الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رِجِعْ أيلول رحل ايلول بِوَرَقُه الأصفَرْ ... مِنْ حكاوى الرحيل

سمير محمد ايوب

2023 / 9 / 11
الادب والفن


كتب سمير محمد ايوب
رِجِعْ أيلول رحل ايلول بِوَرَقُه الأصفَرْ ...
مِنْ حكاوى الرحيل
كلُّ ما في أيلولٍ، إشراقاتُ الذهبِ في وَرَقِه ، شَمسُه المُبْهِجة، غَيْمُهُ المُوشَّى بالطَّلَل، نسائِمُه المُتَسَلِّلَةِ من أعالي الجليلِ والكرملِ وجبلِ الشيخ، يُعَزِّزُ حُضورُ مُفرَداتِها.
فذاتَ أيلولٍ هَبَطَتْ يوسفيَّةُ الجمال، دون أن يُنْصِفَها الزمنُ كثيراً. أيوبيةُ الصبر، ما قَصَّرَتِ الأوجاعُ غير المُدجَّنَةِ مَعَها، أماتَتْ جِراحاً وأحيَتْ أخرى. كَنَبِيُّ اللهِ إبراهيم عليه السلام، سكنَ حُزنُ الحيرةِ وَميضاً في كبرياءِ عَينيها . رِضاها دامِعٌ كرِضا رسول الله عيسى بن البتولِ عليهِما السلام. صادقةٌ أمينةٌ واثقةٌ كنبيُّ الله محمد علية السلام.
وذاتَ أيلولٍ جاءت سارِيَةً على أرصفتِه، أكثرَ أُنوثةٍ وجُرأةٍ مما تُبْدي، فاقِدَةً للدهشةِ لا يَنْتابُها إستغراب. جُلُّها عناوينُ مُؤتَلِفَةٌ عَصِيَةٌ على الفَهْم. يُداهِمُكَ عِطرُها الفوَّاحُ مِن حيثُ لا تَحتَسِبْ. تَحارُ، تَخالَهُ ياسميناً مَغربِياً، أو ورداً دِمَشقياً، وتَخالَهُ دَحنوناً أردنياً، أو تَمْرِحِنَّةٍ مصري، أو خلطةً سحريةً مِن عَبَقِ بُرتقالِ فلسطين.
جاءَتْ تَستَحِقُّ أن تُشرعَ لها أبوابُ العُقولِ والقلوب. جاءَتْ وقد خابَ الكثيرُ من تَوَقُّعاتِ كِبريائها، دون أن تبحث عن طبيبٍ نَفْسيٍ ، ولَمْ تَلعَن. جاءت وكُنتُ أحسَبُها بَرْقاً بِلا رَعْدٍ، وأحياناً كانَ رعدها مُفاجِئا لا يَسبِقَهُ برقٌ ولا يَتلوهُ غَيْثٌ.
أذْكُرُ إرتِطامَنا الأوَّل في ظِلالِ وادي الشِّتا، أو طَلِّةْ الفحيصِ كان. ذات أيلولٍ إلتَقَتْ هناكَ ألكثيرُ مِنْ أبجدِيَّاتِنا، مَسكونةً بِحُزْنٍ. أخَذَتْنا بِحارُ الهَمِّ لأقصى شواطئِها، وأتَتْنا أمواجُهُ بِهُمومٍ أُخَرْ. كانت حَريصةً على أن لا تُخطِئَ في التأويلِ، وعلى أن لا تُرهِقَ قلبَها في الفَهْم.
ومضى أيلولٌ تِلوَ أيلولٍ ، وأنا أحاولُ كلَّ ليلةٍ مُذْ أجْدَبَ العُمرُ، أن أقودَ إنقلاباً على سِجنِ الجسد وسنينِ السجان . أحِسها قريبةٌ بعيدةٌ، أشتاقها فأسمعُ بُحةَ صوتِها، ولكني لا أجدها فأتوجَّعْ. ما إفتَقَدْتُ يوماً سُؤالَها عني، ولا دعاءً لها من أجلي.
أيْنَكِ؟! لهفتي تُناديكِ. تَوَحَّشْتُ لِكُلّك على بَعضِكْ. أما زِلتِ مُصابةً بي، ولا تعلمينَ لِذلِكَ سَبباً، ولا تَعْلَمين لِمَ أنا بالذات؟! كل ما أدريهِ الآنَ، أنَّكِ كُنتِ موقِنَةٌ أنَّ ذاكَ وهذا، ما كانَ لهُ أن يكونَ، ما لَمْ نَكُنْ ، أنتٍ بالذاتِ وأنا بالذاتْ .
أما زِلتِ مُصابةً بي ولا تعلمينَ لِذلِكَ سَبباً، ولا تَعْلَمين لِمَ أنا بالذات؟! كل ما أدريهِ الآنَ، أنَّكِ كُنتِ موقِنَةٌ أنَّ ذاكَ وهذا ، ما كانَ لهُ أن يكونَ ما لَمْ نَكُنْ، أنتٍ بالذاتِ وأنا بالذاتْ.
مذ أُسْرِيَ بِنَجواكِ، من رحابِ البيتِ الحرامِ إليَّ في رحابِ الأقصى، مُشتاقةٌ وقارئةٌ لآيِ الذِّكرِ الحكيمِ، مُهدِيَةٌ ثوابَه لي، وَقُرَ الرضا أكثرُ في القلبِ والروح . وباتَ شوقي يُحَرِّضُني للإبْحارِ فيكِ صيفَ شتاء، مُستَكْشِفاً لِلمرةِ الألف. غَيَّرْتِني، لَمْلَمْتِني، تَسامَيْتِ إلى عقلي، راقَصتِه ودَغْدَغْتِهِ بدهاءٍ نبيلٍ أنيق.
تَرحلُ الأيامُ، وتَبقينَ حتى تَوالي الليلِ مُبْتَسِمَة، و في قَلبك مُتَّسَعٌ للرضا المُدَغْدِغِ. مُنذُ أيامٍ، خَبَّرَتْني سَكِينَةُ أيلول التي أعْشَق، أنكِ تَغَيَّرْتي وصِرْتِ أكبر، تَباً لِعدّادِ السنين، بَعْدِكْ صغيرِة.
كُلُّ أيلولٍ وأنتِ بِخَيرٍ. فَمِثْلُكِ وتَفاصيلُ ما تبقى من عمرك ، تَليقُ بك مواسِمُ ايلولٍ إنْ جاءَ، أوِ إنِ إنتَصَفَ ، أو أوشكَ على الرحيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى