الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل دعاية وسياسة اتصالية ثورية / أليخاندرو ريوس

مرتضى العبيدي

2023 / 9 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من أجل دعاية وسياسة اتصالية ثورية

"إن سبب وجود حزبنا ليس فقط انتقاد وإدانة الواقع القائم، بل يجب على دعايتنا واتصالاتنا أن تتحد مع هذه العناصر منظور التحول الثوري ..."
أليخاندرو ريوس

هناك علاقة جدلية من الترابط بين الاتصال والسياسة: فالنشاط السياسي هو في جوهره فعل تواصلي، يتم التعبير عنه من خلال محتوياته: فلا يمكن تصور ممارسة السياسة دون خطاب سياسي. قبل كل شيء، يعتبر التواصل والسياسة من الأنشطة المتأصلة في الإنسان، فهما يولدان مع عملية التنشئة الاجتماعية ويرافقانه طوال حياته.
إن ما أبعد - أو ميز - الإنسان عن حالته كحيوان غير عاقل هو تنمية وعيه بالعمل، وإنتاج السلع المادية من أجل ضمان تكاثره ووجوده كنوع. وفي هذه العملية، لعب تطور اللغة، والقدرة على التواصل بين أفراد مجموعته الاجتماعية دورا أساسيا. "كان العمل أولا، ثم الكلمة المنطوقة، هما المحفزان الرئيسيان اللذان تحت تأثيرهما تحول دماغ القرد تدريجياً إلى دماغ بشري..." كما وضح فريدريك إنجلز في "دور العمل في التحول من القرد إلى إنسان"، حيث يشرح أيضًا كيف تطورت أعضاء الحواس. "كما أن التطور التدريجي للغة يصاحبه بالضرورة تحسن مماثل في عضو السمع، فإن التطور العام للدماغ يرتبط بتحسن جميع أعضاء الحواس... فتطور الدماغ والحواس التي تخدمه، والوضوح المتزايد للوعي، وزيادة القدرة على التجريد والتمييز، تفاعلت بدورها مع العمل والكلام، مما حفز تطورهم أكثر فأكثر."
عمّر البشر العالم من خلال محاولة الإجابة على الظواهر المختلفة التي تحدث في بيئتهم، من خلال تفسير وجودهم - أو محاولة القيام بذلك - ولكن قبل كل شيء من خلال الاستجابة للمحفزات التي تأتي من هذه البيئة، لأننا كائنات عقلانية وعاطفية . فالعقل والعاطفة يسيران معًا، ويستجيبان لنفس النظام، ويعملان معًا ويدعمان بعضهما البعض.
ففي مواجهة أي موقف غير متوقع، أول ما يثير سلوكنا هو الاستجابة العاطفية (الخوف، الفرح، عدم اليقين، الحزن...) التي تدفعنا إلى البكاء، الضحك، الركض، الضرب... إننا نتصرف بسرعة وتلقائية، مع بذل القليل من الجهد أو حتى عدم بذل أي جهد ودون أي إحساس بالتحكم الإرادي ، لكن الدماغ ينشط على الفور "جزءه العقلاني" الذي يكبح أو يبطل الدوافع غير المسؤولة.
تتكون العواطف من حالة فسيولوجية وتجربة عقلية، إنها إشارات من جسدنا مرتبطة بالأشياء التي تثيرنا، بالدوافع، إنها ردود أفعال مع حياة يمكن أن تكون مكثفة، ولكنها قصيرة. فالشعور، كونه مشتقًا من العاطفة، هو حالة عاطفية طويلة المدى مع تجارب أكثر ديمومة وتعقيدًا. فالإنسان بذكائه التفكيري يهتم بما يحفزه، أي بما يتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بشيء يساعده على العيش أو البقاء أو العيش بشكل أفضل.
كل ما له "تأثير" على الناس يسبب انطباعات وأحاسيس وميول، والتي تصبح بعد ذلك معتقدات ومواقف ونوايا. كلما كانت العواطف أقوى، كلما كانت تجربتنا أعمق في الدماغ. وتظهر هذه الظاهرة بوضوح بين الشباب الذين ينضمون إلى النشاط السياسي الثوري. في البداية، تكون "للعدوى" تأثير قوي، لأن أحداً من جماعتهم المقربة أو من يعجبون به موجود في الصفوف، لأنهم انبهروا بفعل، أو كفاح، أو باختصار طموح للتغيير.
إن بوابة التجريد – في حالتنا، ذات الطبيعة السياسية – هي العواطف. ولهذا السبب يجب أن يأخذ الخطاب السياسي والدعاية والتحريض في الاعتبار العناصر العاطفية لتحقيق التعاطف الضروري لفتح العلاقة مع الجماهير والحفاظ عليها، مع العلم أن الرسالة العاطفية لا تخلو من الحجة، إذ لا وجود لها بدون محتوى.
ولكن الناس يتفاعلون بشكل مختلف مع المحفزات المماثلة، وهذا يتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل. نحن لا نشير إلى حدّة الرد، بل إلى الرد في حد ذاته الذي يمكن أن تثيره الرسالة حسب القراءة التي تتم لها، بسبب الظروف الثقافية والجيلية والجنسية والطبقية. ما هو معنى الأرض بالنسبة للشعوب الأصلية (les peuples indigènes) والمولدين (les métis)، هل هي نفسها؟ ما نوع المشاعر التي يثيرها الاستماع إلى التهويدة لدى سود إزميرالدا، وكيف يستقبلها المولدون أو السكان الأصليون؟
هناك مجموعة متنوعة من الرموز الثقافية التي تعطي قراءات ومعاني مختلفة للرسائل المستلمة، وعادة ما يتم إنتاج هذه الاستجابات دون وعي. فقط أولئك الذين يعرفون ويفهمون هذه الرموز واللغات جيدًا يمكنهم إنتاج رسالة فعالة جدًا، وبالتالي، قادرون على كسر حواجز الاتصال التي، في ظروف معينة، تمنع أو تعيق العلاقة السياسية والاجتماعية.
هناك أيضًا ظروف خاصة تعمل بمثابة "صمامات" تفتح أو تغلق رغبة الأشخاص في تلقي أنواع معينة من الرسائل وحتى تهيئهم لاستجابات معينة. هذه الظروف هي نتيجة لشروط اجتماعية وسياسية، ولكن يتم تفسيرها أيضًا بحقيقة أن عنصرًا خطابيًا قويًا آخر قد خلق مناخًا مناسبًا أو غير مناسب. إن الفترة التي يكون فيها النضال الجماهيري في ذروته ستكون دائما أكثر ملاءمة لانتشار الأفكار الثورية وقبول الجماهير بها مقارنة بفترات السلم الاجتماعي النسبي عندما تكون السيطرة الأيديولوجية والسياسية للبرجوازية أكبر.
وبعيداً عن هذه الخصوصيات، هناك عنصر مشترك يسري في حياة كافة القطاعات الشعبية ومصالحها، ويمكن تلخيصه في كلمتين: العيش الأفضل. وعلى الرغم من سهولة فهم هذا المصطلح، إلا أن له دلالات مختلفة باختلاف القطاعات. فهي تتحدد من خلال الظروف المعيشية المادية للأفراد والجماعات، ومن خلال تصوراتهم وتطلعاتهم عن الحياة، وعن وجودهم، ولهذا السبب هناك جوانب لا يمكن رؤيتها بسهولة دائمًا. في عائلة من الفلاحين الفقراء، على سبيل المثال، قد يعتقد المرء أن البحث عن حياة أفضل يدور فقط حول إنتاج وبيع منتجاتهم، ولكن قد تكون هناك أوقات يكون فيها الاهتمام الرئيسي أن يتمكن أطفالهم من الذهاب إلى الجامعة. وتكمن صورة التفوق العائلي في ما يمكن أن يحققه هذا الطفل إذا التحق بالجامعة وحصل على شهادة مهنية. وهذا ما رأيناه في بلادنا في السنوات الأخيرة، حيث تم استبعاد مئات الآلاف من الشباب من الفصول الدراسية في الجامعات.
وهذا "الاكتشاف" ممكن إذا كانت هناك علاقة وثيقة مع الجماهير، إذا كنا جزءا من عملية تواصل حقيقية نتلقى فيها المعلومات ونوصلها، ونتبادل الآراء والخبرات مع الناس، ونستمع إلى آرائهم، ونتعامل معهم ونقدم لهم تصوراتنا الأيديولوجية السياسية، كل هذا أساسي في عملية بلورة وتعريف السياسة، أي في بناء خطابنا.
لذلك، يجب أن ننطلق من مبدأ أنه من أجل فهم مشاعر الناس، من الضروري أن يكون لدينا تواصل مباشر معهم، لمعرفة وفهم أفضل لما يعيشونه، وما يفكرون فيه وما يرغبون فيه. ويجب مراعاة العالم المادي الذي يعيشون فيه، وواقع البلد والعالم، وأكثر ما يقلق الناس، وما هو الأكثر إلحاحا لحله بالنسبة لهم، لأن حله يعني حل مشاكلهم الخاصة.
سنقول في هذا الجزء إن خطابنا يرتبط - بطريقة جدلية - بالحس والعقل (يجب أن نكون حساسين للحساسية)، مما يعطي قوة أكبر لكل جانب من هذه الجوانب إذا كان الأمر يتعلق بعمليات الاضطهاد على المدى القصير أو الطويل، اعتماداً على الوضع المحدد الذي نعمل فيه وربطه بالأهداف الاستراتيجية. ويجب أن تأخذ في الاعتبار، في المقام الأول، الاحتياجات المادية للناس التي تسمح لهم بأن يعيشوا حياة كريمة: العمل، الراتب العادل، التعليم، الصحة، المياه، السكن، الأراضي، الاعتراف بهم كشعوب. ولكن هناك أيضًا عناصر أخرى تشكل جزءًا من الواقع، وهي ضرورية للتطور الكامل للحياة، ولكن لا يعتبرها الجميع ضرورية: الديمقراطية، والحقوق السياسية، والدفاع عن سيادة البلاد، والتي تظهر كعناصر مجردة . وبما أن سبب وجود حزبنا ليس فقط انتقاد وإدانة الواقع القائم، فإن دعايتنا وتواصلنا يجب أن يدمج مع هذه العناصر منظور التحول الثوري، وضرورة وضع حد لهيمنة البرجوازية الكبيرة والإمبريالية. وكيفية القيام بذلك ومن يجب أن يتحمل هذه المسؤولية التاريخية. ويجب ألا ينسى خطابنا الأهداف الاستراتيجية.

السياسة والتقنية والتكنولوجيا
ومع أخذ هذه العناصر في الاعتبار، ننتقل الآن إلى جانب متكرر في مجال الدعاية: السياسة والتقنية والتقنيات. لقد أشرنا في السطور الأولى من هذه المقال إلى أن "ممارسة السياسة لا يمكن تصورها دون ممارسة خطابية"، بمعنى آخر: لا يمكن تصور العمل السياسي دون الدعاية والاتصال.
نقوم بتوصيل الأفكار ووجهات النظر وتفسيرات الواقع الذي نعيش فيه والسلوكيات والمقترحات حول ما يجب القيام به وكيفية التصرف من أجل تحويل المجتمع والعالم، ونقوم بذلك من خلال قنوات الاتصال (التقنيات)، وهي الوسائل التي من خلالها تنتقل الرسالة. إن الهدف من الاتصال والدعاية الثورية هو تطوير الصراع الطبقي في المجال الأيديولوجي، ليس فقط لنقل رسالة ذات محتوى معين، ولكن أيضًا لإثارة - لدى من يتلقونها - استجابة إيجابية لهدف هذه الرسالة، وهو أمر ممكن فقط إذا قمنا بعمل منهجي ومستمر وفعال. ومع ذلك، فإن السياسة الملائمة التي لا تجد قناة الاتصال الأنسب لإنتاج هذا التأثير تتعرض لخطر الإعاقة بطريقة أو بأخرى. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي العمل بشكل منهجي ومتسق وفعال.
إن كل النشاط البشري يقوم على استخدام التقنية والتكنولوجيا، ويجب على حزب البروليتاريا الثوري أن يشجع استخدامها، ويجعلها في خدمة الأهداف السياسية في الوضع الحالي ووفقا للاستراتيجية. إن الموقف الثوري يعني الاستفادة من التقدم التكنولوجي والعلمي في كافة المجالات، ولكن يجب ألا يقع المرء في فخ عبادة التكنولوجيا، وألا يغيب عن بالنا أنها ثمرة العمل الفكري والبدني للإنسان. نرى كيف يتم تعزيز وجهات النظر التي تقول بالحتمية التكنولوجية، والتي تضعها كمحرك رئيسي للتغيير الاجتماعي، ففي مجال الاتصالات، على سبيل المثال، فهم يفضلون القنوات على المحتوى. قبل بضعة عقود، أكد الفرنسي جاك إيلول أن التكنولوجيا لها قوانينها وديناميكياتها الخاصة التي هي خارجة عن سيطرة البشر.
حققت تقنيات الاتصالات الجديدة قفزات هائلة في السنوات الأخيرة، وقد أدى التقدم المتسارع للإنترنت وتكنولوجيا المعلومات إلى إحداث تغييرات في القوى المنتجة، وفي سلوك الناس، وفي تصورهم للواقع المحيط، وفي نماذج الحياة الاجتماعية نفسها. بل إنها أثارت ممارسة اجتماعية تنطوي، كما تقرّ به الماركسية، على أشكال جديدة من الوعي الاجتماعي. لقد أحالت التقنيات الحديثة القنوات التقليدية إلى درجة ثانية، لكنها لم تقض عليها ولم تفقدها ثقلها السياسي في المجتمع. فعقب الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية 2021 في الإكوادور، صدرت دراسة أظهرت أن أكثر من 60% من المشاركين قالوا إنهم التقوا بمرشحهم الرئاسي عبر التلفزيون؛ وكانت نسبة من فعلوا ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي منخفضة . وبخصوص هذه الأخيرة، في بلادنا، فإنها لا تطرح إشكالا على الأجندة السياسية. إنها منصات للتعبير عن ردود الفعل على القضايا السياسية والاجتماعية التي يكتشفها الناس بشكل رئيسي من خلال وسائل الإعلام الرئيسية. وبطبيعة الحال، هناك أمثلة لبلدان كانت فيها وسائل النشر الفوري للمحتوى الذي أدى إلى تعبئة جماهيرية ضخمة تسببت في أزمات سياسية حادة في تلك البلدان.
نماذج جديدة
أجبر الحجر المنزلي الذي فرضته جائحة كوفيد 19 الناس على تغيير عاداتهم في جوانب عديدة، مثل طريقة التواصل مع الآخرين، وتوزيع الوقت واستغلاله. لقد تغيرت العادات في العمل والمدرسة والمنزل.
وفي بلدان مثل بلدنا، حيث ينظر الملايين إلى التقدم التكنولوجي على أنه شيء بعيد المنال بسبب تخلفها وارتفاع مستويات الفقر السكاني، ارتفع استخدامها. لقد أصبح الهاتف والكمبيوتر أداتين لا غنى عنهما في كل شيء، ومن لا يمتلكهما يشعر بنوع من الإقصاء من المجموعة الاجتماعية. لقد تطورت المعرفة وتبادل المعلومات من خلال الوسائط الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تغيير نوعي في شكل العلاقات الاجتماعية المتبادلة.
لقد فهم حزبنا هذه الظاهرة واتخذ خطوات لتعزيز العمل من خلال هذه القنوات. فقد تم إنشاء برامج للنقاش والتحليل لمختلف المواضيع، واكتسب التحريض الشبكي زخما، وكرست المنظمات الجماهيرية وجبهاتنا السياسية المزيد من الوقت والاهتمام لتنظيم ونشر سياستها من خلال وسائل الإعلام هذه، وتم إنشاء ورش عمل للتدريب السياسي، وما إلى ذلك لجعل هذه القنوات أدوات فعالة للنشاط السياسي الثوري. لقد أكدنا منذ فترة طويلة أنه من غير الممكن في عالم اليوم ممارسة السياسة دون استخدام تقنيات الاتصال الجديدة، لكننا في الوقت نفسه نؤكد أن كل ما يفعله الحزب وقواه لا ينبغي أن يكون مشروطًا بما تسمح به وسائل الإعلام هذه: فالتواصل المباشر (الشخصي) مع الجماهير يبقى أساسيا، ولا يمكن الاستغناء عنه، خاصة في أعمال المحاججة والمناقشة وتقديم مقترحاتنا السياسية وتنظيم قوانا.
يطرح العمل عبر وسائل التواصل الاجتماعي معضلات وتحديات. إذا اعتاد الناس على قراءة النصوص القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي يجب أن ننقله، إذا كانت رسائلنا تخاطب فقط عناصر التأثير البصري والعاطفي، فهل هي صالحة فقط للعمل التحريضي؟ إن إتقان لغات قنوات الاتصال المعنية، وكذلك تقنية استخدام الشبكات نفسها والوسائط الرقمية بشكل عام، يساعداننا في العثور على إجابات لهذه الأسئلة، والأهم من ذلك أنها أساسية للعمل السياسي. وتتطلب السياسة المناسبة قناة الاتصال واللغة الأكثر ملاءمة لنشرها (اعتمادا على الجمهور المستهدف)، من أجل الحصول على التأثير الأيديولوجي السياسي المتوقع. إذا كانت هذه القنوات واللغات مفقودة، فإن عملية التواصل ستنقطع أو قد لا تحصل أصلا.
عندما نقتحم الشبكات الاجتماعية، يكون لدينا انطباع بأننا نغزو الفضاء الافتراضي بآرائنا، متجاهلين حقيقة أننا نتصرف في دائرة (شبكة) تتكون أساسًا من أشخاص يجتمعون معًا حول الآراء ووجهات النظر السياسية والتاريخية أو المصالح النقابية أو التجارية، ولكن العالم الحقيقي أكبر. دعونا نحاول تفسير هذه الظاهرة من خلال تجربتنا العملية. ففي مصنع ما، أو في حي شعبي، في تجمع نطور فيه نشاطنا السياسي، ليس كل أعضائه جزء من شبكاتنا، وإذا أردنا "الوصول إلى الجميع"، فمن الممكن أن نفعل ذلك من خلال التجمعات والاجتماعات، والمنشورات، مع الصحيفة الورقية، مع الدعاية المفصلة والموجهة للقطاع المحدد. ولهذا السبب من الضروري العمل على الواجهتين في وقت واحد.
إن ما قمنا به حتى الآن على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال وسائل الإعلام الرقمية مهم، ولكنه غير كاف؛ نحن بحاجة إلى الارتقاء بحضورنا على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مستويات جديدة وإحراز تقدم في استخدام الوسائط (مثل YouTube والبودكاست) التي أثبتت فعاليتها. خلال الأشهر الأولى من الوباء، شهدت الشبكات الاجتماعية للعديد من المنظمات الجماهيرية والسياسية التي ننشط فيها زيادة في عدد أعضائها، ليس فقط لأن الناس كانوا يبحثون عن المعلومات أو المعرفة، ولكن أيضًا لأنهم وجدوا في وسائل الإعلام لدينا - أي في سياستنا - إجابة على مخاوفهم، شعروا أن صوتهم وأفكارهم كانت هناك. لقد قمنا بعمل تحريضي مهم في الشبكات وحصلنا على مستوى من الاستجابة؛ يجب علينا تعميق وتطوير هذا النشاط.
تسييس الجماهير
إن حجر الزاوية الذي تقوم عليه الحركة الجماهيرية الثورية هو الوعي السياسي، الذي تصوغه تجربة الجماهير الخاصة في النضال ضد أعدائها الطبقيين وعن طريق التسييس الذي يقوم به حزب البروليتاريا بين الجماهير، عن طريق التحريض والدعاية المنهجية والدائمة. إن عبارة لينين "بدون نظرية ثورية لا توجد حركة ثورية" معروفة جيدا.
وبالاعتماد على خبرة الحزب المراكمة في العمل الدعائي، وبهدف تحسين علاقته مع الجماهير وإدماجها في النشاط السياسي والنضال الثوري، من الضروري تعزيز هجومنا لتسييس العمال والشباب والنساء والشعوب، ولنشر مفاهيمنا الأيديولوجية والسياسية وأهدافنا الإستراتيجية.
إن تطور وتأثير الأزمة الاقتصادية للرأسمالية وجائحة كوفيد 19 على الظروف المعيشية للعمال والشعوب، فضلا عن التدابير الاقتصادية التي اعتمدتها البرجوازية لحماية مصالح كبار رجال الأعمال، أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، سمح لملايين العمال للتشكيك في نظام الاستغلال الحالي، إذ يتزايد استياء الجماهير مما يحدث في العالم، كما يتزايد التطلع إلى تغيير الأمور.
يقول الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركية اللينينية CIPOML في أحد مقرراتها إن السيناريو الذي فتحته الأزمة الحالية يخلق ظروفًا أفضل للتقدم في توعية وتسييس وتنظيم الطبقة العاملة والشباب والشعوب. إن الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية أمامها فرصة عظيمة لتطوير عملها في هذا الاتجاه، ولزيادة قوانا في كل بلد من بلداننا، ولتوسيع نفوذ وتنظيم الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية بين العمال وشعوب العالم. تمثل هذه الفرصة للثوريين البروليتاريين تحديا كبيرا نواجهه باقتناع وشجاعة لإثبات ضرورة الثورة، ولجعل أحزابنا تنمو وتتطور، للمضي قدما في عملية مراكمة القوى الثورية.
إن تكوين السيناريو الاجتماعي السياسي الذي يخلق ظروفًا أفضل لنشاطنا السياسي لا يعني في حد ذاته أن لدينا طريقًا واضحًا؛ وعلينا أن نعمل جاهدين للارتقاء بهذا الوضع إلى مستويات أعلى. نحن ندرك أن اليسار الثوري، هنا وعلى الصعيد الدولي، لا يزال ضعيفا، وأن ضعفه الأساسي يتجلى في محدودية الوصول بين الجماهير لمفاهيمه ووجهات نظره ومقترحاته الظرفية والاستراتيجية. علاوة على ذلك، فإن معظم الناس لديهم رؤية خاطئة حول ماهية اليسار الثوري، وما نفكر فيه نحن الماركسيين اللينينيين ونريد أن نفعله لتغيير العالم. وليس من قبيل المبالغة القول إنهم ينظرون إلى الثورة والاشتراكية من خلال عيون البرجوازية، وليس من خلال عيون العامل الواعي.
للتغلب على هذا الوضع، وتحقيق قفزات في نمو حزبنا وقواه، اقترحنا عمل تسييس الجماهير، وهو الدافع لهجوم أيديولوجي، يكون فيه جميع المناضلين وقواهم فاعلين، وهو ما يجب تحقيقه بدعم من كافة الموارد والإمكانات السياسية والفنية المتاحة لنا.

أكتوبر 2021

ريفيستا بوليتيكا (المجلة السياسية)
المجلة النظرية للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور
العدد 36 نوفمبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام