الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية المعتقد

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2023 / 9 / 8
الادب والفن


إن عصر التنوير، طباعيًا، هو الذي شهد، مع ظهور المكتبة وجمعيات الفكر، للمرة الأولى، خروج الكتّاب من مكاتبهم أو أكاديمياتهم ونشكيل قوة تدخل.
مما يعني أن الأمر يتعلق بمخلوق شمالي وليس بآخر، بحر أوسطي، ومنتَج لمجتمعات سائرة لملاقاة خيبة الأمل.
ولذلك فإن ظهوره حدًا أدنى من المسافة المعترف بها بين الإيمان والعلم، واللاهوت والفلسفة، والكنيسة والدولة.
وحدث هذا الظهور حيث كان هناك تقديم للالتزام المهني على الانتماء الطائفي، وعندما كانت السلطة السياسية على درجة كافية من القوة ومتماهية،
إلى حد مقبول مع المصلحة الوطنية بحيث تتمكن من احتواء وتدجين الطائفية والنزعات الانعزالية، ومنذ اللحظة التي لا يعود هناك اختلاط بين شأن السماء وشأن الأرض وحيث الإقصاء لا يعني تعليق المشانق...
أو لنكن أكثر دقة، فنقول: "عندما تتحول المعتقدات، التي ينبني حولها العيش معًا إلى مجرد آراء. شريطة ألا يتسبب التعبير عنها بالإخلال بالنظام العام"،
هذا ما ينص عليه إعلان حقوق الإنسان. إنه تدبير احترازي ممتاز يضمن حرية المعتقد ( كالمادة التي تدمج، والمتضمنة في الدستور الذي ينص على :
" عدم التعرض لأي شخص بالإساءة في عمله أو وظيفته بسبب أصوله وآرائه") ، لكن هناك عقبة: الإيمان الديني، في أقوى أوجهه، هو أكثر بكثير من مسألة رأي. فهو،
بدلًا من ذلك، اقتناع وانتماء. وهذا ما لم يره التقليد الليبرالي، لأن الاقتناع رأي على حافة الهاوية حيث تتغلب المشاعر على الفكر.
إنه ليس متعلقًا بموافقة على قاعدة منطقية، ولكن بلون العالم. إنه تعلق بأسباب عيش الفرد والمجتمع.
إن الخلافات في الرأي تسوى بالاقتراع، وتضارب المصالح بصفقة، أما الحروب الدينية فتحسم بالدم.
فولتير يقول: " إن الآراء إذا كانت أفكارًا منخفضة التوتر، فإن المعتقدات الدينية هي عواطف مشحونة بطاقة عالية".
ولو كان ماركس موجودًا في عام 2008 لتحدث عن الدين كفيتامين الضعيف بدلًا من أفيون الشعب، باعتباره وسيلة الإنقاذ الأخيرة المتبقية بيد المصابين بالمهانة.
لذا الانتماء الطائفي لايقتصر على خيار روحي أو محض ميل خاص، بل هو مادة لاصقة قوية تلتحم بالجلد، والروح، والأسرة. وعليه فإن عمل المثقف الفكري يقتضي دائمًا اجتناب الالتصاق ببيئته.
يقول فاليري: " الحمقى يشاطرون الإسفنج ميزة الامتصاص"، وبالفعل كم هي الطوائف الأصلية ماصة كالاسفنج . والدين سواء أكان دينًا للدولة،
كما في زمن فولتير، أم دين أغلبية كما في زمن قضية دريفوس.. ففي كلتا الحالتين ، بالفعل ثمة انتماءان متأرجحان عديما الحساسية، يضمنان في صفيهما أناسًا يكون انتماؤهم جزءًا من العادات، أكثر منه إيمانًا.

ريجيس دوبريه
المفكر في مواجهة القبائل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك