الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ممكن ، أو بالإمكان تحقيق تصالح بين النظامين ، المخزني البوليسي ، ونظام العسكر الجزائري ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


" بما ان البوليس السياسي طيلة النهار قطع الكونكسيون عن منزلي ، وهو عمل اجرامي ، سأخرج الآن لإرسالها من مقهى او من Cyber "
لم يسبق لعلاقات سياسية ودبلوماسية ان بلغت ازمتها الحادة ، بين نظامين متشابهين ، او متعارضين ، كما حصل بالنسبة للعلاقات التي ربطت ، وتربط بين النظامين المخزني البوليسي ، والنظام الجزائري العسكري .
وان تعمقنا في التحليل لمحاولة استخلاص أصل الازمة الدائمة Chronique بين النظامين ، قد نصاب بهول التفكير في الأسباب المسببة لازمة العلاقات بين النظامين المغربي والجزائري ، لأنه بالرجوع الى الصراعات التي دارت بين الأنظمة المتقابلة ، خاصة اثناء الصراع الايديولوجي بين المعسكرين المتقابلين ، سنجد ان تلك الأسباب قد زالت ، لكن تحولت من ازمة بنيوية أيديولوجية مبررة ، الى طموح واستهداف اقتصادي ، اصبح وحده يحدد قوة الدول ، ويحدد مجالات الصراع ، الذي تخلى عن حرب الوكالة للمعسكرين المتقابلين ، كان مسرحها القارة الافريقية ، والقارة الاسيوية ، وحتى القارة الاوربية بين شرقها ( الشيوعي ) ، وبين غربها ( الرأسمالي ) ، وبالقارة الامريكية الجنوبية واللاتينية . فكانت الموضة الشائعة ، تنظيم الانقلابات العسكرية التي ستنتمي لهذا الصف او ذاك ، ضمن اللعبة المتحكم فيها ، من كبريات العواصم الكبيرة كواشنطن ، وموسكو ، وحتى باريس ، وبكين Pékin ..
لكن كيف للازمة العامة والبنيوية ، ان تستفحل بين النظامين المخزني البوليسي ، والنظام العسكري الجزائري ، رغم انتفاء الصراع الأيديولوجي عالميا ، وتعويضه بالصراع الاقتصادي ، وبحب السيطرة على ثروات الشعوب التي تدار الحروب باسمها ، في حين تبدو مجرد ضحية تمت التضحية به ، لفائدة مشاريع تخدم الحكام وتخدم الأنظمة ، ولا علاقة للشعوب التي تقدم ككمبراس بها ، لا من قريب ، ولا من بعيد .
ان السمة البارزة في الازمة السياسية المستفحلة بين النظامين المخزني البوليسي ، ونظام العسكر الجزائري ، لن نرتبها ضمن أولويات الصراع الأيديولوجي الذي مات وانتهى ، بنهاية المعسكر الشرقي الذي تخلت دوله عن كل صراع أيديولوجي ، ولتغرق جميعها في مستنقع الصراع الاقتصادي ، الذي اصبح ذو الأهمية الأولى في تحديد قوة الدول ، وفي تحديد السيطرة التي يضمنها فقط الدولار ، والثروات ، والتجارة العالمية ، لتصريف المنتوجات التي غرقت بها السوق الدولية في القارات الخمسة على وجه الأرض . وكأننا ونحن نشاهد الغزو الروسي الظالم لأوكرانيا ، يعيد بنا الى سنوات الخمسينات ، والستينات ، والسبعينات ، وحتى الثمانينات من القرن الماضي ، الذي طغت فيه الانقلابات العسكرية التي كان يقف من وراءها ، مرة وكالة المخابرات الروسية " Kgb " ، ومرة وكالة المخابرات الامريكية " CIA " .. مع العلم ان اسقاط الأنظمة بالانقلابات العسكرية ، بقدر ما غير الاسم ، او التسمية ، او مجرد العنوان ، بقدر ما ظلت الأوضاع الاقتصادية والسياسية على حالها ، ولم تعرف تغييرا لصالح الشعوب التي جرت الانقلابات باسمها ، رغم وقوف مصالح القوى الكبرى ، واشنطن / موسكو ، وراءها ، أي وراء الانقلاب الذي يكيف انه حصل باسم الشعب الغائب والمغيب ، قبل او بعد حصول الانقلاب العسكري ..
في هذا الخضم ، تم رسم سياسات الأنظمة بمنطقة شمال افريقيا ، وبالقارة الافريقية ، والاسيوية ، وبأمريكا اللاّتينية والجنوبية .. وكان بعد نجاح كل انقلاب ، تتبعه مجزرة رهيبة للمعارضين وللشعب ، كما حصل بالشيلي التي قتل العسكر فيها ، بقيادة الجنرال الدموي " بينوتشي " ، الرئيس الاشتراكي " سلفادور ألندي " ، وهنا يجب إضافة ملاحظة في غاية الأهمية ، وهذا يحصل دائما مع الدول الكبرى التي ترسم الخرائط السياسية للدول القزمية ، تَخَلّي هذه الدول عن عملاءها الانقلابيين ، بمجرد تأذية المهمة ، وبمجرد استنفاد النظام الانقلابي سبب وجوده . فالجنرال " بينوتشي " عندما ضاقت به الأرض ، تنكرت له CIA ، وتنكرت الدول الحليفة كإنجلترا ، ليصبح عديم الفائدة عندما اعتقلته اسبانيا فوق ترابها بتهمة الجرائم المقرفة التي سلطها على شعب الشيلي ، دون نسيان الأرجنتين ، ونكارگوا ، والهاندوراس .. الخ . ففي هذا الخضم الدولي ، سيتم الانقلاب على اول رئيس شرعي وشعبي جزائري " بن بلة " . وفي هذا الخضم كذلك تم تنظيم انقلابات عسكرية على نظام السلطان المخزني ، وقد فشلت بسبب عدم دقة الحساب والتضحية ، وليس بسبب ب ( البركة ) كما حاول شرحه الحسن الثاني ( الشريف ) ، لإخفاء الضعف الذي مني به نظامه الذي كان أهون من عش عنكبوت ، يفطر ويتغدى ، ويتعشى فقط بالقمع المسلط على الشعب المغربي ..
فالانقلاب ضد نظام الحسن الثاني ، كان يدخل ضمن نماذج الدولة البرجوازية الصغيرة ، التي جسدتها الجمهوريات العربية ، التي وصل قادتها عن طريق الانقلابات ، للسيطرة على الدولة التي زادت تعاسة ، وزادت تخلفا عما كانت عليه البلاد قبل تنظيم الانقلابات العسكرية ، التي كانت تعتبر كذلك موضة يتفاخر بها الحكام الجدد ، وتنساق الجماهير وراءهم لاهثة ، وراء مشاريع دولة فشلت الفشل الذريع ، مما مكن من تسهيل وتنظيم انقلابات جديدة ومتواصلة ، باسم الإصلاح ، وباسم الديمقراطية ، وباسم حقوق الانسان التي زادت أزمة في أزمة اكثر استفحالا من سابقاتها ..
ضمن هذا الصراع الدائر ، باسم حركة التحرر الوطني ، وباسم الديمقراطية ، وحقوق الانسان الغير موجودة ، وباسم اعتناق مذاهب التحرر الوطني ، والانسياق وراء منظومة لم تكن يوما اشتراكية ، ولا ديمقراطية ، وتعدم حقوق الانسان بدعوى انها نضال برجوازي صغير غير مقبول .. سيتم طبع العلاقات بين النظام الجزائري العسكري ، ونظام المخزن البوليسي ، ليأخذ له مرة الطابع الأيديولوجي ، ومرة الطابع المسيطر على المنطقة ، ومرة باسم التنمية المعطوبة التي فشلت في كل مبادراتها المجربة ، لأنها لم تكن نابعة من الأصل ومن الأصول ، التي تختلف من مجموعة الى أخرى ، ومن نظام الى أخر ، ومن دولة الى أخرى ، مسترشدين بالتاريخ الذي اضحى مزيفا ، ومتمكنين من الشعارات التي ترفع . وكم كانت تلك الشعارات ، حماسية ، وقومية ، ووطنية شوفينية ، نجحت في تمكين الدولة من الوصوليين ، والدوغماتيين ، فكانت الازمة العامة التي ترجمها الفشل العام ، في المشاريع التي تم التنظير لها بكثافة . أي فشلت كل النماذج التي تم تجريبها ، لسبب عزلها عن الاطار العام الذي يحدد شكل الدولة ، وشكل طبقة الحكم المسيطرة ، ودور الشعوب السلبي التي تم اقصاءها من دائرة القرار ، الذي اصبح قرارا لزمرة الجيش المسيطر على الدولة وعلى الحكم .
انها نفس الخلاصة وصلت اليها الدولة المخزنية البوليسية ، عندما اعترفت بفشلها في نظام الحكم ، عندما اعترفت بفشل نموذجها ( التنموي ) ، الذي لم يكن بعد حتى يستحق التسمية بالنموذج الذي فشل . ووصل الفشل وباعتراف الملك ( امير المؤمنين ، الراعي للدولة الرعوية ، والإمام الذي لم يسبق ان أمم أحدا في المساجد او خارجها ) ، عندما اعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا وقعه بخط يده في هذا الاعتراف ، الذي نشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 ..
اذن . امام هذا الفشل للنظامين المخزني البوليسي ، والنظام العسكري الجزائري ، وامام التغيير الجدري الذي عرفه العالم ، خاصة بعد النهاية التراجيديا للمعسكر ( الاشتراكي ) بزعامة الاتحاد السوفياتي المُنْحل ، وسقوط الأنظمة ( الشيوعية ) بأوربة الشرقية ، وانتقالها الى الجانب المضاد ، الأنظمة الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الامريكية .. الخ ، تُرى لماذا لم يعرف الصراع بين النظام المخزني السلطاني البوليسي ، وبين نظام الجيش الجزائري ، تجديدا تمليه وعلى سبيل الافتراض ، التغييرات التي حصلت على مستوى العالم ، وتمليه المعطيات الجديدة الفاعلة في الساحة ، والمحددة لدرجة التغيير الذي يكون قد حصل جغرافيا وأمميا ، واستمر النظام الجزائري متشبثا بنفس الاطروحات التي كررها منذ سنة 1962 ، ولا تزال مختلف المبادرات الداخلية ، تتم على حساب الإرث النضالي المتفرق ، الذي عاشته الجزائر منذ استقلالها في سنة 1962 ؟ .
ان اصل الصراع بين النظامين المخزني السلطاني البوليسي ، وبين نظام الجيش في الجزائر ، لا يعود الى الاختلاف ( الأيديولوجي ) ، او ( الفلسفي ) بين النظامين المتصارعين ، لكن أسبابه الحقيقية ، هي أسباب واهية بدون مرجعية ثقافية ، او أيديولوجية ، او عقائدية ، تجعل من الصراع صراعا عاما وحضاريا ، دون تحديد جوهر الاختلاف التنظيمي ( شكل الدولة ) ، او الفلسفي ، او الأيديولوجي الدائر ، ولا يزال يدور بمكانزمات بالية ، لا تشفي الغرض من الصراع الدائر منذ إحدى وستين خلت .. فلو كان الصراع بين النظامين حقا يعد صراعا إيديولوجيا ، لكان للصراع الأيديولوجي ان يعرف نهايته الطبيعة ، بموت الصراع الأيديولوجي في عقر داره ( شرق غرب ) .. فكيف تموت الأيديولوجية في قلاعها التي حاربت باسمها ، وتبقى في الجزائر كنظام يعشق النقل ، دون استعمال أساليب التحليل المغناطيسي ، لمعرفة نوع النظام القائم ، وما تريده الطغمة التي تتحرك باسم شعب مغيب كالشعب المغربي ، في الضفة المقابلة للنظام المغربي ، التي تختلف طقوسه وطلاسمه عن طقوس وطلاسم النظام الجزائري التي فقدت بكارتها ، يوم ارتمى حكام النظام الجزائري ضمن الشعارات ( الثورية ) الحماسية ، التي لم تعد قادرة على توفير الخبز لشعب ( قلعة الثوار ) ، واعتبار الجزائر ( مكة الثوار ) كذلك ، للتأصيل لتاريخ لم يكن في يوم ما ثوريا ، رغم الاف الشعارات التي تردد باسم الثورة ، وباسم الشعب التي أعيته الشعارات منذ سنة 1962 ..
فأين ندرج الصراع بين النظام المخزني البوليسي ، وبين نظام الجيش الجزائري ، مع العلم ان التركيز على الأيديولوجية لتبرير التناقض المحلي والجغرافي ، من اجل اقناع الشعب الذي يصفق ومن دون شعور ، لجميع الشعارات المرددة ، التي كانت حماسية اكثر من اللازم ، لان التركيبة النفسية للمواطن المغربي والجزائري ، هي تركيبة ثيوقراطية ، وطقوسية ، وعاطفية اكثر من الحد المسموح به في التفاعل مع خطابات الحكام ، التي كلها كذب في كذب ..
فهل شكل نزاع الصحراء الغربية ، الازمة المستفحلة بين نظامين متباعدين ، ام ان اصل الازمة الدولتية ابعد عن ان يكون صراعا حضاريا ، وصراعا فكريا ، اوايديولوجيا مبررا ، وتحكمه معايير لم تعد كافية لتبرير الصراع الايديولوجي ، بين المخزن البوليسي ، والعسكر الجزائري ..
فمنذ متى تكون الازمة قد نشبت ، متذرعة بأسباب واهية ، هي بدورها فشلت في إعطاء الصراع عنوانه الصحيح ، والتعرية عن وجهه الحقيقي ؟
ان التسبب والتذرع بأصل الاسباب الواهية ، لغرس مشروعية نظامية مشكك فيها ، لتبرير الاستمرارية ، والمواصلة لأنظمة الحكم السياسي المتعارضة كليا مع الشعارات الحماسية المرددة هنا وهناك ، لا يكفي لتعرية السبب الحقيقي الذي يقف وراء الازمة المغربية الجزائرية ، الأكثر من مستفحلة ، على اكثر من صعيد .
ان الازمة المستفحلة بين النظامين المخزني البوليسي ، ونظام الجيش في الجزائر ، والتي بلغت درجتها القصوى من خلال تصريحات مستفزة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، كالعلاقات بين البلدين المقطوعة ، وزاد في رفع درجة حرارتها ، قول الرئيس الجزائري ب " اللاّعودة " لهذه العلاقات ، وهذا دليل ساطع لا يحتاج الى شرح مستفيض ، لفهم المرحلة القادمة ، والقوانين ( غير مدونة ) التي ستضبطها ( قوانين الغاب ) و ( قوانين التهديد ) التي ستتحكم في صيرورتها ، انّ القادم اصبح مفضوحا ، لا يفهمه المغفلون ، او الجهلة المتسلطة على دائرة القرار بدون ضبط ، ولا نواميس خارجة لغة الكر والفر ، التي ترسم السياسة المحلية والجغرافية بالمنطقة ، والتي ستكون ذات نتائج خطيرة ، اذا لم يوضع بديل لتجنب المنطقة ، الدمار الشامل الذي تشتغل عليه ومنذ مدة القوى الخارجية ، وعلى رأسها الثنائي Saiks – Picot . فمشروع التقسيم موجود ، وقد حان تنفيذه بيد أصحابه لتبرير صفقات التسلح ، وتبرير الانغماس في المديونية لمواجهة تكاليف الحرب ، باسم الدفاع عن الدولة من تهديدات لا تزال محط اختبار وتجريب .
وقد زاد عسكر الجزائر عجرفة ، عندما تحللوا من المسؤولية ، ومن تأنيب الضمير ، وجهلهم لما ينتظر المنطقة من مخططات لن تكون ارحما من مشروع Saiks – Picot ، الذي خلق الدويلات عندما قضى على الدولة الواحدية القوية والقومية ، وذاك التقسيم الاستعماري الظالم ، هو سبب ازمة النظام السياسي العربي الراهن ، خاصة نوع العلاقة مع الجماهير ، ومع الشعب ، حيث سيادة الدولة البوليسية القمعية ، كما انها ، نتائج مشروع Saiks – Picot ، يترجم اليوم في الحروب التي دارت ، والتي تدور ، وقد تدور في الاجل القريب لا المتوسط .
ان من يردد او يعتقد ، ان سبب الصراع بين النظامين المخزني البوليسي الطقوسي ، وبين عسكر الجزائر الطقوسي ، لان لكل نظام طقوسه الخاصة به ، سببه ازمة الصحراء الغربية ، سيكون واهما ، او سيكون جاهلا لأسباب التطاحن التي تضاعفت في الآونة الأخيرة ، عندما أضحت القيادة الجزائرية تنظم المناورات العسكرية التهديدية ، بجوار الحدود المغربية ، مستعملة الأسلحة الحية ، وتذهب القيادة الجزائرية معتقدة انها سترهب الدولة المخزنية البوليسية ، الى التمييز بين مناورات الجيش ، وطبعا هذا شيء طبيعي مادامت المناورات تجري فوق التراب الجزائري ، وبين مناورات الدولة الجزائرية ، عندما حضر الرئيس الجزائري شخصيا المناورات التي جرت مؤخرا بجوار الحدود المغربية الجزائرية . وبالرجوع الى لغة التهديد التي استعملها الرئيس عبدالمجيد تبون ، اثناء المناورات وبعدها ، وهو كرئيس مسؤول ما كان يجب ان تصدر عنه تلك التصريحات التهديدية ، لأنه كان يجب كرئيس الترفع عنها ، والترفع عن الشعارات التي تزيد صبا للزيت في النار .. وطبعا سيظهر ان اصل الازمة الجزائرية المغربية ، او ان اصل الازمة للنظامين المخزني البوليسي الطقوسي ، والعسكري الجزائري الطقوسي كذلك ، ليس أيديولوجياً كما كانت القيادة الجزائرية تردد خلال الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي ( الاتحاد السوفياتي المنحل ) ، وبين النظام الرأسمالي الغربي بزعامة الولايات المتحدة الامريكية ، بل ان اصل الصراع هو وجودي قبل ان يكون أيديولوجيا ، او جغرافيا ، او سببه نزاع الصحراء الغربية .
وبقدر ما كان النظام المخزني المغربي يلتزم الصمت ، لأنه يشتغل دائما في صمت ، بقدر ما كان النظام الجزائري يشتغل في ( الحَلْقة ) ، ويعري عن جميع أوراقه التي أضحت مفضوحة ، وطبعا سيكون الطرف المخاطب بتصريحات النظام الجزائري قد اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة ، للتعامل مع أي هجوم سياسي ، او دبلوماسي ، او عسكري ، لأنه وكما يقولون ، سيكون لكل مقام مقال يناسبه ..
اذا كان نزاع الصحراء الغربية الذي انطلق منذ سنة 1975 ، استعملته الجزائر ، وانخرطت فيه بقوة ، لحماية الصحراء الشرقية من ( الاطماع ) المغربية باسترجاع الصحراء الشرقية ، فان تعويل النظام الجزائري على نزاع الصحراء ، كان مطية لتسجيل التباعد في كل شيء عن النظام المغربي ، لان في تركيز النظام الجزائري على هذه الادعاءات الشوفينية ، يكون النظام الجزائري قد برهن امام العالم ، وامام دول المنطقة ، بتاريخية الجزائر الضاربة في اطناب التاريخ ، ولا ترجع فقط الى بداية تأسيس الدولة الجزائرية الفتية ، عند حصولها على استقلالها غداة سنة 1962 . هنا تكون الجزائر قد سجلت التمايز مع النظام الطقوسي المخزني المغربي بالمنطقة ، وتكون القيادة الجزائرية قد أسست لصراع طويل لن تكون له نهاية ، مع نظام مخزني تعتبره يشكل اكبر تهديد لأمنها ولدولتها الفتية ، وقد أدى التصرف الغير مسؤول لسفير النظام المخزني عمر هلال بالأمم المتحدة ، الداعي الى نصرة الاستفتاء وتقرير المصير بجمهورية القبايل الجزائرية ، ونصرة ( الماك ) الدراع المسلح لجمهورية القبايل في المنفى ، اكبر حجة في الاحتياط من النظام المخزني البوليسي المغربي ، ويجعل من الدولة الجزائرية تقف دائما في الخط المواجه والمعاكس للنظام المغربي . فنزاع الصحراء الغربية الذي بدأ في سنة 1975 ، لم يكن النزاع الوحيد بين جيش النظام المخزني ، وجيش النظام العسكري الجزائري ، لكن دون ان ينجح نظام من النظامين بحسم المعركة لصالحه . وهنا لا بد من التذكير بان الجزائر كانت تضم وتستقبل المعارضة التقدمية المغربية ، ( صقور الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) ، واستقبلت المنتمون الى منظمة " الشبيبة الإسلامية " ، بعد احداث 16 يوليوز 1963 ، واحتضنت صقور " حركة 3 مارس 1973 " ، والتنظيمين معا كانا مسلحين ، وكانا يشتغلان على مشروع الدولة لتصبح جمهورية على نمط الجمهورية الجزائرية ، وأنظمة الجمهورية البعثية في سورية ، التي كانت فيها قواعد لتدريب المعارضة المغربية على السلاح ، استعداد للقفز على الحكم .. دون ان ننسى حزب البعث في العراق ، والناصرية في جمهورية مصر العربية ، مع العلاقات الثنائية ، مـع الفعاليات السياسية الاوربية ، من كل التصنيفات بالمهجر بفرنسا ، بلجيكا ، سويسرة ، المانيا واسبانية ..
وبموت الصراع الأيديولوجي الذي اصبح صراعا تجاريا وسلعيا ، وسوقيا ( الأسواق ) ، واقتصاديا ، تكون جماعة الجيش التي تسيطر على الدولة الجزائرية ، ومن المفروض ان يكون كذلك ، وبخلاف فشل المنظومة الاشتراكية التي اعتمدت الصراع الأيديولوجي ، لا تزال تعتبر التمييز الأيديولوجي ، كفارق بينها وبين النظام المغربي ، في الوقت ، وباستثناء التعارض الأيديولوجي مع النظام المغربي ، تكون القيادة الجزائرية قد اهملت الصراع الأيديولوجي في الجزائر ، وعوضته بالصراع البراغماتي ، لان العالم تغير ، والصراع ، والأحزاب الأيديولوجية بعد تطليقها للإيديولوجيا ، تدير جماعة الجيش الوضع بالجزائر ، حسب المصالح ، حتى ولو كانت تناقض الاختيار الأيديولوجي الذي اشتغلت عيله منذ استقلالها سنة 1962 ، وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط أنظمة اوربة الشرقية .
ان اصل الصراع بين النظامين المخزني البوليسي المغربي ، ونظام العسكر بالجزائر ، هو منذ انْ كان ، كان صراع وجود بالأساس ، قبل ان يكون صراع حدود . وهنا فان الجزائر كلما احست بالضعف ، او شعرت بفقدانها لإحدى قلاعها ، خاصة بالقارة الافريقية ، التي كانت حلبة صراع أساسي بين الدول التي تناصر العسكر الجزائري ، وطبعا برشاوى الدولار والغاز والطاقة ، والدول التي كانت تناصر النظام المخزني ، وعددها كان قليلا ، لتنتهي المواجهة بانتصار النظام الجزائري الذي نجح في ادخال الجمهورية الصحراوية كدولة ضمن " منظمة الوحدة الافريقية " OUA ، وإخراج النظام المغربي من هذه المنظمة ، وفشل النظام المخزني بعد انتماءه الى منظمة " الاتحاد الافريقي " ، رغم الرشاوى التي أعطاها في شكل استثمارات ، من طرد الدولة الصحراوية ، التي ساهمت الجمهورية الصحراوية في تحرير قانونه الأساسي ، وهو القانون الذي أدى على أساسه النظام المخزني قسم الانتماء الى منظمة " الاتحاد الافريقي " ، امام رئيسة الجلسة ، وكانت امرأة تنتمي الى الجمهورية الصحراوية .. فاصل الصراع هنا ليس ، ولم يكن أيديولوجيا ، ولكنه كان صراع وجود بالأساس ، قبل ان يصبح صراع حدود . فالطرف الذي سينتصر طبعا ، سيفرض شروط المرحلة التي أضحت تتحكم في مختلف المبادرات السياسية ، ومن ثم كانت نتائج كل هذه المعارك في صالح النظام الجزائري ، خاصة عندما سجل النظام المخزني اكبر هزيمة له ، في صراعه مع عسكر الجزائر ، عندما اعترف امام العالم ، بالجمهورية العربية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، واصدر الملك ظهيرا وقعه بخط يده ، يعترف فيه بالجمهورية الصحراوية ، ونشر اعترافه هذا امام العالم بالجريدة الرسمية عدد 6539 .
الان هناك شرعيتان تحكمان نزاع الصحراء الغربية ، هناك شرعية الأرض التي نجح فيها النظام المخزني ، ولو بشكل ناقص ، كبقاء ثلث الأراضي الصحراوية خارجة سلطة وسيادة النظام المخزني ، وبقاء ( الگويرة ) بقبضة الجيش الموريتاني ، وهذا يبطل أوتوماتيكيا الشعار الذي تردده الرعايا " الصحراء من طنجة الى الگويرة " .
كما انتصر عسكر الجزائر على النظام المخزني البوليسي ، عندما تنتصر الأمم المتحدة ، والقارات الدولية ، الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي ، وروسيا والصين ... الخ ، والقضاء الأوربي ، لقضية الصحراء الغربية ، لمبدأ الاستفتاء وتقرير المصير ، وتحت الاشراف المباشر للأمم المتحدة ، أي مجلس الامن .. وكان اكبر انتصار حققه عسكر الجزائر ، عندما رفض الرئيس الامريكية الديمقراطي John Biden ، اعتراف الرئيس Trump المقلب بمغربية الصحراء ..
لكن ان اكبر انتصار يحققه عسكر الجزائر ، على النظام المخزني البوليسي الطقوسي المغربي ، حضور الجمهورية العربية الصحراوية كعضو رسمي ، لقاء قمة Brix ، والقاء رئيس الجمهورية الصحراوية السيد إبراهيم غالي ، كلمة الجمهورية الصحراوية امام وفود اكثر من خمسين دولة ، حجت لحضور قمة منظمة Brix ، وجلوسهم بقاعة المؤتمرات ينصتون لخطاب إبراهيم غالي ، ومنهم رؤساء دول ، ورؤساء حكومات ، وبما فيهم رؤساء دول تمتلك حق الفيتو بمجلس الامن . فإلقاء الرئيس الصحراوي لكلمة الجمهورية الصحراوية ، ليس له من معنى غير اعتراف هذه الدول الاعتراف المطلق بالدولة الصحراوية . وخاصة تم طرد النظام المغربي ، مقابل حضور الجمهورية الصحراوية .. وهذه الفعلة كانت مؤامرة متقنة بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، وبين جهابذة الكرملين Le Kremlin ، طبعا بأوامر وتوجيهات الرئيس الروسي " فلادمير بوتين " .. بل انتصر النظام الجزائري الانتصار الساحق ، عندما حضرت الجمهورية الصحراوية لقاء Bruxelles ، واستقبل إبراهيم غالي كرئيس دولة ، متمتعا بنفس بروتوكول الذي تمتع به الرؤساء الاوربيون ، والرؤساء الافاقة ، ورؤساء الحكومات الاوربية والافريقية . فعندما يرفرف علم وراية الجمهورية الصحراوية في سماء عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، الى جانب رايات دول الاتحاد الأوربي ، وراية دول الاتحاد الافريقي ، وراية النظام المخزني البوليسي ، فالتفسير الوحيد الذي يشرح الوضع ، واحد لا اثنان ، هو اعتراف كل هذه الدول مجتمعة ، بالجمهورية الصحراوية التي تجري الاشغال والمشاورات ، بان تنال العضوية بالأمم المتحدة قريبا ، لتسهيل تنزيل القرارات الأممية في شأن نزاع الصحراء ، فرض الاستفتاء وتقرير المصير الذي وحده ستعطي نتائجه الانتماء السياسي للإقليم ، أي جنسية الإقليم .
الكل يتذكر خواء النظام المخزني البوليسي ، من خلال خطابات الملك الأمير ، والامام ، والراعي الكبير للرعية في الدولة الرعوية ، عندما استعمل اكثر من مرة ، لغة التودد لعسكر الجزائر ، مطمئنّهم على سلامة حدودهم ، ومقنعا لهم وملتزما ، بان الدولة المخزنية لن تكون في يوم من الأيام مصدر ازعاج للنظام الجزائري العسكري ، وللدولة الجزائرية ، داعيا ومتوددا القيادة الجزائرية لفتح الحدود بما يخدم المصالح الشعبية ، للشعبين المغربي والجزائري . ومن المعلوم ان الذي قام بإغلاق الحدود بعد جريمة " فندق أسني " المشهورة في سنة 1994 ، النظام الجزائري ، وليس النظام المغربي الذي قرر فرض التأشيرة Le visa ، على الرعايا الجزائريين المجنسين بالجنسية الفرنسية ، او الاوربية .
اذا كان قرار فرض التأشيرة على الجزائريين يعتبر من اعمال السيادة ، فانه لم يكن ليصل الدرجة المؤسفة التي هي اغلاق الحدود بالكامل . ففي مثل هذه الحالات كان على النظام الجزائري التعامل بالمثل ، أي بفرض التأشيرة على جزء ، او على بعض المغاربة ، او على المغاربة ، عوض الذهاب بعيدا حتى اغلاق الحدود بالكامل .. ولو فرضت القيادة الجزائرية الفعل المماثل ، فرض التأشيرة ، لكنا امام قرار من القرارات التي تدخل في سيادة الدول . لكن ان يكون الرد بإغلاق الحدود ، وليس العمل بالمثل ، يكون الاجراء سياسيا يعكس صراعا بين نظامين ، وليس بين دولتين بما للدولة من تعريف في القانون الدولي العام ، و القانون الدستوري والأنظمة السياسية . فالقيادة الجزائرية التي كانت تخطط لإجراء اغلاق الحدود ، سقط عليها قرار المخزن المغربي سقوط الرحمة ، التي جعلتها تتصرف بما يخدم مشروعها المغاربي ، وبما يبرر التصرف امام الدول الصديقة للنظامين معا ، خاصة النظام العربي .
ان اغلاق الحدود في سنة 1994 ، كان تكملة للمخطط ، وللمشروع الذي تشتغل عليه الدولة الجزائرية ، والذي هو القضاء على النظام المغربي ، والتوغل اكثر وسط ( الشعب المغربي ) ، وبلغت الدنيوية و ( الحقارة ) بالنظام الجزائري في معارضته للنظام المخزني البوليسي ، حين دعت مواقعها الإعلامية الى نصرة خروج الشعب المغربي لقلب نظام المخزن ، وهي الدعوة التي كان وراءها ثلاثة اشخاص واحد بإيطاليا ، وواحد بألمانيا ، وواحد كان بالأرجنتين هو Jérôme ، الذي لا يزال بأدغال البرازيل .. فهل بهذه المواقف اللامسوؤل ، سيتم اسقاط النظام المخزني البوليسي ، وعروشه وجذوره تعود الى اكثر من 450 سنة ..
ناهيك عن تنظيم القنوات الجزائرية لقاءات ( صحافية ) مع أناس لا يمثلون حتى انفسهم . ان صناعة معارضة Brimer العراقية ( دبابات Brimer ) ، وصناعة معارضة سورية ترقص بين ايدي Steffan de Mistura ، وترعاها المخابرات الأجنبية من فرنسية وامريكية ، لن ينجح بالنسبة للمغرب ، لعدم وجود شخصيات مؤثرة ونافدة وسط جماهير الرعايا ، تقنعها بالنزول الى الشارع لقلب النظام . وأين وصل لبنان بسبب السفارة الفرنسية ، وسفارة الولايات المتحدة الامريكية ، وسفارة بريطانيا ، والسفير السعودي ... هذا لن يقع في المغرب ، وكما قلت ، انتفاء الأشخاص المؤهلة كي تكون في مستوى المعارضة العراقية ، او السورية ، او المعارضة الليبية ..
تناقلت بعض الأوساط الإعلامية اخبارا عن محاولات ، مرة سعودية ، ومرة قطرية ، لرأب الصدع بين النظام المخزني البوليسي ، وبين نظام العسكر الجزائري .. واجمعت هذه الاخبار ، انّ البعض من هذه المحاولات ، كان وراءه النظام المخزني البوليسي ، الذي ربما قد يكون استشعر بهول الضربة الجزائرية ، وانتصاراتها المدوية في نزاع الصحراء الغربية ، التي يجمع الجميع باستقلالها عن المغرب ، من جهة استعمالها في اسقاط النظام المخزني ، باستبدال الحكم ، واستبدال الملك المرفوض والمعزول دوليا ، ومن جهة لتسريع وتسهيل استقلال الصحراء ، لردم الحدود بين المغرب وبين موريتانية ، لتتحول الى حدود بين المغرب وبين حدود الجمهورية الصحراوية . وموريتانية عندما اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، وتؤكد على هذا الاعتراف الذي اعتبره مرتين متتاليتين رئيس الدولة الموريتانية محمد ولد الغزواني ، بالخيار الاستراتيجي لموريتانية ، لإبعاد ( خطر ) الامبراطوريات التي يمثلها النظام المخزني المغربي ، ومن جهة كذلك ، محاولة التخلص من نظام محمد السادس ، ومن شخصه ، باستبداله بملك اخر من نفس الاسرة ، او من نفس العائلة ، او ان يكون الخيار نتيجة الصراع ، النظام الجمهوري الذي سيصبح سهل الانزال ، عندما تستقل الصحراء ، وتسقل الجمهورية الريفية ، وتستقل بعض الجهات إسوة باستقلال الصحراء واستقلال الريف .. فيتم الانتهاء من نظام طقوسي غير مقبول ، وسيتم تغيير الشعوب ، وتغيير الجغرافية ، بما يؤمن وجود الدولة الموريتانية ، من دون تهديد من احد ، وبما يؤمن قوة الدولة الجزائرية التي ستندمج مع الدولة الصحراوية المنتظرة ..
ان من يتحدث عن صلح او مصالحة بين النظام المخزني البوليسي ، وبين نظام العسكر الجزائري ، الذي دعا اليه مرات محمد السادس في خطابات مختلفة ، ونسيان الماضي الذي ألّم الجميع ،خاصة الشعوب التي لا ناقة لها ولا جمل في هذه الصراع الذي يعني الأنظمة ولا يعني الشعوب ، او يتوقع احدى الوساطات العربية كالسعودية والقطرية ، لرأب الصدع بين أنظمة المنطقة ، سيكون واهما ، خاصة في جانب النظام المخزني .. وكم نشر الاعلام رفض النظام الجزائري لدعوة المصالحة ، وطي الصفحة ، التي قامت بها المملكة العربية السعودية .. ملوحا وعلى لسان الرئيس نفسه عبدالمجيد تبون ، بان الجزائر في علاقتها مع النظام المغربي ، وصلت الى نقطة اللاّرجوع ، وكما قال كذلك " ان الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه واستريح " ، وفي مرات هدد بالحرب ، والحرب غير مقبولة تحت أي تبرير او تحجج ، لأنها ستدمر الجميع من دون استثناء ، وتتسبب في نتائج لن تمحو على الاطلاق ..
فالتصالح او المصالحة ، وليس فقط تصريح الرئيس عبدالمجيد تبون ، لن يكون ابدا ، اللهم في هاتين الحالتين ، بل حتى في هذه الحالات ، سيكون من الصعب جدا إعادة فتح الحدود الذي استمر ل تسعة وعشرين سنة 1994 .
الحالة الأولى . اذا سقط النظام العسكري الجزائري ، وأصبحت الجزائر مهددة بالتفتيت ، ان تصبح الدولة في الجزائر دولة ملكية . أي تنبذ الجمهورية ، وتبني الملكية . وهذا الاقتراح هو من قبيل المستحيلات ، لأنه من السهل ان تتحول من نظام ملكي الى نظام جمهوري ، بانقلاب عسكري ، او عند نجاح ثورة شعبية في قلب كل الدولة وليس فقط النظام . لكن من الصعب ان تتحول من نظام جمهوري الى نظام ملكي .. والتاريخ ، أي تاريخ الصراعات السياسية ، لم يسبق في يوم من الأيام ، ان عرّفنا بتحول جمهورية الى ملكية ، بل العكس هو الجاري به العمل ، فحتى احتفال 14 يوليوز في فرنسا ، هو تأكيد الشعب الفرنسي على النظام الجمهورية ، ورفض النظام الملكي ..
الحالة الثانية . ان تتحول الملكية الى جمهورية ، وهي الطريقة الشائعة في المعارك السياسية على الحكم ، أي من السهولة الانتقال من نظام ملكي الى نظام جمهوري ، والعكس ليس صحيحا ..
اذن السؤال الذي سيجيب في توضيح مستقبل المنطقة كلها يصبح هو . هل هناك من يعتقد بنجاح تحويل النظام الجمهوري الى نظام ملكي ؟ . أي هل يمكن التفكير في ان تصبح الجزائر ملكية ، وتنبذ النظام الجمهوري ؟
والسؤال التاني . هل يمكن ان يصبح المغرب جمهوريا بعد ان ينهي مع عصر الملكية ؟
وحتى اذا تحول النظام في المغرب الى جمهورية ، او تحولت الجزائر الى ملكية ، فمن يعتقد بالوحدة الفورية ، ملكية ملكية او جمهورية جمهورية ،سيصاب بالغشاوة ، لان عنصر الوحدة الذي هو الدم الساري في الشرايين ، هو دم غادر وانقلابي . اذ سرعان ما تعود الجمهورية الى جمهوريتها ، لكن انتظار العودة الى الملكية من الجمهورية سيبقى من اكبر المستحيلات ..
فمن السهولة اذن ان تصبح ملكية جمهورية ، ومن ضروب المستحيلات ان تصبح الجمهورية ملكية .
اذن الاستنتاج الذي توصلنا له من خلال هذا التحليل ، لن تفتح الحدود مجددا بين الجزائر والمغرب ، ولن يحصل صلح ولا تصالح ، ما دام المغرب يسمى " المغرب " ، وما دامت الجزائر تسمى " الجزائر " . فهذه هي الحقيقة التي لا يجب الفرار منها ، بل يجب التعامل معها كما هي مفروضة ، وكقدر منزل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب