الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاتيحُ الضباب

خالد علي سليفاني

2023 / 9 / 6
الادب والفن


ما عُدتُ قادراً أمشي
على أشلاء جسدكِ
يداي متعبتان جدًا
كأوراقٍ خريفيةٍ تتأوه
تحت عجلات عربات القرويين.

دعوني أرَ جيدًا
فإن السماء تضحكُ
كأنها تقول لي
إن الربيع القادم يحمل لك
فوق أكتافه حزنَ طفل
أو يمسحُ الريحَ، مُقْبِلاً
تحمل قصصا وحكايات
لم يسردها جدٌّ.

أ سروالي القرويُّ ضيقٌ
أم أنا منتفخٌ جدًا؟
تعبتُ وأنا أبحثُ عن أحلامٍ
انخسفتْ في الضباب.

فوق طاولتي سنتان من غبار
شهران من أوراقٍ مبعثرة
وأيامٌ من أقلامٍ عاقرةْ.
كي أرجع من باب آخر
لا بد من أن أصنعَ،
أو أتعلم فن صنع المفاتيح
مفاتيح الضباب والغيوم.

وإن لم تصل قوافل الذكريات
آه.... يجبُ أن أستريح.
إن الحلم المُنْكَسِر تحت مناقير
الغربان لا يصبح راية.

سأبدأ من جديد
أجمع ما تبقى من ضلوعي
وبعضَ أنفاسي الرضيعة.
قد أتخلّصُ هذه المرة
من سُعال هذا القدر الذي
ما زال يطاردُ نومي.


آه...تذكرتُ! فقد كانت لي ليلى
مدفونةً في باطن شمس الشتاء
هل ما زالت تذكرني؟
أم صارتْ هي أيضا تلعب بأصابع النوارس
لأن الشاطئ كان دوما يتعقّبها
والصحراءُ تقّبلُ أنفي رغما عن أنفي.

تركتُ الصيدَ منذُ ذراعين من ناطحات السحب
وما عدتُ أتذكر كيفَ البحر يحمل أوطاناً نتنةً.
أو الشجرة تسكنُ ظلاً، هاربةً من لهيبِ تموز.

لكن يا ليلى ألم تعاهديني يوماً
أن نستنشقَ المعانقةَ معاً؟
ونجمع الغيومَ في صحون الأحلام؟
كأن العملة النفيسة أرهقتني أو ربما قتلتني
في يديكِ الناعمتين.

لكن يا ليلى لمَ تركتِني يومها ألتحِفُ بشعركِ الذهبي
وأتسلقُ الغبار والزوابع بنهديكِ الصغيرين؟
لم أسافر معكِ إلى أرض الوقاحة
لا لكرهي لكِ، ربما لأن الحقائب
على ظهري كانت أكثر من نفساء الغربة.

هاتفي ما رّن منذ شهرين
غرقَ في عرقِ يدي
والسجن الذي جمعنا يوماً يلعن القضبان
لأن السجان صار منذ أن غادرتِ من فمي

يُصلّي كل فجرٍ ركعتين
والسوط يرقص مذبوحا
بين الحاجب والعين.

مَن مزّق براءة وجهكِ هكذا؟
أ مازال ذلك الأحمق الخرق
يتعقّبُ خفقات قلبكِ المشتاقة؟
أم هو أيضاً مثلي فوق أرصفة شوارع الملاهي
يستنشقُ وحل الأحذية؟



لن أدخل من أصابع الضباب
فإني وقحٌ جداً
أخاف أن أصد بوجوه الندى جميع الأبواب.
ولن أُسمعكِ بعد اليوم قصيدة
أو خلجةً من صفحاتِ قلبي
فما عدنا نجيدُ دفن الخريف.
أصابعي مهترئة
ويداكِ عاجزتان عن طبخ عشاء منزلي
على نهرٍ متعب
لأن الأفواه كثرتْ
والقيود أصبحت أكثر عقداً وخيوطاً
من الأيادي المنهزمة من الحليب.

لا تخافي يا ليلى لن أضاجعكِ
فأنتِ فقدتِ أنوثتكِ بشوارب رجال الحانات
وأنا فقدتُ رجولتي من كآبتي
التي زرعتَها المخالب التي خدشتْ عفتكِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا