الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكثر من صرخة من أجل بيت حانون

بدر الدين شنن

2006 / 11 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


المجازر الدموية البشعة ، التي ارتكبها ، ويرتكبها ، ويهدد بارتكابها الكيان الصهيوني ، ضد شعبنا الفلسطيني وشعوب البلدان العربية الأخرى ، ليست مجرد نزعات هيستيرية عنصرية فحسب ، وليست تنفيذاً لقرارات حكومية سيئة أو أسوأ فحسب ، وإنما هي قانون نابع من طبيعة الاغتصاب لأرض الغير .. من طبيعة تكريس كيانات ا ستعمارية على حساب الشعوب صاحبة الأرض المستهدفة .. ومن طبيعة تكريس وتطوير هذا الاغتصاب وهذه الكيانات

بالقوة والمجازر فقط ، ا ستطاعت قطعان المهاجرين المدعومين من الرأسمال الدولي الأوربي ، المتعطش للفتح الاستعماري ، وتوسيع السوق خارج الحدود الوطنية للتداول السلعي ، والاستحواز على ثروات الشعوب الضعيفة ، وتحقيق التراكم الواسع للثروات ولقدرات الرأسمال على التوسع والتجديد ، ا ستطاعت هذه القطعان أن تسيطر على قارات بكاملها في أميركا واوستراليا والأرخبيل الأندونيسي
وبهذا المنطق وهذا القانون المتوحش يحاول الصهاينة ، منذ أكثر منصف قرن ، بدعم من الرأسمال الدولي أيضاً ، القيام بنفس الدور " التارخي " القذر ، الذي قامت به قطعان المستعمرين الأوربيين ، التي انطلقت كالذئاب المتوحشة ، تفتك بعشرات الملايين من السكان الأصليين ، حيثما امتدت جغرافيا المكان المفتوح .. بالحديد والدم والنار .. يحاول الصهاينة القيام به في فلسطين ، واضعين أمام أعينهم أقواساً جغرافية للتمدد الاستعماي الصهيوني من الرباط إلى بغداد

ولهذا ، فإن التعاطي مع الكيان الصهيوني بلغة القرارات الدولية والشرعية الدولية المتواطئة معه والحامية له ، وبلغة خيارات السلام والاحتجاجات .. هو أسلوب مفلس وخياني وجبان . فهذا الكيان القائم بالقوة والمستمر بالقوة ، لايمكن وقفه عند حده أو إلغائه إلاّ بالقوة .. بقوة مكافئة .. تواجهه وتقارعه وتنتصر عليه . وعلى ذلك ، يمكن دون تردد ، اعتبار ، أن التردي المزري والإمعان في الديكتاتورية في بناء النظام العربي ، الذي انطلق في بداية السبعينات ، والذي أفضى إلى العجز الشامل ، قد أسهم إلى حد كبير في تعزيز ميزان القوى لصالح الصهاينة ، وفتح المجال دونما حساب للغطرسة والعدوانية الصهيونية كي تنطلق وتقتل وتدمر كيفما تشاء . ما يؤكد على أن معركة التغيير الوطني الديمقراطي تشكل ضرورة مطلقة وحركة مفتاحية لخلق وضع عربي مغاير قادر على المواجهة مع الصهاينة وقادر على الانتصار

بكلام آخر ، إذا لم يحدث تغيير وطني ديمقراطي في الواقع العربي ، وعلى الأقل في البلدان العربية الأساسية ، وخاصة في سوريا ومصر ، ولم تبن الاستراتيجية العربية على هذه الحقيقة ، فإننا سنشهد المزيد والمزيد من المذابح والمجاذر والإذلال على أيدي الصهاينة ، الذين يزدادون طرداً وقاحة وبطشاً ودموية مع ازدياد هواننا وتفككنا وعجزنا

ونتيجة للواقع العربي المزري ، فإن النفاق السياسي يكاد أن يكون في الطبقة السياسية العربية كاسحاً .. هذا النفاق الذي يرتكز على معطيات مغلوطة عمداً في تحديد ميزان القوى في الصراع العربي الصهيوني ، فلا تدخل الإرادة الشعبية ولا الروح الوطنية ولاالكم البشري ولا المدى الجغرافي ، والأهم لاتدخل الثروة البترولية والرأسمال المالي العربي في الحساب ، ما يدخل في الحساب فقط هو ، أن أمريكا والغرب والشرعية الدولية الرسمية مع إسرائيل . إذن نحن لانتجاوز الصفر وزناً في هذا الميزان .. وما علينا سوى الاستسلام ، الذي ترجم بهتاناً ب " الخيار الاستراتيجي " للسلام مع العدو الصهيوني .. وقد كشفت حرب أمريكا في العراق وحرب إسرائيل في لبنان كذب هذا الزعم

إن الإنسان العربي البسيط قد حل معادلة ميزان القوى بسهولة ، عندما طرح السؤال ، لماذا لانستخدم سلاح البترول ضد العدو وضد من يقف وراءه ؟ وكم هو مفجع عندما نعرف ونتذكر ، أن أكبر دولة عربية ، في الوقت الذي يتمادى فيه الصهاينة بذبح أشقائنا في فلسطين ولبنان ويهددون كل الوطن العربي بالقنابل الذرية ، تزود دولة الصهاينة بالغاز الطبيعي لتزيد من طاقات وقدرات هذه الدولة المعادية

وإزاء هذا الواقع المخزي للأنظمة العربية ، يقف الإنسان العربي البسيط وعينه على فنزويلا التي تتحدى حامية إسرائيل .. وعلى شافيز ، الذي سحب سفيره من إسرائيل احتجاجاً على الاعتداء على لبنان ، ويدين انتهاك إسرائيل للقرارات الدولية المتعلقة بالحق الفلسطيني ، ويهدد بوش بقطع البترول عن أمريكا إذا تدخل في الانتخابات الفنزويلية القادمة .. بينما الأنظمة العربية المعترفة بإسرائيل لم تسحب سفراءها من إسرائيل .. وتمانع الدول العربية البترولية بصفاقة ا ستخدام البترول دفاعاً عن الحقوق العربية ، ولم يقدم الزعماء العرب " الأماجد " رداً على ا ستغاثات نساء وأطفال وضحايا بيت حانون .. وقبلها ا ستغاثات نساء وضحايا وأطفال غزة
التي تقاتل وظهرها إلى الجدار منذ عدة أشهر .. سوى الاحتجاج والتنديد

إن الاستغاثات النابعة من القلوب الجريحة .. المحروقة حزناً وألماً ودماً .. لاتطلب من بشار الأسد وحسني مبارك وعبد الله الأردني وعبد الله السعودي ومحمد السادس .. وغيرهم .. من " الزعماء " العرب .. لاتطلب إصدار التصريحات الاحتجاجية ، إنها تطلب منهم رمي راية الاستسلام البيضاء للعدو الصهيوني ولأسياده الأمريكان ، واتخاذ قرارات ومواقف مواجهة جدية مع العدو .. تبدأ من الإفراج عن شعوبهم السجينة خلف قضبان القهر والاستبداد ، وإعادة اللحمة الوطنية والقومية ، وتوظيف الطاقات السياسية والاقتصادية وفي مقدمتها البترولية والمالية ، ووضع القوات المسلحة قيد الاستعداد والاستنفار للرد العملي الوحيد على المجازر واغتصاب الرض .. وإذلال الإنسان الفلسطيني والعربي .. إنها تطلب من القوى السياسية العربية كافة النزول إلى الشارع .. بكل ما يعني النزول إلى الشارع من رفض للأنظمة الخانعة المستسلمة المتواطئة ومن الانخراط في خندق المواجهة ضد العدو الصهيوني ، وخلق معادلات توازن جديدة .. وقوانين قوة جديدة تلغي الظلم التاريخي لشعب فلسطين والظلم الذي يهدد شعوب البلدان العربية الأخرى

يقول مثل سائد في حي شعبي عشائري في مدينة حلب شمال سوريا " إن لم تستطع أن تقاتل .. على الأقل اصرخ " وقد آن الأوان أن نصرخ وبقوة بوجه أنظمتنا .. وبوجه الصهاينة .. وبوجه من هم وراء الصهاينة .. حتى نتمكن أن نفعل أكثر من الصراخ
إن بيت حانون لاتطلب دمعاً .. أو احتجاجات .. تطلب حبة دواء .. وكيساً من الدم .. ورغيف خبز .. تطلب حجراً .. تطلب كاتيوشا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 3 خطوات ستُخلّصك من الدهون العنيدة


.. بمسيرات انقضاضية وأكثر من 200 صاروخ.. حزب الله يهاجم مواقع إ




.. نائب وزير الخارجية التركي: سنعمل مع قطر وكل الدول المعنية عل


.. هل تلقت حماس ضمانات بعدم استئناف نتنياهو الحرب بعد إتمام صفق




.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل