الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة35

عبدالرحيم قروي

2023 / 9 / 5
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية



من رسالة للشهيد محمود الى الفقيه البصري

(...) اغتنم فرصة الرد على هذه الرسالة لأثير عددا من المواضيع كنت دائما ارغب في مناقشتها معك ساعيا في توضيح جوانب أراها من النواقص العائقة تنظيميا ونظريا، أسلوبا وتعامل.
ان أحداث 10-7 وما نتج عنها من وضع ناضج لخوض معركة الانتفاضة المسلحة ، وعجز عن أخذ زمام المبادرة والاستفادة من عجز الحكم، ليست هي أول مرة نقف فيها متفرجين على الإحداث التي تهز المغرب... إن تعثرنا في التحرك راجع لشكل تنظيمنا:
* غياب القيادة المركزية الجماعية التي تعطي أضعاف ما يمكن أن تعطيه قيادة شخص واحد مهما بلغت عبقريته وطاقته على العمل الذكي المنهجي. وهذا الشكل من القيادة للحركة السياسية أو لقيادة الشعوب هو الشكل الصحيح والعملي وما عداه إنما هو مخالف لسير التطور والتاريخ ومصلحة الشعب.
ان المناضلين بمختلف ميولهم يطالبون بتحقيق هذه الخطوة، وقد نضجت الظروف لتحقيقها في اقرب وقت بشكل منظم وبالتزام ، وليس بتوزيع المهام والمسؤوليات والقذف بالمسيرين من أعلى، الشيء الذي اظهر عن خطورته والمشاكل التي يخلقها . وما تخبط اليسار المغربي في تناقضاته إلا نتيجة مثل هذه الأساليب، التي تخلق قمما من الزعامات الفارغة والمتسلطة، لم اقصد تطبيق أسلوب الانتخاب الديمقراطي، إذ لم تقم الثورة بالانتخابات كما قال تروتسكي، وإنما اقصد بناء جهاز قيادي مركزي مسؤول على التخطيط والتسيير والتوجيه من الكفاءات المخلصة المتوفرة.
* غياب البرنامج السياسي الذي يعرف بأهداف الحركة ويشكل بديلا مقنعا لبرنامج الحكم الإقطاعي القائم وبديلا أيضا لبرامج الأحزاب السياسية المعارضة التي لم تتطور مع الأحداث. برنامج يوجه المناضلين ويوفر لهم مادة التحرك الدعائي لإثارة الكادحين والطبقة المتوسطة ضد الحكم. وموقف فقيدنا المهدي بنبركة من المطالبة بالبرنامج في" الاختيار الثوري" موقف غير صحيح . إن رفض الطلب بالبرنامج أو السكوت عنه لا يحل شيء، وإنما يخيب أمل السواد الأعظم من الإطارات ويترك الحركة ناقصة من أدوات قوية لمواجهة الحكم. ولا يمكن الاعتماد فقط على الشعور أو السخط والاستياء، ولا حتى الإرادة، إذ أن هذا كله لا يشكل مضمون مبدأ أو شعار. إنما تحديد المبادئ في برنامج تتعهد الحركة بتطبيقه كبديل، وتفي بوعدها، هو سبب استثمار السخط والتدمر ضد الحكم للتعجيل بنهايته .
* غياب التنظيم الثوري الصلب بجناحيه السياسي والعسكري:
لا يمكن لمن يصادق نفسه منا ويصادق الناس أن يدعي أن ما لدينا هو تنظيما سياسيا ثوريا صلبا. فان تنظيمنا ما هو بسياسي ثوري ولا هو بصلب، ليس تنظيما سياسيا ثوريا، لأن لهذه العبارة مدلول طبقي وما ينتج عنه من إيديولوجية الطبقة الكادحة أي شكل تنظيم طليعتها التي تحقق التوعية السياسية وتعبئة الطبقة وتحقيق استلام السلطة بالانتفاضة المسلحة أو الحرب الشعبية.
اما الجناح العسكري فان اعتقالات 70 تبين إن أغلبية المعتقلين من الفلاحين،وهذه نسبة تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصحيح للبلاد وتجعل من اختيار الحرب الشعبية الطويلة النفس اختيارا صحيحا، مع ان الشكل الذي نظم عليه الإخوان في البادية ظهر حسب محاضر الشرطة وجلسات المحكمة على انه فيه انحراف، وعلى أن المسؤولين كان لا يدركون شكل العمل المطلوب منهم تحقيقه. أما ما تبقى بعد الاعتقالات، فعدد من المناضلين لا جذور لهم وسط الجماهير المغربية، وهو الموجود بالخارج، والمبدأ الأساسي لحرب التحرير الشعبية يطعن في ذلك. وهذا الشرط يتوفر حاليا وتنظيميا في الأطلس، هذا هو الأمل الذي يبرق دوما أمامنا ويبقى الإمكانية الوحيدة التي تتوفر مبدئيا على الشروط الضرورية، والأمل هو ان لا يكون هذا الفرع من تنظيمنا " كورة ماء صابون" هو أيضا كما اتضح بالنسبة للكثير من " الإمكانيات" .
غياب إستراتيجية سياسية وعسكرية واضحة المعالم: إن ما يربطنا هو اتفاق عام وهو بذلك غامض. إن مجرد إثارة هذا الموضوع مع المناضل او المسؤول من بيننا تثير جدالا حادا لاختلاف المفاهيم. وليس الغرض هو توحيد المفاهيم فحسب وإنما تزويد الجناح السياسي والجناح العسكري على الخصوص بإستراتيجية محددة يلتزم بها الكل ويعمل على تحقيقها، تنظم مجهوداتنا وتوحدها وتجعل حدا للفوضى الفكرية والتنظيمية وتقطع الطريق على التصرف الذاتي وتزود المناضلين غدا في ميدان العركة بقوانين تحركهم.
وفي هذا الصدد فإن الاعتماد على إفراد منعزلين ليقوموا بوضع ما تحتاج إليه الحركة من برامج وتخطيطات قد مورس واظهر لنا من جملة ما أظهر أن المنتوج يكون دائما غير كاف ودون المطلوب. لذلك يجب اعتماد طريقة العمل الجماعي وبشكل منظم هنا أيضا. بشرط أن يحول ما يخطط الى حيز التطبيق وان لا يلقى في رف من الرفوف .
اما ما نقوم به اليوم نظرا لواقعنا وأساليبنا فليس من الممكن أن نعتبره بداية العمل الثوري ولا حرب التحرير الشعبية، وإنما هو إشعال نارها، معنى هذا أن عملنا هو إثارة الإحداث وتحرك القوة المنظمة والقوية تسخر نتائج العملية لصالح طبقتها، وبالتالي لن تكون هذه القوة من القوة الشعبية ما دامت بعض الشروط لم تتوفر ومنها التغلب على النواقص التي أشرت الى بعضها. من اللازم تهيئ تحقيق هذه الشروط بمجرد ما تنطلق العملية في الجبال. فقط في هذه الحالة يمكن ان نعتبر أن العمل الذي نحن مقبلين عليه هو بمثابة شعل نار الثورة وحرب التحرير الشعبية، وإلا فلن يكون سوى شعل نار الفتنة وتمكين إحدى الطبقات المستغلة من السيطرة على السلطة . وهذا الاحتمال له حظوظ كثيرة ليحدث. أما حتى إن نجحنا في المحافظة على الاستمرار – وهذا واجبنا- وان نستمر بشكلنا الحالي فإننا نعمل سوى على تعويض حكم فاسد بما قد يكون افسد منه. لان حركتنا قائمة على الولاء الشخصي في مختلف مستوياتها بدلا من أن تقوم على الارتباط العقائدي والتنظيمي والاختيار الحر المقنع، وقائمة على سلسلة من الأساليب القديمة اغلبها من رواسب المجتمع الإقطاعي، وأنا على استعداد إلى ذكرها بتفصيل في غير هذا المكان. وان كنا نلتزم بما يحلو لنا ترديده في مناشيرنا من اعتماد التحليل العلمي فيجب علينا عند تقديرنا لوضع من الأوضاع ووضع خطة من الخطط ان ننطلق من الوقائع لا من الممكن، غير ان التحليل يبقى عندنا وهم وأسطورة وفي أحسن الأحوال حلي تتزين به حركتنا، ما دمنا نستعمل الصيغ المحفوظة نرددها كما هي، كباقي المنزلات السماوية تكون في أحسن الأحوال قادرة على إبراز أهداف عامة وبصفة تقريبية واخطر من هذا ترك المغالطات تروج بين صفوفنا بل وإثارتها.
لست أحاول هنا إعياء مسامعك بنصوص نظرية، إذ أن مرض "الجملة الثورية" من أكبر العوائق، وإنما هي بعض الملاحظات أراها أساسية بل ومنها المبدئية طلبت باجتماع لطرحها في إطارها بعد انتهاء مرحلة الشرق وقبل أن نقدم على مرحلة الدخول سنة 69 ، غير أن ذلك لم يحدث، واعرضها عليك بكل وضوح بناءا على اقتناعي بأن التنظيم الثوري الحقيقي هو الى جانب "انضباط أعمى" و " طاعة حديدية" فانه أيضا متفتح لدرجة تسمح بنقل الأفكار والإبداع في تيار مزدوج من القمة الى القاعدة ومن القاعدة الى القمة، وهذه إحدى الضمانات الأولية ليكون التنظيم طليعة فعلية للطبقة الكادحة يعيش واقعها ويعيش في زمنه ويعيش مشاكله.
محمود بنونة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام