الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل هناك قوّة خامسة في الطبيعة؟
مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث
(Moayad Alabed)
2023 / 9 / 9
الطب , والعلوم
عالمنا مضطرب منذ سنوات ونحن نسير في طرق متعددة لجمع المتناقضات التي لن تجتمع ولو لعبنا بكل العلوم والفلسفة لعبا واسعا. لكن الذي ينفع هو هذا البحث المستمر الذي نستمتع به في كل الاحوال. حيث أثار شجوني كثيرا ما طرحه بعض الباحثين عن القوة الخامسة التي يعتقد بوجودها من خلال منطق وجود خمس قوى في الكون، تلك الاربع المعروفة وهي القوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية ويضيف هؤلاء الباحثون هذه القوة الخامسة التي سنشرحها الان من خلال قولهم ونعلّق عليها، كي تكون مفهوما من المفاهيم التي تضاف الى المعتادة في الفيزياء، وقل الطبيعة من خلال ما يرتبط بها من تأثير مشترك او مقارن او متلاصق معها.
لقد شدّ إنتباهي وذهني هذا الموضوع حول وجود أو فرضيّة وجود القوّة الخامسة في الطبيعة.
غريب ان يتطرق علماء افذاذ الى وجود قوة خامسة ونحن نبحث عن مجال يجمع القوى لأسباب كموميّة يمكن أن تحل الإشكال المهم فيما يتعلق بنشأة الكون وخلقه وإستمراريته بل والضرورة من هذه الاستمرارية من خلال ما يغلق من مسائل معقّدة مشتِّتة للعديد من الافكار. والعنوان الذي وضع حول القوة الخامسة يثير الغرابة بإعتباره عنوانًا إفتراضيًّا ونظريًّا من جهتين حول طاقة من هنا وحول كتلة من هناك. وفق النظريات المتقدمة والمتأخرة هناك الطاقة المظلمة والكتلة المظلمة، وكلاهما في مكان افتراضي أو نقول مكانين إفتراضيين في مكان واحد غير محسوس وغير مدروس لعدم وجود التبعات التقليدية في التعامل العلمي والبحثي والمراقبي.
الحديث عن هذه القوة الخامسة المفترضة استنادا على وجود التذبذب غير المتوقع لجسيم دون ذري
subatomic particle
والذي يحمل صفات او مواصفات لا تشترك فيها الجسيمات التقليدية. ومما يثير الشجن والعجب ان يكون العنوان المثير كالتالي: عالمان يبتكران مادة توفر طاقة لا نهائية قد تغير شكل العالم! أي حينما ينتفض عالم من العلماء على الوضع القائم تقليديا بصفة وجود القوى الاربع يكون قد تخطّى التقليديّة في التنظيم او في تفسير التنظيم المتعارف عليه. لكن للقارئ أن يتصوّر كيف يكون الحديث عندما نتحدث عن وضع لجسيم صغير غير مدرَك في وضع كيفيّ، أي يكون وفق ظروف معيّنة كي يكون هذا دليلا على وجود القوة الخامسة. لذلك ترى الباحثين يطلقون على وضع العمل (هكذا!) مع جسيم وهكذا وضع باطلاق كلمة (على وشك إكتشاف دليل على وجود قوّة أساسيّة خامسة!).
أي بمعنى متقدّم لو إفترضنا بل وأكّدنا وجود القوة الخامسة فستكون هناك فيزياء جديدة خارج النموذج القياسيّ بالتأكيد. أي أنّ المفاهيم التقليديّة وفق هذه التصورات ستتهتّك مثلما تهتّكت أوضاع أمتنا النائمة والمغطاة بغطاءات الهمّ واليأس! لكنّ المهم هنا في المعنى العام وليس التخصصي البحت. كم خطوة من الخطوات تسعفنا هذه القوة الخامسة أو قل هذا الاكتشاف لتلك القوة او بافتراض وجودها، كم يسعفنا بالتقرب من المطلقية في هذا الكون؟ أو كم من الخطوات بقيت للوصول الى مطلقية يمكن ان يقاس او تقاس الاشياء بها؟ بمعنى اكثر دقّة اقول لقد بحث ويبحث الفلاسفة عن الكثير مما يجادلون فيه لاجل الوصول الى حدود المطلقية حتى في الاذهان. لكنّ الصعوبة ليست هنا بل في البحث العلمي التطبيقي للوصول الى حدّ من حدود المطلقية التي ينكرها الكثير منهم. واذا انكرها الكثير يعني ان لا داعي للبحث في الحدّ او الحدود لانها لا توجد في التفسير العلمي. لذلك تلاحظ الباحثين في هذا المجال يبحثون وكأنّ لا مطلقية في هذا الكون كي يستمر البحث الى نتيجة واحدة او اكثر. النتيجة هي ان الظنّ الذي يوضع في الذهن قد تحقق بنتيجة ايجابية تدفع بنا الى الامام. وان كانت متعددة تلك النتائج سيكون لكل منها حديث خاصّ يتعلق بمجريات الظنّ والتجريب وهكذا.
ففي الحديث عن القوة الخامسة في الطبيعة يأتي من خلال إستنتاج حصل عليه الباحثون في مختبر فيرمي المسمى فيرميلاب من خلال تجربة اطلق عليها تجربة ميون جي ناقص 2، ويكتب بالشكل:
Muon g-2
وقد تكررت النتائج بدقّة مضاعفة لتدلل على دقّة العمل باحتماليات خطأ ادنى ثم أدنى. لكن الاهم هو فيما صرّح به الباحثون بالقول: لا شيء كثيرا ... مجرّد إشارة ضمنيّة الى أننا قد نكون على وشك إكتشاف قوّة أساسيّة خامسة لم تكن معروفة سابقا. والادهى انّ التصريح يؤكّد على ان هذا يتعارض مع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات#.
هل تعرف أنّ واحدًا من الاستنتاجات التي طرحت هي عدم وجود تفسير واضح لسلوك الجسيمات وفق تفسيرات وجود القوى الاربع فيكون حينها وجود افتراض لوجود قوة خامسة لسلوك هذا الجسيم في هذا الظرف. وهو وجود معجّل الجسيمات وحركة الجسيمات مادون الذرية وهي الميونات هنا والتي تكون أثقل من الإلكترون بمئتي مرة والتي تتحرك في مجال مغناطيسي، تتأرجح فيه هذه الميونات بتمايل وتتذبذب (أي تتمايل مثل تمايل مزاج بعض ساسة العرب والذي يؤدي بها الى أن تتذبذب اليوم تذبذبا غنجًا وفي اليوم الثاني تتذبذب عفّة وطهارة كي يبعد الشبهات عن سرقات ثروات البلدان وإيداعها في بنوك من يحتل الارض ويغتصب العرض!)، ما بين حركة جديدة وفق فرض خارج نطاق التوقّع وتذبذب وفق النموذج القياسي الذي يتطرّق الى القوى الاربع والتي يبحث فيها الباحثون منذ تصريحات أينشتاين والعلماء الذين تلوه عن جمع القوى الاربع في مجال او في تأثير قوة واحدة او مجال موحّد. حيث أنّ مفهوم القوى الاربع ليس جديدا اذا ما عبّرنا عنه هنا في هذا المجال المتعلق بالجسيم المذكور، حيث أنّ مفهوم القوى الاربع الذي طرح منذ زمن هو المفهوم الناتج عن مفهوم نظرية الانفجار الكبير الذي حدث للكون ومنها قوة الجاذبية التي تعتبر اولى القوى التي نتجت من هذا الانفجار الذي نتج عنه قوة جاذبية كبيرة وعظيمة جدا قد اكتسبها العديد من الجسيمات ومنها مثلا جسيم النيوترينو الذي ينتج من عدّة انحلالات نووية، رغم انها لا تتبع العديد من الجسيمات النووية في عدد من خواصها.
لقد ذكرنا في بعض أبحاثنا التي ندونها بين الحين والحين، الى انّ لدينا يقينا الى أنّ بناء المعجّلات بمواصفات مهمة قد تكون كفيلة في الوصول الى نتائج رائعة في العديد من السلوكيات الجسيمية ومنها النيوترينو وغيره من الجسيمات الام كالميونات هنا. فلا غرابة من وجود تذبذب ما للميونات حيث أنّ الحركة المذكورة أو التذبذب المذكور قدّم قياسا جديدا للشذوذ المغناطيسي لهذا الجسيم واعني الميون الايجابي المذكور. حيث قام الباحثون بجمع بيانات بين عامي 2019 و2020 وقاموا بتحليل أكثر من أربعة أضعاف عدد البوزيترونات من انحلال الميون مقارنة بنتائجهم السابقة من بيانات عام 2018 آخذين بالإعتبار الكثير من الصفات والسلوكيات للكثير من الجسيمات التي تحمل المواصفات التي يتمتع بها الميون المذكور وبالتالي لحصر بعض المميزات التي تتعلق بتلك المسماة القوة الخامسة. لكنّ الذي اجمله الباحثون في ذلك السلوك حصرًا وهو واقع في الإحتمالية التي باتت خاصية من خواص الهروب من الكثير من الشذوذ في بعض المواصفات الجسيمية رغم اهميتها في البحث والحساب والتفسير. وهنا يكمن العمل في التركيز كذلك على دراسة نسب الخطأ بأنواعها ما يتعلق بالخطأ العملي ودقّة المتابعة والخطأ التنظيمي وما الى ذلك من نسب لإحتماليّة خطأ ما. وهنا تكون المتابعة المستمرة منذ اعوام الى هذا يؤدي كذلك الى تقليل الخطأ بشكل أفضل لذلك يكون تصريحهم حذرًا بالقياس بالعمل المثابر رغم كل الصعوبات فيما يتعلق بمتابعة البيانات المستمرة للبوزترونات المكتشفة وإجراء المقارنة المناسبة ما بين البيانات السابقة واللاحقة حيث تؤدي تحسينات التحليل وحالة التشغيل أيضًا إلى تقليل حالات عدم اليقين المنهجيّة بأكثر من عاملين مما يتجاوز هدف تصميم التجربة (كما يقولون في بحثهم المنشور)## . وفي التجربة إستخدمت الميزونات بمواصفات خاصّة منها مثلا ان تكون مستقطبة بقوة 3.1 غيغاالكترون فولت على سرعة الضوء والذي يرمز له بالشكل:
3.1 GeV/c
وقد قام الباحثون بالفعل بحقن الميونات في حلقة تخزين بمواصفات معيّنة تتحرك، ومتدرجة بشكل كبير بالإضافة الى إحتواء التركيبة على المغانط المناسبة لتكتمل الحلقة بحيث تتجه الميونات المحقونة إلى المدار المركزي لحلقة التخزين. وقد أقام الباحثون هذه التجربة لعدّة مرات لتقليل نسبة الخطأ كما أشرنا ولتأكيد النتيجة أو تقريبها من الواقع بشكل كبير.
التذبذب المذكور يمكن قبوله من الناحية النظرية حيث يمكن للميون أن يتحلل الى الكترون وفوتون اذا تذبذب نيوترينو الميون اثناء الانحلال وان كان الى حد ما احتمال ضعيف للغاية كما كان يعتقد الباحثون اي ان هذا الاحتمال كان في حدود 5,7 × 10% أي 5,7 في عشرة للقوة سالب 13 بالمئة. لكن لا يخفى ما للاحتمالية من وجود، وان قلت. لذلك ثبت بالفعل تجريبيا ان مثل هذا الانحلال يكون اكثر احتمالا بالنسبة للميون المرتبط الذي يدور حول النواة. ولا غرابة من استمرار الابحاث في هذا الاتجاه اذا ما علمنا من وجود فرضيات ولو انها غير مؤكدة حول وجود قنوات انحلال الميونات الغريبة الاخرى مثل الانحلال الى الكترون وماجورانا او الى الكترون وبوزون.
تحتل كتلة الميون موقعا متوسطا ما بين الالكترون والبروتون لهذا السبب كان يعتقد لبعض الوقت انه ميزون. ويبلغ عمر الميون حوالي 2.19681 ميكروثانية. هذا العمر يكون مهما بالنسبة للجسيمات الاولية. ويتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء حيث يمكن له ان يتحرك لمسافة لا تزيد على 658 متر قبل ان يتحلل إذا لم نأخذ التأثيرات النسبية بنظر الاعتبار اي يمكن ان يكون ما يسمى بالميونات النسبية بسبب تمدد الزمن هنا ويكون من ذلك ان يتحرك الميون لمسافات اطول عدة مرات كما في الميونات الكونية التي تتكون في الطبقات العليا من الغلاف الجوي قبل ان تصل الى سطح الارض وتتحرك لعدة كيلومترات. ومن خواصه كذلك ان له عزما مغناطيسيّا بقيمة:
,490 448 30(10) × 10 j/tesla
بينما يبلغ عزمه المغناطيسي الشاذّ
1,165 920 89(63) × 10
ويكون عزم ثنائي القطب الكهربائي له هو صفر (ضمن حدود الخطأ).
لا غريب في التعامل مع جسيمات أولية باعتبارها جسيمات يزخر الكون بأشكال عديدة منها ضمن الاشعة القادمة من الفضاء الخارجي والتي يطلق عليها بالاشعة الكونية. وهي واحدة من هذه الجسيمات مادون الذرية حيث ينحرف قسم منها نتيجة وجود المجال المغناطيسي للأرض والقسم الاخر يصل الى سطح الارض دون ان يسبب ضررا معينا لها وللانسان عموما. وحينما تنطلق الى الارض تتفاعل باشكال معينة من خلال سلسلة من التفاعلات التي ينتج عنها سيل من الجسيمات التي يكون منها الميونات المذكورة. وقد ذكر فاينمان الفذ هذه الميونات في مخططاته الشهيرة المتعددة حيث تظهر القيم العملية او التجريبية فيها والتي يظهر فيها الميون وقد شذّ في هذه المخططات في بعض القيم. تعدّ هذه المخططات مصدرا من مصادر الباحثين في الوصول الى نتائج مهمة حتى هنا فيما يتعلق بالتذبذب المشار اليه. حيث باتت هذه المخططات مقبولة إلى درجة كبيرة في نظريّة الديناميكا الكهروكميّة لتصوّر وحساب العديد التّأثيرات للعديد من الجسيمات.
لم يكن هذا البحث وحيدا بين الابحاث ما قام به مجموعة من الباحثين للبحث عن القوة الخامسة (إن وجدت) في الطبيعة. لكنّ الابحاث الطريفة التي ينتظرها أهل الاختصاص والتي ستغير الوضع الفيزيائي بأكمله، هو تفسير وجود المجال الموحّد من خلال القوى الاربع المعروفة وليس من خلال وجود قوة خامسة وربّما أكثر. والاكثر طرافة هنا كما اعتقد هو لعلّ التمدد المستمر لهذا الكون سيوجد لنا قوى أخرى من مصادر متعددة كون القوة ترتبط بالكتلة والكتلة اي وجود كائن او وجود موجود معيّن وبالتالي سيكون لدينا تعددية في القوى وربما تعددية في السرع التي ترافق هذه الاجسام او الجسيمات او الكائنات التي تنتشر في هذا الكون الفسيح المفتوح والمستمر في ذلك التوسّع الذي تترتب عليه تأثيرات وفعّاليات متعددة بالاضافة الى المفاهيم المتعددة في محتواها وفي تصورات العلماء تجاه هذه المفاهيم اذا ما درسنا الفروع الاخرى التي تصب كلها في ايجاد الصيغة المناسبة للتعبير عن هذا الكون وعن مكنوناته. وقد ذكرت العديد من التصورات في كتابي القادم المعنون (الزمن واللازمن في كوننا الواسع) والذي يضم العديد من الطروحات بهذا الاتجاه والذي سيصدر قريبا إن شاء الله تعالى.
حينما يكون هناك مجال موحّد ما بين القوى ينبغي ان يترك فراغ تعبيري للقادم من الاكتشافات التي بدأت تنطلق متسارعة في التطور مع الكومبيوتر الكمي او الكمومي علاوة على التطور في مجال المعجلات التي تنطلق لتساعدنا في كشف الكون البعيد من خلال الكون القريب وجسيماته المنتشرة بيننا وتحت ارضنا والتي تداعبنا بين الحين والاخر لنصرف على ابحاثها المليارات، ويا ليتها تستمر بهذا الشكل بلا صرف على حروب عبثية تنتشر في هذا العالم والذي بدأ به نفس الذين افنوا الملايين من البشر في هيروشيما وناغازاكي وفي يوغسلافيا السابقة وفي العراق ولبنان وفلسطين والعديد من البلدان الاخرى. ومستمرة هذه الفتنة التي بدأها في اوكرانيا مجاميع النازية الجديدة التي بدأت تأخذ تصوراتها شكلا آخر من الاشكال المتعارف عليها. لعلّنا نستفيق يوما ما على جسيمات في هذا الكون تكون بمواصفات محفّزة على ان يكون اهل السياسة اكثر عقلانية من سابقيهم كي يحافظوا على هذا الكون من مآسيهم ومن عقدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#
https://www.popularmechanics.com/science/a44797287/scientists-may-discover-fifth fundamental-force-nature/
##
Phys. Rev. Lett. 126, 141801 (2021) - Measurement of the Positive Muon Anomalous Magnetic Moment to 0.46 ppm (aps.org)
###
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن لـ -العربية-: انقطاع الإنت
.. مستقبل الطاقة | عمالقة التكنولوجيا يلجأون للطاقة النووية
.. جامعة البحرين للتكنولوجيا تحتفل بالعيد الوطني وعيد جلوس جلال
.. خفايا -الشوبينغ الرقمي- أو التسوق عبر الشبكات الاجتماعية مع
.. تحذيرات من أزمة صحية في أفغانستان بسبب نقص الطبيبات ومنع الذ