الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُنُوزُ عَلي بابا

عبد الله خطوري

2023 / 9 / 3
الادب والفن


هناك لوحة تشكيلية بعنوان : (علي بابا داخل الكهف السري) بريشة ماكسفيلد باريش Maxfield Parrish عام 1909 استلهم فيها إحدى حكايات ألف ليلة وليلة ليُظْهِرَ الشَّرَكَ الذي يمكن أن يقع فيه الباحث عن مغزى لحياته الخاصة، فاللوحة تظهر علي بابا وقد حقق مبتغاه الكامن في العثور على الثروة التي يراها مادية تكفل له حياة سعيدة تخرجه من مسغبة العوز والحاجة .. هي بالفعل ثروة هائلة فردية غنيمة له وحده؛ لكن ما العمل عندما تغلق أبواب الرزق على المرزوق دون يجد سبيلا للاستفادة من غنائمه المتاحة، فها هو المتهافت على الثروة في اللوحة غارق في تفاصيلها يضع يسراه على خده يفكر في طريقة للخروج من مغارة الغنى الفاحش دون أن يُنجده سيفه الذي بيمناه .. القوة هنا لا جدوى منها، فلا عدو في الواجهة، لا منافس لا تحد لا مواجهة، وحتى كلمة السر طواها النسيان فيما طوى .. فما العمل ..
يمكن قراءة القصة كآستعارة للكتابة التي يمكن أن تكون مستحيلة، للكتابة التي تجد نفسها معطلة عاجزة رهينة آكتشافاتها، حبيسةَ ما تجده من ذخائر وتُحف وحكايا في تواريـخ بلدات أعالينا (تيمورانغ) الخاصة والعامة .. لا مَهربَ .. لا منجاةَ .. قِـفْ مكانكَ أنتَ مُحاصَـرٌ مُطَوقُ من كل الجهات بذخائر وكنوز قد تودي بك في نهاية آلمطاف .. أعلمُ ذلكَ أستوعبُه، قد يجيب علي بابا، فأنا لا أقرأ أو أكتبُ لأهربَ، لا أعرفُ حتى ما يعنيه ذلك .. لقد اخترتُ مصيري بيدي بقلبي بعقلي بالحنايا بالحيوات كلها التي راحتْ في الغياب بالمنايا التي تهدد بالثبور والعذاب .. أنا الذي دخلتُ الكهف طوعا، أنا الذي طالما بحثتُ عن موجوداتي مُلِحّا في الطلب مُصِـرا على عدم الاقتصار على قشور الأشياء، على الغوص في أغوار الفقد والمفقودين وكل الذكريااات .. أبَعْدَ هذا أنتكسُ أنتكصُ ألومُ أشتكي .. ؟؟ .. أكيد .. لا .. سأجلسُ القرفصاءَ في مكاني أتأملُ هذا الشتات، هذا اليباب من الأيام الخوالي، هذا الركام المتزاحم المتشابك الملتبس كله .. قلمي في يدي متأهبا مستعدا متحفزا للغزوات ومقارعة قوارع الإعدام والإسكااات .. لن أسكتَ .. هذا أكيد .. لن أندم على آختراقي المفازات على دخولي المغارة لن أدمن تأنيب نفسي نسيانها كلمة العبور سأصر أعاود فتح صندوق ( بانْدورا ) (١) بما يحويه من مفاجآت لن تتحملها كينونتي وكينونة ما خلا من الأزمنة .. سأعرفها سأبُــوحُ بما وعيتُ وما وجدتُ وما فقدَ الآخرون ...
إن الباحث والسائل لَيَجِدُ نفسه مغامرا في سُبُلٍ يشق يصعب عَبْرَها السفــرُ، ورغم كل المعوقااات الكثيرة المتنوعة يشد الرحال يُسافِـرُ ... الكاتب في كتابته مجبول على مثل هذا السَّفَر، بدونه لا يَحْيَا، لا يعيش، الكتابة ماء والكاتب سمكة، ولا عيش للأسماك خارج أمواه مجالاتها الحيوية .. لقد سافرَ وعَــاودَ السفرَ هذا الكائنُ الساكنُ في مهامه الكاتب في ربوع حيوات بعيدة الأصقاع، في الوجود في اللا وجود في الحقيقة في اللاحقيقة في الحضور في الغياب في الآخَر في الذات المثخنة بألوف الجراح حتى إذا حَـطَّ علي بابا أو علاءُ الدينِ أو سندباد البراري أو .. أو .. الرِّحَـالَ إزاء مغارة في فلاةَ رام فيها هناء ودَعة وسكينة وآستعادة أنفاس وآستراحة محارب آكتشف كنوزا وأسرارا لم تكن على بال أحد، فظل يجمع يجمع ويجمع، وفي لملمته هذه، وجد نفسه مباشرة مع ثقل عزيز على النفس غاااال لا يُحْتَمَلُ، فطفق يفكر ويفكر : ما العمل ..؟؟.. وآستغرقه التفكيرُ وآنغلقت الباب على الباب وغدا علي بابا بلا باب، وأوصِدَتِ السبل كلها في وجه الربح والفوز والغنيمة والنجاة، وأسْقِطَ في يده وضاع سر الأسرار .. فكيف الوصول الى الانعتاق وهذا الحصار وهذا الطوق يُشدد الخناق .. ؟؟ .. ذخائر بلدات تيمورانغ ( وهنا أعود إلى آستعارتي ) وحقائقها كنوووزٌ؛ لكن، ما السبيل للخروج بهذه التواريخ الفريدة إلى خارج كهف النسيان والتناسي الذي ظلت فيه مسجونةً لدهور عدة ؟؟ إن أهلينا وأحبابََنا لَهُم _ لَـعَـمْـري _ كنوزنا، ومَحبتنا لهم هي سَجَّانُنَا الذي لا يرحم .. فهل سيظل علي بابا الكاتب أو غيره من المنفطرين بحُب جذور أتربتهم (تَامُورْتْ نْسَنْ) ينتظرون ماردا آخرَ غير ذاك الساكن مصباحهم السحري الذي ضيعوه أم سيخلقون من نفوسِهم الكاتبةِ، من سحر الكتابة سحرا جديدا _ وإن من البيان لسحرا _ يخرقون به جميع المتاريس والحواجز التي تنسجها المحبة في قلوبنا ؟؟ أتراها هي كلمة السر التي ضيعنا الوقت غير الوجيز بحثا عنها وهي نصب أعيننا كانت دائما ؟؟ هل نبدأ ؟؟ هل نقف ؟؟ هل نجأرُ بالبوح؟ أنكتب الأشياء كلها في حدود معرفتنا لها وليكن ما يكون أم نظل نُحب ونُحب كنوزنا بعاطفة قوية ستبرد مع الوقت لنجدنا كمُنْبَت ضَيَّعَ بتردده وتوجسه وكثرة تسويفاته وعجزه وكسله في آخر النفق المُحِبَّ والحبيبَ والحُب سوية .. تلك هي المسألة .. ذاك هو الإشكال .. !! .. فما عساكَ تفعلُ يا عُبَيْدَ اللهِ عَلي بابا ؟؟

☆إشارات :
١_تقول الأسطورة إن رب آلأرباب زيوس خلق المرأة الأولى من الماء والتراب أسماها " باندورا / Pandore " أعطيتْ من المميزات الجمال والقدرة على الإقناع وعزف الموسيقى الشيء الكثير، ومكنها من صندوق أو ما يشبه جرة مغلقة تضم الشرور كلها ونصحها أن لا تفتحها أبدا، حتى لا تسبب في انتشارها في الأرض،لكن الفضول دفع باندورتنا إلى فتح صندوقها، فخرجت جميع الشرور منه،وسارعت محاولة إغلاقه، لكن الأوان كان قد فات، مما سبب آنتشار مظاهر الشر التي نعرفها ونمارسها في وجه بعضنا البعض؛ ومازال الإنسان عبر تعاقب آلأجيال يحاول التحكم في نفسه ومقاومة نزوعه لجاذبية هذه الشرور في مناورة عنيدة يائسة لإعادة الأمور الى صوابها المفقود دون أمل في آلخلاص، ورغم يقينه من لا جدوى المحاولة، فهو يصر يقاوم يرتكب الأخطاء يقع في قعر جحيم الشرور ينهض يواصل آلمسير...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو