الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمبراطورية استعمارية و رأسمالية فرنسية؛ قصة فك ارتباط. (10)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 9 / 3
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يتساءل جاك مارساي ما إذا كان من الضروري البحث في المساهمة المالية لميزانية المتروبول في تجهيز المستعمرات عند لحظة القطيعة بين الأشكال الموروثة و الأشكال الحديثة للإمبراطورية الاستعمارية؟ و ما إذا كان النظر إلى ترقية النخب الأهلية كتوقع جريء للاستعمار الجديد؟
و يظهر للباحث أن الأمور لا تتمتع بهذا الصدد بشيء من الوضوح، فيبرز أن الأسبقية المعطاة للاستثمار العمومي المتروبولي تتبث بامتياز تردد السلطات العمومية أكثر من حداثة مشروعها. و تبرهن عن عجزها في التفريق بين مختلف مكونات و فروع الرأسمالية الفرنسية أكثر من تدخلها في امتيازات المصالح الخاصة. ثم يخلص إلى أن تصنيع المستعمرات يتضمن اختبارا حقيقيا و قطيعة أكيدة في مفاهيم التنمية و في أشكال الامبريالية الاستعمارية. و على هذه الأرضية الهيئة السياسية بقيت لفترة إن لم تكن دائما مترددة.
و بمزيد من التفاصيل يتناول الباحث عرض موقف " ألبير سارو"(A. SARRAUT)؛ مؤكدا أن مشروعه لتنمية المستعمرات المعلن عنه منذ سنة 1921م بقي مستقبلا بدون تعديل؛ فحماية المكانة التي حازتها فرنسا في ماضيها و حضور فكرة التقسيم النظري للعمل، و حصر تنمية الإمبراطورية لاستغلال المراكز الرئيسية للإنتاج الصناعي؛ فضلا عن سياسة اجتماعية تعمل على تكوين الأهالي و تهيئة سكان المستعمرات لتحسين الإنتاج الصناعي؛ فضلا عن سياسة اجتماعية تعمل على تكوين الأهالي و تهيئة سكان المستعمرات لتحسين الإنتاج و الرفع من قيمته، مع خلق ناشئة تتنفس في أجواء تقاليد المستعمر بتوسيع تأثير اللغة و التقاليد و الروح الحضارية لفرنسا. كل هذا بهدف توطيد العلاقات الاقتصادية و السياسية التي تسمح للمتروبول بجني فوائد لصالحة بدون تحمل أعباء و تبعات الماضي. و يعلق جاك مارساي بأن راهنية الحضور الفرنسي بإفريقيا تعطي مصداقية لطرح" ألبير سارو"(A. SARRAUT)؛ الذي حاول الجمع بين القضايا الاقتصادية و الاجتماعية و المالية و السياسية. كما اقترح على النخب بالمستعمرات الأساليب التي يستحقها برنامج بناء بهذا الحجم و ضرورة مجابهة فك روابط السيادة الفرنسية بدون تردد.
و يتساءل الباحث؛ هل لهذا السبب لم يتم تبني هذا المشروع؟ حيث تم تقطيع مخطط" ألبير سارو"(A. SARRAUT) إلى قطع بحكم التنقيص منه و عجز الطموح. لذا بفي على مستوى الخطاب مرجعا ضروريا للحكومات المتعاقبة بفرنسا ما بين سنة 1920م إلى 1950م. و بذلك يظهر أن استمرارية المشروع الاستعماري وراء تأجيل أي اختيار.
ثم ينتقل جاك مارساي ليبرز السياسة الاستعمارية للجبهة الشعبية؛ فسجل أن سياسة الجبهة كانت ترمي تلبية متطلبات الساكنة المتروبولية قبل التفكير في إنعاش الصادرات و تنمية المستعمرات؛ و بخصوص السياسة الاقتصادية للمستعمرات فان الجبهة ترددت في تبني سياسة تصنيع الإمبراطورية؛ لما يمكن أن يسفر عنها من عطالة في صفوف الفرنسيين و تكوين طبقة كادحة/بروليتاريا بين أهالي المستعمرات يجعلها مستعدة لتبني الأفكار التحررية التي تنادي بها القوى الثورية. الشيء الذي يدفع الأهالي إلى مناصبة السيادة الفرنسية العداء. مما سيجعل السياسة الاقتصادية للجبهة الشعبية(Le front populaire)و لأسباب سياسية ظرفية مترددة بالمقارنة مع السياسة التنموية التي ينادي بها الفاعلون الاقتصاديون ذوو الاهتمام بتصنيع المستعمرات.
أما بخصوص السياسة الاستعمارية لنظام فيشي(Le régime de vichy) فيبرز الباحث انه في ظل هذا النظام سيتم الإعلان بشيء من الحزم و الصلابة عن إغفال الأساليب السابقة و الالتزام بكل عزم في سياسة اقتصادية أخرى حصرت في وضع الكتروبول و المستعمرات في سياق التطور الاقتصادي الدولي؛ و خلق مؤسسات صناعية تستجيب لمتطلبات فرنسا و تخفيف صادرات الإمبراطورية المتجهة نحو المراكز، مع ما رافق ذلك من مشاورات كثيفة حول سياسة التصنيع و الفروع الصناعية التي كلفت بهذا الشأن و توجيه الصناعة المتروبولية نحو تصدير المنتوجات الباهظة الثمن و المرتفعة القيمة المضافة، و اعتبار تصنيع المستعمرات ضرورة تسمح بتصنيع المواد الأولية بعين المكان بعدما كانت تصدر خامات ؛ و هو ما سيرفع من عيش الأهالي و يشجع القدرة الشرائية لديهم. و يخلص الباحث إلى أن توجهات نظام"فيشي" تجد جذورها في فكر النخبة الإدارية(البيروقراطية) التي عرفت كيف تستغل الظروف الاستثنائية للحرب الكونية الثانية لصالح مخطط برفقة أوساط الأعمال ذات الاهتمام بالتصنيع فالمخطط صار أساس سياسة اقتصادية طموحة.
ثم ينتقل جاك مارساي إلى عرض مقررات مؤتمر برازافيل فكشف على أن هذا المؤتمر اعتبر مقدمة لسياسة الغد. فقد حضره الجنرال ديغول(General de Gaulle) و ألقى كلمة فيه. كما تبدى من إعلان رئيس المؤتمر "روني بلوفن"(René Pleven) فيه جهله لمخططات فيشي. و سيكون من مقررات المؤتمر إعادة تقسيم العمل بين متروبول يمد بالمواد المصنعة و مستعمرات خزانات للمنتجات الفلاحية و المواد الأولية، و تجميع الممثلين المحليين حول مسؤوليات الإدارة و توحيد القضايا الاقتصادية و الاجتماعية لرفع القدرة الشرائية للأهالي؛ مما يسمح بتحسين مستوى حياتهم. كما قرر أن هذه السياسة لا تهم المستعمرات فقط و لكن المتروبول كذلك؛ فمن الجلي أن فرنسا في حاجة للمواد الأولية و المستعمرات الإفريقية لا تذخر وسعها في إرسال كل مواردها خدمة لفرنسا، فهذه السياسة تتبع هدفا إفريقيا محضا وبموازاة ذلك تحقيق غايات أكثر بعدا و هي المساهمة في تطوير المتروبول. و يعلق الباحث بأن مقررات المؤتمر لم تأت بجديد كما لم تخرج عن المخططات التي جاء بها نظام"فيشي" و لذا فالمؤتمر سمح للاستعمار الفرنسي بتنحية أية فكرة منادية بالاستقلال أو التسيير الذاتي أو محاولة التطور خارج الحصار الفرنسي.
و يكشف الباحث أن هذا المسعى قد وجد له صدى في مخطط موني(Le plan de Monnet) الذي سعى في توجهه إلى ترسم خطى نظام فيشي في خطوطها العامة و سيكون صراع النفوذ بين انجلترا و الولايات المتحدة الأمريكية حول إفريقيا في الفترة الموالية للحرب الكونية الثانية وراء توكيد الرغبة في تصنيع المستعمرات و خلق تنمية بالإمبراطورية. و بذلك ستكون الفرصة مواتية لتطبيق سياسة بقيت لأربعين سنة حبيسة المواقف المترددة. فالتصنيع صار القاعدة الأساس للتوسع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال