الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والوطن والأسطورة في ديوان -يكتبني اسمك يكتبك اسمي- إبراهيم خليل حسونة

رائد الحواري

2023 / 9 / 11
الادب والفن


المرأة والوطن والأسطورة في ديوان
"يكتبني اسمك يكتبك اسمي"
إبراهيم خليل حسونة
في هذا الديوان يتناول الشاعر أكثر من قضية، الحب، والوطن، الأسطورة، الطبيعية، لن القضية الأكثر حضورا كانت المرأة، وهذا يقدمنا من العنوان "يكتبني اسمك يكتبك اسمي" الذي يحمل فكرة التماهي بين الشاعر والحبيبة، فحالة التماهي لم تقتصر على المضمون فحسب، بل طالت الألفاظ أيضا، وهذا التداخل/ التشابك/ التلاقي له علاقة بالحب وما يتبعه من لقاء (جسدي)، فبدا العنوان مقدمة لوصف حالة الحب واللقاء بين الشاعر والحبيبة.
من هنا سنحاول الدخول إلى الديوان لنرى كيف استمر الشاعر محافظا التوازن بين مضمون القصيدة من جهة، وبين الألفاظ المستخدمة فيها من جهة أخرى، مما جعل الفكرة تصل من خلال المعنى ومن خلال الألفاظ المستخدمة، جاء في قصيدة "عناق مختلف":
"تذوب الحكاية في الحكاية
وتصير خطاها خطاي
حدائق المنفى تعانقني
لكنها ترفض رؤاي..
فينتشي المعنى
إن رفرف الاسم
على ورود حدائقي..
فأقول لاسمي أن يناجيني
بصبح وليد، يلم أشواقي
ويبز عداي.." ص22.
بداية نتوقف عند الألفاظ المكررة: "الحكاية، خطاها/خطاي، الاسم/لاسمي" وعند اللفظ الذي يتكون من حروف متماثلة: "رفرف" وهذا يشير إلى حالة التماهي ورغبته في اللقاء، فإذا كانت الرغبة في البداية مقتصرة على لقاء شخصين: "حكاية/خطاها/خطاي" والتوازن بينهما، لكنهما صراعان ما يتوحدان معا في "رفرف" ويتماهيان في جسد واحد،.
تستوقفنا ألفاظ: "تذوب، وتصير، تعانقني، ترفض، فينتشي، يناجيني، يلم، يبز" التي جاءت بصيغة الحاضر كناية عن حيوية اللقاء واستمراريته حتى أثناء قراءته، وهذا يأخذنا إلى رغبة الشاعر بعدم انتهاء اللقاء لما يحدثه في من متعة.
ونلاحظ أن بداية الألفاظ "تذوب، وتصير" مكونة من أربعة وخمسة حروف، لكنها بعد "ترفض" الذي يعطي معنى الصراع جاء لفظي "فينتشي، يناجيني" مكونان من ستة وسبعة حروف، مما يعطي دلالة إلى أن (الصراع) كان بحاجة إلى وقت وجهد أكبر، لكن بعد أن ينتهي (الصراع) وتهدأ الأبدان وتأخذ الأجسام حجاتها تأتي الراحة والسكون، فجاء لفظي "يلم، يبز" القصيران والصغيران يحملان فكرة انتهاء اللقاء.
وفي قصيدة "عشرية الماء .. والنار" نجد صورة اللقاء بهذه الطريقة:
"وجنون التمرد يعاقر
خمرة رضابك
وشفاهك الموقدة
فأنت زادي..
ومدادي..
وباقات شعري،
فضائي، وبوح قصيدي.." ص61.
بداية نتوقف عند عنوان القصيدة "عشرية الماء .. والنار" وعلاقته بمضمونها، فالماء/الشراب له ألفاظ متعلقة به نجدها في: "يعاقر، خمر، المطر" والنار نجدها في: "الموقدة" وهناك (تناقض/صراع) بين الماء والنار، بين الحياة والموت، بين الرغبة/الغريزة والعفة وهذا ما تحمله ألفاظ: "التمرد، الموقدة، يباغتني" التي توصل فكرة القسوة والشدة والصراع.
الكن(الصراع) هنا ليس صراع بين أعداء بل بين نظائر، بمعنى أن (الصراع) يخدم فكرة تكاملية ونبيلة تتمثل في: "زادي، ومدادي، شعري، قصائدي" فالشاعر تحدث عن مشاعرة كإنسان أولا: "زادي/ مدادي" ثم عن كونه شاعر: "شعري، قصائدي" بمعنى أن الحبيبة هي من جعلته يكتب القصائد، ودونها يفقد هذه الخاصية.
يدخلنا الشاعر إلى تفاصيل لقاءه بها قائلا:
"يباغتني عطرك
طلاسم لهائك بين حجر ومدر..
تهجد الصبح..
أطلق ذرات حلمه
وضحكات المطر..
فاحتضن العمر بصمت .. صمته
وهذا الذي جملك..
يكتبك أقصوصة شوق..
وأنا ألثمك.." ص62.
نلاحظ أن هناك إيحاءات باللقاء الجسدي جاءت من خلال: "لهائك، أطلق ذرات المطر" وأخرى تصريح تتحدث عن هذا اللقاء: "فاحتضن، ألثمك" وإذا ما توقفنا عند: "جملك، ألثمك" نستنتج أن الجمال هو من أوجد اللقاء بهذه حميمية، وما وجود "حجر ومدر، بصمت صمته" إلا كناية عن الحميمية التي جمعت الشاعر والحبيبة معا.
وطنية الشاعر
يقدم الشاعر رؤيته عن وطنه فلسطين والصراع مع المحتل في قصيدة "هذا ما أرى" حيث يأخذنا العنوان إلى ملحمة جلجامش التي تبدأ: "هو الذي رأى" حيث يفتتح القصيدة بهذا المقطع:
"حين تحضرني حكايا جدتي
يعانق نبض بلادي
الحروف الأبجدية
والقرى النابهات
تخضها شقشقات النار
في محرابها تصلي
ما وهنت أشواقها
ولا رفرفاتها خبت
حين كان التجلي سؤال
صداها عناق الزمن
تسير خطاها
على شاطئ عكا
تعانق قلعة الجزار" ص123 و124.
نلاحظ وجود الحنين للوطن من خلال استخدام ضمير أنا المتكلم: "تحضرني، جدتي، بلادي" ومن خلال ألفاظ تحمل مشاعر الحب والحنين: "حكايا، يعانق/عانق/تعانق، نبض، محرابها، تصلي، أشواقها، رفرفاتها" فهذه الألفاظ البيضاء تحمل فكرة الحنين، وما تكرار "عانق" ثلاث مرات إلا تأكيدا لهذا الحنين.
والحنين هنا ليس حنين ساكن، بل متحرك ودائم: "تخضها، ما وهنت، ولا خبت، تسير خطاها" ونجد هذه الحنين من خلال: "شقشقات، رففاتها" التي توحد الشاعر بالوطن، من هنا تم الوصول إلى عكا بعد فعل "تسير"، فالشاعر يقدم مشاعره تجاه وطنه بصورة متحركة ومتقدمة، وهذا يعطي الأمل للمتلقي بأن التحرير قادم وقريب.
يختم الشاعر رؤيته لمسيرته وحنينه للوطن بهذا المقطع:
"سأظل أزرع
في حلوقكم شوكا..
وأطلق جمرا يقاتلكم..
من مهدي إلى لحدي..
هو هكذا
عشقنا الأبدي" ص134.
اللافت في الخاتمة ـ رغم أنها جاءت مباشرة وصريحة ـ إلا أن طريقة ألفاظ "مهدي، لحدي" متصلة ومتواصلة ومتكاملة ومتسلسلة، وهذا يخدم فكرة الانتصار، والشاعر يُقصر زمن الصراع ويُصغر المسافة للوصول إلى أرض الوطن من خلال: "هو هكذا" فالفاصل بين هاء "هو" هاء "هكذا" حرف الواو الذي يعطي مدلول التواصل والتكامل.
وإذا ما توقفنا عند آخر المقطع "عشقنا الأبدي" نجد فيه ما يماثل طرح ملحمة جلجامش، حيث كان هدف رحلة جلجامش إلى أوبشتيم البعيد الحصول على عشبة الخلود، وهذا يجعلنا نقول إن هناك تناص بين عنوان القصيدة "هذا ما أرى" وخاتمتها "عشقنا الأبدي" لكن هذا التناص جاء لخدمة فلسطينية الصراع وحسمه مع المحتل، حتى نحصل على الخلود في وطننا فلسطين.
الأسطورة
حضور الأسطورة يُجمل العمل الأدبي، ويعطي القارئ مساحة للتخيل والإبحار في الخيال، في قصيدة "القدس تنادي" نجد الأسطورة الكنعانية ممزوجة مع الإغريقية وتُقدم بشكل لافت ومتميز:
"حبنا في الماء يسير "عناتا"
والبرتقال الحزين، يخبئ سرنا في الأرض
والنجمة الساطعة..
ترفرف على "الأولمب"
بانتظار "بنيلوبا"
فلم يعد "عوليس" تائها
ها هو يشد الطريق كل موجة
تتخطى الكلام
تقدم القرابين
من لحوم للشهداء
يعض على شفتيه "داجون"
سابحا في مياه القمر
وعناتا بانتظار "تموزها"
عند المساء
زائرا للمساء بانتظار المطر" ص180.
هناك أسماء أسطورية سورية نجدها في: "عناتا، تمزوها، داجون" وإغريقية في: "الأولمب، عوليس، بنيلوبا" الأولى متعلقة بعودة الخصب حيث يعود "تموزي/البعل" حاملا بروقه ورعوده مبشرا بالمطر، والثانية متعلقة برحلة مغادرة "عوليس" الوطن والعودة إليه، والانتظار "بنيلوبا" لزوجها"، فالأسماء المجرد تخدم فكرة الصبر والجلد الذي يمارسه الفلسطيني تجاه وطنه فلسطين، وأيضا يخدم فكرة عودة الحياة الهانئة والسعيدة.
هذا على مستوى مضمون الأسماء الأسطورية، لكن هناك مقاطع استخدمها الشاعر تخدم فكر الأسطورة السورية: "الماء يسري، النجمة الساطعة، تقدم القرابين" فهذا المقاطع تأخذ القارئ إلى ملحة البعل والخصب الذي يأتي معه.
ونلاحظ أن الشاعر يعدينا/يقربنا من رمزية فلسطين الأولى التي نجدها في: "والبرتقال الحزين، يخبئ سرنا في الأرض" وهو بهذا يؤكد أن فلسطين ليست الضفة الغربية/الزيتون فقط، بل هي أرض البرتقال، فهو يتحدث عن العودة إلى فلسطين التاريخية كاملة وغير منقوصة.
بهذه الصورة تكتمل رؤية الشاعر الذي وحد جغرافية فلسطين وربطها بماضيها الأسطوري، بعد أن توحد مع حبيبته في بداية الديوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب