الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلنا فاسدون... بارادتنا او رغما عنا

حسن احمد عبدالله

2023 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تتنوع الازمات التي تعاني منها 16 دولة عربية، وبعضها تتشابه من حيث الاسباب، فما هي الاسباب؟
من ليبيا، الى العراق، واليمن، وسورية، ولبنان، وتونس، وفلسطين، والسودان، والصومال، حتى جيبوتي، وجزر القمر، ومصر، والأردن، وموريتانيا، وصولا الى المغرب والجزائر، فهل المشكلة من الداخل ام من الخارج، ام ان عوامل الداخل جلبت تدخل الخارج؟
اذا اجرينا قراءة هادئة لواقع تلك الدول نجد ان القاسم المشترك بينها الفساد، وغياب الادارة، وتسلط اصحاب المصالح، وتغييب المشاركة الشعبية الحقيقية لمصلحة تلك الشكلية بغلاف ديمقراطي ما يؤدي إلى فساد السلطة.
صحيح ان الفساد يعم العالم العربي كله، لكن بدرجات متفاوتة، وفيما بعض الدول تحافظ على شكل الدولة، ومؤسساتها، هناك اخرى تفتقد ادنى مقومات الحصافة في ممارسة السلطة، وترى انها وجدت لتبقى، ما جعل الزعماء انصاف آلهة، لكنهم في الواقع ليسوا اكثر من اقنعة، وعروش خاوية، استمدوا سلطتهم اولا من ثقة الناس بهم، ثم جيروها الى استبداد، وبعدها ساروا على المنوال نفسه، لهذا مثلا تجد احزابا اصبحت مؤسسات ذات ملكية خاصة لهذا الزعيم او ذاك، وكذلك بعض الرؤساء، وحتى الوزراء والنواب.
ادرك جيدا ان كثيرين لا يقبلون هذا التوصيف، لكنه الواقع الذي علينا ان نعترف به اذا كنا نريد الخروج من المأزق، اذ لا يمكن ان تكون 16 دولة عربية تعاني من ازمات بفعل المؤامرة، والتدخل الخارجي، لان هذا في الحقيقة استغباء للشعوب العربية، وهذا في حد ذاته جريمة.
يوميا نسمع ونقرأ عن مؤامرات، وتدخلات خارجية، لكن السؤال: كيف يقبل المعنيون ان يكونوا دمى في ايدي هؤلاء، اذا كان ذلك صحيحا، اوليس لديهم ارادة على منع ذلك؟
لا شك ان الاسباب الحقيقية غير ذلك اطلاقا، فهي ذاتية محلية، تبدأ من الخيارات الخطأ، وتصل الى حد التنازل لكرمى عيون هذا الزعيم او ذاك، او هذا الحزب او تلك الجبهة والحركة، لان مافيا الحكم ربطت الناس من لقمة عيشها، كما هي الحال في لبنان، او عملت على تنمية الحس الطائفي والمذهبي، كما في العراق، او استقالت من دورها كما هي الحال في ثلاثة ارباع الدول العربية، وفوضت من ليس اهلا لادارة مصيرها، وهذه ايضا جريمة كبرى.
لقد تمكن اولئك من تحويل الفساد سلوكا عاما وظاهرة اجتماعية تتوارثه الأجيال، اما بحجة الانتماء، او الظروف الطارئة التي اصبحت دائمة.
في هذا الشأن كتب وليد حاجي "في أبجديات الحكم كل سلوك مدروس له قواعد وظروف مثالية يظهر ويتنامى فيها، والفساد سلوك ينتجه الغياب التام للرقابة الذاتية والمتمثلة في الضمير والمبادئ والرقابة العامة والمتمثلة في القوانين والضوابط التي تسهر على تطبيقها الدولة، وهنا يظهر جليا أن سلطات فاسدة لا يمكن أن تضمن وجودها إلا في مستنقع مجتمعات فاسدة".
هكذا يمكن القول ان هذه الظاهرة اصبحت نمطا سلوكيا، وهي لها ادواتها تبدأ من تنشئة الفرد، وتأثيره في المجتمع، والتباهي بقوة الطرف الذي يدعمه، وهذا يؤدي الى عدم الاستقرار السياسي مجتمعياً وتعليمياً، ولهذا فإن المشكلة بخيارات الافراد، اما الحديث عن مؤامرات خارجية، فهي محض افتراء، لهذا علينا الاعتراف اننا كلنا فاسدون، رغما عنا احيانا وبارادتنا مرات اخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|