الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقار عاصم الطيب قرشي في مهرجان ميلا بالنرويج

عفيف إسماعيل

2006 / 11 / 10
الادب والفن


((جئت على وتيرة نورس ونصبت خيمتي الجديدة فوق منحدر سماوي))
محمود درويش
في احد اصباح سوق مدينة الحصاحيصا بوسط السودان، صبي صغير يتشبث باصبع ابية ويسير بخطوات نزقة، ونظراته تدور بإندهاش في مختلف الاتجاهات كأنها تريد ان تحتوي كل التفاصيل. عندما عبر عازف آلة الكمان عبد الله عبد الفتاح المعروف علي نطاق المدينة وما جاوراها بشكله المميز وآلته التي لا تفارق كتفه، تعثرت خطوات الصبي المتشبث بأصبع أبيه حتي كاد ان يسقط ، فهتف صائحاً وهو يشيربإتجاه خطوات عازف الكمان الرشيقة:
- أبي أريد واحدة مثلها.
ضحك المربي الجليل الطيب قرشي، ومضي لشئون أخري، ولم يدر ان تلك الرغبة الصادقة المعلنة بإلحاح طفولي كانت بداية التشكل لعبقرية قادمة، واحد اختمارات الإختيارات المبكرة لأبرز عازفي تلك الآلة علي أمتداد السودان. ولم تمض سنوات حتي شهد كل من يسمع ويري الموسيقار عاصم الطيب قرشي ينحني بحنو وخشوع علي آلة الكمان ويعزف خلف فنان افريقيا الأول محمد وردي اوالفنان محمد الأمين وغيرهم من مبدعي السودان، إلا وشهد إنه احد سحرة هذه الآلة، من الذين يملكون تطويع اوتارها وانغامها لتجسد ادق تفصيلات التعابير الانسانية في حالتها المختلفة بشفافية مطلقة.
من خلال الدارسة الاكاديمية في ذاك المختبر العظيم الذي كان يسمي معهد الموسيقي والمسرح بالسودان، إمتلك كل مهارات التكنيك العلمية الممكنة لهذة الآلة وزاوج ببراعة مدهشة بين فخيين، فطرية الإحساس، والتقنية العلمية.
بنهم باحث مجتهد وطموح اعد قدراته الإبداعية جيداً وامتلك الحرفية المكملة لمهنته واوغل باحث عن أنغام افريقية بين موسيقي ما بين الانهار العذبة في السودان التي تحفظها الذاكرة الشعبية الشفاهية والمغنين التقليديين الذين توارثوها عن اسلافهم ، تحدداً خص منطقة النيل الأزرق بنصيب وافر من اجتهاداته المثمرة، ثم تجول شرقا وغرباً مدوناً التراث الشعبي لتلك الاغنيات من منبعها مباشرة، وبلهجاتها المحلية، ولم يكتف بالدورالكسول لحافظ التراث كما مارسه العديد من موسيقيو تلك المناطق المهمشة بحجج الأصالة والمحافظة علي الارث في اوعية المحنطة، بل إشتغل بما امتلكه من معارف علمية علي عصرنة تلك الأغنيات، واعادة توزيعها موسيقياً، وصار الموسيقار عاصم الطيب قرشي عطراً خاصاً ومميزاً في كل دورات مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقي التي شارك بها، ثم بعد ذلك في كل المحافل الافريقية والعربية والاوربية، والاسترالية.

لذلك لم يكن غريباً ان يشارك بهوية المزدوجة السودانية الاسترالية في الدورة السادسة لمهرجان ميلا للتعدد الثقافي بالنيرويج في سبتمبر 2006، بفرقة موسيقية ضمت بعض اعضاء فرقته السابقة بالسودان(( سودانيز ساوند)) واخرين، وكان معه من المبدعين شهاب شرحبيل، محمد زكريا (مورتون) هيثم موسي، خالد صالح، ومختار، و كنيس دراس. ليكونوا احد مفاجأت المهرجان.

نال الموسيقار عاصم الطيب قرشي 83% من الأصوات في نتيجة الفرز النهائي لمهرجان ميلا للتعدد الثقافي بالنرويج وحجز مقعده باكراً في الدورة القادمة للمهرجان.

منذ ان استقر في بلاد الكانغرو يجوب الموسيقار عاصم الطيب مع فرقته ((النيل الأزرق)) قارة استراليا من شرقها إلي غربها ، مؤسساً بصبر نموذجاً ساطعاً لمبدعي دياسبورا الشتات . وبين كل خطوة وأخري يضع بذرة عملية لطرائق التجذر في ارض جديدة وفق شروط المكان الجديد وعكس تيار ترسيم خرائط العالم الجديد السياسية والثقافية، ولا يتقافز فوق التناقض بل يوما بعد يوم يسير وفق إيقاعه مبدعاً فاعلاً وليس مستهلكاً ومُستهلكاً كما تريد شروط سُخرة القرن الحادي والعشرين، ويطلق علي سعة الريح والمدي مع اوتاره العذبة برهافة مارد الابداع الجمالي من قمم الهوية الحاذق إلي فضاء رحابة الأفق الإنساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا