الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة البعد الواحد !

محمد بلمزيان

2023 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يحكى أن فلاحا كان يمتلك كمية مهمة من ثمرة التين في زمن الندرة، فتناهى هذا الخبر الى علم أحد الأثرياء الكبار ، فتوجه اليه بمعية زمرة من أصدقائه قصد اقتناء هذه جميع الكمية من التين المخزنة في سرداق أرضي، أو تبادلها بسلع أخرى، كالذهب والفضة، وحينما وصلت القافلة الى المسكن البسيط للفلاح، خرج هذا الأخير حاملا عصا يتبعه كلبه من الخلف، توقفت القافلة عند منحدر، نزل صاحب الجاه من على صهوة جواده، حاملا معه كيسا من الذهب، عرضا عليه أن يبادله مع غلة جميع التين المجفف الذي يتواجد في السرداق !!!، فرفض الفلاح هذا العرض، قائلا ( هل تريد ان يقتلني الجوع ياهذا ...) ، حينما سيداهمني الجوع هل علي أن أبحث عما أسد به رمق جوعي أم أعلق على عنقي خلاخل وذهب وحلي وجواهر) امتعض الثري من هذا الجواب، فجال بنظره من حواليه، استدار نحو أصدقائه الذين كانوا يتهامسون فيما بينهم وكانهم لم يستسيغوا الجواب القاطع الذي تلقوه من الفلاح البسيط، أخيرا فشل الثري من إقناع صاحب التين من بيع التين التي كان الوحيد في القرية يمتلك هذه الكمية الكبيرة من التين المجفف، والتي كان الثري يرغب في اقتنائها بأكملها واحتكارها لإعادة بيعها بأثمان باهضة بعدما يداهم الجوع أهل البلد، فشل إقناع الفلاح لكون هذا الأخير يعرف بأنه لا يملك سوى هذه الكمية المطلوبة من ثمار التين والتي سوف يحتاج اليها لبيعها بالتقسيط والإقتيات منها حينما سيداهمه الجوع، وفي نفس الوقت اقتنع الرجل الثري بأن جاهه لا يساوي شيئا حينما يسود التضخم وتختل موازين الطلب والعرض، بفعل ظروف الجفاف المستدام، فأصل المشكل هو ربما راجع الى غياب عنصر التفاهم والتواصل بين صاحب الجاه وصاحب التين في ثمن الشراء أو الكمية التي يريد اقتناءها دفعة واحدة لغرض تجاري محض يستهدف من خلالها الى احتكارها والإحتفاظ بها الى أن تلتهب أسعارها في السوق ويتم بيعها بثمن باهض رغبة منها الى جني الأرباح المالية الطائلة من هذه العملية التجارية.
ما يهمني من خلال هذه التوطئة ليس هو هذا المأزق الذي وصلت اليها إرادة الرجل الثري من خلال سفره بمعية أصدقائه وقطعه لآلا ف الكلمترات لغرض التجارة، وإنما الغرض هو طبيعة التفكير التي ينطلق منها كل طرف في فهم السؤال، هو منهج البعد الواحد، حيث أن كل طرف يحاول أن يهيمن على الآخر بواسطة استعراض قوة المال والجاه بدل قوة الخطاب والمحاججة، وهو نفس المنطق السائد في حياتنا اليومية، في الإطارات الحزبية والنقابية والخزبية وفي خطابات الدولة حينما تريد تمرير قوانينها مشاريعها المختلفة، ليس رغبة في إظهار مدى حسن النية بل بمنطق إبراز القوة الممزوجة بسلطة السلطة وخطاب الوعيد، وليس بسلطة خطاب الحوار والإقناع، وهذا سبب البلاء في كل بلاد الدنيا، حيث ينطلق كل طرف من فهم واحد هو معيار كل شيء وغربال وحيد من خلاله يقيس ما يحيط به من أسئلة و معضلات كيفما كان نوعها وحجمها، لعلة غياب منطق الخروج عن المألوف هو إعمال ملكة العقل والتفكير بدل الفهم من خلال النموذج والبراديغم السائد، دون أن ننسى بأن أصل الداء يكمن في صعوبة التخلي عن الفسهم السائد وهو السهل الممتنع بالنسبة للعامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة