الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك يا كركوك يا كركوك !

محمد حمد

2023 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ثمّة مثل شائع في جنوب العراق يقول "القبّرة تموت وعينها على السبوس". وإذا نظرنا حولنا أو ابعد قليلا من (حولنا) يعني في شمال العراق، فإننا سنجد دون عناء أن المثل أعلاه ينطبق تماما على السيد مسعود البارزاني. الذي يجد في سبوس (اي نفط) كركوك ليس فقط هدفا كبيرا لمشاريعه الانفصالية، بل آخر معركة مصيرية بالنسبة له شخصيا ولحزبه العائلي، قبل أن يراه العالم على آلة حدباء محمول في مكان بعيد.
لقد حلم البارزاني وما زال يحلم، والأحلام لا تكلّف شيئا، بأن يصبح بطلا قوميا للأكراد. لكن سخرية القدر وتراكم الهزائم والانكسارات المتتالية جعلته يفشل حتى في أن يكون بطلا قوميا لثلاث محافظات في شمال العراق. خصوصا بعد أن خرّب وهدم البيت الكردي (الاقليم) على ساكنيه. وجعهلم، من الناحية السياسية، هباءا منثورا ! فالحكومة هناك حكومة تصريف اعمال ( اعمال العائلة البارزانية وليس اعمال المواطنين) والبرلمال غير شرعي والأحزاب ممزّقة شذر مذر. وانبوب النفط في الاقليم، الذي كان يمثل العمود الفقري لسلطة العوائل الحاكمة في الشمال، مغلق منذ عدة اشهر. وخسائر الاقليم المالية تعد بملايين الدولارات.
وبما ان البارزاني غير متعوّد على خسارة شيء دون ان يحصل بالمقابل على ثلاثة اشياء. فقد انتفض وثار وصعدت عنده "الحميّة" فقرر ان يثأر من الجميع. ابتداء من محافظة كركوك.
لا يخفى على أحد ان اقتراب موعد الانتخابات هو فرصة ثمينة لبعض القوى السياسية للتصيّد في الماء العكر والماء الصافي في آن واحد. والهدف دا ئما هو "خبط عشواء" في الوضع السياسي المشوّش اصلا. والمبني على رمال ساخنة ومتحرّكة ذات اليمين (الايراني) وذات الشمال (الأمريكي) وتحديدا بين بيادق إيران في بغداد وبيادق امريكا في شمال العراق، وعلى رأسهم عائلة وحزب مسعود البارزاني.
هذه العائلة "المالكة" لكل شيء في اقليم كردستان العراق، لا تخفي نواياها الانفصالية ولا تخفي اهدافها التوسّعية. ولا تخفي حقدها المتجذر وضغينتها الدفينة للعراق، دولة وشعبا. والاسوء من ذلك انها لا تخفي بل تتفاخر علنا بعمالتها المطلقة وغير المشروطة، والمبالغ فيها كثيرا، لربّ النعمة الامريكي.
تدور هذه الايام رحى صراع سياسي قديم جديد حول عودة ميليشيات مسعود البارزاني (وهي ليست قوات تابعة للاقليم كما يُشاع) الى محافظة كركوك بعد صدور قرار من حكومة بغداد باخلاء المقر العام للعمليات المشتركة هناك وتسليمه على طبق من ذهب إلى حزب البارزاني. طبعا بدون مقابل سوى إرضاء الحاكم الفعلي للاقليم الكردي، والذي علّق سيف ديموقليس فوق كرسي رئيس الوزراء الاتحادي. فإذا لم يحصل مسعود البارزاني، وليس الأحزاب الكردية الاخرى، على حصّة الأسد في اي موضوع فإن حكومة بغداد مرشّحة للسقوط في اليوم الثاني أو الرابع على اقل تقدير.
في محافظة كركوك، وهي غنية عن التعريف، غالبية المكونات الأخرى من عرب وتركمان وغيرهم، لا ترفض وجود الكرد في المدينة. فهم جزء اساسي ومهم من مكوناتها، بل ترفض عودة قوات مسعود البارزاني الى اماكن تواجدها قبل عام 2017. عام فرض القانون في المدينة.
لم يكتفِ آل بارزاني بنفط الاقليم. ولم يكتفوا بايرادات المنافذ الحدودية والمطارات. ولم يكتفوا بالاموال التي تصلهم، دون مقابل يذكر، من بغداد. بحجة رواتب او استحقاقات دستورية للاقليم. او بتعبير ادق، للعوائل الحاكمة في الاقليم. واليوم على ما يبدو جاءت ساعة خلط الاوراق وقلب الطاولة على اللاعبين في بغداد او في اربيل. فأما ان تعطوني كل ما اريد واطلب منكم واما الفوضى والانهيار لمجمل العملية السياسية. هذا هو لسان حال مسعود البارزاني: يعني، لو العب لو اخرب الملعب.
تقول المصادر الرسمية الواردة من العراق مؤخرا أنه تم تأجيل تسليم المقر العام، ومعه ٣٣ مقر أو مخفر، في محافظة كركوك، إلى حزب آل بارزاني. واسمحوا لي بسؤال: هل يوجد حزب في اي مكان في العالم لديه 33 مخفر او مقر في مدينة واحدة؟ أعطوني مثالا واحدا الله يعطيكم العافية. وهل هذا العدد الكبير من المقرات له علاقة فعلا بالعمل السياسي الديمقراطي السليم والنزيه؟ ام أنه مخطّّط جهنمي لاحتلال كركوك من قبل حزب واحد؟
على كل حال، شخصيا لن اغيّر قناعاتي ابدا بان مسعود البارزاني وحزبه العائلي يحملون في نفوسهم، الامّارة دائما بالسوء، اطنانا من الحقد والضغينة على العراق والعراقيين، بما فيهم الكثير من الكرد. ومن يدرس تاريخ وتصرفات وسلوك هذا الحزب، المسمى بالديمقراطي زورا وبهتانا، خصوصا بعد غزو واحتلال العراق، سوف يجدني على صواب.
ويا قارئي الكريم "ستخبرك الايامُ (وليس الانترنت فقط) بما انت جاهلٌ - وياتيك بالاخبار من لم تزوّدِ". من وسائل الاعلام المدفوعة الثمن...



ه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و