الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 36

عبدالرحيم قروي

2023 / 9 / 6
الارشيف الماركسي


المادية الديالكتيكية
والمادية التاريخية
للقائد الشيوعي جوزيف ستالين
ترجمة :حسقيل قوجمان
الحلقة الأولى
مقدمة المترجم:
كان ستالين عضوا رئيسيا في اللجنة التي اضطلعت بكتابة موجز تاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي (البلشفي) الذي كتب بعد صياغة الدستور الاشتراكي سنة 1936 وصدر في السنوات التالية. وقد اضطلع ستالين بمهمة تلخيص كتابات لينين في التسلسل التاريخي لنضال الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الحزب الشيوعي). وبين في تلخيصه لهذه الكتابات السبب الذي دعا إلى كتابتها والظروف التي حتمت صدور مثل هذه الكتابات.
وحين بلغ تاريخ الحزب الفترة التي كتب فيها لينين كتابه الشهير "المادية والنقد التجريبي" وهو كتاب اختص بالدفاع عن المادية الديالكتيكية وتفنيد تحريفها الذي انتشر في فترة انتكاس نضال الحزب الشيوعي رأي ستالين أن من العسير تلخيص كتاب ضخم كهذا ففضل كتابة هذا الكراس الذي يعالج بإيجاز نفس الغرض من كتاب لينين، أي الدفاع عن المادية الديالكتيكية. فكان هذا الكتاب شرحا وتوضيحا رائعا للمادية الديالكتيكية والمادية التاريخية.

المادية الديالكتيكية، هي نظرة الحزب الماركسي اللينيني للعالم. وهي تدعى مادية ديالكتيكية لان نهجها للظواهر الطبيعية، أو أسلوبها في دراسة هذه الظواهر وتفهمها ديالكتيكي، بينما تفسيرها للظواهر الطبيعية، أو فهمها لهذه الظواهر، أو نظريتها مادية.
المادية التاريخية هي امتداد مبادئ المادية الديالكتيكية على دراسة الحياة الاجتماعية؛ تطبيق مبادئ المادية الديالكتيكية على ظواهر الحياة الاجتماعية وعلى دراسة المجتمع وتاريخه.
لدى وصف ماركس وانجلز اسلوبهما الديالكتيكي، يشيران عادة إلى هيغل باعتباره الفيلسوف الذي صاغ المعالم الرئيسية للديالكتيك. إلا أن هذا لا يعني أن ديالكتيك ماركس وانجلز متطابق مع ديالكتيك هيغل. في الواقع أخذ ماركس وانجلز من الديالكتيك الهيغلي "نواته المعقولة" نابذين قشرته المثالية وطوراها ابعد من ذلك لكي يضفوا عليها شكلا علميا.
يقول ماركس:
"إن أسلوبي الديالكتيكي لا يختلف عن الديالكتيك الهيغلي وحسب، بل هو نقيضه المباشر. فحسب هيغل عملية التفكير أطلق عليها اسم "الفكرة" وحولها حتى إلى ذات مستقلة. هي خالقة العالم الحقيقي، ويجعل العالم الحقيقي مجرد شكل خارجي ظواهري ُللفكرةُ. أما بالنسبة لي، فعلى العكس من ذلك، ليس المثال سوى العالم المادي الذي يعكسه الدماغ الإنساني ويترجمه إلى أشكال من الفكر." (كارل ماركس، الرأسمال، الجزء الأول، ص 30 الطبعة الانجليزية)

لدى وصف ماركس وانجلز ماديتهما يشيران عادة إلى فورباخ باعتباره الفيلسوف الذي أعاد المادية إلى صوابها، إلا أن هذا لا يعني أن مادية ماركس وانجلز متطابقة مع مادية فورباخ. في الواقع اخذ ماركس وانجلز من مادية فورباخ "لبها" الداخلي وطوراه إلى نظرية المادية العلمية الفلسفية ونبذا "قشرتها" المثالية الدينية الاثنية. نعلم ان فورباخ، ولو انه كان ماديا بالأساس، اعترض على اسم المادية. وقد صرح انجلز أكثر من مرة أن " فورباخ على الرغم من الأساس المادي، بقي مكبلا بالقيود المثالية التقليدية"، وان "المثالية الحقيقية لفورباخ تظهر بوضوح حالما نأتي إلى فلسفته عن الدين والاثنية". (كارل ماركس، مؤلفات، الطبعة الانجليزية، الجزء الأول ص 439 - 442).
تأتي كلمة ديالكتيك من Dialego الإغريقية، وتعني المجادلة، المناقشة. في العصور الغابرة كان الديالكتيك فن التوصل إلى الحقيقة عن طريق كشف التناقضات في مجادلة الغريم والتغلب على هذه التناقضات. كان ثمة فلاسفة في العصور القديمة اعتقدوا أن كشف التناقضات في الفكرة وتصادم الأفكار المتناقضة كان أفضل وسيلة للتوصل إلى الحقيقة. هذه الطريقة الديالكتيكية في الفكر، امتدت فيما بعد إلى الظواهر الطبيعية، وتطورت إلى الأسلوب الديالكتيكي لتفهم الطبيعة، الأسلوب الذي يعتبر الظواهر الطبيعية في حركة دائمة وتطرأ عليها تغييرات دائمة، ويعتبر تطور الطبيعة نتاجا لتطور الظروف في الطبيعة نتيجة التفاعل المتبادل بين قوى الطبيعة المتضادة.
إن الديالكتيك في جوهره هو النقيض المباشر للميتافيزيق.
1) إن المعالم الأساسية للأسلوب الديالكتيكي الماركسي هي كما يلي:
أ‌) على العكس من الميتافيزيق، لا يعتبر الديالكتيك الطبيعة تراكما عرضيا من الأشياء، أو الظواهر، لا ترتبط إحداها بالأخرى، أو منعزلة ومستقلة إحداها عن الأخرى، بل يعتبرها كيانا كليا مرتبطا ارتباطا لا ينفصم تكون فيه الأشياء والظواهر مرتبطة ارتباطا عضويا وتعتمد إحداها على الأخرى وتقرر إحداها الأخرى.
وعليه فان الأسلوب الديالكتيكي يعتبر انه لا يمكن فهم أية ظاهرة طبيعية إذا أخذت بذاتها، منعزلة عن الظواهر المحيطة بها، إلى حد أن أية ظاهرة في أي مجال من الطبيعة قد تصبح عديمة المعنى لنا إذا لم تدرس بالترابط مع الظروف المحيطة بها، بل بالانفصال عنها، وانه على العكس من ذلك يمكن تفهم أية ظاهرة وتوضيحها إذا درست في ارتباطها الذي لا تنفصم عراه مع الظواهر المحيطة بها، كظاهرة تقررها الظروف والظواهر المحيطة بها.
ب‌) على العكس من الميتافيزيق، يعتبر الديالكتيك أن الطبيعة ليست في حالة سكون وعدم حركة وجمود وعدم تغير، بل في حالة حركة دائمة وتغير مستمر، حالة تجدد وتطور مستمرين، حيث ينشأ شيء ما جديد ومتطور على الدوام وشيء متفسخ وزائل على الدوام.
وعليه فان الأسلوب الديالكتيكي يتطلب دراسة الظواهر ليس فقط من وجهة نظر علاقاتها المتبادلة واعتماد بعضها على البعض، بل كذلك من وجهة نظر حركتها وتغيرها وتطورها، من وجهة نظر نشوئها وزوالها.
إن الأسلوب الديالكتيكي يعتبر ذا أهمية أساسية ليس ذلك الذي يبدو في اللحظة الراهنة دائم الوجود مع انه قد بدأ فعلا في الزوال، بل ذلك الذي ينشأ ويتطور، حتى لو كان يبدو في اللحظة الراهنة غير دائم الوجود، لان الأسلوب الديالكتيكي لا يعتبر شيئا لا يقهر إلا ذلك الناشئ والدائم التطور.
يقول انجلز :
"الطبيعة كلها من اصغر الأشياء إلى أكبرها، من حبة الرمل إلى الشمس، من البروتيستا (وحيد الخلية) إلى الإنسان، هي في حالة دائمة من النشوء والزوال، في حالة تغير متواصل، في حالة حركة وتغير لا يتوقفان." (ف . انجلز، ديالكتيك الطبيعة)
وعليه يقول انجلز ان الديالكتيك "يأخذ الأشياء وصورها المحسوسة بالجوهر في ترابطها المتبادل، في تسلسلها، في حركتها، في نشوئها وفي اختفائها". (نفس المصدر)
ج‌) على العكس من الميتافيزيق، لا يعتبر الديالكتيك عملية التطور أنها عملية نمو بسيطة، حيث لا تتحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية، بل على أنها تطور يجتاز من تحولات كمية تافهة غير محسوسة إلى تحولات أساسية مكشوفة، إلى تحولات كيفية، يعتبرها تطورا لا تحدث التغيرات الكيفيه فيه بصورة تدريجية، بل بصورة سريعة ومفاجئة، تتخذ شكل طفرة من حالة إلى حالة أخرى، لا تحدث بصورة عرضية بل نتيجة طبيعية لتراكم تغيرات كمية غير محسوسة وتدريجية.
وعليه فان الأسلوب الديالكتيكي يعتبر أن عملية التطور يجب تفهمها ليس كحركة في دائرة، ليس كتكرار بسيط لما كان قد حدث فعلا، بل كحركة إلى أمام والى الأعلى، كتحول من حالة كيفية قديمة إلى حالة كيفية جديدة، كتطور من البسيط إلى المركب، من الادنى إلى الأعلى.
يقول انجلز:
"ان الطبيعة اختبار الديالكتيك، ويجب ان يقال لصالح العلم الطبيعي الحديث انه قد زودنا بمواد غنية جدا ومطردة الازدياد يوميا لهذا الاختبار، انه اثبت بهذا ان عملية الطبيعة بالتحليل الاخير ديالكتيكية وليست ميتافيزيقية، على انها لا تتحرك في دائرة ازلية الانسجام تتكرر على الدوام، بل تجتاز غبر تأريخ حقيقي. هنا يجب ان نذكر بالاساس داروين الذي وجه ضربة شديدة للفكر الميتافيزيقي عن الطبيعة ببرهانه على ان العالم العضوي المعاصر، النبات والحيوان، وعليه كذلك الانسان، كله نتاج عملية تطور كانت في تقدم ملايين السنين". (ف . انجلز، ضد دوهرينغ)
ويقول انجلز في سياق وصفه التطور الديالكتيكي كتحول من التغيرات الكمية إلى التغيرات الكيفية:
"في الفيزياء ... يشكل كل تغير تحولا من الكمية إلى الكيفية، نتيجة لتغير كمي من شكل معين من الحركة، اما ان تكون كامنة في الجسم، أو موجهة له. فعلى سبيل المثال، ان درجة حرارة الماء ليس لها في البداية تأثير على الحالة السائلة، ولكن حين ترتفع درجة حرارة الماء السائل أو تنخفض، تحل لحظة حيث تتغير هذه الحالة من التماسك وينقلب الماء إلى بخار في الحالة الاولى والى ثلج في الحالة الثانية ... يلزم حد ادنى من التيار ليجعل سلك البلاتينيوم يتوهج. كل معدن له درجة حرارة انصهار، كل سائل له درجة حرارة انجماد ودرجة غليان معينة تحت ضغط جوي معين، وبقدر ما نستطيع بالوسائل المتوفرة تحت تصرفنا بلوغ درجات الحرارة المطلوبة. واخيرا، كل غاز له النقطة الحرجة التي عندها، تحت الضغط والتبريد المناسب، يمكن تحويله إلى حالة السيولة. ان ما يعرف بالدرجات الثابتة في الفيزياء (الدرجة التي تتحول بها حالة معينة إلى حالة اخرى) هي في اغلب الاحيان تعبير عن النقاط العقدية التي يؤدي (التغيير) الكمي فيها، زيادة أو نقصان الحركة إلى تغير كيفي في حالة الجسم المعين، تتحول نتيجة لها الكمية إلى كيفية." (ديالكتيك الطبيعة)
منتقلا إلى الكيمياء يواصل انجلز:
"يمكن تسمية الكيمياء علم التغيرات الكيفية التي تحدث في الاجسام نتيجة لتغيرات التركيب الكمي. كان هذا معلوما لدى هيغل ... خذوا مثلا الاكسيجين، اذا احتوت الجزيئة على ثلاث ذرات بدلا من ذرتين في الجزيئة الاعتيادية، نحصل على الاوزون وهو جسم متميز جدا في الرائحة والتفاعل عن الاكسيجين العادي. وماذا يمكن القول عن الخواص المختلفة التي يتحذ فيها الاكسيجين مع النيتروجين أو الكبريت وكل مركب منها يشكل جسما مختلفا كيفيا عن الاجسام الاخرى؟" (نفس المصدر)
وأخيرا، لدى انتقاد دوهرينغ الذي وبخ هيغل عن كل كفاءاته ولكنه اختلس منه مقولته المعروفة بان الانتقال من العالم غير المحسوس إلى العالم المحسوس، من مملكة المادة غير العضوية إلى مملكة الحياة العضوية، هو طفرة جديدة، يقول انجلز:
"هذا هو بالضبط خط قياس العلاقات الهيغلية الحرجة التي فيها، في نقاط حرجة معينة، تؤدي الزيادة أو النقصان الكمي البحت إلى طفرة كيفية، فمثلا، في حالة الماء الذي يسخن أو يبرد، حيث تشكل نقطة الغليان ونقطة الانجماد النقطتاه اللتان فيها، تحت ضغط جوي اعتيادي، الطفرة إلى حالة تكتلية جديدة، والتي فيها نتيجة لذلك تتحول الكمية إلى كيفية." (ضد دوهرينغ)
د‌) على العكس من الميتافيزيقية تعتبر الديالكتيكية ان التناقضات الداخلية ملازمة في جميع الاشياء والظواهر في الطبيعة، لانها جميعا تحتوي على جانبيها السلبي والايجابي، جانبيها الماضي والمستقبل، شيء زائل وشيء متطور، وان الصراع بين هذين النقيضين، الصراع بين القديم والجديد، بين ما هو زائل وما هو مولود، بين ما يجري اختفاؤه وما يجري تطوره، يشكل المحتوى الداخلي لعملية التطور، المحتوى الداخلي لتحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية.
وعليه فإن الأسلوب الديالكتيكي يعتبر أن عملية التطور من الادنى إلى الاعلى لا يحدث بصورة كشف منسجم للظواهر، بل بصورة كشف عن التناقضات الملازمة في الاشياء والظواهر، بصورة "صراع" الميول المتناقضة التي تعمل على اساس هذه التناقضات.
يقول لينين: "ان الديالكتيك بمعناه الاعتيادي هو دراسة التناقضات في جوهر الاشياء بالذات" (لينين، ملاحظات فلسفية، ص 263 الطبعة الروسية)
واكثر من ذلك:
"ان التطور هو صراع الاضداد" (لينين، مختارات، الطبعة الانجليزية، م 11 ص 81 - 82)
هذه باختصار مبادئ ومعالم الاسلوب الديالكتيكي الماركسي.
من السهل ان نفهم عظم اهمية امتداد مبادئ الاسلوب الديالكتيكي على دراسة الحياة الاجتماعية وتأريخ المجتمع، وعظم اهمية تطبيق هذه المبادئ على تاريخ المجتمع وعلى الانشطة العملية لحزب البروليتاريا.
اذا لم تكن ثمة ظواهر منعزلة في العالم، اذا كانت جميع الظواهر متبادلة الاتصال ومتبادلة الاعتماد، فمن الواضح ان كل نظام اجتماعي وكل حركة اجتماعية في التاريخ لا يجب تثمينها من وجهة نظر "العدل الازلي" أو اية فكرة اخرى مسبقة، كما يفعل المؤرخون في احيان كثيرة، بل من وجهة نظر الظروف التي انشأت ذلك النظام أو تلك الحركة الاجتماعية والتي ترتبط بها.
يكون نظام العبودية عديم المعنى، أحمقا وغير طبيعي في الظروف الحديثة. الا انه في ظروف تحلل النظام المشاعي البدائي، يكون نظام العبودية ظاهرة مفهومة تماما وطبيعية نظرا إلى انه يمثل تقدما بالنسبة لنظام المشاعية البدائية.
ان المطالبة بجمهورية برجوازية ديمقراطية حين كانت توجد القيصرية والمجتمع البرجوازي، كما، يمكننا القول، في روسيا سنة 1905، كانت مطالبة مفهومة وصحيحة وثورية، اذ ان الجمهورية البرجوازية في ذلك العهد كانت تعني خطوة إلى امام. اما الان، في ظروف الاتحاد السوفييتي، تكون المطالبة بجمهورية ديمقراطية برجوازية عديمة المعنى ومضادة للثورة لان الجمهورية البرجوازية تكون خطوة تراجعية بالقياس إلى الجمهورية السوفييتية.
كل شيء يعتمد على الظروف والزمان والمكان.
واضح انه بدون النهج التاريخي تجاه الظواهر الاجتماعية يصبح وجود وتطور علم الاجتماع مستحيلا، اذ ان نهجا كهذا فقط يقي علم الاجتماع من ان يصبح غابة من الاحداث الطارئة وجمعا من اكثر الاخطاء حماقة.
واكثر من ذلك، اذا كان العالم في حالة حركة دائمة وتطور مستمر، اذا كان زوال القديم ونشوء الجديد قانونا للتطور، فمن الجلي الواضح انه لا يمكن ان يوجد نظام اجتماعي "لا يتغير" أو تكون ثمة "مبادئ ازلية" للملكية الخاصة والاستغلال وتكون "افكار ازلية" لخضوع الفلاح للملاك، أو العامل للراسمالي.
وعليه يمكن احلال المجتمع الاشتراكي محل المجتمع الراسمالي، بالضبط كما كان بالامكان في عهد النظام الاقطاعي احلال النظام الراسمالي محل النظام الاقطاعي.
وعليه يجب الا نوجه اتجاهاتنا على طبقات المجتمع التي لم تعد تتطور، رغم انها تشكل في الحال الحاضر القوة السائدة، بل إلى الطبقات التي تتطور ولها المستقبل امامها، حتى لو لم تكن في الحال الحاضر تشكل القوة السائدة.
في ثمانينات القرن المنصرم، في فترة الصراع بين الماركسيين والناروديين (الشعبيين)، كانت البروليتاريا الروسية تؤلف اقلية ضئيلة من السكان، بينما كان الفلاحون يشكلون الاغلبية الساحقة من السكان. الا ان البروليتاريا كانت تتطور كطبقة، بينما كان الفلاحون كطبقة في حالة تفكك. ولان البروليتاريا فقط كانت متطورة كطبقة وجه الماركسيون اتجاهاتهم إلى البروليتاريا. ولم يكن الماركسيون على خطأ لان البروليتاريا كما نعلم نمت بالتالي من قوة ضئيلة إلى قوة تأريخية وسياسية من الدرجة الاولى.
وعليه، لكي لا يخطئ المرء في السياسة، عليه ان ينظر إلى الامام لا إلى الوراء.
واكثر من ذلك، اذا كان الانتقال من التغيرات الكمية البطيئة إلى تغيرات كيفية سريعة مباشرة قانونا للتطور، فان من الواضح الجلي ان الثورات التي تعلنها الطبقات الخاضعة للاستغلال هي ظاهرة طبيعية وحتمية.
وعليه فان الانتقال من الراسمالية إلى الاشتراكية، وتحرير الطبقة العاملة من نير الراسمالية لا يمكن تحقيقه بتغيرات بطيئة، بالاصلاحات، بل بتغيير كيفي للنظام الراسمالي، بالثورة.
وعليه لكي لا يخطئ المرء في السياسة، عليه ان يكون ثوريا لا اصلاحيا.
واكثر، اذا كان التطور يجري عن طريق كشف التناقضات الداخلية، عن طريق التصادم بين القوى المضادة على اساس هذه التناقضات ومن اجل التغلب على هذه التناقضات، فان من الجلي الواضح ان الصراع الطبقي للبروليتاريا ظاهرة طبيعية جدا وحتمية.
وعليه يجب الا نستر تناقضات النظام الراسمالي بل ان نكشفها ونزيل القناع عنها. علينا الا نحاول وقف الصراع الطبقي بل ان نواصله حتى نهايته.
وعليه، لكي لا يخطئ المرء في السياسة، عليه ان يتبع سياسة طبقية بروليتارية لا تساومية، لا سياسة اصلاحية للانسجام بين مصالح البروليتاريا ومصالح البرجوازية، لا سياسة الاصلاحيين في "نمو الراسمالية إلى الاشتراكية".
هذا هو الاسلوب الديالكتيكي الماركسي لدى تطبيقه على الحياة الاجتماعية، على تاريخ المجتمع.
اما المادية الفلسفية الماركسية، فهي في الاساس الضد المباشر للمثالية الفلسفية.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي


.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ




.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ