الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كَانُوا سُعَدَاء

عبد الله خطوري

2023 / 9 / 6
الادب والفن


كأنها القيامة كأنها اللعلعةُ كأنها الزلزلة .. أغمض عيني أفتح شراييني على نتوءات أمامي .. لا، لم يكن كابوسا .. لا، لم يكن حُلْما منفرا .. كان حرييييقا عاينتْهُ مقلتاي ينهش خمائل وهدة بولرباح كان عويلا آختلطت فيه صيحات الطيور بصرخات الأنعام بتوسلات الأنام .. ما عادت الأدلاء تحمل الأمواه في كبدي .. ما عادت الأنواء ترتج في يدي .. ما عادت السماواتُ تبكي دِيَما .. ما عاد الغضا يُنَوِّرُ علقما .. ما عادت القدمان تتبرمان في الطريق .. ما عاد الطريق هو الطريق .. آه .. من لوعة صدمة ذاك الحريق ... فركت عينيّ حككت محجريَّ نفضت رأسي أطرد صورا تطاردني ... كانت هضبة ( إيش نْــبولرباح ) أمامي سالمة دون يحموم أو سخام دون جلجلة منتصبة في شموخ كالقدر، بأشجار بلوطها القصيرة الدهماء، بمسالكها الضيقة التي آرتضتها الدواب وقطعان الماشية لنفسها في مسار قار في الغدو والرواح، ومع مرور الوقت، غدت مسلكا للفحصيين وسكان الجوار في تنقلاتهم اليومية الكثيرة بين ( تيسقفين ) و ( تسينسا بنعمان ) و( تالعينيت أوزطجيت ) و( القلع ) و ( تابحيرت أومزوز ) و( تازرين ) _ ١ _ .. في الفِجاج في البَراري في البطاح فوق الصخور في الجبال .. أسْمُـو أعلُـو أَصْفُـو أبسطُ سَاعديّ كطائِـر بَهَـاء في سماء .. يَطمئن القلبُ يزداد الخفقان أغمض مُقْلَتـيَّ .. أذناي تريان ما لاَ ترى العينان. ألتقطُ الهَمسات آتيةً من ذُرَا وهدات مُحاذية للامكان .. أصيخُ السمعَ .. أتتبعُ الأثـرَ الخَفي والبَصمات في سماء ذات لآلئَ تطْفَـحُ بالممكن بالمُحال، ذات شفق، ذات أنوار وأطيار وأطيار وأطيـار .. بَدَتِ التلةُ الخضراءُ حكيمةً في صمتها وسكونها .. هي كذلك في كل الأوقات، لكنها في هذه اللحظة من بعد زوال نهار صيفي قائظ، تظهر وكتل السراب المترقرقة تكلل ذُراها ومنعرجاتها، غارقةً في هالة متلئلئة من أمواه ساطعة كأطياف الأشباح تسرح على مد البصر غير عابئة بالأُتُون المتقاطر من الأجواء.. لم يكن ثمة إلا قطعان متفرقة تَـرِدُ الظلالَ وموارد المياه أسفل الوادي العامر (ســيصَفّحَنْ) بِتضاريسَ صلبة متينة بنية وصفراء نَحَتَتْ نُتواءاتِها عوامل التعرية المتعاقبة من تدفق لصَبيب متدافع وهبوب لرياح عاثية وآنجراف لأتربة هشة تحاول جاهدة التمسك بتلابيب السنديان والبلوط الأخضر وأفنان شجيرات الأبهل ( طاقا ) المسننة وعروق الدفلى المجاورة لسريان المياه .. وبعض الفتية في وادي (المشرع ) وبحيرة ( تامدا ) وحفرة (البير ) كانوا يسبحون يرتعون يضجون، تُرَدِّدُ صدى هتافاتهم ذُرَا القمم وثنايا المنحدرات والمنعرجات .. ويبدو أنهم سمعوا صرخات آآآهاااتي الجائرة، فشرعوا يرددون صداها كطريقة تثبت تواجدهم بالمكان وكمحاولة لاستكشاف الواقف هناك في قمة التلة على مرمى أعينهم. صمتتُ لما تيقنتُ بآنتفاء عزلتي فيما خلتُه خلاء من فراغ من عراء .. كانوا يلهون يمرحون غير مبالين .. كنتُ أتابعُ حلقاتهم وهم يسبحون عُراة كما ولدتهم أمهاتهم يرتقون تباعا علية عامرة بالحجارة وأتربة الوادي وأعشاب دوم ( طِيكزْطَمْتْ ) وحلفاء ( آري )و ديس ( أدلس ) .. يغمضون أعينهم يضعون أصابع يدهم اليمنى على أنوفهم .. ثـم .. هوووب .. يلقون بأبدانهم كيفما آتفق في آنحدار بهلواني حاد آتجاه فجوة عميقة حَفرتها الأزمنة المتعاقبة في وادي المشرع، سمَّاها الأهالي ( البير ) .. كان الكبار وذَوُو الهمة من الفتيان وأصحاب الجرأة والدربة وحدهم يستطيعون القيام بألعاب جنونية وهم يرتمون بأشكال مختلفة في لجب وصخب جهة هذا الأخدود العتيق الذي لا تظهر منه الا فوهة عليا تخفي طريقا سريا سفليا مظلما يشقه الوادي تحت الأرض في آتجاه بحيرة ( تامدا ) التي كان الصغارُ يكتفون بامواهها الهادئة يعومون فيها بعد أن لوثتها رعونة وشقاوةُ وشطحاتُ كبار الفتية ( إيمقرانن لواشون ) تَعبُّ الماءَ والهواءَ والترابَ والغبارَ وصغارَ الهوام من الحشرات أفواهُهُم دون شعور بالتضايق أو إحساس بالقلق أو تذمر من خطر ما .. كانوا كالطيور في السماوات في البراري يضجون بغناء مفعم بالقوة والاندفاع والحماسة والحيوية والعنف والعنفوان .. كانوا سعداااء ..

☆إشارات :
١_أسماء أماكن بقرية ( الفحص ) فضاء ما يُرْوَى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي