الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفتاء وتقرير المصير

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


" البوليس السياسي ومنذ الصباح باكرا ، قطع الكونكسيون عن منزلي ، حتى يعرقل الاشتغال ، ويحول دون ارسال الدراسة من المنزل . سأضطر للخروج الى مقهى او Cyber "
عندما تتعقد مشكلة او قضية بين شعبين ، اوبين شعب وشعوب ، ويبدو انها مستعصية عن الحل ، وكل طرف يحمل الطرف الاخر المسؤولية عن الوضع ، وعن التهرب من تحمل المسؤولية إزاء النزاع الذي اضحى متعذرا عن الحل ، ولتفادي تعميق الازمة التي قد تؤدي الى أوضاع غير قابلة للتحكم فيها وضبطها ، تفاديا لتجنب الأسوء الذي يضر بالجميع ، فغالبا انّ اطراف النزاع ، ومهما كانت حججهم التي يستندون اليها ، فلتفادي وتجنب مصير الصدمة الكبرى ، فانهم يلجؤون لحل القضايا الشائكة ، الى طرح النزاع على انظار هيئات لها باع طويل في حل إشكاليات ومشاكل سابقة ، جنبت مناطق من العالم الانزلاق نحو حروب ، ستكون كارثية على كل من انزلق اليها .
وهنا فانه لتفادي تأزيم الوضع الأكثر من مستفحل ، غالبا ما تلجأ اطراف النزاع الى :
-- الجهات القضائية الدولية المختصة في البث في مثل هذه الصراعات ، وهنا تكون محكمة العدل الدولية . وعند حصول جرائم ضد الإنسانية ، وقد تكون جرائم حرب ، او جرائم تصفية اثنية ، تكون المحكمة المختصة طبعا هي المحكمة الجنائية الدولية ، التي تختلف إجراءاتها عن إجراءات محكمة العدل الدولية .
-- او اذا اقتنعت اطراف النزاع بحجية مستنداتها ، ومشروعية حقوقها ، واذا كان المجتمع الدولي من خلال المؤسسات الدولية كمجلس الامن ، وكالجمعية العامة للأمم المتحدة ، يكون الحل الديمقراطي طبعا ، عرض الإشكالية او المشكلة ، خاصة اذا كان النزاع حول ارض يدعي كل واحد من اطراف النزاع ملكيتها ، اللجوء الى الاستفتاء كآلية ديمقراطية ، من خلال السماح لسكان الإقليم ، سواء كانوا مواطنين ، او رعايا ، او شعب بالتعبير عن ارادتهم ، وتكون نتيجة الاستفتاء طبعا ، هي من يحدد جنسية الإقليم المتنازع عليه . وطبعا فجميع الإجراءات من مسطرية ، وتقنية ، وإدارية ، ستكون تحت اشراف مجلس الامن ، والمنظمات الدولية ذات الاختصاص .
لقد عرف النزاع حول الصحراء الغربية ، الحل القضائي الدولي ، عندما أصدرت محكمة العدل الدولية ، رأيها الاستشاري في 16 اكتوبر 1975 ، قضت فيه بان الحل لتحديد جنسية الأراضي المتنازع عليها ، يبقى الاستفتاء وتقرير المصير ، كحل ديمقراطي من المفروض قبوله من جميع الأطراف المتحاكمة . والقرار الذي خرجت به محكمة العدل الدولية ، كان هو الاستفتاء ، لكن هذا الحق او الحل ، بقي معلقا ، حين تفاداه الحسن الثاني ، وعجل بتنظيم مسيرة نحو الصحراء ، لتجاوز قرار المحكمة ، ولوضع العالم ، خاصة منظمة الأمم المتحدة أمام الامر الواقع ..
فهل نجح الحسن الثاني في جعل العالم أمام الامر الواقع، بالدخول الى الصحراء ، لكنه كان دخولا مرتبكا ، وسلاحا ارتد عليه ، ولا تزال مغربية الصحراء تعاني منه ، خاصة وان اتفاقية مدريد الموقعة سنة 1975 ، قسمت الصحراء كغنيمة بين النظام المخزني وبين النظام الموريتاني ، وخروج موريتانية من الإقليم في سنة 1979 ، بعد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، واحتفاظ موريتانية ب " الگويرة " ، وهي جزء من وادي الذهب الذي آل الى موريتانية قبل انسحابها منه سنة 1979 ..
فكيف للعالم ان يسكت ، ويقبل بتقسيم أراضي قُسّمة قِسْمة الغنيمة ، التي اكدها الخروج الموريتاني ، ودخول جيش النظام مرة ثانية الى وادي الذهب " تيرسيس الغربية " ، دون " الگويرة " التي ظلت تحت سلطة موريتانية التي عبرت بمواقفها هذه ، عن خضوع الصحراء للاستعمار المغربي ، كما خضعت له بعد سنة 1975 عندما قسمت الصحراء التقسيم الغير عادل ، وادي الذهب ، مقابل الساقية الحمراء . فالخطورة التي اربكت النظام المخزني البوليسي المغربي ، التصرف الموريتاني قبل وبعد سنة 1975 و 1979 ، وبقاء " الگويرة " تحت السيادة الموريتانية . وهو التصرف الذي وجه ضربة قوية لسياسة فرض الامر الواقع ، التي فشلت بالموقف الموريتاني ، خاصة عندما اعلن واكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ، بان اعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية ، هو خيار استراتيجي للدولة الموريتانية .
ورغم صدور قرار محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، وصدوره سبَق المسيرة التي لم تعد خضراء ، لان النظام رمى بها وبقسم المسيرة ، فأكيد يمكن طرق أبواب المحكمة من جديد ، لطرح ازمة حل نزاع الصحراء الغربية ، رغم ان قرارات المحكمة هي قرارات استشارية ، تفتقر الى سلطة الضبط والجبر ، لكن القرار المقبل للمحكمة فيما اذا لجأ لها احد اطراف النزاع ، سيكون مغايرا لقرار 1975 ، لان التفاعل الدولي سيرفض بعد صدور القرار ، سياسة فرض الامر الواقع . وقد يذهب بالمؤسسات الدولية ، مجلس الامن ، الجمعية العامة للأمم المتحدة ، إضافة لمواقف الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي التي ستكون صادمة للنظام المخزني البوليسي ..
وهذا بالفعل ما حصل عندما بثت محكمة العدل الاوربية ، في دعوى الطعن ، ضد توقيع اتفاقيات للصيد البحري ، بين النظام المخزني البوليسي ، وبين الاتحاد الأوربي ، ورغم مرور الدعوى من جميع درجات التقاضي الابتدائية والاستئنافية ، فالجمهورية الصحراوية عادت رفع نفس الدعوى امام انظار نفس المحكمة ، وطبعا فالقرار القضائي القادم ، سيكون شبيها بقرار المحكمة السابق في درجتيه الابتدائية والاستئنافية ، لكن القرار المنتظر سيحظى بمعالجة جديدة ، وجد متقدمة من قبل الاتحاد الأوربي ، الذي انهي اتفاقية الصيد البحري من جانب واحد .
فصدور قرار جديد من محكمة العدل الدولية ، ومن محكمة العدل الاوربية ، سيكون له وقعه الكبير على مصطلح مغربية الصحراء ، ومن ثم سيكون له الوقع الكبير على الوضع القانوني للنظام المخزني بثلثي الأراضي التي يسيطر عليها ، وعلى الوضع القانوني " للگويرة " ، والوضع القانوني لثلث الأراضي الخارجة عن الجدار ..
--- الاستفتاء وتقرير المصير . منذ أن طرح نزاع الصحراء الغربية ، فالجميع كان يركز على حل الاستفتاء وتقرير المصير " للسكان " و " للشعب " الصحراوي الذي اعترف به محمد السادس ، عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، واصدر الملك ظهيرا في الموضوع وقعه باسمه وبخط يده ، يقر بهذا الاعتراف الذي نشره بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 .
لكن يجب الانتباه الى انّ الحل الديمقراطي هذا ، أي رفع دعوى من الاستفتاء وتقرير المصير ، لم تعرفه المنطقة حتى سنة 1975 ، عندما نشبت الحرب التي دامت ستة عشر سنة ( 16 ) . بل ان خيار وحل الاستفتاء ، سبق بكثير دعوة الحل الديمقراطي التي اشتهرت بعد سنة 1975 ، عندما أصبحت عدة معطيات متداخلة ، وحدها تتحكم في نوعية وشكل الحل الذي يجب تنزيله ، لفض نزاع الصحراء الغربية ، الذي وصل الى سبعة وأربعين سنة ( 47 ) ، دون حل ينهي الصراع الدائر .
وبالرجوع الى التاريخ شيئا ما ، سنجد ان الطرف الأول الذي سبق وطالب بحل الاستفتاء ، ليس جبهة البوليساريو ، وليس النظام الجزائري . بل ان النظام المخزني البوليسي ، كان اول من طالب بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، لوضع نهاية للاستعمار الاسباني للصحراء ، قبل ظهور هذا المطلب في ادبيات " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " . فالذي يغيب عن بال المرتبطين بالشأن الصحراوي ، وبنزاع الصحراء الغربية ، كان نفسه الحسن الثاني ، عندما طالب بحل قضية الصحراء الغربية بالاستفتاء ، وبتقرير شعب الصحراء ، لخياره الذي سيعبر عنه عند تنظيم الاستفتاء من قبل الأمم المتحدة . فالنظام المخزني هو من كان وراء القرار الشهير للأمم المتحدة ، وهو القرار 1514 ، الصادر سنة 1960 . أي ان الحل الذي طرحه ممثل النظام بالجمعية العامة للأمم المتحدة ، والذي هو الاستفتاء ، حصل قبل حصول الجزائر على استقلالها ، بحرب شعبية طويلة الأمد . فكانت حقا حربا شعبية طويلة الأمد ، اعتمدت على الشعب ، وعلى رأسه الفلاحين . ومن يتحدث عن حرب الشعب الطويلة الأمد ، يكون بمن اصطف بجانب القيادة الثورية الصينية ، التي اشعلت ثورتها الشعبية بقيادة الفلاحين ، طبعا صين الرئيس الأسطورة " ماوتسي طنگ " Mao Tsé Tong .. .
كما ان المخزني البوليسي ، وحتى قبل ان تصبح الجزائر طرفا في النزاع الذي يدور ، والذي تحول من نزاع أيديولوجي ، الى نزاع وجود ، كان ، أي النظام المخزني البوليسي ، وراء مطلب الاستفتاء وتقرير المصير، ومن اعلى منبر بالأمم المتحدة ، الجمعية العامة . ففي سنة 1966 ، أعلن المندوب المغربي ، أمام اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار ، التابعة للأمم المتحدة " .... وفيما يتعلق بالمغرب مثلما هو الشأن بالنسبة لبقية البلدان الافريقية الأخرى المستقلة ، حقيقة فإن سكان الصحراء الأصليين ، يجب ان يكونوا قادرين على اختيار مصيرهم بكل حرية ، سواء باختيار الاستقلال ، او الانضمام الى بلد مجاور في الميادين السياسية والاقتصادية والدستورية .. " . فلا حظوا هنا ان النظام المخزني البوليسي يتحدث وبدون حرج ، عن استقلال الصحراء ، ولأول مرة يتحدث كذلك ، عن حق الشعب الصحراوي في الانضمام الى أي بلد مجاور . أي دون حصر وجهة الانضمام فقط مع الدولة المخزنية . وطبعا فهذه المطالب كانت خيارية ، ولم تكن تحت ضغط الجزائر التي خاضت حرب الرمال في سنة 1963 مع النظام المخزني المغربي .
في سنة 1967 ، أعلن مندوب النظام المخزني في الدورة 22 للجمعية العامة للأمم المتحدة " .. ان الحكومة المغربية ، لا زالت تعتقد ان الاعتراف لسكان الصحراء الاسبانية / لاحظوا استعمل سفير النظام المخزني البوليسي تسمية الصحراء الاسبانية ، ولم يستعمل اسم الصحراء المغربية / ، بحق تقرير المصير ، سيمكن من الإسراع بتصفية الاستعمار من هذا الإقليم .. انّ وفد المغرب يرى بان اجراء الاستفتاء تحت اشراف الأمم المتحدة ، يشكل احسن وسيلة لتحديد إرادة السكان ... " . ومرة أخرى لاحظوا النظام المخزني البوليسي يدعو الأمم المتحدة ، للشروع في تنظيم استفتاء بالصحراء ، يؤدي الى استقلال الصحراء الغربية ، ولم ينطق النظام المخزني بكلمة الصحراء المغربية ولا الغربية . فقط نطق باستقلال الصحراء ، بواسطة تقرير الشعب الصحراوي لمصيره ، الغير قابل للتصرف او للتنازل .
وفي سنة 1968 ، القى مندوب المغرب محمد بنهيمة في الدورة 23 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، كلمة ذكر فيها بمغربية الصحراء ، وبمغربية موريتانية أيضا ، ملمحا بان الموافقة على استقلال الصحراء عن اسبانينا ،
لا يعني بالضرورة الموافقة على استقلالها عن المغرب . وقد جاء في كلمته " .. يبقى المشكل المطروح اليوم قضية الصحراء الاسبانية التي تطالب بها موريتانية كجزء لا يتجزأ منها .." ..وفي هذا الصدد يجب التذكير ان موريتانية نفسها كانت موضوع مطالبة من المغرب ، باعتبارها اقليما مغربيا ، ولكن بفضل تدخل الأمم المتحدة ، تم التوصل الى اتفاق حصلت بموجبه موريتانية على استقلالها .. وبالنسبة فان المغرب قبل أيضا بقرار الأمم المتحدة ، أي اجراء استفتاء حر لتقرير مستقبل الصحراء الاسبانية . / لاحظوا ان النظام هو من يدعو الأمم المتحدة الى تنظيم الاستفتاء ويدعو الى استقلالها ، بعد ان سماها بالصحراء الاسبانية ولم يسميها بالصحراء المغربية او الصحراء الغربية ./ .
لقد ذهب النظام المخزني بعيدا في دعوته الأمم المتحدة ، باتخاذ الإجراءات القانونية الملموسة لتنظيم استفتاء في الصحراء ، يتمكن من خلال الصحراويون من تقرير مصيرهم بأنفسهم . وهنا فلنتذكر الوزير الأول المغربي ، كريم العمراني ، ومن اعلى منبر بالأمم المتحدة ، عندما نادى بالاستفتاء وتقرير المصير ، واكد بالزام النظام المخزني بنتيجته ، أي اذا كانت نتيجة الاستفتاء هي الاستقلال، فالنظام المخزني البوليسي سيعترف باستقلال الدولة الصحراوية ...
بل ان الحسن الثاني ومن وسط منظمة الوحدة الافريقية ، " بنيروبي " بكينيا سنة 1981 ، دعا الى تنظيم الاستفتاء في الصحراء ، واعلن ان النظام المخزني سيكون اول من سينضبط لنتائج الاستفتاء ، وانه لن يتراجع اذا كانت نتيجة الاستفتاء الاستقلال ، من الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها محمد السادس وحده ، من دون استفتاء يكون الصحراويون قد عبروا من خلاله عن ارادتهم ، وعن اختيارهم ، وهو حق تعتبره الأمم المتحدة من خلال معالجتها لجوهر النزاع ، بانه حق غير قابل للتصرف ، وخاصة وان قضية الصحراء أضحت من اختصاص الأمم المتحدة وحدها ، دون غيرها من الدول او القارات الجغرافية ، مثلا كالاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي ..
ان تعقيد العلاقات بين النظام المخزني البوليسي ، ونظام الجيش الجزائري ، ودخول ازمة الصحراء الغربية النفق المسدود ، جعلت النظام المخزني في معالجته لقضية الصحراء الغربية ، لا يقف عند حد من حدوها ، وهذا ما ضغط عليه لاتخاذ مواقف غير واحدة ، وغير منسجمة .. ووصلت به الدّوْخة مرة باقتراح حل الحكم الذاتي الذي خرج به في ابريل 2007 ، وذهب به ضيق التنفس ، لأنه مصاب بالخنق الذي سببته له الصحراء ، بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، عندما اصدر الملك ظهيرا وقعه بخط يده يقر فيه بهذا الاعتراف ، ونشره بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 . هنا نذكر " باتفاق الاطار " الذي اعده وزير الخارجية الامريكية " James Becker " ، الذي يَعِد في مرحلته الثانية بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، بعد ان يكون الصحراويون قد جربوا العيش في ظل حكم ذاتي مدته خمس سنوات ، وبعدها خضوع الصحراء للاستفتاء تحت اشراف الأمم المتحدة ..
ومثل تراجع النظام عن دعوته من " نيروبي " بالاستفتاء وتقرير المصير ، حين حور المفهوم القانوني من الاستفتاء ، الى الاستفتاء التأكيدي غير الموجود في القانون الدولي ، تملص كذلك عن اتفاق الاطار بعد ان قبله في السابق ..
طبعا وارتباطا بالشأن الصحراوي ، فان منظمات سياسية يسارية ، رفعت بدورها شعار تقرير المصير في الصحراء . فبيان 1974 ، بين منظمة 23 مارس ، ومنظمة الى الامام ، دعا الى الاستفتاء وتقرير المصير . بعد ان تراجعت 23 مارس عن هذه الدعوة ، وارتماءها جانب دعاة مغربية الصحراء في حركة اليسار الماركسي . فالحديث عن البؤرة الثورية التي رفعتها وروجت لها منظمة الى الامام ، سيعكسها البيان السياسي الذي خرج به المؤتمر ( 15 ) للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ( كلية العلوم – غشت 1972 ) الذي رفع مؤتمروه شعار الشعب الصحراوي ، تقرير المصير، والدعوة والنصرة للشعب الصحراوي كحركة تحرير ونظام ..
وطبعا دون ان ننسى اقدام الإدارة الاستعمارية الاسبانية قبل خروجها من الصحراء ، على الشروع في تنظيم استفتاء يُمكّن الصحراويين من بناء جمهوريتهم المنتظرة ، لكن اكتشاف الفوسفاط والثروات المعدنية المختلفة ، والثروة السمكية الغالية التي تتوفر عليها الحدود المائية للجمهورية الصحراوية ، دفع بالاستعمار الاسباني الى التخلي عن تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية المستعمرة .
اذن يتبين ان جميع اطراف النزاع الاممي ، لان قضية الصحراء قضية اممية ، من مجلس الامن ، الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، يتفقون وينشدون الحل الديمقراطي لنزاع الصحراء ، وبما فيهم النظام المخزني الذي دعا الى حل الاستفتاء وتقرير المصير ، وذهب ابعدا من مجرد الدعوة الى الحل الديمقراطي عن طريق الاستفتاء ، الى الاعتراف التام بالجمهورية الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار .( الجريدة الرسمية عدد 6539 . يناير 2017 ) . لكن الجميع تناسى حلا اكثر تقدمية ، لأنه يعتبر حلا وسطا بين دعاة الجمهورية الصحراوية ، وباي طريقة كانت ، وبين من يدعو الى الاعتراف بالواقع الصحراوي ، دون الانتقاص من وحدة الجغرافية المغربية . أي الاعتراف بالدولة الصحراوية بكامل اختصاصاتها ، مع احتفاظها بعلاقة ليس مع المغرب البلد ، بل مع النظام العلوي . هذا الحل الذي تم اقباره لأنه حل تقدمي سبق لإبراهام السرفاتي ان عبر عنه صراحة ، وهو موقف يتعارض ويتناقض مع موقف منظمة الى الامام ( طريقان لتحرير الصحراء . طريق وطني ثوري ، وطريق شوفيني امبريالي .. ) ، ويتعارض مع بيان24 يونيو 1974 بين الى الامام وبين 23 مارس " .. ان الاستعمار الاسباني قد عمل كل ما في وسعه لتكسير الوحدة ، بفصل الصحراء عن المغرب .. " . وفي آخر البيان تدعو المنظمتان " .. الى بناء هذه الوحدة التي يحاول الاستعمار تكسيرها ، لكن على أسس كفاحية وطنية وديمقراطية في اطار جمهورية شعبية .. " ". وهذا الهدف يفرض دمج كفاح التحرر الوطني لجماهير الصحراء ، بكفاح شعبنا من اجل كفاح واحد وجبهة واحدة .. " . يلاحظ ان هذا الموقف الجديد ، يختلف بعض الشيء عن الموقف الذي اقره البيان السياسي الذي خرج به المؤتمر الوطني ( 15 ) للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في صيف غشت 1972 . وهو موقف لا علاقة له بالموقف الجديد لمؤسس منظمة الى الامام ابراهام السرفاتي " ..هناك طريق ثالث ، أطروحة ثالثة لقضية الصحراء ، حكم ذاتي ، او إقامة دولة صحراوية مرتبطة مع الدولة المخزنية ، تحت سيادة محمد السادس .. وفي هذا الاطار اعتبر ان حل الاندماج الكامل لسكان الصحراء في المغرب ، مسألة غير صحيحة على الاطلاق .. " .. أولئك المناضلين الصحراويين طلبة الجامعة بالرباط ، الذين سيؤسسون فيما بعد البوليساريو بحثا عن رد الاعتبار ، واعلانا عن فقدانهم الثقة في النظام وفي القوى ( الحية ) .. اما بالنسبة للبوليساريو ، فلم يسبق ان قمنا باي تنسيق معهم . لقد كان الامر مرفوضا بالنسبة لقيادتنا في الداخل . لكن مع بداية الثمانينات والى حدود 1986 ، كان المسؤولون عن القيادة في الخارج ، قد ربطوا نوعا من العلاقات مع هذه الجبهة .." ..
ان المقصود بالحل الثالث ، هو انشاء دولة صحراوية لها جيش ووزارة للخارجية ، تكون مرتبطة بشخص الملك كسلطة لاهوتية ( امارة امير المؤمنين ) ، وليست مرتبطة مع المغرب الجغرافية ..وبكيفية أخرى تكون العلاقة عبارة عن رابطة لاهوتية في شكل بيعة شكلية . وهذا سيجعل الوضع في الصحراء ،شبيها بالوضع الذي يضبط العلاقة بين بعض الدول " الكومنويلت " Commonwealth ، والتاج البريطاني مثل باكستان ، كندا ، استراليا ... الخ ..وهذا يعني انه اذا حصل ما من شأنه ان يضعف النظام المركزي بالرباط ، فان لا شيء يبرر استمرار العلاقة بين الدولة الصحراوية هذه ، وبين شخص الملك هذا من جهة . ومن جهة ثانية فان نفس الحالة ستكون اذا حصل ما من شأنه زعزعة الدولة الصحراوية ، ان تنظم استفتاء شعبيا بخصوص البقاء او عدم البقاء في علاقة روحية مع الملك امير المؤمنين . وقد جربت استراليا هذا الحل الثالث الذي افضى الى التصويت بالبقاء مع التاج البريطاني .. وكانت نتيجة الاستفتاء البقاء ضمن التاج البريطاني ..
وباعتبار قضية الصحراء الغربية ، قضية اممية من اختصاص مجلس الامن ، ومن اختصاص الجمعية العامة التي صوتت على القرار 34/37 ، الذي اعتبر الجبهة بمثابة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ، ونظرا للموقف الداعي الى الحل الاممي ، سواء من قبل الاتحاد الأوربي ، او الاتحاد الافريقي ، او الدول الكبرى كروسيا الاتحادية ، وجمهورية الصين الشعبية ، فان أي حل خارج الاستفتاء وتقرير المصير ، الذي تركز عليه الأمم المتحدة كالحل الثالث ، لن يعرف طريقه الى التنزيل ، لان القضية أضحت بيد الأمم المتحدة التي وحدها تملك سلطة الاختصاص في التقرير في مسألة الصحراء الغربية ..
واذا ما نظمت الأمم المتحدة استفتاء من خلال استعمالها للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ستتعدى نتيجة الداعون الى الجمهورية الصحراوية اكثر من 99 في المائة.
افلا طرح النظام المخزني البوليسي على نفسه سؤالا . لماذا يكرهني الشعب الصحراوي الذي اعترف به محمد السادس في يناير 2017 ، ولماذا يكرهني الرعايا المغاربة ... ؟
لا بد من إعطاء الحساب . ولا بد للمحاكم ان تشتغل . ولا بد ان يمر البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي الطقوسي بوزارة الداخلية ، كل فاسد افسد هذا البلد ورماه الى اسفل السالفين من المحاكمة ....
والبدء بالجواب عن السؤال المنتظر : من اين لك هذا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو


.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو




.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس


.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟




.. ماذا قال المطرب الهندي شبيه الرئيس الراحل مبارك للشعب المصري