الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة(إحسان عبد القدوس) بمسلسل -أزمة منتصف العمر-

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2023 / 9 / 2
الادب والفن


معظمنا شاهد فيلم " العذراء والشعر الأبيض" للكاتب الكبير (إحسان عبد القدوس)،
ولكن هل قرأ القصة الأصلية إلا عدد قليل جدا من المهتمين بالأدب؟!
هل يعلم أحدهم ماذا حدث للأبطال وكيف عالج الكاتب الأحداث أدبيا، لا دراميا؟!

فى القصة نجد أن؛
(بثينة)؛ الابنة ذات السبعة عشر ربيعا، تحمل من والدها الذى تبناها!
والزوجة تقبل بهذا الأمر وتسعى لحله، لأنها لا تستطيع امتاع زوجها جنسيا فى هذه السن؛ فتتستر طوعا على جريمته وجريمة ابنتهما "المتبناة"؛
وحين يعترف لها زوجها بخطيئته؛ تدهشه بمعرفتها المسبقة، ومن ثم تقبل بهذه العلاقة وتدعمها وتقترح حلا غريبا وهو؛
أن تعيش هى وزوجها وابنتهما المتبناة والطفل الذى تلده تحت سقف بيت واحد، على أن ينسب المولود لها وتصبح الأم الحقيقية(بثينة) مجرد" أخته" أمام الناس!
وكأن شيئا لم يكن!!

المهم اننى ما ان انتهيت من قراءة القصة حتى وجدت نفسى وبشكل تلقائى؛ فى محاولة لعقد مقارنات بينها وبين قصة مسلسل(ازمة منتصف العمر)؛ واستطعت رؤية التشابه بينهما؛ على الأقل من حيث نقطة الصراع؛ فالصراع فى المسلسل يدور أيضا حول "علاقة غير مشروعة" بين الأم وزوج ابنتها(المتبناة)؛
الفارق أن الجريمة فى المسلسل، بطلتها(امرأة) ورغم أن السيناريست عالج الأمر بانتحار الأم وقتلها للعشيق، ندما على فعلتها وتعبيرا عن عدم اتزانها؛ الا ان الكثير من الحملات عبر السوشيال الميديا هاجمت المسلسل هجوما شديدا، وأقصد هنا؛ هجوما "أخلاقيا" لا هجوما "نقديا فنيا"!
فماذا كان ينتظر الجمهور أكثر من الموت عقابا لكليهما !!
ولماذا الهجوم من الاساس؟!
هل يا ترى أيد المؤلف تصرف البطلة أو البطل على مدار أحداث المسلسل ؟!
على العكس تماما؛ فقد ادانهما، وظلا فى صراع دائم، مؤلم ومرير!!
اتساءل الآن: كيف كانت ستبدو ردة فعل الجمهور لو أن قصة احسان عبد القدوس الأصلية،
تم تحويلها دراميا كما كتبت تماما، دون تغيير أو حذف ؛ لا كما شاهدها الناس فى الفيلم؟!
هل كانت ستحدث وقتها حملات قتل معنوى فى الصحف والجرائد، كما حدث مع مسلسل ازمة منتصف العمر عبر السوشيال ميديا؟!

يجيب (إحسان عبد القدوس) على هذا السؤال فى مقدمة الطبعة الأولى لرواية (أنا حرة) فيقول:
"جلبت لى هذه القصص من المتاعب قدر ما جلبته لى كتاباتى فى المواضيع السياسية والوطنية وأثارت حولى من الجدل والمناقشة والتهم قدر ما أثارته قضية الأسلحة الفاسدة مثلا!"
وكان يمكننى أن أتجنب كل هذه المتاعب وكل هذا الجدل لو أننى رفعت بضعة سطور من كل قصة ولو أنى عدلت مثلا تعديلا طفيفا فى نهاية قصة(أنا حرة) ولكنى رفضت أن ينزع سطر واحد برضاى، وصممت على أن تبقى (أنا حرة) حرة فى اختيار نهايتها
إنى لا أستطيع أن أشوه الحقيقة، وهذه القصص تصور الحقيقة، حقيقة الإنسان"

نعم حقيقة الإنسان بخير نواياه وشرها..ببؤسه وشقاءه وأفراحه وانتصاراته، بالتواءات نفسه، واستقامتها..فى اختباراته اللانهائية سواء زكى روحه أو دساها!

كيف تستطيع أن تحترف كتابة السيناريو مثلا لو ان لديك اكثر من ثلاثين شخصية فى المسلسل؛
دون أن تتجرد من أفكارك وأقوالك الشخصية لتظهر لنا شخصياتك المؤلفة، حية ونابضة، لا؛ مجرد صدى لصوت افكارك الداخلى؟!
الكاتب المحترف(قاص/روائى/سيناريست)، هو ذاك الذى يستطيع تبنى اصواتا وانماطا متعددة من الشخصيات دون ان نسمع صوته فى الخلفية..هو ذاك الذى يستطيع ان يتوحد تماما مع عكس توجهاته، افكاره، مبادئه لينقل لنا الصورة كما هى فى الحقيقة، على لسان صاحبها، لا بفرض قيمه وتوجهاته هو!

المشكلة أن الأغلبية العظمى تعتقد ان المؤلف_مؤلف القصص والروايات والأفلام_ يكتب مذكراته، لا مجرد شخصيات مؤلفة سواء كانت أحداث حياتها مستوحاة من الحقيقة ام متوهمة!!
يعتقد ان الذى حدث مع شخصيات الرواية او الفيلم هو ذاته الذى حدث مع الكاتب او حتى الفنان الذى يجسد الدور!!
ويتم الخلط بينهما دائما منذ الأزل
ومع هذا الخلط يحدث الكثير من اللغط والاتهامات
التى لا حصر لها ولا منطق !!

فمتى تنتهى هذه الأحكام والأوهام؟!
ام يا ترى هو قدر الكاتب والفنان أن يكون محط الانتقاد والاتهامات، مقابل القليل من التصفيق والتهليل والإشادات؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال