الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف مرَّ آب اللهاب؟

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 9 / 11
الادب والفن


ها قد مر أغسطس (آب) اللهاب الشهر الصادم الذي لا يمكن تحمله في أي نوع من العمل الشاق.
عندما يتعلق الحال بأهلنا في بلاد الشمس اللاهبة فإن كلمة "مرَّ" لن تكون عادلة إذا لم يذكر معها وابل الخسائر النفسية والجسدية التي أخذها هذا الشهر من حياتهم، وفي هذا العام تحديدا كأنه كان مغموسا في جهنم والعياذ بالله.
منذ عقود أعيش رفاهية طقس هذا الشهر في لندن، فهو لا يمتّ بصلة للصيف، أما إذا كنت تعمل في المنزل فإن الرفاهية في هذا الشهر تحمل مواصفات متقدمة، لأن السماء تغدق عليك بمبرداتها، والمنازل مشبعة ببرد الصيف المحرض على القراءة والابتكار والعمل. فرفاهية الطقس تجعلنا موضع حسد، مثلما تجعلنا نشعر أكثر بمحنة أهلنا هناك والتعاطف مع الناس في بلاد الشمس اللاهبة.
مع ذلك يحتاج المرء الخروج من فقاعته الشخصية عندما تسنح له فرصة الاكتشاف، فما يسمى بفترة الراحة يجب ألا يرتبط دائما بمتعة السفر والاسترخاء والطعام. هناك نوع من الراحة توفرها التجارب، وعندما يكون الطقس مساعدا على استخلاص هذه التجارب.
لم ينج أحد تقريبا على وجه الأرض من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلا أن أغسطس كان وسيبقى أقسى الشهور، فصدمة هذا الشهر تساعد على استخلاص وجهات نظر لا نريد مواجهتها عادة.
وهذا ما يمكن أن يقدمه شهر يغلب عليه الكسل والتراخي مثل أغسطس، كما يمكن للفكرة السائدة عن العطلة أن تقدمه، أكثر من مجرد الراحة والاسترخاء، عبر إبعادنا عن المعركة اليومية، كما تقدم لنا صدمة هذا الشهر فرصة العيش، ولو لبضعة أيام، في عالم مختلف.
في هذا الشهر تتوقف الحياة بنشاطها المعرفي الخلاق في دول عربية، وتقتصر على مجرد تمشية الأمور، بينما لا تخلو نبرة الناس من التذمر بعد انهيار معادلة الأمن الاجتماعي مقابل الكهرباء، وهو حق يتفهمه أصحاب الأعمال حتى وإن ارتفع التذمر عن منسوبه المقبول من قبل العاملين.
ينبغي حقا أن يشعر أي إنسان بالتعاطف تجاه الأشخاص الذين هم على الجانب المرهق من الحياة في الورش وأماكن البناء ونقل المعدات تحت شمس أغسطس.
صحيح أن هناك إهدارا للطاقة العقلية والعاطفية في نبرة التذمر، لكنها الخيار المتاح لـ"فشة الغل" من الحظ التعيس الذي جعل من الأشخاص يعملون تحت وطأة حرارة تصل إلى نصف درجة الغليان.
فقد تمّت خسارة 470 مليار ساعة عمل محتملة، أي ما يعادل أسبوع عمل ونصف للفرد حول العالم في 2021 نتيجة الحر الشديد.
وإذا كان النهار بهذه القسوة فالليل تحت الحر اللاهب لا يقل ضررا، فالتمتع بنوم جيّد ممكن حتى حدود 28 درجة مئوية، لكنّ ارتفاع الحرارة أكثر يجعل النوم أكثر صعوبة.
وتقول الباحثة في علم الأعصاب أرميل رانسيّاك "الدماغ يضم خلايا عصبية مترابطة بشكل كبير لتنظّم درجة حرارة الجسم والنوم، تتأثر كثيرا بالحرّ. ومن شأن الحرارة المرتفعة أن ترفع منظم الحرارة المركزي وتنشط أنظمة التوتّر".
في هذا الشهر خصصت وكالات الأنباء الدولية عددا غير معهود من التقارير والتحقيقات الصحافية تنقل فيها تذمر الأشخاص من فشل حكومات عربية في توفير الكهرباء في طقس لاهب.
ولا ينتهي الأمر عند التذمر وحده؛ فقد خلصت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر هيومن بهافير"، وشملت 150 دولة معظمها في مناطق استوائية وشبه استوائية، إلى أن موجة الحر تعني مواجهة ملايين الرجال والنساء والأطفال خطر الجوع، وازدياد انعدام الأمن الغذائي الإجمالي بنسبة تقل عن واحد في المئة.
فهل تنبهت الحكومات العربية للخسائر التي تحمّلها الناس في آب اللهاب وحده؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي