلطة السياسية وإضعافها اقتصاديا أكثر منه رغبة في دعم الفلاحين الفقراء.

وتفصيلا لذلك فإن من أيدوا القانون من حيث المبدأ كانوا أربعة ( جمال عبد الناصر ، يوسف صديق ، خالد مجيى الدين ، وكمال الدين رفعت) .. وحيث أن السلطة الجديدة استقرت بخروج العائلة المالكة من مصر وتنازل الملك فاروق عن العرش لابنه الأمير أحمد فؤاد ؛ علاوة على الاستيلاء علي اراضى الدائرة السنية التى لا تقل عن 10 % من الأرض الزراعية في مصر ؛ فإن ( تأجيل تنفيذ القانون علي بقية كبار الملاك) لبعض الوقت لن يكون مقلقا .وذلك ما أدى لنوع من التراخي في تنفيذ القانون، وأسهم في المزيد من التهرب من تطبيقه ، والتمادى في التهاون مع الطبقة.. وأشعرها بأن في الإمكان استعادة سلطانها الغارب.. خصوصا وأن من بين ضباط الحركة والمحيطين بها من هم أكثر انحيازا وتأييدا لكبار الملاك بل وتبرّما من التعاطف مع الفلاحين والفقراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟