الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية للفتيان صخرة آي طلال حسن

طلال حسن عبد الرحمن

2023 / 9 / 9
الادب والفن


رواية للفتيان







صخرة آي







طلال حسن












صخرة آي









إشارة : آي .. بمعنى الحب .


شخصيات الرواية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ جيزوكي ـ الصياد

2 ـ اوكوريها ـ زوجة الصياد

3 ـ آي ـ ابنة الصياد

4 ـ ساغيو ـ الأمير

5 ـ الملكة ـ أم الأمير

6 ـ الرجل الضخم








" 1 "
ـــــــــــــــــــ
قبل غروب الشمس ، عاد جيزوكي من عرض البحر ، بقاربه الصغير المتهالك ، وقد اصطاد عدة سمكات متوسطة الحجم ، تكفيه هو وابنته الفتية آي .
وسحب القارب بعيداً عن الماء ، وحمل السمكات ، وتلفت حوله ، أين آي ؟ إنها على غير عادتها ، لم تحضر لاستقباله ، وحمل ما اصطاده من أسماك .
واتجه بخطواته ، التي أثقلها التعب ، إلى الكوخ الصغير ، الذي يختبىء يبين الأشجار ، عن عيون الفضوليين والقراصنة والأشرار ، لابدّ أن ابنته آي ، تعد له الطعام في الكوخ ، فهي تعرف أنه يحب الطعام الساخن ، ولا يطيقه إذا برد .
وحين دخل جيزوكي الكوخ ، وجد قدر الطعام على النار الخابية ، لكنه لم يجد أثراً لابنته الفتية آي ، ترى أين هي ؟ من يدري ، لعلها في المزرعة الصغيرة ، التي أنشأها هو وزوجته الراحلة اوكوريها .
وعلى الفور ، وضع السمكات جانباً ، وخرج من الكوخ قاصداً المزرعة الصغيرة ، لكن ها هي المزرعة ، ولا وجود فيها لابنته الفتية آي .
وتلفت حوله ، لعله يرى آي في مكان قريب ، لكنه لم يرَ لها أي أثر ، ولمعت في ذهنه زوجته اوكوريها ، آه لعلها ذهبت لزيارة أمها ، يا للبنية الحبيبة ، كم هي عاطفية ، لم تنسَ أمها ، ولن تنساها ، رغم أنها كانت طفلة ، عندما مرضت أمها ، ورحلت عن هذا العالم .
وأسرع جيزوكي إلى قبر زوجته اوكوريها ، الذي اختارته هي نفسها ، فوق مرتفع مشجر يطل على البحر ، لكن آي لم تكن هناك أيضاً .
وتوقف جيزوكي على المرتفع ، وعيناه تطوفان فيما حوله ، ثم توقف متنهداً ، آه لم يبقَ إلا مكان واحد ، الصخرة ، صخرة آي ، المطلة على البحر ، وأسرع إليها ، رغم شعوره بالتعب ، وشعر بالارتياح حين رآها تجلس على الصخرة ساكنة كأنها تتعبد .
واقترب جيزوكي منها ، وجلس إلى جانبها ، دون أن ينبس بكلمة ، وما إن شعرت به ، حتى التفتت إليه ، وقالت : أبي !
وتنهد جيزوكي ، وقال : بحثت عنك في كلّ مكان ، ولكن فاتني أنك هنا ، فوق هذه الصخرة ..
وصمت لحظة ، ثم قال : أمك كانت تجلس هنا ، فوق هذه الصخرة .
وبصوت حزين ، قالت آي : آه .. أمي .
وطفت على شفتي جيزوكي ابتسامة حزينة ، وقال : كانت تنتظر عودتي من عرض البحر ، في قاربي الصغير ، وفيه ما اصطدته من السمك .
ونظرت آي إلى أبيها ، وقالت : أنا أيضاً أنتظر .
وصمتت آي ، وأحس جيزوكي بالحزن الذي يرشح من صوتها ، وقال : بنيتي ، أنت شابة الآن .
وران عليهما صمت حزين ، ومن بعيد كان قرص الشمس ، يدخل مثواه في أعماق البحر ، فنهض جيزوكي ، وخاطب ابنته قائلاً : الظلام سيحل بعد قليل ، هيا نمضِ إلى الكوخ .
ونهضت آي ، وسارت إلى جانب أبيها ، وقالت له : لقد أعددت ما تحبه من طعام .
فقال جيزوكي : رأيت القدر في الموقد .
وقالت آي : أنت تحب الطعام اللذيذ ساخناً .
والتفت إليها مبتسماً ، وقال : مهما كان الطعام لذيذ ، فلن يطيب لي أن آكله إلا وأنت قبالتي .







" 2 "
ــــــــــــــــــ
بعد أن تناولا العشاء ، ورتبت آي أواني الطعام ، نظرت إلى الموقد ، الذي كادت النار أن تخمد فيه ، ثمّ قالت لأبيها : لا أظن أننا بحاجة إلى النار .
فردّ جيزوكي : نعم ، الجو دافىء اليوم ، لقد انتهى الشتاء ، وبدأت أولى بشائر الربيع .
وجلست آي في فراشها ، وقالت : ليتك ترقد في فراشك يا أبي ، أنت متعب ، وستذهب غداً للصيد مبكراً .
فقال جيزوكي : لن أذهب غداً للصيد ، سأبقى وأرعى المزرعة ، وأنظفها من الأعشاب .
وتمددت آي في فراشها ، فقال جيزوكي : نامي أنتِ ، سأبقى قليلاً في الخارج ، إنني لا أشعر بالنعاس .
وسحبت آي الدثار فوقها ، وقالت : تصبح على خير .
فمضى جيزكو إلى الخارج ، وهو يقول : تصبحين على خير ، تدثري جيداً .
لم تنم آي مباشرة ، رغم أن النعاس كان يثقل جفنيها ، وانتظرت أن يعود أبوها ، ويرقد في فراشه ، لكنه تأخر ، لابدّ أن هناك ما يشغله ، وماذا يشغله عير آي نفسها ؟ وسرعان ما غلبها النعاس ، واستغرقت في النوم ، دون أن تعلم متى عاد أبوها من الخارج .
وعندما أفاقت آي صباح اليوم التالي ، لم تجد أباها في فراشه ، لابدّ أنه خرج مبكراً ، للعمل في المزرعة الصغيرة ، فنهضت من فراشها ، ومضت إلى المزرعة ، وهناك رأته فعلاً ، منهمكاً في العمل ، فحيته قائلة : صباح الخير ، يا أبي .
فرفع جيزوكي عينيه إليها ، وقال : صباح النور ، إنني أوشك أن أنتهي .
فقالت آمي : لا تستعجل ، يا أبي ، سأقطف بعض الأزهار ، وآخذها إلى أمي .
وعاد جيزوكي إلى عمله ، وهو يقول : اقطفي باقتين ، سنذهب معاً إلى اوكوريها .
وقطفت آمي باقتين من الورود البرية الجميلة ، وقدمت واحدة لأبيها ، حالما انتهى من عمله في المزرعة ، ومضيا معاً صامتين إلى قبر اوكوريها .
وبصمت ، وحزن ، وضعا باقتي الورد على القبر ، الذي نمت عليه حشائش الربيع ووروده ، ثم نظرت آي إلى أبيها ، وقالت : أبي ، إنني أحاول أن أتذكر ملامح أمي دائماً ، دون جدوى ، وهذا ما يحزنني ، آه كم أتمنى لو أراها .
ونظر جيزوكي إليها ، وابتسم لها ، ثم قال : بنيتي ، انظري في بركة ماء صافية ، وسترينها .
وصمت لحظة ، ثم قال : أنتِ تشبهينها تماماً .
ومدّ جيزوكي يده ، وأخذ يد ابنته آي ، وسارا معاً ، جنباً إلى جنب ، عائدين إلى الكوخ ، وفي الطريق ، قال جيزوكي ، كأنما يحدث نفسه : لو أن أمك معنا الآن ، لطلبت مني أن نعود من حيث أتينا .
ولاذت آي بالصمت لحظات ، ثم نظرت إلى أبيها ، وقالت : ربما كان عليكما أن تبقيا حيث كنتما .
ونظر جيزوكي إلى البعيد ، وقال : نشب قتال دموي في جزيرتنا ، خفت عل أمك ، وخافت عليّ ، فاخترنا أن نهرب من النار ، ودفعت الأمواج قاربنا إلى هذه الجزيرة ، الضائعة في هذا البحر .
وصمت لحظة ، ثم قال بصوت دامع : عشنا هنا في الجنة ، وخاصة بعد أن ولدت أنتِ ، إلى أن مرضت اوكوريها ، ورحلت ..










" 3 "
ـــــــــــــــــــ
فوجئت آي ، بعد ظهر اليوم التالي ، وهي منهمكة في إعداد طعام العشاء ، بأبيها جيزوكي يعود من عرض البحر ، دون أن يأتي بسمكة واحدة .
ورفعت آي عينيها مندهشة ، وقالت : أبي !
ومدّ جيزوكي يده المضطربة ، وأغلق الباب ، دون أن يلتفت إليها ، فتركت الطعام ، ونهضت قائلة : أبي ، أراك قلقاً ، ما الأمر ؟
وحدق جيزوكي فيها ، ثم قال : هل خرجت من الكوخ هذا اليوم ؟
فهزت آي رأسها ، وردت قائلة : لا ، لم أخرج ، فقد كنت مشغولة بإعداد الطعام .
واتجه جيزوكي إلى النافذة الصغيرة ، وأزاح عنها الستارة ، وتطلع ملياً إلى الخارج ، فقالت آي : لابدّ أن هناك شيء يقلقك ، يا أبي ، أخبرني ، ما هو ؟
ورمقها جيزوكي بنظرة خاطفة ، ثم قال لها بصوت مضطرب : فكرت أنك ، ربما ، سمعت شيئاً ، شيئاً غريباً ، يحدث في الجوار .
ولاذت أي بالصمت مفكرة ، وقد بدا في عينيها شيء من القلق ، ثم قالت : لا ، لم أسمع ما يريب ، وكل شيء كان في الخارج طبيعياً .
وصمتت لحظة ، واقتربت من أبيها ، وقالت : أخبرني ، يا أبي ، أنت تقلقني ، ماذا جرى ؟
وهزّ جيزوكي رأسه ، دون أن ينبس بكلمة ، فتابعت آي قائلة : لقد خرجت اليوم مبكراً كالعادة ، لكنك عدت قبل أوان عودتك ، ومن غير أن تأتي بسمكة واحدة ، هناك شيء لا أعرفه ، صارحني ، يا أبي ، إنني قلقة .
فنظر جيزوكي إليها ، ثم قال : عندما خرجت صباح اليوم ، إلى البحر للصيد ، لمحت من بعيد سفينة متجهة نحو جزيرتنا ..
وتمتمت آي مذهولة : سفينة !
وتابع جيزوكي قائلاً : فابتعدت عنها ، خشية أن يراني بحارتها ، ورحت أراقبها من بعيد ، لأرى ماذا سيفعلون ، إذا وصلوا إلى الجزيرة ..
وتمتمت آي وكأنها تحدث نفسها : سفينة .. وبحارة .. أمر لا يكاد يُصدق ..
وتابع جيزوكي قائلاً : وتوقفت السفينة على مسافة من الشاطىء ، وأنزل منها قارب صغير ، جلس فيه شاب دون العشرين ، وجلس قبالته رجل ضخم مدجج بالسلاح ، وجذف الرجل الضخم بقوة ، حتى وصل الشاطىء ، فنزل من القارب ، وأنزل الشاب معه .
وصمت جيزوكي ، ثم تابع قائلاً : وتوغلاً في الغابة ، وظلت السفينة في مكانها ، وأطل منها عدد من البحارة المدججين بالسلاح ..
ونظرت آي إلى أبيها ، وقالت : والرجل الضخم والشاب ، ماذا جرى لهما ؟
فردّ جيزوكي قائلاً : بعد فترة طويلة ، عاد المسلح الضخم وحده ، هذا ما خيل إليّ أنني رأيته ، واستقل القارب إلى السفينة ، وصعد إليها ، وسرعان ما أقلعت السفينة ، حتى غابت في الأفق .
ولاذت آي بالصمت حائرة ، ثم تنهدت ، وقالت : أمر لا يصدق ، يا أبي .
وأطرق جيزوكي رأسه ، ثمّ قال : أنا نفسي لا أكاد أصدقه ، يا بنيتي آي ، لكن مهما يكن ، علينا أن نكون حذرين ، فالأيام على ما يبدو .. حبلى .







" 4 "
ــــــــــــــــــ
لم يخرج جيزوكي للصيد في اليوم التالي ، ولا في اليوم الذي تلاه ، وإنما راح يترصد الشاب ، الذي رأى الرجل الضخم ، ينزله من القارب إلى الشاطىء ، ثم يتوغل به في أعماق الغابة .
وفي البداية ، اكتفى بالتجول في الجوار ، ومراقبة ما قد يجري في البحر ، أو على الشاطىء ، لكنه فيما بعد ، توغل في الغابة ، وراح يبحث في أرجائها عن ذلك الشاب ، أو أي أثر له ، لكن دون جدوى .
وعاد في مساء اليوم الثالث ، من أعماق الغابة ، إلى الكوخ متعباً ، وحين نظرت ابنته آي إليه متسائلة ، قال لها : لم أجد أي أثر للشاب .
وحولت آي عينيها عنه ، وقالت : لكنك قلت ، إنك رأيت الرجل الضخم ، يتوغل به في أعماق الغابة ، ثم عندما عاد الرجل الضخم إلى السفينة ، كان وحده .
ورفع جيزوكي كتفيه ، وقال : هذا ما رأيته ، من يدري ، لعلّ عينيّ خدعتاني .
وبعد العشاء ، نظر جيزوكي إلى ابنته ، ثمّ قال : آي ..
وردت آي : نعم أبي .
فتابع جيزوكي قائلاً : حان أن أعود للصيد ..
ثمّ ابتسم ، وقال : وإلا سنتحول إلى أرانب .
وقالت أي مدارية قلقها : كما تشاء ، يا أبي .
وتمدد جيزوكي في فراشه ، استعداداً للنوم ، وقال لابنته : لكن عليك ، يا بنيتي ، أن تغلقي الباب جيداً ، ولا تفتحيه لأحد ، حتى أعود .
واستيقظ جيزوكي مبكراً في اليوم التالي ، وتناول طعام الفطور مع ابنته آي ، وحين أراد أن يخرج ليذهب للصيد ، قال لها : بنيتي ، لا أظنك خائفة .
وحدقت آي فيه ، دون أن تبتسم ، وقالت : أنا ابنتك آي .
ومضى إلى شاطىء البحر ، حيث قاربه الصغير ، وهو يقول : حقاً أنت ابنتي .
وقبل أن تغلق آي الباب ، قالت : رافقتك السلامة .
لم تفتح آي الباب طول النهار ، بل إنها لم تقرب النافذة الصغيرة ، وتركتها مغلقة طيلة الوقت ، وإن كانت تقترب من الباب ، بين حين وآخر ، وتنصت إلى ما قد يجري في الخارج ، إلا أنها لم تسمع ما يريب .
وظلت طوال النهار ، ترتب الأثاث ، وتعيد ترتيبها ، وتتشاغل بإعداد طعام العشاء ، إلا أنها ، ربما ، لا تريد أن تفكر في الشاب ، الذي تحدث عنه أبوها ، رغم أنه لم يغب عن تفكيرها لحظة واحدة .
وجفلت حوالي العصر ، عندما سمعت الباب يُطرق ، وعلى غير عادتها ، هتفت : من بالباب ؟
وجاءها صوت أبيها : أنا ، افتحي ، يا قمر الجزيرة .
وأسرعت آي تفتح الباب ، وهي تتمتم فرحة : أبي ..
ودخل جيزوكي ، يحمل بيده عدة سمكات ، وقال لها مبتسماً : الصيد وفير اليوم ، يكفينا عدة أيام .
ومدت آي يدها لتأخذ السمك ، وهي تقول : سأنظف سمكة في الخارج ، وأشويها للعشاء .
فأبعد جيزوكي يده بالسمك ، وهو يقول : لا يا بنيتي ، سأنظفها أنا اليوم ، ولكِ أن تشويها .
فابتسمت آي ، وقالت : آه منك ، يا أبي .














" 5 "
ـــــــــــــــــ
جلست آي ، وأبوها جيزوكي ، متقابلين ، حول طعام الإفطار ، وراحا يأكلان صامتين ، ثم رمقت آي أباها بنظرة خاطفة ، وقالت : يبدو أنك لن تخرج إلى البحر هذا اليوم ، يا أبي ، رغم أن الجو ملائم للصيد .
وردّ جيزوكي ، وهو يأكل : ولن أخرج غداً ، وربما لن أخرج بعد غد أيضاً .
وهمهت آي : هم م م م ..
وكأنها تقول ، إنها تعرف السبب .
ونظر جيزوكي إليها ، وابتسم قائلاً : أعرفك تحبين الفطر ، يا آي .
وابتسمت آي فرحة ، وقالت : نعم ، أحبه جداً .
فقال جيزوكي : سأخرج بعد الإفطار ، وأجني لك ما تريدينه من الفطر من الغابة .
فنظرت آي إليه ، وقالت مازحة : أنا أخاف عليك من السير وحيداً في الغابة ، يا أبي .
وردّ جيزوكي مبتسماً : آي ..
فقالت آي بحماس : مهما يكن ، لن أدعك تذهب وحدك إلى الغابة ، سآتي معك .
وخرجا معاً من الكوخ ، بعد أن فرغا من تناول طعام الإفطار ، وسارت آمي ، لكن جيزوكي لم يلحق بها ، إلا بعد أن أغلق باب الكوخ .
وسارا جنباً إلى جنب ، متجاوزين مزرعتهما الصغيرة ، متجهين نحو أعماق الغابة الواسعة ، تاركين وراءهما البحر ، الذي يمتد إلى ما لا نهاية .
وتلفتت آي حولها فرحة ، وهتفت قائلة : آه ما أروع الجو هذا اليوم ، يا أبي .
وتنشق الأب الهواء ملء صدره ، وهتف محاكياً ابنته آي : إنه الربيع ، يا آي .
وتوغلا في الغابة ، التي مسها الربيع بعصاه السحرية ، فبث الأزهار في كل مكان ، وأطلق فوقها أفواج من النحل والفراشات ، ومنح الأشجار ، التي أخلق الشتاء كساءها ، ثياباً جديدة زاهية الخضرة .
لكن الربيع وبهرجته ، لم يخفِ عن آي ، توجس أبيها وقلقه ، التي تعرف بواعثه ، ورغم ذلك ، سار أبوها إلى جانبها ، دون أن يتلفت .
وتوقف جيزوكي ، وأشار إلى ما حوله على الأرض ، وقال : أي ، انظري ، الفطر هنا كثير ، فلنجنِ منه ما يكفينا لهذا اليوم ولغد أيضاً .
وحدقت آي فرحة ، في الفطر الذي حولها ، وهتفت قائلة : فلنجنِ الكثير ، لا أطيب من الفطر .
وانهمكا في جني الفطر ، ولاحظ جيزوكي أن آي تبتعد عنه قليلاً ، فهتف بها : آي ، لا تبتعدي عني ، أريد أن أضع ما أجنيه من فطر في سلتك .
وهمهمت آي ، إنها تعرف السبب ، وهي نفسها لا تريده أن يكون بعيداً عنها للسبب نفسه ، وتوقفت أي أمام فطر ذا ألوان زاهية ، وقالت : يا لجمال هذا الفطر .
ونظر جيزوكي حيث تنظر آي ، وقال لها : هذا جمال قاتل ، يا بنيتي ، إنه فطر شديد السمية ، إياك وأن تأكلي منه ، مهما كنت جائعة .
وانهمكا ثانية في جني الفطر ، من بين الأشجار ، حتى امتلأت السلة تقريباً ، فرفعت آي رأسها ، وقالت : كفى ، يا أبي ، لقد امتلأت السلة .
فتوقف جيزوكي ، وقال : حسناً ، لنعد إذن .
وقفلا عائدين ، يسيران جنباً إلى جنب ، وآي تحمل سلة مليئة تقريبا بالفطر ، دون أن ينتبها مرة واحدة ، إلى أنهما كانا طول الوقت ، مراقبين من الشاب الفتيّ ، الذي يتخفى وراء إحدى الأشجار الضخمة .







" 6 "
ــــــــــــــــــ
في مساء اليوم التالي ، جلست آي وأبوها يتناولان طعام العشاء ، وأي عشاء ، سمكة شوتها آي بطريقتها المميزة ، ومعها بعض الفطر اللذيذ .
وانحنى جيزوكي قليلاً على السمكة ، واستنشق ملء صدره ، روائحها التي تثير الشهية ، وقال : آه ما أشهى هذه السمكة ، وخاصة بعد عمل في المزرعة .
ورمقت آي أباها ، بنظرة ذات معنى ، ثم قالت : هذه آخر سمكة ، يا أبي .
وهزّ جيزوكي رأسه ، وقال : هذا يعني ، أنك مللت مني يا ابنتي آي ، وأنك تريدين إرسالي يوم غد إلى عرض البحر ، وابقائي طول اليوم بعيداً عن الكوخ .
وابتسمت آي ، وقالت : هذا إذا لم ترد أن نكون أرانب ، منذ يوم غد .
فمال جيزوكي عليها ، وقال : هناك بديل ..
وحدقت جيزوكي به ، وقالت : ما هو ؟
فرد جيزوكي قائلاً : أن أصطاد لك أرنباً .
وعلى الفور ، قالت آي : كلا .
وضحك جيزوكي ، وقال : الأرانب والطيور ليست للأكل ، هذا شعارك .
وقالت آي : ويجب أن يطبق .
ونظر جيزوكي إلى السمكة المشوية ، وقال : من حسن الحظ ، أن السمك ليس من ضمن الشعار ، وإلا صرت أرنباً ، هيا نأكل .
ومدّ جيزوكي يده إلى السمكة المشوية ، وقبل أن يقطع شيئاً منها ، توقف وقلبه يخفق بشدة ، إذ ارتفع من الباب نقر غريب ، وشهقت آي خائفة : أبي ..
وقال جيزوكي يطمئنها : لا تخافي ، لعلها الريح .
لكن ما سمعاه ، لم يكن الريح ، فقد ارتفع النقر على الباب ثانية ، وبصوت أعلى قليلاً ، فنهض جيزوكي ، وقال لآي : ابقي في مكانك ، سأنظر ما الأمر .
وفتح الباب بحذر ، وفوجىء بالشاب يقف صامتاً تحت ضوء القمر ، ومن مكانها هتفت آي بصوت خائف : من بالباب ، يا أبي ؟
وجاءها صوت فتيّ لم تسمه من قبل : ضيف .
وخفق قلب آي بشدة ، لكنها اطمأنت قليلاً ، عندما سمعت أباها يقول : أهلاً بالضيف ، أهلاً ومرحباً .
وجاءها صوت الشاب يقول : عفواً للإزعاج .
فقال جيزوكي : تفضل إلى الداخل .
وتنحى قليلاً ، وعلى ضوء القنديل الخافت ، رأت آي الشاب ، الذي تحدث عنه أبوها ، يجتاز الباب ،ويحييها قائلاً : طاب مساؤك .
ونهضت آي مضطربة ، وقالت بصوت حيي : طاب مساؤك ، أهلاً ومرحباً بك .
وأغلق جيزوكي الباب ، وخاطب الشاب قائلاً : تفضل ، وتناول معنا طعام العشاء .
وجلس الشاب قريباً من السمكة المشوية ، وقال : يبدو أنه عشاء شهي ، سمكة وفطر .
وجلست آي ، وإلى جانبها جلس جيزوكي ، وقال : هذا العشاء أعدته ابنتي آي .
وابتسم الشاب ، ومدّ يده إلى السمكة المشوية ، وقطع شيئاً منها ، وهو يقول : هذا أول عشاء حقيقي أتناوله على هذه الجزيرة .
وتوقف عن وضع الطعام في فمه ، ونظر إلى جيزوكي ، ثم إلى آي ، وقال بصوت متردد : ربما تتساءلون من أنا ، وكيف جئت إلى هذه الجزيرة ، و ..
وقاطعه جيزوكي بلطف قائلاً : ستبرد السمكة المشوية ، هذا أمر يعود لك ، تفضل كلْ الآن .




" 7 "
ـــــــــــــــــ
على ضوء القنديل الخافت ، بعد العشاء ، جلس كلّ منهم على فراشه ، وقد ران الصمت فوقهم ، ورمق جيزوكي الشاب بنظرة سريعة ، ثم قال : أرجو أن تكون جزيرتنا قد راقتك .
ونظر الشاب إليه ، وقال : راقتني جداً ، فهي جزيرة جميلة ، وتبدو آمنة .
وقالت آي : نعم ، إنها رائعة جداً .
وقال جيزوكي : جزيرتنا آمنة فعلاً ، وهي خالية من الحيوانات الضارية المفترسة .
وصمت لحظة ، ثم نظر إلى الشاب ، وقال : هذه الجزيرة لم يكن فيها أحد غيرنا .
وابتسمت آي ، وخاطبت الشاب قائلة : والآن جئت أنت ، من عالم آخر .
وتمتم الشاب محرجاً : نعم ، جئت ، جئت إلى جزيرتكم ، وأرجو أن لا أثقل عليكم .
فقال جيزوكي : لا يا بنيّ ، الجزيرة ليست لنا ، إنها للجميع ، ونحن في الحقيقة لجأنا إليها ، أنا وزوجتي ، قبل أن تولد ابنتي آي .
وتلفت الشاب حوله ، ثم نظر باتجاه الخارج ، وقال : يبدو لي ، أن الجو في الخارج ، مريح الآن .
وسارعت آي لتأييده ، فقالت : نعم ، مريح جداً ، خاصة وأن القمر ، بدر اليوم فوق الجزيرة .
ونهض جيزوكي ، وقال : مادام الأمر كذلك ، لنمضِ إلى الخارج ، ونبقَ هناك بعض الوقت .
وفتح الباب ، ومضى إلى الخارج ، فنهضت آي والشاب ، ولحقا بجيزوكي ، ووقفوا جميعاً في العراء ، تحت أشعة القمر ، الذي كان يطل من أعالي السماء .
وبعد صمت طويل ، تنهد الشاب ، وقال : لابد أنكم تتساءلون من أنا ، ومن أين أتيت ..
لم ينبس جيزوكي بشيء ، لكن آي نظرت إلى الشاب ، وقالت : أبي رآك ، حين نزلت من سفينة ، إلى قارب صغير ، بصحبة رجل ضخم مدجج بالسلاح ..
وقال الشاب : نعم ، إنه الربان .
وتابعت آي قائلة : وقال أبي ، بأنكما توغلتما معاً في الغابة ، وبعد حين عاد الرجل الضخم وحده ، وصعد إلى السفينة ، التي رحلت بعيداً عن الجزيرة .
ولاذ الشاب بالصمت لحظة ، ثم قال : نعم ، هذا ما حدث ، عاد الربان ومن معه في السفينة من حيث أتوا ، وبقيت أنا وحدي على هذه الجزيرة .
وصمت الشاب ، فقالت آي : لعلك ابنه ، ذلك الربان ، أو بحار من بحارته ، أو ..
وصمتت آي لحظة ، ثم قالت ، وهي تتأمل الشاب : لكن ملابسك هذه ، لا تدل على أنك بحار ..
وقال الشاب : نعم ، هذه الملابس ، أعطاني إياها الربان ، حين أنزلني على هذه الجزيرة .
وهمت آي أن تواصل الكلام ، فقاطعها جيزوكي قائلاً : بنيتي ، ضيفنا متعب ، وأمامنا الأيام طويلة لنتبادل الحديث فيما بيننا .
ونظرت أي إلى الشاب ، وقالت : عفواً .
فقال الشاب : لا ، أسعدني جداً الحديث معكما ، أنا اسمي .. ساغيو .
وران الصمت فوقهم ، يشاركهم فيه الليل والقمر والبحر ، الذي بدا في الليل ، هادئاً ، ساجياً ، تحت أشعة القمر الشاحبة الباردة .
ونظر الشاب إلى جيزوكي ، وقال : ربما حان وقت النوم ، تفضلا إلى كوخكما ، وسأذهب أنا ..
ونظرت آي إلى جيزوكي ، وقالت : أبي ..
وحتى قبل أن تنهي آي من كلامها ، قال جيزوكي : لن ندعك تنام في العراء ، تعال ونم معنا في الكوخ ، ريثما ندبر لك مكاناً آمناً تأوي إليه .



" 8 "
ــــــــــــــــــ
خرج الشاب من الكوخ ، بعد أن تناول طعام الإفطار مع آي وجيزوكي ، وأزاح جيزوكي ستارة النافذة ، وراح يتطلع إلى الخارج ، فخاطبته آي قائلة : أبي ..
ولعل جيزوكي أدرك ، ما أرادت أن تقوله آي ، فقاطعها قائلاً : اطمئني ، لن أخرج اليوم لصيد السمك ، وإنما سأبقى هنا في الكوخ .
وتنهدت آي مطمئنة ، وابتسمت لأبيها ، وقالت : لا بأس أن نكون أرانب هذا اليوم .
وتوقف جيزوكي عند الباب ، وقال : لديك بعض الفطر ، الذي جنيناه البارحة من الغابة ، ويمكنك أن تأتي بالخضار الذي تحبينه من المزرعة .
واقتربت آي منه ، ونظرت إليه ، وقالت : هذا الشاب ، يبدو إنساناً طيباً .
وردّ جيزوكي قائلاً : هذا ما يبدو ..
وسكت لحظة ، ثم قال : لكن وراءه سرّ .
ولاذت آي بالصمت ، فقال جيزوكي : لن نسأله عن سره
، مهما كان ، هذا شأنه ، ولن نتدخل فيه .
ولاذت آي بالصمت لحظة ، ثم اتجهت إلى الخارج ، وهي تقول : سأذهب إلى المزرعة ، وآتي بما نحتاجه من الخضار .
وفتحت الباب ، لتفاجأ بالشاب يقف متطلعاً إلى الغابة ، وما إن رآها ، تحمل السلة في يدها ، حتى قال لها : لابدّ أنك ستذهبين إلى المزرعة .
وهزت آي رأسها ، وقالت : نعم ، سأجني بعض الخضار للغداء .
واقترب الشاب منها ، وقال بصوت هادىء : سأرافقك ، إن لم يكن لديك مانع .
وسارت آي ، وقالت : هذا يسرني ، تفضل
ولحق الشاب بها ، وسار إلى جانبها ، ورمقها بنظرة خاطفة ، ثم قال : أرجو أن تسامحاني ..
ونظرت آي إليه مندهشة ، فتابع قائلاً : قبل أن ألجأ إليكما في الكوخ ، أخذت بعض الخضار ، من مزرعتكم الصغيرة ، دون علمكم .
وضحكت آي ، فقال الشاب : جعت في الأيام الأولى ، من وجودي في الغابة ، وحين رأيت المزرعة ، شعرت أنني وقعت على كنز .
وقالت آي : وأكلت الخضار نيئاً ؟
فقال الشاب : بشهية كبيرة .
وحين وصلا المزرعة ، جنت آي بعض الخضراوات ، ووضعتها في السلة ، ثم قالت للشاب : لنعد إلى الكوخ ، عليّ أن أعد الطعام للغداء .
وقفلا عائدين ، وفي الطريق ، قالت آي : يبدو أنك غير متعود على الحياة ، في مثل هذه الجزيرة .
فردّ الشاب قائلاً : نعم ، أنت محقة .
وصمت لحظة ، ثم قال : لقد أبديت البارحة ، ملاحظة عن ملابسي ، الحقيقة إن هذه الملابس ، لم يعطني إياها الربان ، وإنما هي ملابسي .
وابتسمت آي ، وقالت : عرفت أنك لست بحاراً .
وهزّ الشاب رأسه ، لكنه لم ينبس بكلمة ، فقالت آي : لا تقل أي شيء ، لا تريد قوله .
ونظر الشاب إليها ، ثم قال : إنني أثق بك ، وسأحثك عن كل شيء ، في الوقت المناسب .
فقالت آي : أشكرك .
وصمتت آي لحظة ، ثم قالت : بالنسبة لنا ، جاء أبي وأمي وحدهما إلى هنا ، وعاشا سعيدين ، وخاصة بعد ولادتي ، لكن سرعان ما مرضت أمي ورحلت ، وبقيت أنا وأبي وحدنا في هذه الجزيرة .




" 9 "
ـــــــــــــــــ
فوجئت آي وأبوها جيزوكي ، حين استيقظا من النوم صباحاً ، بعدم وجود ساغيو في فراشه ، وتلفتت آي حولها ، وتساءلت : ترى أين مضى ساغيو ؟
لم ينبس أبوها بكلمة ، وإنما نهض ، وفتح الباب ، وأطل برأسه على الخارج ، وأطال النظر حوله ، ثم قال : لعله مضى يتجول في الغابة .
ونهضت آي بدورها ، وقالت : سأعد طعام الإفطار ، وننتظره ، لعله يعود قريباً .
وأعدت آي طعام الإفطار ، وانتظرت هي وأبوها ، لكن دون جدوى ، وأخيراً قال جيزوكي : بنيتي ، لنفطر الآن ، فعليّ أن أذهب إلى المزرعة ، وأعمل فيها .
ونظرت آي عبر النافذة الصغيرة ، ثم قالت : لننتظر بعض الوقت ، يا أبي ، لعله يأتي .
وابتسم جيزوكي ، وقال : كما تشائين .
وانتظرا بعض الوقت ، لكن ساغيو لم يأتِ ، ونظر جيزوكي إلى آي ، فقالت : حسناً ، لنفطر وحدنا ، ونترك فطوره جانباً ، ليتناوله متى عاد .
وتناولا فطورهما صامتين ، وحين انتهيا من تناول الفطور ، نهض جيزوكي ، ومضى إلى المزرعة الصغيرة ، وظلت آي تتشاغل داخل الكوخ ، وتنتظر بصبر نافد عودة ساغيو .
وعند حوالي منتصف النهار ، سمعت آي وقع أقدام في الخارج ، هذا ليس أبوها ، وانتفضت إلى الباب ، الذي تركته مفتوحاً ، وفوجئت بساغيو يدخل عليها ، وهو يحمل بين يديه خشفاً صغيراً .
وتوقفت آي مندهشة ، ونظرت إلى الخشف ، وقالت : آه .. يا للخشف الجميل .
وفرح ساغيو لفرح آي ، وقال لها : لن نأكل اليوم فطراً وخضراوات ، وإنما سنأكل هذا الخشف .
وتراجعت آي عابسة ، وقالت مصدومة : ماذا !
فرد ساغيو قائلاً : لحم الغزال لذيذ ، يا آي .
فقالت آي : هذا الخشف ليس ملكاً لنا ..
وقال ساغيو متعجباً : أنا اصطدته ، فهو ملكي .
وتابعت آي قائلة : إنه ملك أمه ، وسيبقى ملكاً لها ، وليس لأحد غيرها .
ولاذ ساغيو بالصمت حائراً ، وفي الأثناء ، لاحت غزالة خارج الباب ، وتوقفت تنظر إلى صغيرها ، ثم صاحت بأعلى صوتها : ماااااء .
فأخذت آي الخشف من ساغيو ، وخرجت به من الكوخ ، ووضعته قريباً من الغزالة ، وسرعان ما ركض الخشف إليها ، وهو يمأمىء فرحاً ، فانطلقت به أمه مهرولة صوب أعماق الغابة .
وعادت آي إلى الداخل ، فرمقها ساغيو بنظرة حزينة ، وقال : عفواً ، أردت أن أفرحك ، لكن للأسف ..
وقاطعته آي : نحن هنا لا نؤذي مثل هذه الكائنات .
ولاذ ساغيو بالصمت ، فتابعت آي قائلة : انتظرناك لتفطر معنا ، لكن أبي كان يريد الذهاب إلى المزرعة ، ففطرنا أنا وهو .
وقدمت له الإفطار ، فقات : عفواً ، لست جائعاً .
ولاذت آي بالصمت محرجة ، ثم قالت له : لنخرج ونتمشى على الشاطىء ، الجو هناك مريح .
وخرجا يتمشيان على الشاطىء ، ومن بعيد ، لاحت الصخرة المطلة على البحر ، والتي كان أبوها يسميها " صخرة آي " ، فقالت آي : إنني متعودة على الجلوس فوق تلك الصخرة ، تعال نجلس عليها الآن ، ونتأمل البحر معاً .







" 10 "
ــــــــــــــــــــ
أحب ساغيو الصخرة ، ربما لأنها صخرة آي ، أو لأنها تطل على البحر ، وراح يتردد عليها ، وخاصة بصحبة آي ، التي غدا لا يكاد يفترق عنها .
وذات مرة ، وهما جالسان فوق الصخرة ، عند حوالي المساء ، نظر الشاب إلى آي ، وقال لها : يبدو لي ، يا آي ، أن الجلوس هنا ليلاً ، رائع جداً .
وابتسمت آي ، وقالت : وخاصة إذا كان الليل مقمراً .
وشع الفرح في عيني ساغيو ، فتابعت آي قائلة : لنجرب هذا ، عندما يكتمل القمر ، ويصير بدراً .
وخلال هذه الفترة ، راح جيزوكي يأخذ ساغيو معه إلى المزرعة ، ويحاول أن يعلمه بعض الأعمال الزراعية غير المتعبة ، كما أخذه مرات إلى عرض البحر ، وأشركه معه في صيد السمك .
وحدث ذات مرة ، أن اصطاد سمكة ، أم أنها هي التي اصطادته ؟ وعاد إلى الكوخ فرحاً ، وهتف بآي ، وهو يريها السمكة : أي ، انظري ، اصطدت سمكة .
ونظرت آي إلى أبيها ، فهز رأسه موافقاً ، وقال : نعم ، هو الذي اصطادها .
وحدق ساغيو في سمكته ، وقال : صحيح إنها ليست كبيرة ، لكنها .. البداية .
وأخذت آي السمكة منه ، وقالت : لنحتفل اليوم لصيدك الأول ، ونقيم وليمة بهذه السمكة .
وبالفعل شوت آي السمكة ، ومعها شوت سمك مما اصطاده أبوها ، وأعدت شيئاً من الفطر ، وجلسوا بعد غروب الشمس ، يحتفلون بذلك الصيد .
وبين حين وآخر ، عندما لا يكون ساغيو موجوداً ، كانت آي تسأل أباها : كيف هو ؟ ساغيو .
فيحاول جيزوكي أن يجيبها ، وقال لها مرة : إنه يتقدم ، ولكن ببطء ..
ونظرت آي إليه صامتة ، فقال وهو يكتم ابتسامته : الحقيقة ، يبدو أنه لم يخلق ، للعمل لا في للزراعة ، ولا للصيد في البحر .
ولاذت آي بالصمت لحظة ، ثم نظرت إلى أبيها ، وقالت : سيتعلم ، يا أبي ، نعم سيتعلم .
ومع الأيام ، ألف جيزوكي ساغيو ، وازدادت ثقته به ، فتركه على حريته مع ابنته آي ، حتى أنه كان يذهب للمزرعة ، أو للصيد في البحر ، ويترك الشاب مع آي وحدهما في الكوخ .
وراحت آي ، في مثل هذه الحالة ، تأخذ ساغيو إلى شاطىء البحر ، أو صخرتها ، صخرة آي ، وتستمع إليه ، وهو يتحدث في ما يريد هو التحدث عنه .
وفيما كانا يجلسان فوق الصخرة ذات يوم ، قال ساغيو لآي : لاحظت أنك تحبين الأزهار .
وابتسمت آي ، وقالت : نعم أحبها جداً ، والغابة مليئة بالأزهار الرائعة ، وخاصة في فصل الربيع .
وقال ساغيو : لكن هناك أزهار أروع ، وأكثر تنوعاً ، تزرع في الحدائق .
وصمت لحظة ، ثم قال وكأنه يحدث نفسه : كانت لنا حدائق .. حدائق كثيرة ..
وصمت طويلاً ، ثم نظر إلى آي ، وقال : ما رأيك أن ننشىء حديقة ، حديقة صغيرة ، قرب الكوخ ؟
وابتسمت آي فرحة ، فتابع ساغيو قائلاً : ونزرع فيها ، أنا وأنت ، أزهاراً مختلفة .
وصمت ساغيو ، وقد تراجعت ابتسامته حتى اختفت ، ثم قال وكأنه يحدث نفسه : لكن .. للأسف .. ليس لدينا بذور ، لا حديقة بلا بذور .





" 11 "
ــــــــــــــــــــ
أوى جيزوكي إلى فراشه ، بعد العشاء ، ونظر إلى ابنته آي وساغيو ، وخاطبهما قائلاً : إنني متعب ، سأنام ، تصبحان على خير .
وردا عليه : تصبح على خير .
وجلست آي ، وكذلك ساغيو ، كلّ في فراشه ، ولم يتمدد أيّ منهما استعداداً للنوم ، ولمعت عينا ساغيو ، ونظر الى آي ، وهمس لها : القمر الليلة بدر .
ولمعت عينا آي ، لكنها لم تجب بشيء ، فنهض ساغيو من فراشه ، وتسلل إلى الخارج ، وسرعان ما نهضت آي ، ولحقت به .
ووقفا جنباً إلى جنب ، قريباً من شاطىء البحر ، تحت ضوء القمر ، الذي كان يطل عليهما من أعالي السماء ، وقالت آي : آه ما أجمل القمر ، حين يكون بدراً .
ونظر ساغيو إليها مبتسماً ، وقال : سيكون أجمل ، إذا جلسنا معاً فوق صخرتك .
وضحكت آي ، وقالت : صخرتي ؟
فردّ ساغيو قائلاً : هذا ما يقول أبوك ، صخرة آي .
ومدّ ساغيو يده ، وأمسك يدها ، وانطلق بها فرحاً ، وهو يقول : علينا أن لا تفوت هذه الفرصة ، هيا نذهب ، ونجلس فوق صخرة آي .
ولم تمضِ إلا دقائق ، حتى كانا جالسين ، جنباً إلى جنب ، فوق صخرة آي ، المطلة على البحر ، والقمر المضيء يطل عليهما من أعالي السماء .
وطال الصمت بينهما ، وما أجمله من صمت ، وأخيراً قطعته آي قائلة : ساغيو ..
ونظر ساغيو إليها ، دون أن ينبس بكلمة ، فتابعت آي قائلة : منذ أيام ، وأنت على ما يبدو ، تريد أن تقول لي شيئاً ، ولعله شيء مهم ، قله الآن .
والتفت ساغيو إليها ، وقال : نعم ، أردت أن أصارحك ، وسأصارحك ..
وصمت كأنما يستجمع قواه ، وقال : أنا أمير .
وشهقت آي : أمير !
وتابع سلغيو قائلاً : ابن ملك .
وتمتمت آي : عرفت أنك لست إنساناً عادياً .
وقال ساغيو : مات أبي في ظروف غامضة ، وصرت أنا الملك ، لكني كنت قاصراً ، فأصبح عمي وصياً عليّ ، أي أنه أصبح هو .. الملك .. المؤقت .
وصمت ساغيو ، ثم قال : وتوجست أمي خيفة ، وكان خوفها في محله ، إذ سرعان ما ظهرت أطماع عمي على حقيقتها ، فأمر قائد حرس القصر ، أن يأخذني إلى جزيرة بعيدة ، ويقضي عليَّ ..
وصمت ساغيو مرة أخرى ، ثم قال : لكن رئيس حرس القصر ، كان مخلصاً لأبي ، وقد تربيت في حمايته ، فجاء بي إلى هنا ، وكما ترين لم يقضِ عليّ .
وتمتمت آي : يا للإنسان ، إنه أسوأ من الوحوش .
وقال ساغيو بصوت حزين ، كأنما يحدث نفسه : ما يؤلمني ، ويقض مضجعي ، هو أمي ، أمي المحبة ، ترى ماذا جرى لها ، وأنا بعيد عنها ، دون أن تعرف حقيقة مصيري ؟
وصمت ساغيو لحظة ، ثم قال بصوت حزين دامع : من يدري ، ربما قال لها عمي ، إنني غرقت ، أو افترستني وحوش الغابة ، حين خرجت للصيد .
فنظرت آي إليه ، وقد غرقت عيناها بالدموع ، وقالت بصوت حزين : هذا أمر مؤلم ، آمل أن تعود إلى أمك في يوم ما ، و ..
وهزّ ساغيو رأسه ، وقال : هذا مستحيل .






" 12 "
ــــــــــــــــــــ
أفاق جيزوكي مبكراً ، ونهض من فراشه ، وتسلل إلى خارج الكوخ ، وهمّ بالتوجه صوب الشاطىء ، حيث قاربه الصغير ، حين لحقت به ابنته آي ، وهتفت به بصوت خافت : أبي ..
والتفت جيزوكي إليها ، وقال لها : بنيتي ، الوقت مازال مبكراً ، عودي إلى فراشك .
فقالت آي : ليتك تبقى اليوم ، ولا تذهب للصيد ، لديّ أمر ، لابدّ أن أحكيه لك .
وحدق جيزوكي فيها مندهشاً ، وقال : يبدو أن هذا الأمر مهم للغاية ، احكيه ، إنني أسمعك .
وأمسكت آي يد أبيها ، وسارت به على رمال الشاطىء ، وهي تقول : تعال ، سأحكيه لك .
وسار جيزوكي إلى جانب آي ، وهو يصغي إليها صامتاً ، فحكت له كلّ ما حدثها به ساغيو ، ليلة أمس وهما جالسين على الصخرة ، فتوقف جيزوكي ، وقال مذهولاً : آه هذا أمر مهول ، ماذا نفعل الآن ؟
وقبل أن تجيب آي بشيء ، لمحت ساغيو يخرج من الكوخ ، وما أن وقعت رآهما ، حتى أقبل عليهما ، وخاطبهما قائلاً : طاب صباحكما .
فردا عليه معاً : طاب صباحك .
وتلفت ساغيو حوله مبتسماً ، ونظر إلى جيزوكي ، وقال : هذا يوم مناسب لصيد السمك ، الشمس ساطعة ، والبحر هادىء جداً .
وتبادل جيزوكي نظرات قلقة حائرة ، دون أن ينبس أيّ منهما بكلمة واحدة ، فخاطب ساغيو جيزوكي قائلاً بصوت مرح : أريد أن آتي معك اليوم ، لعلي أصيد سمكة كبيرة ، وأهديها لآي .
ونظر جيزوكي إليه متردداً ، وقال بصوت خافت : عفواً ، كان هذا ليشرفني ، لكني لن أخرج اليوم للصيد في البحر ، يا مولاي .
واتسعت عينا ساغيو ذهولاً ، ورمق آي بنظرة سريعة ، ثم قال : مولاي !
وران عليهم صمت متوتر ، وحدق ساغيو في آي ، فقالت معتذرة : عفواً ، أنه أبي ، وأنا لا أستطيع أن أخفي عنه أمراً خطيراً كهذا .
فرد ساغيو قائلاً : لست مولاي هنا ، فقد آويتماني ، وأشركتماني في حياتكما ، نحن أسرة واحدة ، أنا واحد منها ، أم أنني مخطىء ؟
وقال جيزوكي : لا ، لست مخطئاً ، يا .. مولاي .
وقالت آي بحماس : أنت أمير .
فقال ساغيو : لم أعد أميراً ، ولا أريد أن أكون أميراً ، نحن ثلاثة أشخاص ، نعيش أحراراً في هذه الجزيرة الصغيرة ، وأريد أن نبقى هكذا دائماً .
ران الصمت فوقهم ، ولم يعد يُسمع غير أنين الريح ، ووشوشة أمواج البحر ، ونظر ساغيو إلى جيزوكي ، وقال : مادمت لن تخرج اليوم للصيد في البحر، فلنتناول طعام الفطور معاً ، الذي ستعده لنا آي .
وابتسمت آي فرحة ، واتجهت نحو الكوخ ، وهي تقول : هذا واجبي ، سأعد الفطور ، ثم أناديكما .
فخاطبها ساغيو قائلاً : أريد فطوراً دسماً ، لأني سأعمل مع أبيك ، طول ليوم في المزرعة .
ونظر جيزوكي إليه ، وقال : عفواً ، العمل في المزرعة ، وكذلك صيد السمك ، واجبنا ..
وهزّ ساغيو رأسه ، وقال وهو يشير إلى نفسه : نعم ، واجبنا ، وأرجوك أن تعلمني كلّ شيء ، مادمنا سنعيش هنا معاً ، على هذه الجزيرة .







" 13 "
ـــــــــــــــــــــ
مرض جيزوكي ، والإنسان يمرض مهما كان عمره ، ومهما كانت صلابة جسمه ، لكنه لم يعترف بأنه مريض ، رغم ارتاع درجة حرارته .
لكن ابنته آي ، وساعدها في ذلك ساغيو ، حاولت أن تقنعه بأنه مريض ، وأن عليه أن يلزم الفراش ، ولا يخرج من الكوخ ، ولو لبضعة أيام .
وأذعن جيزوكي لابنته آي على مضض ، ورقد في الفراش ، ووعدها أن يبقى في حدود الكوخ ، لكنه حذرهما بشدة قائلاً : إياكما أن تنزلا إلى البحر ، لأي سبب من الأسباب .
وتبادلت آي النظر مع ساغيو ، ثم تطلعت إلى أبيها ، وقالت : أبي ، لقد نفد السمك الذي اصطدته ، ثم أنت مريض ، ولابد لك من غذاء جيد .
وتحجج جيزوكي قائلاً : قد تهب عاصفة .
فردت آي قائلة : الجو صحو ، والرياح هادئة .
وزم جيزوكي شفتيه ، وقال : أنت عنيدة مثل .. ، اذهبا ، أعرف أنكما لن تصيدا سمكة واحدة .
وابتسمت آي ، وقالت : مثل ..
وقاطعها جيزوكي قائلاً : اذهبي .
ومضت آي إلى الخارج ، يتبعها ساغيو ، فهتف جيزوكي بهما : لا تتأخري ، وكوني حذرة .
وردت آي دون أن تتوقف : لن أكون وحدي ، يا أبي ، إن معي .. الأمير .
ولحق الشاب بها ، وقال : لا تقولي الأمير .
فردت آي دون أن تتوقف : لكنك أمير .
وهمّ ساغيو أن يعترض ثانية ، لكن آي أسرعت ، ودفعت القارب إلى البحر ، وقفزت إليه ، وهتفت بساغيو : هيا ، تعال ، أسرع .
وأسرع ساغيو ، وقفز إلى القارب ، وأخذ المجذافين ، وراح يجذف بقوة ، ونظرت آي إليه ، وقالت : لا تسرع وإلا ستتعب بسرعة .
وسرعان ما تباطأ جذف ساغيو ، فاقتربت آي منه ، وقالت : أرأيت ، لقد تعبت .
ونظر ساغيو إليها ، دون أن ينبس بكلمة ، فأخذت المجذافين منه ، وقالت : حان دوري ، أعطني مكانك لأجرب قوتي .
ونهض ساغيو من مكانه ، وجلس قبالتها ، وراحت آي تجذف بهدوء ، وحين ابتعد الشاطىء كثيراً ، توقف القارب ، وقالت آي : لنصطد هنا .
وتلفت ساغيو حوله ، ثم وقف وقد أمسك بالشبكة ، وقال : سأرمي الشبكة ، كما كان يفعل أبوك .
ثم رفع الشبكة ، وألقاها إلى البحر ، وبعد قليل سحبها ، وعيناه تراقبانها شبراً شبراً ، إنها فارغة ، وألقاها ثانية وثالثة و .. إنها فارغة أيضاً ، فنظر الشاب إلى آي ، وقال : يبدو أنك اخترت مكاناً ، لا أسماك فيه .
وكتمت آي ضحكتها ، وقالت : هذا هو المكان ، الذي يصطاد فيه أبي السمك دائماً .
ورمى ساغيو الشبكة مرة أخرى ، ثم سحبها بعد حين ، وهزّ رأسه ، إنها فارغة أيضاً ، فقالت آي : يبدو أنك لن تصطاد اليوم شيئاً ، يا مولاي .
وعبس الشاب ، وقال : سأرميك في البحر ، إذا قلت مولاي ثانية .
وقالت آي : وإذا غيبتني الأمواج ؟
فرد ساغيو قائلاً : سأقفز إلى الماء وراءك .
وابتسمت آي ، وقالت : ارمِ الشبكة مرة أخرى .
ورفع ساغيو الشبكة ، ورماها بكل قوته ، وسرعان ما سحبها ، فقد شعر بحركة قوية فيها ، وصاحت آي فرحة : انظر ، إنها سمكة كبيرة ، وهي أكبر من أي سمكة اصطادها أبي في يوم من الأيام .





" 14 "
ــــــــــــــــــــ
جيزوكي وآي وساغيو ، فزوا جميعاً ، في وقت مبكر ، والشمس مازالت وراء الأفق ، لم تطل بعد على العالم ، على أصوات غريبة غامضة ، تصدر من الخارج ، لم يألفوها من قبل .
وهبّ ساغيو ، ثم آي ، إلى الباب ، يهمان بالخروج ، والوقوف على ما يجري ، لكن جيزوكي صاح بهما : توقفا ، سأخرج أنا ، وأرى ما الأمر .
والتفت ساغيو إليه ، وقال له : أنت مريض ، سأخرج أنا وآي ، ونرى ما يجري .
لكن جيزوكي ، الذي لا يعترف بأنه مريض ، نهض من فراشه ، واتجه نحوهما ، وفتح ساغيو الباب ، واندفع إلى الخارج ، ولحقت به آي ، ثم خرج جيزوكي نفسه ، وتوقفوا جامدين مذهولين .
وتمتمت آي ، وقد اتسعت عيناها : ما هذا ؟
ورد جيزوكي بصوت خائف مرتعش : صه يا ابنتي .
ووقف ساغيو مقطباً ، وهو يراقب الرجل الضخم ، المدجج بالسلاح ، يقف على الشاطىء ، وخلفه ثلة من الجند المدججين بالسلاح ، ووراء قواربهم القريبة من الشاطىء ، تلوح سفينتهم الضخمة .
وبصوت متحشرج ، خاطب جيزوكي ساغيو : اهرب ، أهرب يا مولاي .
وتشجعت آي ، فمالت على ساغيو ، وقالت له : دعني آخذك إل أعماق الغابة ، لن يجدوك هناك .
لكن ساغيو ظلّ في مكانه ، يحدق في الرجل الضخم ، والجند المدججين بالسلاح ، وردّ عليهما قائلاً : لن أهرب ، وليعلموا إنني .. الملك .
وتقدم الرجل الضخم ، وخلفه سار الجند المدججون بالسلاح ، وتوقف أمام ساغيو ، وعلى العكس مما توقعوه ، ركع أمام ساغيو ، وقال : مولاي ، أحييك ، وأنقل إليك تحيات شعب المملكة كله .
وصاح الجند : يحيا الملك .
ونظر ساغيو إلى جيزوكي وآي ، ثم حدق في الرجل الضخم ، وقال : لكن عمي هو .. الملك .
فرد الرجل الضخم قائلاً : ثار الناس ، يا مولاي ، عندما علموا أنك حيّ ، واقتحموا القصر ، و .. وهو الآن في السجن ، حيث يجب أن يكون .
وصمت لحظة ، ثم قال : العرش ينتظرك ، يا مولاي .
ولاذ ساغيو بالصمت برهة ، ثم قال : وأمي ؟
فردّ الرجل الضخم قائلاً : إنها بخير ، وهي تنتظرك على أحر من الجمر ، والناس حولها فرحون .
ونظر ساغيو إلى جيزوكي ، ثم إلى آي ، التي أحنت رأسها ، وقالت : مولاي .
فردّ الشاب بنبرة عتاب مازحة : آي ..
وابتسمت آي له ، وقالت : أنت الآن .. الملك .
وحدق الشاب فيها برهة ، ثم قال لها : مولاتي .
واتسعت عينا آي ، وقالت : آه ..
وانحنى الرجل الضخم لساغيو ، وقال : مولاي ، الجميع ينتظرونك ، وينتظرون أن يفرحوا بك ، وبعهدك الجديد ، الذي سيعيد لهم الحرية والسعادة .
والتفت ساغيو إلى آي ، وقال : الجميع ينتظرون ، والسفينة ستقلع ..
ودمعت عينا آي ، وقالت : رافقتك السلامة ، يا مولاي .
فرد ساغيو قائلاً : لن تقلع السفينة إلا بالملك ، وإلى جانبه .. الملكة .
ولاذت آي بالصمت ، وقلبها يخفق فرحاً ، ونظرت إلى أبيها ، فتابع ساغيو قائلاً : ومعها أبوها طبعا .


26 / 9 / 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب