الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عالم الدعاية خداع السياسات والميديا يطمس الحقيقة

سعيد مضيه

2023 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


المجتمع السسليم يبنيه الملتزمون بالحقيقة

في عالم تحكمه الدعاية تكشف الكاتبة النقدية الأميركية كيثلين جونستون مكائد الأثرياء يهيلون الأموال الطائلة للتلاعب بالمشهد السياسي وبالميديا بأساليب تعود عليهم بخدمة مصالحهم؛
تقول اننا نعيش في حضارة ذات بيئة معلومات جد معقدة يجري باستمرار التلاعب بها لإبعادهاعن الحقيقة والدقة لمصلحة الأقوياء الذين يحكموننا . فإذا مضيت مع القطيع فستخدع.
تحذر المقالة:

من أسوأ الأخطاء التي تتورط فيها وأنت تحاول ان تفهم العالم أن تبدأ من فرضية ان أصدق المواقف وأدقها ان تستلقي في مكان ما على بعد واحد من وجهتي نظر سياسيتين عظيمتين تراهما في الجوار.
هي غلطة شنيعة ليس فقط لأن افتراض الوسطية يجب ان يكون النموذج الأفضل؛ إنما هي من زيوف المحاججة المعروفة بزيف الوسطية (الموقع الصحيح ليس في الوسط بين " إشرب غالون بليتش كل يوم من أجل صحة جيدة " و "إشراب صفر بليتش يوميا من أجل صحة جيدة"،أي أشرب نصف غالون يوميا من أجل صحة جيدة ") . هذا خطأ كذلك لأن التأطير[ حدي المعادلة] بأجمعه يبرز من تشكيلة اصطنعها أصحاب القوة .
حقيقة موثقة جيدا ان الأغنياء والأقوياء يهيلون الأموال الطائلة للتلاعب بالمشهد السياسي وبالميديا بأساليب تعود عليهم بخدمة مصالحهم. يجري استغلال سيطرتهم على الأخبار في الميديا وبمنابر تقنية وادي السيليكون[ حيث تنشط مواقع الفيسبوك وإنستغرام وغوغل الخ] لإعداد جدول الأعمال والتأثير على مدارك الجمهور من خلال تقرير اي القضايا تلقى العناية وأيها لا يستحق العناية؛ وذلك بأساليب تحافظ على الأمر الواقع السياسي الذي بنوا عليه امبراطوريتهم؛ ومن ثم يقلصون "نافذة أوفرتون"[ تقصد الكاتبة مجال الحوار] كي يختصروا النقاش المقبول الى أضيق مدى بحيث لا تهدد الحصيلة مصلحتهم باي حال.
تاقشنا للتو هذه الدينامية فيما يتعلق بعدوان الولايات االمتحدة ضد روسيا والصين؛ جرى تضييق نافذة اوفرتون حيال نقاش حول اي من أعداء الولايات المتحدة يجب أن توجه ضده أعنف ضربات الامبريالية ، بينما يتعذر إيجاد منبر بين السياسات الرئيسة أو الميديا الرئيسة تنطلق منه الأصوات الداعية الى اتباع الهدوء مع البلدين .
وهذا ما عناه نوعام تشومسكي حين قال:" الأسلوب الأمثل لإبقاء الناس سلبيين ومطيعين هو ان تضيق بصرامة نطاق الآراء المقبولة ، لكن مع السماح بنقاش حيوي ضمن هذا النطاق" .
يفترض الناس ان لا بد من وجود الحقيقة في وجهة النظر الكونية التي تبثها الميديا الرئيسة حين يكون السبب الوحيد حقا لاعتبارها صلدقة هو ضخامة الثروة والتفوذ المبذولين في جعلها رئيسية.
في الحقيقة فإن فرضية وجود الحقيقة في أي من وجهات النظر السياسية التي يروج لها مديرو امبراطورية الغرب إنما هي مثال لمفعول النموذج الناجح، يصف تحيز الإدراك الذي بموجبه يميل البشر لاكتساب المعتقدات والسلوك والتوجه لا لشيء سوى ان المحيطين بهم يعملون هكذا.

كان لهذا التحيز الأفضلية في التطور في العهود المبكرة لتطور النوع البشري؛ عودة الى الماضي حين كان أجدادنا في طور الضحايا ما قبل التاريخ، كان عاملا إيجابيا في البقاء ان تشرع الركض طلبا للنجاة إن رأيت أحد أفراد قبيلتك يركض، حتى لو لم تتبين ما الذي يركض منه.
نظرا لكون الأفراد يتوقف بقاؤهم على الترابط الاجتماعي، فإن رفض القبيلة يعني الهلاك المؤكد جوعا او قتلا؛ لذا من الضروري التكيف باي طريقة ممكنة للحيلولة دون حدوث الرفض.

غير اننا لا نعيش في حقبة ما قبل التاريخ؛ نعيش في حضارة ذات بيئة معلومات جد معقدة يجري باستمرار التلاعب بها لإبعادهاعن الحقيقة والدقة لمصلحة الأقوياء الذين يحكموننا .فإذا مضيت مع القطيع فستخدع.
في الحقيقة ما يطلق عليهم"الوسطيون" أو "المعتدلون" في عالمنا هم حقا متطرفون بعنف؛ لأنهم يدعمون هياكل السلطة الأشد استبدادا وإجراما على سطح كوكبنا؛ ولا يعتبرون معتدلين إلا لكونهم يجلسون في وسط نطاق مصطنع . وجهة النظر العقلانية بحق تقضي بالابتعاد أقصى ما تستطيع عن وجهة نظرهم .
نظرا لأن أغلبية الناس قد استغفلتهم الدعاية واختاروا وجهة النظر السياسية الرئيسة، لإن أولئك الذين يقرأون الأشياء بدقة يشكلون أقلية صغيرة الى ان تتغير تلك الدينامية. طالما أساس الحضارة يظل بالمجمل وجهات نظر شكها الخداع فإنها تخدم الأقوياء ، ومن ثم فالمضي مع الجمهور سيمنعك من بناء وجهة نظر أساسها الحقيقة تخدم مصالح البشرية.
لذا عليك ان تريح نفسك برفض الأرثوذكسيات الرئيسة، وتغلق الباب بوجه الميديا الرئيسية ، وتعاف السياسات الرئيسة لأن هذه الأمور جميعها مدخلة في نسيج الخداع الذي بواسطته سحب حكامنا عصابة العينين فوق هذه الحضارة.
وهذا ليس من شأنه أن يدمغك بالتعالي أو أنك من الهواة النزقين او أنك مغرم بالجديد ترفض كل ما هو رئيسي نتيجة حاجة مرضية لأن تبدو مخالفا؛ إنما هي مؤشر على انك ترى الأمور بوضوح.

"ثمن العقلانية في هذا المجتمع مستوى معين من العداء؛ وهذا قد يبعدك في زمن ما عن القبيلة؛ او كما قال تيرينس مكّينا [كاتب أميركي عاش ما بين نوفمبر 1946 و ابريل 2000 (1946 – April وكان نباتيا وباحثا في علم النفس] " ثمن العقلانية في هذا المجتمع مستوى معين من الخصومة". لكن لم يزل بالمستطاع ان نلتقي على الشبكة العنكبوتية ، ولهذا لن نكون وحيدين ، وما ندفعه من ثمن يستحق ذلك.
هذا التعقب الجاد لوجهة نظر مبنية على الحقيقة هو في نهاية المطاف اكثر الدروب امانا لا توصلنا فقط الى مجتمع سليم بل وتوصلنا أيضا كأفراد الى سعادة مستدامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب