الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوَّابَةُ الغِيَابِ

كمال التاغوتي

2023 / 9 / 3
الادب والفن


أَوْصَدَتْ رِيحُ السَّمُومِ دُرُوبَنَا

الطُّرُقُ كُلُّهَــا مَأهُولَةٌ

رُكَــامٌ مِنَ الجَمَاجِمِ الحَيَّةِ

وأكْدَاسٌ مِنَ الأَحْقَادِ السَّوْدَاءِ

الطُّرُقُ كُلُّهَــا مَطْعُونَةٌ بالأَشْوَاكِ

أسْلاَكٌ تتَّــقِدُ فِي طَرِيقِهَا

إلَى نُحُورِنَــا

يَــا خَيْبَتِي أمَــامَ اليَمَــامِ


لَسْتُ أرَى مَنْفَذًا إلَى وَرِيدِي

أو نَـــافِذَةً صَغِيرَةً أُلْقِي مِنْهَــا

عَلَى الوَرْدِ صَلاَةَ النُّورِ

أوْ مِشْكَاةً أُرْسِلُهَــا بيْنَ الظِّلاَلِ

والظُّلُمَــاتِ

لِتَدُلَّ النّايَ عَلَى خُــطَايَ،

لَيسَ ثَمَّةَ إلاَّ الوَحْلُ:

يَنْمُــو وَيَنْمُو ويَنْمُو فِي

دَوائِرَ كالإعْصَارِ

والرَّصِيفُ رَصَاصٌ ذَائِبٌ

يَمْضغُ أجْسَــادَ العَاثِرِينَ


لَسْتُ أرَى سِــوَى شُجَيْرَةٍ أزْهَرَتْ

مِنْ فَيْضِ دُموعِنَــا ونَحْنُ نُغَالِبُ

أسِنَّةَ اليَأسِ سُــلاَلَةَ القَهْرِ

يَــا لَخَيْبَتِي قُدَّامَ الفَرَاشاتِ الوَلِيدَةِ

لاَ أرَى إلاَّ كُوَّةً فِي أصْلِ الشُّجَيْرَةِ المُزْهِرَةِ

مِنْ دُمُوعِنَــا

تَأْخُذُنِي إلى وَعْدٍ أَخْضَرَ

وعُيُونٍ مِنَ الدِّمَاءِ اليابِسَةِ

وَغُبَارُ الذِّكْرَى العَالِقُ بِالجُدْرَانِ،


هَــا أَنَــا أَخِيرًا ألْتَقِي بالنُّجُومِ البَعِيدَةِ

ويَعْثُرُ القَلْبُ المُعَنَّى عَلَى ظِلِّهِ الضّائِعِ

بَيْنَ أَكْوَامِ جُذُوعٍ راكِدَةٍ دُونَ أَمْعَاءٍ

هَــا أنَا أَخِيرًا أغُوصُ فِي لَحْمِ الأرْضِ

واُبَعْثِرُ مَوْقِدِي بَيَنَ الجُذُورِ

قَدْ أَعْثُرُ صُدْفَةً عَلَى جِسْرٍ إلَى البَحْرِ

يَنْبُتُ مِنْ ذُهُولِي مِنْ وَقْعِ السِّيَاطِ

آنَئِذٍ أُهْدِي المَوْجَ السَّرْجَ والخَيْلَ

عَسَاهُ يَرْسُمُ وَجْهِي فِي كُلِّ شِرَاعٍ

أَنْعِمْ بالشِّرَاعِ هَوِيَّةً لِلْحَــالِمِينَ

شِرَاعٌ مِنْ رِيشٍ كالبِلَّوْرِ

يَطْوِي الأيَّــامَ فِي خَلاَيَاهُ

ويَشْرَبُ الشَّمْسَ

ويَعْشَقُ القَمَرَ

ويَرْقُصُ رَقْصًا وَئِيدًا فَوْقَ الغَــمامِ:

يَمِــينًا شِمَــالاً

شِمَــالاً يَمِيـــنًا

فَــتَأتِيهِ النَّوَارِسُ بالجِهَاتِ غَضَّةً

كَحَلِيبِ الذِّكْرَيَــاتِ


الدُّرُوبُ كُلُّــهَا مُسَوّرَةٌ

أبْوابٌ مِنَ الذَهَبِ الخَالِصِ

تُنِيخُ عَلَى صُدُورِنَــا

أقْفَـــالُهَا مِنْ أَوْجَــاعِنَــا

أَهُمْ لُصُوصٌ دُونَ قِنَــاعٍ

أمْ حُرَّاسٌ دُونَ قِلاَعٍ

هَؤُلاَءِ العَاكِفُونَ عَلَى سَلْخِ الحُلْمِ؟

حَبِيبِي قَدْ تَوَرَّمَ القَلْبُ

أَمْسَى أوْسَعَ مِنْ أنْ يَضُمَّكَ

وتَخَثَّــرَ الدَّمُ مِثْلَ بُحَيْرَةٍ عَجْفَــاءَ

أَمْسَــى أَصْلَبَ مِنْ أنْ يَلُفَّكَ

حَبِيبِي قَدْ تَكَسَّرَ الشُّرْيَانُ

رِيشَةً رِيشَةً

فِي خِرِيفِنَــا العَامِــرِ هَــذَا

وتَهَشَّــمَتْ مِرْآتُنَــا

وبَاتَتْ ظِلاَلُنَــا كالسَّحابِ

تَبْحَثُ عنْ ثَرَى يَعْجِنُهَــا سَنَــابِلَ

عَسَى نُورُ ظُلْمَةِ الأرْضِ

يَبْعَثُنِي فَيْئًا لاَ تَنْسَخُهُ الشّمْسُ

فإنْ لَمْ أَحْيَ لَحْنـــًا

أحْيَ طَيْفًــا يَسْقِيهِ العُشَّــاقُ

أوْ ذَوْبًا مِنَ الأمانِي

تَمْلأُ القُلُوبَ بَلاَبِلَ


حَبِيبِي إنَّهَــا سَلاَلِمُ مِنْ يَخُورٍ

أرْتَقِيهَــا نَحْوَ وَسَائِدِ العُشْبِ

وغُرُوبٌ لاَ شاطِئَ يَطْوِيهِ

إنَّـهَــا بَوَّابَةُ الغِيَابِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته