الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة40

عبدالرحيم قروي

2023 / 9 / 10
الارشيف الماركسي


المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية
للقائد الشيوعي جوزيف ستالين
ترجمة حسقيل قوجمان
الحلقة الخامسة

ان قوى الإنتاج الجديدة تتطلب ان يكون العمال في الإنتاج افضل ثقافة واكثر ذكاء من الاقنان المسحوقين الجهلة، ان يكونوا قادرين على فهم المكائن وعلى تشغيلها، وعليه فان الراسمالي يفضل التعامل مع عمال باجور احرار من القيود يحوزون على ما يكفي من الثقافة لكي بستطيعون تشغيل المكائن تشغيلا صحيحا.
ولكن الراسمالية، وقد طورت قوى الإنتاج إلى مدى واسع جدا، وقعت في شرك من التناقضات لا تستطيع التخلص منه. فبانتاج كميات اوسع واوسع من السلع، وتخفيض اسعارها تفاقم الراسمالية المنافسة وتدمر عددا كبيرا من الملاك الخاصين الصغار والمتوسطين وتحولهم إلى بروليتاريين وتخفض من قدراتهم الشرائية، وينجم عن ذلك انها لا تستطيع التخلص من السلع المنتجة. ومن الناحية الثانية، بتوسيع الإنتاج وتركيز ملايين العمال في مصانع ومعامل عملاقة تضفي الراسمالية على عملية الإنتاج طابعا اجتماعيا وبذلك تقوض اساسها الخاص، طالما يتطلب الطابع الاجتماعي لعملية الإنتاج الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج؛ مع ذلك تبقى وسائل الإنتاج ملكية راسمالية خاصة لا تنسجم مع الطابع الاجتماعي لعملية الإنتاج.
هذه التناقضات المتضاربة بين طابع قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج تبدو محسوسة في ازمات فيض الإنتاج الدورية حين لا يجد الراسماليون طلبا على بضائعهم نظرا لدمار جمهور السكان الذين خلقوهم هم بانفسهم، يضطرون إلى احراق منتجاتهم، وتدمير البضائع المتتجة وايقاف الإنتاج وتدمير قوى الإنتاج في الوقت الذي يضطر الملايين من الناس ان يصبحوا عاطلين يتضورون جوعا لا لعدم وجود الكميات الكافية من البضائع بل لوجود فيض من انتاج البضائع.
وهذا يعني ان علاقات الإنتاج الراسمالية توقفت عن الانسجام مع حالة قوى انتاج المجتمع واصبحت في تناقض متعارض معها.
وهذا يعني ان الراسمالية تتمخض عن الثورة التي رسالتها هي الاستعاضة عن الملكية الراسمالية القائمة لوسائل الإنتاج بملكية اشتراكية.
وهذا يعني ان الصفة الاساسية للنظام الراسمالي هي اشد اشكال الصراع الطبقي حدة بين المستغلين وموضوع الاستغلال.
ان اساس علاقات الإنتاج في ظل النظام الاشتراكي الذي تأسس لحد الان في الاتحاد السوفييتي فقط، هو الملكية الاشتراكية لوسائل الإنتاج. هنا لا يوجد مستغلون ومستغلون بعد الان. توزع البضائع المنتجة وفقا للعمل المنجز وفقا لمبدأ "من لايعمل لا يأكل". هنا تتميز العلاقات المتبادلة بين الناس وعملية الإنتاج بالتعاون الرفاقي والمساعدة الاشتراكية لعمال تحرروا من الاستغلال. هنا تنسجم علاقات الإنتاج انسجاما تاما مع حالة القوى المنتجة لان الطابع الاجتماعي لعملية الإنتاج تتعزز بالملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج.
لهذا السبب لا يعرف الإنتاج الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي ازمات دورية لفيض الإنتاج ولا الحماقات المرافقة لها.
لهذا السبب تتطور قوى الإنتاج هنا بخطوات متسارعة لان علاقات الإنتاج التي تنسجم معها تمنح اوسع المجال لهذا التطور.
هذه هي صورة تقدم علاقات انتاج الناس في مسار التاريخ البشري.
هكذا هو اعتماد تطور علاقات الإنتاج على تطور قوى الإنتاج في المجتمع، وبالدرجة الرئيسية، على تطور ادوات الإنتاج، هذا الاعتماد الذي بفضله تؤدي تغييرات وتطورات قوى الإنتاج، عاجلا أم آجلا، إلى تغييرات وتطورات علاقات الإنتاج.
يقول ماركس:
"ان استخدام وتصنيع ادوات العمل ولو انها موجودة جنينيا بين بعض فصائل الحيوانات، فهي تميز خصيصا عملية العمل الانساني، ولذلك عرف فرانكلين الانسان كحيوان يصنع الالات. ان اثار ادوات عملية العمل المندثرة لها نفس الاهمية في تحريات الاشكال الاقتصادية المندثرة التي تقدمها العظام المتحجرة لتقرير فصائل الحيوانات المندثرة. ليست الادوات المصنوعة وانما كيف يجري صنعها وباية ادوات، هو الذي يجعل بامكاننا التمييز بين العصور الاقتصادية التي يجري في ظلها ذلك العمل." (كارل ماركس، الراسمال، الجزء الاول، ص 159)
ثم:
"العلاقات الاجتماعية ترتبط ارتباطا وثيقا بقوى الإنتاج. بالحصول على قوى انتاج جديدة يغير الناس اسلوب انتاجهم؛ ويتغير اسلوب انتاجهم، بتغيير طريقة الحصول على رزقهم، يغيرون جميع علاقاتهم الاجتماعية. فالرحى تعطيك مجتمعا مع السيد الاقطاعي، والطاحونة البخارية تعطيك مجتمعا مع الراسمالي الصناعي." (كارل ماركس، فقر الفلسفة، الطبعة الانجليزية ص 92)
ثم:
"ثمة حركة مستمرة في نمو قوى الإنتاج، في تحطيم علاقات الإنتاج، في تكوين الاراء، فالشيء الواحد الثابت لا يتغير هو تجريد الحركة." (نفس المصدر ص 93)
يقول انجلز لدى التحدث عن المادية التاريخية كما صيغت في البيان الشيوعي:
"ان الإنتاج الاقتصادي وتركيب المجتمع في كل عصر تأريخي نشأ عنه بالضرورة يشكلان اساس التاريخ السياسي والفكري لذلك العصر ... وعليه فمنذ انحلال الملكية المشاعية البدائية للارض كان كل التاريخ تاريخ الصراعات الطبقية، صراعات بين المستغلين والمستغلين، بين الطبقات المسودة والطبقات السائدة في مختلف مراحل التطور الاجتماعي ... وقد بلغ هذا الصراع الان مرحلة لم تعد فيها الطبقة المستغلة المضطهدة (البروليتاريا) تستطيع ان تحرر نفسها من الطبقة التي تستغلها وتضطهدها (البرجوازية) بدون ان تحرر في الوقت ذاته للابد المجتمع باسره من الاستغلال والاضطهاد والصراعات الطبقية." (كارل ماركس، مختارات، الطبعة الانجليزية، م 1 ص 192 - 193)
د) صفة ثالثة للانتاج هي ان نشوء قوى انتاج جديدة وعلاقات الإنتاج المطابقة لها لا يحدثان منفصلين عن النظام القديم، بعد اختفاء النظام القديم، بل ضمن النظام القديم؛ انهما يحدثان ليس نتيجة لنشاط الناس المقصود والواعي، بل تلقائيا بصورة غير واعية، بالاستقلال عن ارادة الناس. انهما يحدثان تلقائيا بالاستقلال عن وعي الناس لسببين.
اولا، لان الناس ليسوا احرارا في اختيار اسلوب الإنتاج هذا أو ذاك، لانه حين يدخل كل جيل جديد الحياة يجد قوى انتاج وعلاقات انتاج قائمة فعلا كنتيجة لعمل الجيل السابق. وبسبب ذلك يجب عليه في البداية ان يقبل ويكيف نفسه لكل ما يجده جاهزا في مجال الإنتاج لكي يستطيع ان ينتج القيم المادية.
ثانيا، بما ان الناس، حين يحسنون اداة انتاج واحدة أو اخرى، أو عنصرا من عناصر قوى الإنتاج أو اخر، لا يدركون ولا يفهمون ولا يفكرون اية نتائج اجتماعية تؤدي اليها هذه التحسينات بل يفكرون فقط بمصالحهم اليومية، بتسهيل كدحهم، وضمان نوع من التقدم المباشر أو غير المباشر لانفسهم.
حين تحول بعض اعضاء المجتمع المشاعي البدائي تدريجيا وبطريق التجربة من استخدام الادوات الحجرية إلى استخدام الادوات الحديدية فانهم لم يعلموا طبعا ولم يتوقفوا للتفكير بالنتائج الاجتماعية التي سيؤدي اليها هذا التجديد؛ انهم لم يفهموا أو يدركوا ان التحول إلى الادوات الحديدية كان يعني ثورة في الإنتاج وانه بالمدى البعيد سيؤدي إلى نظام العبيد. انهم ارادوا ببساطة ان يسهلوا من كدحهم وان يضمنوا فائدة فورية محسوسة؛ ان نشاطهم الواعي كان محصورا ضمن حدود مصالحهم.
وحين بدأت البرجوازية الفتية في اوروبا، في فترة النظام الاقطاعي، في اقامة المانيفاكتورا الكبيرة، إلى جانب ورشات الصناعات الحرفية الصغيرة وبذلك طورت قوى انتاج المجتمع، فهي لم تعرف طبعا ولم تتوقف للتفكير بالنتائج الاجتماعية التي يؤدي اليها هذا التجديد. انها لم تدرك أو تفهم بان هذا التجديد "الصغير" سيؤدي إلى اعادة تجميع القوى الاجتماعية، مما كان سينتهي بالثورة على سلطة الملوك الذين قدروا افضالهم ايما تقدير وضد طبقة النبلاء الذين كان اكبر ممثلي البرجوازية يطمحون إلى الارتفاع إلى صفوفها. انها ارادت فقط خفض تكاليف انتاج البضائع، وانزال كميات كبيرة من البضائع إلى اسواق اسيا وافريقيا واميركا الحديثة الاكتشاف، وان تحصل على المزيد من الارباح. ان نشاطها الواعي كان محصورا ضمن الحدود الضيقة لهذا الهدف العملي المألوف.
حين ادخل الراسماليون الروس بالارتباط مع الراسماليين الاجانب، صناعة المكائن الواسعة النطاق الحديثة في روسيا، في الوقت الذي كانت القيصرية سليمة تضع الفلاحين تحت رحمة الملاكين، فانهم لم يعرفوا طبعا، ولم يتوقفوا للتفكير بالنتائج الاجتماعية التي سيؤدي اليها هذا النمو الهائل في قوى الإنتاج، انهم لم يدركوا أو يفهموا ان هذه الطفرة الواسعة في نطاق قوى انتاج المجتمع ستؤدي إلى اعادة تجميع قوى الإنتاج التي ستجعل بامكان البروليتاريا، بتحقيق اتحادها مع الفلاحين، ان تنجز ثورة اشتراكية ظافرة. انهم ارادوا ببساطة توسيع الإنتاج الصناعي إلى اقصى حد، وان يسيطروا على السوق المحلية الضخمة وان يصبحوا احتكاريين وان يعتصروا اقصى ما يمكن من الارباح من الاقتصاد الوطني. ان نشاطهم الواعي لم يمتد ابعد من مصالحهم العامة العملية جدا.
وعليه يقول ماركس:
"في الإنتاج الاجتماعي الذي ينجزه الناس (اي في انتاج القيم المادية الضرورية لحياة الناس – ستالين) يدخلون في علاقات محددة لا مفر منها ومستقلة عن اراداتهم، علاقات انتاج تنسجم مع مرحلة محددة من تطور قوى انتاجهم المادية". (كارل ماركس، مختارات، الطبعة الانجليزية م 1 ص 356)
الا ان هذا لا يعني ان التغيرات في علاقات الإنتاج، والانتقال من علاقات انتاج قديمة إلى علاقات انتاج جديدة يجري بصورة سلسة، بدون اصطدامات، بدون انتفاضات، بل بالعكس، يحدث هذا الانتقال عادة بواسطة اطاحة ثورية لعلاقات الإنتاج القديمة واقامة علاقات انتاج جديدة. ضمن فترة معينة من تطور قوى الإنتاج والتغيرات في مجال علاقات الإنتاج تجري تلقائيا، بالاستقلال عن ارادة الانسان ولكن هذا يحدث إلى لحظة معينة فقط، إلى ان تكون قوى الإنتاج الجديدة المتطورة قد بلغت درجة معينة من النضوج. وبعد نضوج قوى الإنتاج الجديدة تصبح علاقات الإنتاج القائمة والمتمسكين بها – الطبقات الحاكمة – ذلك العائق الذي "لا يحتمل" والذي لا يمكن ازاحته الا بعمل الطبقات الجديدة الواعي، بالعمل القسري لهذه الطبقات، بالثورة. هنا يبرز الدور العظيم للاراء الاجتماعية، للمؤسسات السياسية الجديدة، للسلطة السياسية الجديدة التي تكون مهمتها ازالة علاقات الإنتاج القديمة بالقوة نتيجة للتصادم بين قوى الإنتاج الجديدة وعلاقات الإنتاج القديمة.
نتيجة لمتطلبات المجتمع الاقتصادية، تنشأ اراء اجتماعية جديدة؛ والاراء الجديدة تنظم وتحرك الجماهير؛ تدفع الجماهير لتكون جيشا سياسيا جديدا وتخلق سلطة ثورية جديدة وتستفيد منها لكي تزيل النظام القديم لعلاقات الإنتاج بالقوة ولكي تقيم نظاما جديدا. ان عملية التطور التلقائي تخلي مكانها لعمل الناس الواعي، والتطور السلمي يخلي مكانه للانتفاض، والتطور التدبيجي إلى الثورة.
يقول ماركس:
"ان البروليتاريا خلال صراعها مع البرجوازية تضطر، بقوة الاحداث، ان تنظم نفسها كطبقة ... وبواسطة الثورة تجعل نفسها الطبقة الحاكمة، وهكذا تزيح بالقوة ظروف الإنتاج القديمة". (البيان الشيوعي، كارل ماركس، مختارات، الطبعة الانجليزية م١ ص 228)
واكثر:
"ان البروليتاريا ستستخدم تفوقها السياسي لكي تنتزع تدريجيا كامل الراسمال من البرجوازية وتركز جميع ادوات الإنتاج في ايدي الدولة اي في ايدي البروليتاريا المنظمة كطبقة حاكمة، ولتزيد مجموع قوى الإنتاج باسرع ما يمكن". (نفس المصدر ص 227)
"ان القوة هي مولدة كل مجتمع قديم يتمخض عن مجتمع جديد". (كارل ماركس، الراسمال، م 1 ص 776).
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي


.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ




.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ