الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيراقليطس والناسك السوري حينما يتظاهر

شاهر أحمد نصر

2023 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في ليل الركود الطويل، كثيراً ما ارتفعت تساؤلات تشكك بسنن الحياة، وبالنظام الكوني، ومناهج فهمه وإدراكه، ولا سيّما المنهج الديالكتيكي، وبرز سؤال مفاده: تُرى لو عاد هيراقليطس إلى الحياة وعاش في بلدان اللون الواحد والقيادات الحكيمة الأبدية؛ كيف سيكون رأيه في حقيقة أنّ "كل الأشياء في صيرورة"، لأنّه "لا يمكن أن نسبح في ماء النهر مرتين"، وكيف سيفسر لنا انتكاسات تلك الدول آماداً طويلة، وأسباب السباحة مرات ومرات في المستنقع نفسه، عكس تيار التطور السليم عقوداً وعقودا؟!
هذه هي حال البؤساء أحفاد الناسك العامودي؛ الناسك السوري، الذي غدا مثالاً منذ قرون في الأدبيات العالمية... لعلّ بعضاً اعتقدوا أن هذا الناسك خانع، وبإمكانه سلبه، ونهبه طالما دفعه زهده إلى الموت صائماً على عمود!
إلا أنّ الناسك السوري أبى السباحة في المستنقع نفسه، وأثبت أنّ "كل الأشياء في صيرورة" حينما تظاهر سلمياً مطالباً بحقوقه في الحرية والكرامة وهو يرفع الورود، ويغسل الشوارع مساء بعد نهاية يوم التظاهر، وها هو يضيء الشموع في ساحات السويداء الحبيبة، ساعياً إلى إثبات صحة ديالكتيك هيراقليطس، وسلامة سنن الكون...
تحية إلى أهلنا في ربوع الوطن كافة، وإلى أهلنا المتظاهرين سلمياً في السويداء الذين يدعوننا إلى الاهتمام بشؤون شعبنا، ومستقبل وطننا، بعدما تبارى سياسيو العالم جميعاً في حفلات النفاق والرقص طرباً على جثمان الناسك السوري، وعلى أوجاعنا، ودماء ضحايانا، غير آبهين لا بالقديس سمعان العامودي، ولا بمصير الناسك السوري، ولا بحضارة هذه البلاد وما قدمته للعالم ...
تحية عاطرة إلى المتظاهرين السلميين الذين يحاولون إيقاظ العالم، و إيقاظنا، للاهتمام بشؤوننا...
صدقتم، يا أهلنا الأحبّاء! لن يهتم العالم بشؤوننا إن لم نهتم نحن بأنفسنا بها، بل أثبت تطور الأحداث أنّ القوى المهيمنة في هذا العالم بما فيها تلك التي تدعي صداقتنا تضع مصالحها فوق أي اعتبار، ولا تكترث بحالنا، ولا بمصيرنا تسعى إلى تفتيت ودمار بلادنا وإفراغها من سكانها خدمة لمشروع يهمها استمرار وجوده وتسانده، وتساند من يخدمه وتثبت أركانه...
فهل يصحو ضمير والحس الوطني والإنساني لدى القوى الفاعلة والغيورة على الشعب والوطن من مختلف الانتماءات المناطقية من الجبل والسهل والبادية والساحل، من الأخوة العرب والأكراد وباقي القوميات، والشخصيات الوطنية والمفكرين، والأحزاب السياسية وتطلق مبادرة وطنية صادقة للحل السياسي الشامل مستفيدة من إجماع دول العالم على تطبيق القرار 2254 كأفضل حلّ سياسي متفق عليه لمعالجة المسألة السورية سلمياً وبناء دولة المواطنة الديمقراطية الحضارية المنشودة لإنقاذ الشعب والوطن؟!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي