الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاسلام السياسي وتفتيت الدولة الحديثة

حسن الشامي

2023 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اتعريف الدولة الفاشلة:
هي تلك الدولة الضعيفة أو التي تفقد السيطرة على أراضيها، وتفقد تأمين الحماية الى ثرواتها الطبيعية والبشرية. أن استمرار ومطاولة الفوضى في دول المنطقة من شأنه ان يخلق دول فاشلة بانهيار مؤسساتها، ويحول ابنائها لان تقاتل بالوكالة لصالح اطراف خارجية. الدول الفاشلة، حسب تعريف الباحث «نعوم تشومسكي» هي الدول غير القادرة في حماية مواطنيها من العنف. اما «مايكل مازار» فيقول في احدى دراساته «لقد وجدت الولايات المتحدة ضالتها في خطر»الدولة الفاشلة» الذي بدأت في الترويج له، كونه تراه أبرز مصادر تهديد الأمن القومي الأميركي، بل وتهديد السلم والأمن الدوليين». الكاتب الفلسفي زهير الخويلدي يقول في دراسته «لا يشكل الارهاب ظاهرة استثنائية وعارضة بل يدخل في صلب وجودنا الفردي والاجتماعي، تتنوع أشكاله المفرطة والعنيفة وتبلغ حداً يصبح معه من العبث الحلم بامكانية القضاء عليه».
التنظيمات «الجهادية» توجد دائماً في الدول الفاشلة او تلك الدول التي تعيش تحت معدلات الفقر، يعد العراق على سبيل المثال من الدول الغنية، لكنه يصنف دولة فاشلة بسبب التراجع الذي شهدته الدولة العراقية، وابرز الاسباب هي الفساد والتسييس. اما اليمن وافغانستان فربما ظروفهما الاقتصادية تختلف وممكن تصنيفهما بانهما من الدول الفقيرة اضافة الى الصومال، ليكون الفقر الى جانب الفشل السياسي ابرز الاسباب التي تعمل على ظهور التنظيمات «الجهادية» والمتطرفة.
فراغ السلطة
هذه التنظيمات تستغل فراغ السلطة، بفرض سيطرتها وتعاليمها الاسلاموية على المجتمعات وتطرح نفسها في البدء مدافعاً عن حقوق الضعفاء، وتستقطب المقاتليين الجدد، لتتحول بعد ذلك الى مركز للحوكمة والسيطرة والتسلط عليها وهذا ما كان واضحاً بأنتشار طالبان في افغانستان والتنظيمات المتطرفة الاخرى في الدول المذكورة. وبالتوازي مع هذه التنظيمات» الجهادية» تظهرمجموعات المسلحة الصغيرة او كبيرة ، بعد ان تحصل على التمويل والدعم والتدريب اضافة الى تعاظم سطوة العشائر.
فعندما تفقد الدولة سلطتها على المدن والبلدات، تعطي فرصة الى ترعرع تلك الجماعات المسلحة و»الجهادية» بكل درجاتها وانواعها الى النمو، وتدريجياً تستقوي على سلطة الدولة والقانون، لتتحول المناطق التي تقع تحت سيطرتها الى حواضن وملاذات امنة تتكاثر فيها. يشار ان الجماعات المتطرفة ومنها داعش تعتمد في عملها على الحواضن والملاذات، وكثيراً ماتقوم هذه التنظيمات بالمصاهرة والتجانس والتعايش، هذه السياسة تؤمن لها التخفي والحماية ولتكون قياداتها غير ظاهرة على السطح مما يعطيها حماية اكثر. الجماعات «الجهادية» تقفز على مشاكل المجتمعات، لتضع نفسها بديلا، وتستغل سياسات التهميش والاقصاء والسياسات الخاطئة لنشر ايدلوجيتها «الجهادية» لذلك هنالك اجماع عند المعنيين في مكافحة الارهاب وسيكولوجية الارهاب واسبابه، بأن السياسات الخاطئة تلعب دوراً رئيسًا في تحول الفرد الى هذه الجماعات اضافة الى العوامل الدافعة الاخرى.
الاسلام السياسي
كانت حركة الاخوان المسلمين اول تنظيم اسلاموي تحزبي يظهر للساحة بعد سقوط الدولة «العثمانية»وقد استطاعت هذه الحركة الانتشار سريعاً بسبب خلو الساحة من الحركات الاسلامية.
كان وصول سيد قطب إلى نظرية الحاكمية متابعة لإرهاصات فكرية عند الندوي وعند المودودي بكتاب الأخير «المصطلحات الأربعة في القرآن»1941. هناك تأثرات واضحة بسيد قطب في كتاب فلسفتنا 1959 للسيد محمد باقر الصدر، الذي أسس في ذلك العام حزب الدعوة . وقد تاثرالامام خميني و حزب الدعوة الشيعي كثيرا بافكار وتنظيم الاخوان المسلمين حتى قام خميني بترجمة العديد من كتب سيد قطب ومنهم اشتق اسمه «المرشد الاعلى» الذي ما زال سارياً في ايران. وتأسس حينها مركز سمي»التقريب بين المذاهب الإسلامية» يكاد يكون كتاب «إيران والإخوان المسلمون» للباحث الإيراني عباس خامه يار، من الكتب النادرة التي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين، قبل انتصار ثورة الخميني سنة 1979، وبعدها ويكتسب الكتاب أهميته من كون الإخوان المسلمون، أكبر الجماعات السنيّة ذات الصلة الطيبة بالشيعة ومراجعهم ورموزهم.
مشروع الاسلام البديل
أدركت الولايات المتحدة والغرب، انه من الصعب احتواءالحركات الاسلاموية المتطرفة او منعه من اعادة تشكيل ( دولة الخلافة الاسلامية)، وامام هذا الفشل في القضاء على هذه الحركات الاسلاموية، جرى التحول الى الخطة البديلة الا وهي احتواء الجماعات الاسلاموية المتطرفة عن طريق السماح لتشكيل «دولة اسلامي»ugn وفق الشروط الاميركية وكان الاخوان المسلمون وحزب الدعوة خير بديل للتنظيمات «الجهادية».
الاخوان معروفون بمبدأ « نصف الحلول او بالمنهج التوفيقي» وهو قريب من المنهج الميكافيلي» الغاية تبرر الوسيلة «. وهو الإستراتيجية نفسها التي اتبعتها أميركا في تغيير مسارات الحركات «الجهادية» فعلى سبيل المثال نجحت اميركا بتحقيق انحراف في مسار القاعدة وشبكتها لتصوب هجماتها ضد المنطقة العربية ومذاهب المسلميين بعد ان كانت اميركا (العدو البعيد) جهتها الرئيسة. التوافقات الاميركية في العراق، ربما تظهر اكثر وضوحاً في مناطق اخرى ابرزها في لبنان وسوريا. الاسلام السياسي واسلام الدولة، بدأ يتراجع وينحسر امام الليبرالية بعد صعوده المفاجيء ضمن فوضى «ثورات الربيع العربي» 2011، والتي تشهد الان إرتدادًا:
إن اسلمة الانظمة والمجتمع والدعوة تعد القاسم المشترك مابين الاخوان والدعوة. ومن ابرز المآخذ على الدعوة والاخوان هو اشتراكهما بالمنهج الدعوي، الذي حول المنبر في المساجد الى منابر سياسة وبالعكس اضافة الى سفسطة الخطاب من اجل إفحام الخصم أو إسكاته فهم ينكرون الحسيات والبديهيات وغيرها مما اقره المنطق المجتمع. وهما يكثران من لغة الخطاب واستخدام الواجهات منها منظمات المجتمع المدني والاسرة ورعاية الايتام، يتم من خلالها جمع التبرعات بالاضافة الى اشتراكاتها الحزبية وتعد الدعوة هي الخطوة باتجاه استلام السلطة. وقد اعطى حزب الدعوة والاحزاب الاسلامية في العراق انموذج بسعيها للحصول على السلطة، وكانت هنالك اتهامات كثيرة بأستعمال المال العام لصالح الحزب. وان اصرارها على الحصول على السلطة احدث الكثير من الخلافات والانعكاسات السلبية على الامن في العراق وكذلك في الدول التي صعدت فيها الاخوان والحركات الاسلامية مالعد عام 2011. فقد تحالفت الاخوان مع «الجهاديين» من اجل البقاء بالسلطة، اما حزب الدعوة في العراق، فقد تحالف هو ايضا مع كتل واحزاب سياسية تتقاطع مع منهجه. وكان حزب الدعوة العراقي عبارة عن النسخة الشيعية لحركة الاخوان المسلمين. و تأسس للإخوان فرع في العراق تحت عنوان الحزب الاسلامي العراقي ,بمباركة مراجع شيعة.
ويقول عبد الله الايوبي في واحدة من دراساته: ان موجات «الربيع العربي» التي هبت على أكثر من دولة عربية لم تجد من يوجهها سوى قوى الإسلام السياسي (..)حيث شكل الإسلام السياسي الأغلبية بين تلك المكونات، فهذه القوى (الإسلام السياسي) لا تملك مشروعاً تحديثياً قادرًا على نقل الجماهير العربية من حالة الجمود السياسي والثقافي والاجتماعي التي وصلت إليها، إلـــى حــالـــة تلبـــي الطموحات المشروعة للجمــاهيـر، أضــف إلى ذلــك، افتقــار القيــادات السيــاسيـة العـربيــة لمثـل هذا المشروع التحــديثي، الأمــر الــذي حول موجات هذا(الربيع) إلى زوابع مدمرة لأكثر من شعب عربي.
المواجهة الفكرية
إن التنظيمات «ألجهادية» تقوم أساساً على «العقيدة ألجهادية» اوالأيدلوجية في كسب المقاتليين وتبرير عملياتها التي تقوم في الغالب على أستثمار الصور المروعة في أماكن النزاع من خلال اعلاميات «جهادية» مرئية ومسموعة، لذا يتطلب مواجهتها فكرياً ايضاً، بالحجة، من خلال التعاون مع مشايخ الوسطية، واعداد وتأهيل معنيين في الشريعة والفقه، تقوم بزيارة بعض المعتقليين المتورطين في عمليات إرهابية، وعرضها على الجمهور، كذلك اتباع الطرق الإستخبارية في إخضاع من تم اطلاق سراحه من المعتقلات للمراقبة مع توفير المساعدة له في إعادة التأهيل مهنياً واجتماعياً، ألمواجهة الفكرية ربما تأتي بنتائج إيجابية أكثر من المواجهة العسكرية مع تقليل نسبة خلق ألمواجهة الفكرية ربما تأتي بنتائج إيجابية أكثر من المواجهة العسكرية مع تقليل نسبة خلق الخصوم المحتملة في أعقاب أي عملية في المجتمعات الحاضنة للأرهاب. المواطن احياناً يعيش مابين نقص سياسات حكومية وارهاب المجموعات المسلحة و»الجهادية» فألدولة ربما تكون هي المسؤولة عن فراغ السلطة وترك المجال للارهاب، لذا لا خير في حكومة لا تستطيع حماية مواطنيها. إن استمرار الفوضى ومثلما تسميها تللك الجماعات «الجهادية» ب «التوحش» من شأنه ان يخلق دولة مفككة يقاتل ابناؤها بعضهم البعض بالوكالة لصالح اطراف اقليمية ودولية لتتحول سلطة الدولة الى مجموعات «جهادية» ومسلحة وامراء حرب مناطقية تؤدي الى تفتيت الدولة الحديثة وانتاج الدولة الفاشلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك